عناصر الخطبة
1/ طاعة الإمام والاجتماع عليه من أصول الدين 2/ أهمية تلك الطاعة وذلك الاجتماع 3/ توحيد النبي الكريم للأمة وسير السلف بنهجه 4/ سبب ما نحن فيه من فرقة واختلاف 5/ حرمة مبايعة الأحزاب السرية البدعية المفرّقة للأمةاهداف الخطبة
اقتباس
إن الله -تبارك وتعالى- يلم الشعث ويجمع الفرقة بوجود الحاكم؛ ولهذا فرض الله علينا طاعته بالمعروف وبيعته على السمع والطاعة في المنشط والمكره، حتى قال -صلى الله عليه وسلم-: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني؛ إنما الإمام جُنَّة" رواه الإمام أحمد بلفظه والبخاري ومسلم بنحوه.
الخطبة الأولى:
الحمد لله الملك القدوس السلام، أحمده -سبحانه- عصم الدماء والأعراض والأنفس بالإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم شمل أهل الإيمان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد الأنام، صلى الله عليه فكم جمع الله به بين الأنام، وأصلي وأسلم على آله وأصحابه سادات الأنام.
أما بعد: أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإنه من خافه اتقاه. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) [آل عمران:102-103].
أيها المسلمون: إن الله -تبارك وتعالى- يلم الشعث ويجمع الفرقة بوجود الحاكم؛ ولهذا فرض الله علينا طاعته بالمعروف وبيعته على السمع والطاعة في المنشط والمكره، حتى قال -صلى الله عليه وسلم-: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني؛ إنما الإمام جُنَّة" رواه الإمام أحمد بلفظه والبخاري ومسلم بنحوه.
فوجود الأمير نعمة عاصمة من الفرقة والاختلاف، وبيعته وطاعته بالمعروف سبب للبعد عن التنازع والشقاق؛ ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام-: "إنما الإمام جُنة، يقاتل من ورائه، ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله -عز وجل- وعدل فإن له بذلك أجرا، وإن أمر بغير ذلك فإن عليه منه وزرا" رواه الإمام أحمد بلفظه ومسلم والبخاري بنحوه.
والواجب علينا جميعا -أيها المسلمون- الوحدة والاجتماع، ونبذ الفرقة والاختلاف، والبعد عن التحزب والابتداع.
إن الله -تبارك وتعالى- بعث نبيه محمدا -صلى الله عليه وسلم- والعرب شملهم ممزق، وجمعهم مفرق، أنزل عليه الفرقان المبين، وأقام به الحجة على المرسلين، وبين به المحجة، وهدى به من الضلالة، وجمع به من الفرقة والاختلاف، فكانت بعثته رحمة للعباد: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107].
بعثه الله إلى قومه متفرقين مختلفين متناحرين، يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، ويسرق بعضهم بعضا، ويقتل بعضهم بعضا، على أحزاب وجماعات مختلفة من الظلم والبغي والعدوان والقطيعة.
نعم، بعث الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- على هذه الحال، وكانت رحا الحرب دائرة بين الأقوام، بل بين القبيلة الواحدة، كلما أطفئت حرب أضاءت نار حرب أخرى حتى أهلكت هذه الحروب الحرث والنسل، وذلك من الإفساد في الأرض الذي لا يحبه الله -عز وجل-.
فهؤلاء القوم الذين بعث فيهم نبي الله -صلى الله عليه وسلم- صاروا بعد بعثته أمة متراحمة يرحم بعضها بعضا، ويجل بعضهم بعضا، يتعاونون على البر والتقوى، حتى أثنى الله عليهم، ورغبنا في سلوك طريقهم: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) [الأنفال:72]، وقال -جل وعلا-: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال:74].
وقال -جل وعلا- عن تلكم الأمة المرحومة التي ابتعدت عن أسباب الشقاق: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ) [التوبة:100].
إن اتباع أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- بإحسان علامة لزوم طريقتهم التي تجمع ولا تفرق، وتؤلف بين القلوب، وتجمع المؤمنين، وتلم شملهم، من سار على نهجهم كان ممدوحا عند الله، كما أن لهم نصيبا طيبا في الحياة الدنيا؛ لأنهم -رضوان الله عليهم- كانوا على الحق المبين في عقيدتهم وشريعتهم وسلوكهم وأخلاقهم ومنهجهم، ومن ذلك اجتماعهم وترك الاختلاف والتفرق بينهم، ابتعدوا عن كل أسبابه، وتمسكوا بأسباب الاجتماع، حتى إن الله -تبارك وتعالى- مكن لهم في الأرض.
