عناصر الخطبة
1/فطرة التوحيد 2/حرص الشيطان على إضلال العباد 3/حفظ الله لهذا الدين 4/أهمية المجددين 5/ المجدد محمد بن عبد الوهاب وملخص دعوته 6/بين واقع مؤلم ومستقبل مشرق 7/ من أعظم أسباب زوال النعم 8/من أسباب الأمن والرخاء.

اقتباس

هل يصدق أبناؤنا أننا قبل مائة سنة فقط أن الناس كانوا لا يأمنون في بعض أسفارهم خوفاً من قطاع الطرق؟! هل يُصدّق أبناؤنا أن البيت ربما بات طاوياً لا يجد ما يتعشى به؟! هل يُصدّق أبناؤنا أن القرية أو الحي قد لا يوجد فيها مَن يحسن القراءة والكتابة، فضلاً عمن ينشر العلم ويعلمه؟!

 الخُطْبَة الأُولَى:

 

الحمد لله ريب العالمين، والصلاة على أشرف الأنبياء والمرسلين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً.

 

عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فهي وصية الله للأولين والآخرين: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)[النساء: 131].

 

أما بعد: عباد الله: خلق الله الناس على الفطرة موحدين حنفاء، وجهد الشيطان في إضلالهم واجتيالهم إلى الشرك؛ فعنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: "وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلّهُمْ، وَإِنّهُمْ أَتَتْهُمْ الشّيَاطِينُ فَأَضَلّتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا"(رواه مسلم).

 

ومنذ بعث الله نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، وأكمل الله على يديه الدين، وتمت به النعمة، والشيطان يجهد في غواية بني آدم لإعادتهم إلى الشرك. ومن رحمة الله بعباده أنه جعل لهم مجددين كلما نجح الشيطان في غواية بني آدم، وحرفهم عن التوحيد؛ أخرج الله لهم مَن يجدد لهم الدين ويُعيده صافياً نقياً؛ كما جاء به نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنّ اللهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأسِ كُلّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا"(رواه مسلم).

 

وقبل فترة من الزمان ليست بالبعيدة خيَّم الجهل على هذه الجزيرة، بل على سائر بلاد الإسلام، شرك بالله وتعلق بالأولياء والصالحين وطواف بالقبور والأضرحة والأشجار وصرفُ أنواع من العبوديات لها من النذر والذبح والدعاء والاستغاثة والخوف والمحبة.

 

وصاحَب ذلك الجوع والفقر والخوف والفُرقة والاقتتال، وقطع الطرق وانعدام الأمن؛ فقيض الله مَن يجدد للناس دينهم ويردهم إلى صفاء التوحيد ونقائه؛ ذلكم هو العالم المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-.

 

قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن دعوته ما ملخصه: "صارت دعوته فتحاً عظيماً على المسلمين، ورحمة من الله لعباده في هذه الجزيرة العربية، وكانت دعوته أولاً في الحريملاء، ثم انتقل إلى العيينة، ومكث فيها مدة يدعو إلى الله، ويُعلّم الناس شريعة الله، ويحذرهم من الشرك بالله وعبادة غيره.

 

وكانت قبة زيد بن الخطاب تدعى من دون الله، فأعان الله الشيخ وذهب بجماعة من العيينة، وهدموا تلك القبة، وبيَّن للناس أن هذا لا يجوز، وأن البناء على القبور لا يجوز، وأن دعاء الميت والاستغاثة به لا يجوز، ففتح الله به القلوب.

 

ثم خرج إلى الدرعية، وتلقاه الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية وبايعه على النصرة والجهاد في سبيل الله حتى أظهر الله الحق ونصر الحق، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وانتشرت الدعوة في هذه الجزيرة، ثم فتح الله على آل سعود مكة والمدينة، وأظهرا فيها العقيدة الصحيحة، وهدموا ما على القبور من البنيات، ومن القباب، وأوضحوا للناس حقيقة التوحيد..".

 

 وشرق بذلك الأعداء؛ فحارب الأعداء هذه البلاد؛ لأنها تحمل راية التوحيد الصافية، وتحارب الشرك وأهله، فلم يزد ذلك بلادنا -حرسها الله- إلا صلابة وقوة وانتشاراً لدعوة التوحيد؛ فاستفاد من هذه الدعوة كثير من بلاد المسلمين، وانتشر العلم في بلادنا وتلاشى الجهل واستتب الأمن، وأفاض الله من فضله وخيره علينا؛ فنحن في نعمة عظيم وعيش رغيد وأمن واستقرار وتوحيد خالص من الشرك.

