التحذير من محبة الكافرين وموالاتهم

خالد بن سعد الخشلان

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ من علامات الدين الظاهرة وعلامات التوحيد الصادقة 2/ التحذير من محبة الكافرين وموالاتهم 3/ مودة من حاد الله ورسوله تتنافر كلية مع الإيمان 4/ الموقف العقدي من اليهود والنصارى 5/ هل تعرف مع من تشارك؟! 6/ عقيدتنا في المسيح ابن مريم عليه السلام 7/ تحريم تقليد الكفار في أعيادهم والتشبه بهم.
اهداف الخطبة

اقتباس

كم يحزن المسلم وكم يأسى يوم يجد ذلك التصارع المقيت من قبل بعض المسلمين في تقليد الكفار ومحاكاتهم في شعاراتهم وشعائرهم وعبادتهم وطقوسهم الدينية!! كم يحزن المسلم يوم يجد فئامًا من المسلمين يسارعون إلى مشاركة النصارى في أعيادهم، ويحتفلون بها، ويهنئون بعضهم بها، ويتبادلون الهدايا بمناسبة ذلك، وهي أعياد كفرية أعياد وثنية أعياد جاهلية تحمل طابع دينيًّا. بالله عليكم -أيها الإخوة المسلمون- كيف يشارك النصارى في عيد ميلاد من يعتقدون أنه الله عياذًا بالله من هذا الكفر العظيم: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أئمة الهدى ومصابيح الدجى ومن تبعهم واكتفى وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، اتقوا الله بفعل ما أمر -سبحانه وتعالى-، واجتناب ما نهى عنه سبحانه؛ فإن الحياة لا تطيب إلا بالخضوع لأمر الله، والاستجابة له -عز وجل-؛ إذ في ذلك حياة القلوب وانشراح الصدور وطيب النفس وهناءة العيش (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال:24].

 

فرحم الله عبدًا سعى لتحقيق التقوى، رحم الله عبدًا تزود بزاد التقوى، رحم الله عبدًا لبس لباس التقوى فعمل بطاعة الله على نور من الله يرجو ثواب الله، وترك معصية الله على نور من الله يخشى عقاب الله. جعلني الله وإياكم ممن خافه، واتقاه وأصلح القلوب والأعمال والأخلاق؛ إن ربي رحيم ودود.

 

أيها الإخوة المسلمون: من علامات الدين الظاهرة وعلامات التوحيد الصادقة: محبة الإسلام والإيمان، ومودة المسلمين وموالاة المؤمنين، والبراءة من الشرك والكفر والكافرين وبُغضهم وكراهيتهم في ذات الله -عز وجل-: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ)[المجادلة: 22]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) [المائدة: 51- 52].

 

وفي الحديث الصحيح يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله"، وفي الحديث الآخر: "ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار".

 

وفي كتاب ربنا -عز وجل- وسُنة رسولنا -صلى الله عليه وسلم- من الآيات والأحاديث الدالة على قاعدة الولاء والبراء، والتحذير من محبة الكافرين وموالاتهم من ذلك جمع غفير.

 

إن هذا الموقف العقدي مبني على أن الكافرين أعداء الله وأعداء رسوله، مبني هذا الموقف العقدي من اليهود والنصارى على أنهم أعداء الله وأعداء رسوله، فكيف يواليهم المؤمن أو يحبهم وهم أعداء الله وأعداء رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

 

ولهذا جاء في الآية السابقة: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) إن مودة من حاد الله ورسوله تتنافر كلية مع الإيمان كما نصت عليه هذه الآية الكريمة: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[المائدة: 51]، فكيف يرضى المسلم بذلك؟ كيف يرضى مسلم مؤمن موحد يدّعي حب الله وحب رسوله -صلى الله عليه وسلم- كيف يرضى أن يوالي أعداءهما، وأن يود من يحادهما وأصر على الكفر بهما؟!

 

إن هذا الموقف الشرعي الذي يفرضه الدين على المؤمنين من أعداء الله وأعداء رسوله من اليهود والنصارى والذين أشركوا موقف ثابت لا يتغير ومبدأ حق لا يختلف باختلاف الزمان والمكان.

 

ولكنه في الوقت ذاته لا يدعو هذا المبدأ العظيم إلى ظلمهم ولا إيذائهم أو التعدي عليهم بغير وجه حق: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة:8].

 

أيها الإخوة المسلمون: إذا تقرر هذا الموقف العقدي من اليهود والنصارى؛ فإن مما يتفرع عنه مسألة خطيرة مسألة عظيمة ألا وهي التشبه بهم، وهي مسألة أخرى جاءت في النصوص الشرعية ببيانها وتوضحيها بيانًا كاشفًا لا شك فيه، فأباحت الشريعة الإسلامية الاستفادة مما عند الكفار من أعمال مادية ومنجزات مدنية، وكل تقدم علمي ومعرفي في سائر حقول المعرفة، بل وحثت الشريعة على ذلك ورغبت فيه؛ لأن ذلك يحقق مقصد الكفاية للمسلمين، والاستغناء عن غيرهم.