نعم، إن داء الأمم السابقة قد دب في أمة الإسلام وانتشر فيهم، حتى صار المسلمون اليوم طوائف بينهم نزاع وشقاق وتدابر، وتقاطع وتهاجر؛ بل تكفير للبعض واستحلال لدماء البعض بغير برهان لا من كتاب الله ولا من سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. إنه محض الهوى والازدراء على الله وعلى رسوله، والاجتراء على العلماء، ووقعوا في هذا كما حذر منه النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"، تحت مسميات مختلفة.
يقتل المسلم المسلم ويفجر المسلم المسلمة؛ لماذا؟ لأن كل واحد منهم لم يتجنّ بالإمام، وأصبح كل واحد له إمام وحزب، له فرقة ونحلة.
نعم، فعلت الأمة ما حذر منه النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار"، قالوا: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصا على قتل صاحبه" رواه البخاري.
وخالفوا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصريح الذي أعلنه ملأ من الصحابة فقال: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا. ألا هل بلغت؟"، قلنا: نعم. قال: "اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد منكم الغائب" رواه البخاري.
فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- المبيّن لكتاب الله، معلم هذه الأمة بيّن البيان المبين، بيّن أمر معاشها ومعادها، ومن أعظم ما تحتاج الأمة إليه من أمر المعاش والمعاد أن يفقهوا ما دل عليه كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- من وجوب الاتباع، ومن وجوب الاجتماع، وترك التفرق والابتداع والاختلاط.
بل إن أهل العلم -رحمهم الله- يذكرون من أبجديات وأوليات عقائد أهل السنة والجماعة أن الاجتماع على الإمام أصل من أصول الدين، لا يقوم الدين إلا به، فلا جهاد إلا باجتماع، لا صون للحدود إلا باجتماع، لا نصرة على العدو إلا باجتماع، ولا أمن إلا باجتماع، بل مصالح الدنيا والآخرة تعود إلى الاجتماع.
أيها المسلمون: المراد بالاجتماع الاجتماع على كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ديناً، والاجتماع على ولي الأمر دنيا، يجب أن يكون الاجتماع على الإمام المسلم يسوسهم ويرعاهم ويقوم على مصالحهم.
يجتمعون عليه ولا يتفرقون، ويتمثل ذلك بأن أهل البلدة الواحدة، واللحمة الدينية والاجتماعية، في وطننا الحبيب الغالي علينا جميعا، تكون بيعتهم وولاؤهم لولي الأمر، للحاكم المسلم، لا تكون البيعة لرجل يختفي سرا، أو لحزب، ولا يجوز إنشاء هذه الأحزاب في ظل وجود ولي الأمر المسلم.
لا بد من الاجتماع بإمام يرجع الناس إليه ويأتمرون بأمره يقوم على مصالحهم ويرعاهم؛ لأن الناس بدون إمام يضطربون، ويتسلط عليهم عدوهم، ويفترقون، وتأكلهم الذئاب، وتأكلهم السباع من كل ناحية، ويتصرف فيهم أعداء الله.
نعم، ترون اختلاف البلاد التي لا حاكم فيها، بلاد فوضى ليس فيها مصالح على وجه صحيح. كما أن عبادات الناس تتأثر تأثرا بليغا، حتى إن بعضهم لا يستطيع إقامة الجمعة والجماعة لفقدان الأمن، فقدوا الإمام ففقدوا الأمن؛ ولهذا قال أهل السنة: لا بد للمسلمين من إمام منصوب يرجعون إليه، يقوم على أمر المسلمين.
ولذلك نجد أن نصب الإمام من ضروريات الدين والدنيا، قال العلماء: "إن ذلك مأخوذ من قوله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة:30]، أي: حاكما، ومن قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) [النساء:59].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بالسمع والطاعة"؛ ولهذا ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بالطاعة، ثم قيد ذلك بقوله: "مَن رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية" رواه البخاري.
أيها المسلمون: كان الجاهليون لا يرون السمع والطاعة للإمام، بل يرون ذلك مذلة ومهانة، أما أهل الإسلام فيرون السمع والطاعة للإمام عزة وكرامة ورفعة ومهابة لهذه الأمة، وعبودية لله-تبارك وتعالى-، فالناس يجتمعون على الإمام؛ ولهذا، لما ذكر -صلى الله عليه وسلم- الفتن وزمن الفتن قال حذيفة: "يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟"، قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم".
أيها المسلمون: إن هذه الاجتماعات التي صار عليها الناس من البدع والخرافات والضلالات والتحزبات هي أمور مخترعة، لا يجوز أن يكون الاجتماع على البدع والخرافات والضلالات، ولا على ما يحدثه الناس من الأحزاب والتجمعات، وإنما يكون الاجتماع على الإسلام الخالص والدين الحنيف.
