عناصر الخطبة
1/لا يجلب النفع ولا يدفع الضر إلا الله 2/الجهل بالله تعالى سبب لظهور الشركيات في المجتمعات المسلمة 3/من صور التمائم قديما وحديثا وحكمها 4/وجوب الأخذ بالأحراز الشرعية والإيمانية

اقتباس

توكلوا على الله واحذروا أن تتعلق قلوبكم بغيره سواءً كانت أسباباً صحيحة أو غير صحيحة؛ كالتمائم وكل من تعلق قلبه بهذه الخرافات والأوهام زادت علته ووكله الله إلى نفسه وإلى هذا الشيء الذي تعلق به؛ ففي...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله:

 

أما بعد -عبادَ الله- إن الواجبَ على المسلم أن يُعلق قلبه بالله -سبحانه وتعالى-؛ فهو الذي يجلب النفع ويدفع الضرر قبل وقوعه ويرفعه بعد وقوعه؛ قال تعالى: (قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)[الزمر: 38].

 يأمر الله -عز وجل- نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يقول للمشركين التي تعلقت قلوبهم بغيره أخبروني هل الذي تدعونهم من دون الله إن أراد الله أن يصيبني بضُر من مرض أو خوف أو فقر أو غير ذلك هل تستطيع هذه الآلهة أن تكشف هذا الضُر؟ وأخبروني إذا أراد الله بي رحمةً من صحة أو رزق أو ولد أو غير ذلك هل تستطيع هذه الآلهة أن تُمسك عني رحمةَ الله؟

والجواب واضح: لا تستطيع ذلك فالأمر كلُه لله الواحد الأحد؛ فهو الذي يكفي عبده وهو الذي يتوكل عليه المؤمنون.

 

ولما ضُعف الإيمان في القلوب وبسببِ الجهلِ ودعاةِ الشرك انتشرت بين المسلمين صورٌ كثيرة من صور الشرك بالله -سبحانه وتعالى-، ومن ذلك التمائم، والتمائم هي: كلُ ما عُلق أو وضع لرفع البلاء بعد وقوعه أو دفعه قبل وقوعه.

 

وأشكال التمائم تختلف من زمن إلى زمن آخر ومن بلد إلى بلدٍ آخر؛ فمن صور التمائم القديمة خيطٌ يُعلق على الدواب أو على الأولاد، وبعضها فيها خرز يعتقدون أنه يدفع العين ويدفع الضرر، وأحياناً يعلقون وتر القوس؛ فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك كُله، بل كان يرسل من يقطعها فقد جاء في البخاري ومسلم من حديث أبي بَشير الأنصاري -رضي الله عنه- قال: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، رَسُولًا أَنْ: «لاَ يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلاَدَةٌ مِنْ وَتَرٍ إِلَّا قُطِعَتْ».

 

وعند الإمام أحمد بسند لا بأس به أَنّ النّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- رَأَىَ رَجُلاً فِي يَدِهِ حَلْقَةً مِنْ صُفْرٍ -أي من نحاس- فَقَالَ: «مَا هَذِهِ؟» قَالَ: هَذِهِ مِنَ الْوَاهِنَةِ -أي علقتها بسبب الواهنة والواهنة مرضٌ يصيبُ اليد فهو اعتقد أن الأسورة من النحاس ستشفيه من هذا المرض أو تدفع عن هذا المرض-؛  فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: «انْزِعْهَا فَإِنّهَا لاَ تَزِيدُكَ إِلاّ وَهْناً -أي لا تنفعك بل تزيدك ضعفاً ومرضاً- ثم قال له:  فإنَّكَ لوْ مِتَّ وهي عليْك، ما أَفْلَحتَ أبداً». 