 

بل وكل قيمة عملية أو مهارة حياتية فلا حرج شرعا في الاستفادة منها ما دامت لا تتعارض مع شريعتنا، ولا تخالف ديننا، بل ليس من المبالغة القول بأن كل مظهر من مظاهر الخلق الحسن والإتقان والإجادة للعمل عند الكافرين؛ كالمحافظة على الأوقات والالتزام بالمواعيد ونحو ذلك مما يبهر بعض الناس هو في حقيقته مما دعت إليه الشريعة بنصوصها العامة والخاصة، وذاك أمر واضح بحمد الله لكل مَن تأمل أحكام هذه الشريعة الغراء.

 

لكن المصيبة والكارثة حينما يعمد فئام من المسلمين، وبخاصة أبناء المسلمين وبناتهم إلى التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم وأخطر من ذلك محاكاتهم وتقليدهم في أمورهم الدينية وشعائرهم التعبدية وطقوسهم الكنسية تلك والله مصيبة عظمى والبلية الكبرى، وقد جاء في الحديث "من تشبه بقوم فهو منهم".

 

وقد حذّر -صلى الله عليه وسلم- من الوقوع في ذلك، وأخبر أن فئام من الأمة ستقع في هذا التشبه المذموم المحرم شرعًا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه"، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟".

 

وكم يحزن المسلم وكم يأسى يوم يجد ذلك التصارع المقيت من قبل بعض المسلمين في تقليد الكفار ومحاكاتهم في شعاراتهم وشعائرهم وعبادتهم وطقوسهم الدينية.

 

كم يحزن المسلم يوم يجد فئامًا من المسلمين يسارعون إلى مشاركة النصارى في أعيادهم، ويحتفلون بها، ويهنئون بعضهم بها، ويتبادلون الهدايا بمناسبة ذلك، وهي أعياد كفرية أعياد وثنية أعياد جاهلية تحمل طابع دينيًّا.

بالله عليكم -أيها الإخوة المسلمون- بالله عليكم -أيها الإخوة الموحدون- المؤمنون كيف يشارك النصارى في عيد ميلاد من يعتقدون أنه الله عياذًا بالله من هذا الكفر العظيم: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)[المائدة: 17].

 

كيف يشارك المسلم النصارى في عيد ميلاد من يعتقدون أنه ابن الله: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [التوبة:30]، وتعالى الله عن قولهم علوا كبيراً. (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص:4].

 

ما اتخذ صاحبة ولا ولد سبحانه وتقدس: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) [مريم: 88- 95].

 

كيف يحتفل المسلم بعيد النصارى الذين يزعمون فيه أن الله ثالث ثلاثة، والله -تعالى- يقول: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المائدة:73- 75].

 

كيف يحتفل المسلم بعيد النصارى الذين يزعمون في أن المسيح ابن مريم -عليه السلام- صُلب من قبل اليهود، والله -عز وجل- يقول في كتابه عن اليهود والنصارى (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) [النساء 157 :158].

 

هذه هي عقيدتنا نحن المسلمين في المسيح ابن مريم عليه السلام أنه عليه السلام عبدُ الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأنه عليه الصلاة والسلام من أولي العزم من الرسل، وأنه لم يُصلب ولم يُقتل كما يدّعي اليهود والنصارى، وإنما رفعه الله -عز وجل- إليه وكان الله عزيزا حكيما، وأنه ينزل في آخر الزمان، ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقتل المسيح الدجال، ويحكم بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

 

 وهذا هو قول المسيح عليه السلام في نفسه كما قال الله -عز وجل- (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة: 116- 117].

 

أفيليق بنا معاشر المسلمين الموحدين أن نحتفل بهذه المناسبة مناسبة ميلاد المسيح ابن مريم -عليه السلام- أو نشارك الكفار من النصارى في هذا العيد الذي لا أساس له حتى في دين النصارى، بل حكم بعض أهل العلم بكفر من احتفل بهذا العيد أو شارك النصارى فيه.

 

ألا فليتق الله أولئك القوم الذين يستسهلون هذا الأمر، ويسارعون فيه ويزينونه، وليخافوا أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.

 

إن كل أمة من أمم الأرض إنما تحافظ على هويتها وشخصيتها، وتبتعد كل البعد عن كل ما فيه تعارض مع هويتها ودينها وعقيدتها حتى ولو كانت كافرة، أو يعرض تلك العقيدة والشخصية للذوبان، فكيف بأمة الإسلام والتوحيد أمة القرآن والسنة أمة الحق التي ترى عقيدة النصارى في المسيح ابن مريم ومولده ترى فيها ما يتصادم ويتعارض كلية مع عقيدتنا نحن المسلمين؟!