 

عباد الله: هل يصدق أبناؤنا أننا قبل مائة سنة فقط -كما حدَّثنا الآباء- أن الناس كانوا لا يأمنون في بعض أسفارهم خوفاً من قطاع الطرق؟!

هل يُصدّق أبناؤنا أن البيت ربما بات طاوياً لا يجد ما يتعشى به؟!

 

هل يُصدّق أبناؤنا أن القرية أو الحي قد لا يوجد فيها مَن يحسن القراءة والكتابة، فضلاً عمن ينشر العلم ويعلمه؟!

 

هل يُصدّق أبناؤنا كم تعاني المرأة في جلب الماء إلى بيتها كل يوم؟! وكم يجهد الرجل في جلب لقمة العيش التي تسد رمق أسرته وقد لا يجدها؟!

 

هل يصدق أبناؤنا أن الرجل لا يملك إلا لباساً واحداً، وربما إذا أراد السفر استعار قميصاً ليلبسه ثم يرجعه لصاحبه إذا رجع من سفره؟!

 

هل يصدق أبناؤنا أن المسافر إلى بين مدن المملكة يمكث أياماً وربما أسابيع ليصل إليها مشياً على الأقدام أو على الجمال، وقلّ من يجدها؟

ولو بسطتُ الحديث لكثرت الأسئلة...

 

قارن ذلك بما نحن عليه الآن، وكرر الحمد والشكر لله -عز وجل- على ما نحن فيه من نعم عظيمة، أمن وأمان، تأمن على بيتك وحلك في ترحالك، تتنقل من مكان إلى مكان في سويعات، تحتار ماذا تأكل وماذا تشرب، تحتار أي الملابس تلبس.

 

اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان والرخاء والاستقرار يا حي يا قيوم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ، مِلْءَ السَّمواتِ، ومِلْءَ الأرضِ، ومِلْءَ ما شِئتَ مِن شيءٍ بعدُ أهلَ الثَّناءِ والمجدِ، أحقُّ ما قال العبدُ، وكلُّنا لك عبدٌ، اللهمَّ لا مانعَ لِما أعطَيتَ، ولا مُعطيَ لِما منَعتَ، ولا ينفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ. وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

أما بعد: علينا -عباد الله- أن نشكر الله على ما أولانا من نَِعمه، ونحذر كل الحذر من تبذير النعمة وكفرها، ونحذر من الذنوب والمعاصي؛ فإنها من أعظم أسباب زوال النعم قال -تعالى-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[إبراهيم: 7].

 

علينا -عباد الله- أن نعلق قلوبنا بالله، فنكثر ذكره وشكره ونزداد قرباً من -سبحانه- ومحبة له ولنبيه -صلى الله عليه وسلم-. (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آل عمران: 103].

 

علينا -عباد الله- أن نحافظ على الإيمان بالله وعمل الصالحات وملازمة التقوى؛ فإن ذلك أعظم أسباب الأمن والرخاء قال -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الأنعام: 82]، وقال -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأعراف: 96].

 

علينا -عباد الله- أن نطيع ولاة أمرنا في طاعة الله، وندعو لهم بالعون والتوفيق والسداد؛ فذلك من أوجب الوجبات علينا، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك"(رواه مسلم).

 

علينا أن نشكر لولاة أمورنا ما يبذلونه من جهود في خدمة كتاب الله وسنة رسول -صلى الله عليه وسلم-، ورعاية بيوت الله والسهر على راحة المواطن والمقيم؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَشْكُرُ الله من لا يَشْكُرُ النَّاس"(رواه ابو داود وصححه الألباني).

 

علينا -عباد الله- أن نحافظ على وحدتنا واجتماع كلمتنا، ونعلم أن الفُرقة والشقاق فشل وبوار وضياع (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال: 46].

 

وصلوا وسلموا عباد الله على خير خلق الله؛ فقد قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]؛ اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين واحمِ حوزة الدين، اللهم كن لإخواننا المسلمين في كل مكان.

 

اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحب وترضى، وخذ بناصيتهما للبر والتقوى.

 

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.

 

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life