قال -صلى الله عليه وسلم-: "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"، أي: في هذا المنكر؛ فلا يطيع الإنسان إمامه في معصية الله -عز وجل-؛ إنما يطيعه في المعروف.
أما ما يفعله الناس من أنهم يبايعون سرا أناسا من عند أنفسهم، ثم وقعوا في هذه البيعة السرية الحزبية البدعية، فهذه ضلالة عظيمة، ثم يزيدون إلى ضلالتهم ضلالة أخرى وهي السمع والطاعة له سمعا وطاعة عمياء، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَن أدركتم يريد أن يفرق أمر أمتي، وهم على جميع، فاضربوا عنقه بالسيف، كائنا من كان".
أيها المسلمون: يجب الوفاء ببيعة الإمام، والله يقول: (وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) [الإسراء:34].
أيها الإخوة المسلمون: هذا ما يجتمع عليه، يجتمع على الإيمان، وعلى الإمام وفق شرع الله -عز وجل-، هذا مبني على الكتاب والسنة، ليس مبنيا على الأهواء ولا على الآراء، (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153]، (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) [آل عمران:103]، وقال -سبحانه-: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور:51].
الاجتماع على غير هدي الله -عز وجل- الذي بعث به نبيه -صلى الله عليه وسلم- أهله حزب للشيطان، كل شعار يعلن غير شعار الإسلام فهو باطل، وكل بيعة غير بيعة الإمام فهي بيعة بدعية محرمة؛ ولهذا، من دعا إلى عصبية أو قبيلة أو وطنية أو إلى جنس أو إلى لغة أو إلى حزب فقد دعا إلى الباطل.
نعم، إن الاجتماع على غير الحق مذموم، والاجتماع الذي يؤلف القلوب هو الذي جاء به الإسلام، وهو أن يكون على الإيمان، وعلى السمع والطاعة للإمام.
قد بين الله -عز وجل- أن من أسباب الذين يتحزبون أنهم يتبعون المتشابه، فقال -جل وعلا-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [المجادلة:14]، يعيشون في بلد الحاكم ثم تكون لهم البيعة الباطلة لأناس خارجين، يقول الله -جل وعلا-: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [المجادلة:19]، ويقول الله -جل وعلا-: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا) [النساء:115]، ويقول -سبحانه وتعالى-: (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا) [الأحزاب:66-68].
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله عظيم الإحسان، أحمده -سبحانه- مَنّ علينا بنعمة الإيمان والإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك القدوس الديان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وجميع الخلان.
وبعد: أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بالتفكر في كتاب الله؛ فإن خير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وخير الكلام كلام الله -عز وجل-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
اتقوا الله أيها المسلمون لعلكم تفلحون، وعلى كل مؤمن ومؤمنة مواطن ومقيم في هذه البلد أن يلزم جماعة المسلمين حتى يكونوا لحمة واحدة يسعون جميعا لتحقيق الأمن والأمان والإيمان والعمل لله -عز وجل-، نتعاون على البر والتقوى حتى نكون كما أخبر الله -عز وجل-: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) [المائدة:55].
فهذه هي طريقة أولياء الله -عز وجل-: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) [المائدة:55-56]، فدل ذلك على أن تلك الأمة أمة واحدة، وأن اجتماعها يجب أن يكون على شيء واحد وهو توحيد الله -عز وجل- والإيمان به، وأن يكون اجتماعها على إمام واحد وحاكم واحد، وألا يكون فيها حساب ولا تجمعات، وأن هذه التجمعات والحزبيات تؤول بأصحابها إلى الجهالات والضلالات، أعاذانا الله -عز وجل- من سخطه ومن سوء عقابه.
إخوة الإسلام: والإيمان بأن كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- هما خير هاد، فتأملوا ما فيهما: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء:9]، (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [العنكبوت:51]، "تركت فيكم ما أن تمسكتم به...: كتاب الله وسنتي".
فمن اعتصم بكتاب الله وبلاغ رسول الله فلا يجوز له أن ينشئ أحزابا ولا جماعات؛ لأن الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) [آل عمران:103]، وفي مسند الإمام أحمد قال -صلى الله عليه وسلم-: "عباد الله، تسموا بما سماكم الله به، هو سماكم المؤمنين".
أيها المسلمون: "مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمّى".
ولنتعاون مع ولاة الأمور على البر والتقوى وحفظ الأمن، يقول الله -جل وعلا-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [التوبة:71]، ويقول -سبحانه-: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه" رواه مسلم.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأَذِلَّ الشرك والمشركين...
التعليقات