 

ثم بالله عليكم هل رأيتم من عامة النصارى احتفالاً بأعياد المسلمين وابتهاجًا بها فما بال كثير من المسلمين اليوم في بقاع متعددة من الأرض يسارعون في مشابهتهم وتقليدهم وقد حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك بقوله: "من تشبه بقوم فهو منهم".

 

أسأل الله -عز وجل- أن يبصّرنا في ديننا، وأن يأخذنا بأيدينا بما فيه عزنا وسعادتنا وكرامتنا في الدنيا والآخرة.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ) [الممتحنة:1].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن اتبعه هداه واستن بسنته إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذ عنهم شذ في النار.

 

عباد الله: احرصوا على إسلامكم؛ فإنه والله من أكبر نعم الله علينا، إن هذا الدين وهذا الإسلام الذي يوصلنا التمسك به إلى مرضات الله وجنته والنجاة من عذابه وناره، إنه والله أكبر نعمة وأجلّ نعمة أنعم الله -عز وجل- علينا، ترتقي نفوسنا بهذا الدين الحق لتطيب نفوسنا بهذا الدين الحق الذي ختم الله به النبوات والرسالات، ولنحذر جميعًا من الوقوع فيما يخالف أمر الله -عز وجل- وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

 

قدّموا -أيها الإخوة في الله- قدموا في جميع أحوالكم محبوب الله -عز وجل- ومراده -سبحانه وتعالى- ومحبوب رسوله ومراد رسوله -صلى الله عليه وسلم- قدموا ذلك على محبوبات النفوس ومرادات الأهواء، واعلموا أنه لن يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جاء به محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- .

 

إن تقليد الكفار في أعيادهم وتبادل التهاني في ذلك وتبادل الهدايا، وأخذ الإجازات بهذه المناسبة، وإعلان مظاهر الفرح والسرور والابتهاج وتعطيل العمل، كل ذلك مما يخالف عقيدتنا وهدي نبينا وشريعتنا السمحة وهو مظهر من مظاهر الانهزامية البغيضة.

 

إن الواجب على الآباء والمعلمين والمربين والإعلاميين والدعاة وأهل العلم والإصلاح وأهل الخير والصلاح أن يبينوا للناس حقيقة ما يسمى بعيد ميلاد المسيح -عليه السلام- وعقيدة المسلمين في ذلك، وفي المسيح ابن مريم -عليه السلام- عمومًا وأن ما عليه النصارى من اعتقاد في المسيح ابن مريم إنما هو عقيدة باطلة واعتقاد وثنية ما أنزل الله به من سلطان.

 

إن واجبًا على الآباء والمربين أن ينشئوا أبناءهم على الاعتزاز بهذا الدين ويغرسوا فيهم الاعتزاز بمظاهر الإسلام وحب الإسلام.

 

إن مما يحزن أن ترى شابًّا من شباب المسلمين لبس لباسًا عليه شعار النصارى من صليب ونحو ذلك، أو عليه عَلَم من أعلام دول النصارى أو ترى شابًّا ضرب سياراته بلون فيه علامات النصارى أو شعارات النصارى أو نحو ذلك .

 

إن هذا كله من المظاهر التي ينبغي ألا توجد، وينبغي أن تختفي من حياة المسلمين، أيليق بنا ونحن المسلمون الموحدون الذين نرجو الله -سبحانه وتعالى- أن يتغمدنا برحمته وعلى سنته نبينه محمد -صلى الله عليه وسلم- أنستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، أنسارع في تقليد الكفار ومشابهتهم؟!

 

لا تحتقروا شيئا من مظاهر التشبه بالكفار التشبه المذموم المحرم، فإن ذلك يولّد في أبنائنا وأبناء الشباب والشابات يولد في ذلك حب اليهود والنصارى وحب الاقتداء بهديهم، وحينئذ -والعياذ بالله- نسمع عن المآسي العظيمة؛ حيث وقع بعض من ينتسبوا للإسلام بالتنصر ودخول دين النصارى فلا تقول: إن هذا شيء مستحيل، فليس هناك شيء مستبعدًا، وبخاصة في زمن التواصل المعلوماتي، وما تبثه بعض القنوات، وللأسف الشديد التي تنتسب للمسلمين من إظهار لأعياد النصارى وشعائرهم عياذا بالله -عز وجل-.

 

نسأل الله -عز وجل- أن يأخذ بأيدينا لما فيه رضاه نسأله -عز وجل- أن يثبتنا على دينه ..

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبدالله فقد أمركم ربكم بهذا في كتابه فقال عز من قائل (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، وقال عليه الصلاة والسلام: "من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا"، اللهم صلّ وسلم وبارك ...

 

 

 

المرفقات
التحذير من محبة الكافرين وموالاتهم.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life