الذكر المئوي أفضل الأذكار

الشيخ راشد بن عبدالرحمن البداح

2024-11-20 - 1446/05/18
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/كنز من الذكر فيه خمس جوائز 2/من فضائل هذا الذكر 3/معاني ودلالات هذا الذكر 4/ المواضع التي يقال فيها

اقتباس

شديدٌ على الشيطانِ؛ فلو لازَمَهُ الذين يُعانونَ مِن تسلُطِ الشياطينِ عليهِم لوجدُوا أثرًا طيبًا بيّنًا، وقد حدَّثَ أحدُ الرقاةِ الثقاتِ فقالَ: كلَما جاءنيْ مريضٌ به مسٌ أو عينٌ دعوتُهُ أن يُردِّدَ هذا الذكرَ بنفسهِ؛ لأنه حرزٌ عظيمٌ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الحمدُ للهِ كما يجبُ ربُنا ويرضاهُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، ولا معبودَ حقٌ سواهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ أفضلُ نبيٍ وأزكاهُ، فصلى اللهُ وسلمَ عليهِ وأعطاهُ فأرضاهُ، وجعلَنا ممن اقتدَى بهداهُ.

 

أما بعدُ: فإليكمْ هذا الكنزَ الثمينَ والربحَ الكبيرَ، فلنتقاسَمْه مع إخوانِنا من بابِ "أَحِبَّ لأخيكَ ما تحبُ لنفسِكَ".

 

فمَنْ منا لا يريدُ كنزاً فيه خمسُ جوائزَ، كلُ واحدةٍ تَعدلُ الدنيا وما فيها، إنه ذكرٌ هو أفضلُ الأذكارِ.

 

أتدرونَ ما هذا الذكرُ؟ إننا كلَّنا نعرفُه، إنه قولُ: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" مئةَ مرةٍ نهاراً، أما جوائزُهُ الخمسُ الجليلةُ، فقد قالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ-: "مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ؛ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ"(متفقٌ عليهِ).

 

وعلى مَن يريدُ الحرزَ في الليلِ أن يأتيَ بمئةٍ أخرى قبلَ غروبِ الشمسِ، وهذا الذكرُ بهذا العددِ المئويِ له مَيزةٌ خاصةٌ عن سائرِ الأذكارِ؛ ولذا كانَ أجرُهُ لا يقارنُهُ أجرُ ذكرٍ آخرَ، حيثُ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وقدْ قالَ عنهُ العلماءُ: "لو أُنفِقَ في معرفتهِ الملايينُ لكانَ قليلاً"(الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري)

 

قالَ النوويُّ -رحمهُ اللهُ-: "فيه دليلٌ على أنه لو قالَ هذا التهليلَ أكثرَ من مئةِ مرةٍ في اليومِ كان له هذا الأجرُ المذكورُ في الحديثِ على المئةِ، ويكونُ له ثوابٌ آخرُ على الزيادة"(شرح النووي على مسلم)، اللهُ أكبرُ! ما أعظمَ كرمَ اللهِ وفضلَه علينا!، فلنُحافِظْ ولنبادِرْ ولنُثابِرْ.

 

"واختلافُ الأجورِ هوَ بِاعْتِبَارِ الذَّاكِرِينَ فِي اسْتِحْضَارِهِمْ مَعَانِيَ الْأَلْفَاظِ بِالْقُلُوبِ، فَيَكُونُ اخْتِلَافُ مَرَاتِبَهُمْ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ وَبِحَسَبِهِ"(سبل السلام)، فمَن يَسردُهُ بسرعةٍ ليسَ كمَنْ يتأنَّى ويتأمَّلُ في معانيهِ: "فهذهِ الكلماتُ فيها: التوحيدُ والتحميدُ، فقولهُ: لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، توحيدٌ. وقولهُ: له الملكُ وله الحمدُ، تحميدٌ"(مجموع الفتاوى لابن تيمية).

 

"وقد قُرِنَ الحمدُ بالمُلكِ لأن اللهَ -تعالى- يُحمدُ على كلِ ما يفعلُهُ في ملكهِ، حتى أمورُ الشرِ يُحمدُ عليها؛ لأن أمورَ الشرِ التي يُقدرُها اللهُ فيها خيرٌ عظيمٌ -قد يَخفَى علينا خيرُها- فهيَ من تمامِ حكمتِهِ"(شرح كتاب الرقاق من صحيح البخاري لابن عثيمين).

