عناصر الخطبة
1/انتشار المنكرات ومظاهر ضعف الغيرة 2/ضعف الغيرة من ضعف الدين 3/التحذير من فتنة النساء وشدة خطرها 4/الحث على صيانة النساء من الوقوع في الفتناقتباس
لقد انهارت الأخلاق، وتحطَّمت القيم، وتظنُّون أنكم بلغتم ذروة المجد حين برزت نساؤكم وأهملتم رقابتهن، واستمعتم إلى دعاة الشر والضلال، المطالبين ببروز المرأة في المجتمع ومخالطتها للرجال، وأهملتم تعاليم الإسلام وأخلاقه الفاضلة، وآدابه السامية، وتناسَيْتم تحذيراته...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحمدُ لله نحمَدُه، ونستعِينُه ونستَهدِيه، ونستغفِرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أمَّا بعدُ:
فيا عِباد الله: اتَّقوا الله -تعالى- وتأدَّبوا بآداب الإسلام، وتخلَّقوا بأخلاق سيِّد الأنام، واحذَرُوا من الوقوع في المحرَّمات، وابتَعِدوا من الشبهات، ووسائل الشرور المفضية إلى الوقوع فيما يُسخِط الله، واعلَموا أنَّ الكثير من الناس قد تهاوَنَ اليوم بالمحارم، وقلَّت الغيرة، وضعف الإحساس لديه، وكثُرت وسائل الشرور، وتنوَّعت المغريات، وخرَج الكثير من النساء كاسيات عاريات، وخلون بالرجال الأجانب في الكثير من الأماكن والمراكب؛ كالمتاجر، ومحلات الخياطة، والسيارة.
فأصبحت المرأة تخرج بزينتها لما تريدُ من مكان، وتركَب مع أيِّ رجل بلا حَياء ولا خجل، وتكشف الوجه، وتُبرِز الزينة، وتتحدَّث برقيق الكلام، وتطمع الذئاب والكلاب في افتراسها، دون أنْ تُفكِّر في عواقب الأمور، فلا خوف من الله وأليم عقابه، أمَّا الولي فقد أمنت جانبه؛ فقد هيَّأ لها الوسائل، وترك لها الحبل على الغارب، تخرج لما تريد، وتركب مع مَن تشاء، وتذهب لما تريد، وهناك ساقطو الأخلاق، ومنحرفو الطبائع، ومَن يتَّسمون بالرجال وهم في زيِّ النساء، فيتقابل الفريقان، وكلُّ واحد منهما قد بحث عن ضالَّته، أو تحصل خلوة الرجال بالمرأة؛ ويكون الشيطان ثالثهما.
ومن ذلك ما ابتُلِي به كثيرٌ من أصحاب المواشي، الذين يُرسِلون نساءهم وبناتهم لرعيها في أماكن بعيدة وخفيَّة عن مرأى العيون، فهناك يكونُ الالتقاء والاجتماع بمَن تريد ومَن لا تريد، ولكنَّها في مسبعة قد خلا الذئب بالشاة وطابت الفريسة، فعند ذلك يحصل ما لا تُحمَد عقباه.
فيا عِباد الله: أين الشيمة، والغيرة على المحارم؟! وأين الخوف والخجل؟! وأين الإيمان الصادق؟! وأين الخوف من العار في الدنيا؟! وأين الخوف من النار في الآخرة؟!.
لقد أهمل الكثير من الرجال النساء، وأخذوا يلتمسون الأعذار لإهمالهم، وسيطرت النساء عليهم، فلا يقدرون على ردِّهن عن مقاصدهن، بل هيَّؤوا لهن وسائل الشر والافتتان في بيوتهن، فما طلبت أُحضِر، وما رغبت فيه لُبِّي، فمتى شاءَتْ خرجت، وإلى أيِّ مكان تريد ذهبت، وإذا كان الرجل صاحب إبل أو غنم في الراعية تغيَّب عن الأنظار في الوديان وبين الأشجار، تأنس بذئبها إذا وجدَتْه، ويأنس بشاته إذا وجَدَها، وثالثهما الشيطان.
فيا أيها الرجال: أين الغيرة على المحارم؟! وأين العزة والكرامة؟!.
لقد انهارت الأخلاق، وتحطَّمت القيم، وتظنُّون أنكم بلغتم ذروة المجد حين برزت نساؤكم وأهملتم رقابتهن، واستمعتم إلى دعاة الشر والضلال، المطالبين ببروز المرأة في المجتمع ومخالطتها للرجال، وأهملتم تعاليم الإسلام وأخلاقه الفاضلة، وآدابه السامية، وتناسَيْتم تحذيراته؛ فقد أمر الله -سبحانه وتعالى- أزواج رسول -صلى الله عليه وسلم- الطيِّبات الطاهرات المطهَّرات بلزوم بيوتهن، ونهاهنَّ عن التبرُّج، فقال -سبحانه وتعالى-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)[الأحزاب: 33]، وقال -سبحانه وتعالى-: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ)[النور: 31]، إلى قوله -تعالى-: (وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ)[النور: 31].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ما تركت بعدي فتنةً هي أضرُّ على الرجال من النساء"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الدنيا حلوة خضرة، وإنَّ الله مستخلفكم فيها؛ فينظر كيف تعمَلون؟ فاتَّقوا الدنيا واتَّقوا النساء؛ فإنَّ أوَّل فتنة بين إسرائيل كانت في النساء"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلونَّ أحدكم بامرأةٍ إلا ومع ذي محرم"(واه البخاري ومسلم)، فسُئِل عن الحمو -وهو قريب الزوج- فقال: "الحموُ الموتُ".
فاتَّقوا الله -يا عِباد الله- في محارمكم، حافِظوا عليها واربَؤُوا بها عن الوقوع في الرذيلة، وابتَعِدوا بها عن أسباب ذلك.
ويا أيها الرجال: احذَرُوا من الخلوة بالنساء، ومن الاستماع إلى ما فيه رقَّة وخضوع من أصواتهن؛ فإنَّ ذلك مدعاة للشر والفساد، يقول -سبحانه وتعالى-: (فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)[الأحزاب: 32]، ورُوِي أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعلي: "لا تتبع النظرة النظرةَ؛ فإنما لك الأولى وليست لك الآخِرة"(رواه أبو داود)، قد سئل عن نظر الفجأة فقال: "اصرِف بصرك".
ويا أصحاب المواشي: اتَّقوا الله في محارمكم، اتَّقوا الله في نسائكم، لا تُرسِلوهن في البراري مع الشياه؛ فإنَّ لهن ذئابًا أعظم افتراسًا من ذئاب الشياه، وعاقبة افتراسهن لا كعاقبة افتراس الشياه، فاتَّقوا الله في أمانتكم، واحذَرُوا العار، وما يسخط الجبَّار، ولا تحبسوا النساء عن الزواج من أجل أنْ ترعى الإبل والغنم، وتبقى أنت -أيها الرجل- في بيتك وسوقُك بطالاً، فإنها لم تُخلَق لذلك، وتذكَّر عواقب ما يحصل لها بسبب إهمالك.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله العظيم: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)[النور: 30].
بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتاب علّي وعليكم؛ إنَّه هو التوَّاب الرحيم، أقول هذا، وأستغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم، فهبُّوا من رقداتكم، وانتَبِهوا من غفلاتكم.
التعليقات