 

وفي زماننا هذا للتمائم صورٌ وأشكال مختلفة؛ فمن ذلك الكف والعين أشكالٌ مجسمة على شكل كف أو على شكل عين أو مصورةٌ توضع في البيوت وتعلق أو على بدن الإنسان أو سيارته أو محله، وأحياناً ربما تعلق أشياء أخرى مثل خِرق على السيارات وكل هذا من التمائم لأن كل ما عُلق لرفع البلاء أو دفعه فهذا من التمائم.

 

وقبل مدة كان يُباع في الصيدليات أسورة نحاسية يزعمون أنها تُعالج أمراض المفاصل والعظام ولما سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عنها سألوا الأطباء هل فعلاً هي سببُ ظاهر للعلاج فقال الأطباء ليست سبباً في العلاج فحكم العلماء عليها أنها من التمائم.

 

ومن صور التمائم في زماننا هذا تعليق ما يُسمى بأقفال المحبة يزعمون أنها تقوي علاقة المحبوب بحبيبه وهذا من التمائم وفيها تشبهٌ بالكفار.

 

والتمائم من الشرك بالله، بل بعضها يصل إلى الشرك الأكبر كالتمائم التي فيها كتابات فيها الاستغاثة بالشياطين؛ يقول عليه الصلاة والسلام: "من تعلقَ تميمة فقد أشرك"، ويقول عليه الصلاة والسلام: "التمائم شركٌ".

 

وحتى لو كان المُعلق من القرآن؛ فالصحيح أنه لا يجوز ولا يجلب تعليق القرآن النفع ودفع الضرر؛ كمن يعلقون المعوذتين في البيت أو آية الكرسي فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بتلاوتها وليس بتعليقها!

 

أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا قلوبنا معلقةً به وأن يجنبنا الشرك صغيره وكبيره.

 

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب.

 

الخطبة الثانية:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله:

 

عبادَ الله: توكلوا على الله واحذروا أن تتعلق قلوبكم بغيره سواءً كانت أسباباً صحيحة أو غير صحيحة؛ كالتمائم وكل من تعلق قلبه بهذه الخرافات والأوهام زادت علته ووكله الله إلى نفسه وإلى هذا الشيء الذي تعلق به؛ ففي حديثِ عبدِ الله بن عُكيم مرفوعاً: «مَنْ تَعَلّقَ شَيْئاً وُكِلَ إِلَيْهِ»(رواه أحمد)، ومن توكل على الله فهو كافيه؛ قال تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).

 

وعلينا أن نأخذ بالأسباب الصحيحة التي تحُصن الأنسان من الشرور كالإصابة بالعين؛ فمن الأسباب المحافظة على الأذكار الشرعية؛ فهناك أذكار الخروج من المنزل وأذكار نزول المنزل وأذكار الصباح والمساء وأذكار دخول الخلاء وأذكار النوم، ومن الأمثلة على ذلك ما جاء في سنن الترمذي والحديث صحيح عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-؛ يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من عبدٍ يقول في صباحِ كلِ يومٍ ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شيء".

 

كذلك قراءةُ المعوذتين وسورةِ الإخلاص في الصباح والمساء ثلاث مرات؛ ففي سنن أبي داود عن عبدِ الله بنِ خُبيب -رضي الله عنه- قال: خرجنا في ليلة مطر، وظلمةٍ شديدةٍ، نطلبُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليصلي لنا، فأدركناه، فقال: أصليتم؟ فلم أقل شيئا، فقال: «قل» فلم أقل شيئا، ثم قال: «قل» فلم أقل شيئا، ثم قال: «قل» فقلت: يا رسول الله ما أقول؟ قال: «قل: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي، وحين تصبح، ثلاث مرات تكفيك من كل شيء».

 

وعلينا -عبادَ اللخ- أن نحرص على تعلمِ التوحيدِ وتعلمِ ما يضادُه وهو الشركُ بالله، ونحرصُ على تعليم التوحيد ونشره خاصةً في هذه الأزمان التي كثر فيها دعاة الشرك والعياذ بالله.

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life