 

ولجلالةِ هذا الذكرِ فقد تعددتِ المواضعُ التي يُقالُ فيها: فهو يُقالُ دبرَ الصلواتِ منفصلاً ومتصلاً بالتسبيحِ، وعندَ الاستيقاظِ أثناءَ النومِ، وعندَ الصفا والمروةِ للمُحرمِ، وفي عرفةَ للحاجِ، وهو جزءٌ من أذكارِ الصباحِ والمساءِ، وهو ذكرٌ عامٌ غيرُ مقيدٍ بعددٍ أو وقتٍ، وذكرٌ عامٌ لكنه مقيدٌ بعددٍ.

 

أيُها المسلمونَ: هذا الذكرُ، وهوَ قولُ: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" شديدٌ على الشيطانِ؛ فلو لازَمَهُ الذين يُعانونَ مِن تسلُطِ الشياطينِ عليهِم لوجدُوا أثرًا طيبًا بيّنًا.

 

وقد حدَّثَ أحدُ الرقاةِ الثقاتِ فقالَ: كلَما جاءنيْ مريضٌ به مسٌ أو عينٌ دعوتُهُ أن يُردِّدَ هذا الذكرَ بنفسهِ؛ لأنه حرزٌ عظيمٌ، ويسيرٌ على من يسرَه اللهُ عليهِ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ اللطيفِ الخبيرِ، وصلى اللهُ وسلمَ على البشيرِ النذيرِ، أما بعدُ:

 

فيا أيُها الإخوةُ: هذا الذكرُ من أعظمِ الأذكارِ، ألا وهو قولُ: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".

 

فهل نخصصُ من اليومِ فصاعدًا لهذا الذكرِ المئويِ وقتًا لا ندعُه، قبلَ طلوعِ الشمسِ وقبلَ غروبِها، أو بعدَ صلاتَيِ الفجرِ والعصرِ بالمسجدِ؟ ألا يستحقُ هذا الذكرُ أن نُخصصَ له عشرَ دقائقَ؟ وهل نحنُ نحرصُ على هذا الذكرِ حينما نغدُو لأشغالِنا صباحاً؟

 

أليسَ جديرًا بنا أن نُعوِّدَ أولادَنا أن يرددُوهُ في السيارةِ قبلَ وصولِهم لمدارسهِم؟ أو على الأقلِ يقولونَهُ عشرَ مراتٍ، فمَنْ قَالَهُ عَشْرًا كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، قالَ النوويُّ: "الْأَجْرُ يَحْصُلُ لِمَنْ قَالَ هَذَا التَّهْلِيلَ فِي الْيَوْمِ مُتَوَالِيًا أَوْ مُتَفَرِّقًا... لَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ مُتَوَالِيًا؛ لِيَكُونَ لَهُ حِرْزًا فِي جَمِيعِ نَهَارِهِ، وَكَذَا فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ؛ لِيَكُونَ لَهُ حِرْزًا فِي جَمِيعِ لَيْلِهِ"(شرح النووي على مسلم).

 

فاللَّهُمَّ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ ذُكِرَ، وَأَحَقُّ مَنْ دُعِيَ، وأجودُ من سُئلَ، وأوسعُ مَنْ أَعْطَى، اللهم أَعِنَّا عَلَى ‌ذِكْرِكَ، ‌وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنا لِلإِسْلاَمِ أَنْ لاَ تَنْزِعَهُ مِنّا حَتَّى تَتَوَفَّانا وَنحن مُسْلِمونَ، اللهم هبْ لنا من أزواجِنا وذرياتِنا قرةَ أعينٍ واجعلنا للمتقينَ إمامًا، اللهم لكَ الحمدُ على الأمنِ والإيمانِ، وعلى الإغداقِ بالأرزاقِ، اللهم اخصصْ بتوفيقِك وتسديدِك إمامَنا الملكَ سلمانَ ووليَ عهدِهِ، اللهم افرُج لهم في المضائقِ، واكشِف لهم وجوهَ الحقائقِ، وأعِنهم ببطانةٍ ناصحةٍ صادقةٍ، اللهم واحفظنا وجنودَنا وحدودَنا، وأنجِ إخوانَنَا في غزةَ من يهودَ.

 

اللهم صلِ وسلِّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life