عناصر الخطبة
1/ الأمر بالذبح لله والنهي عن الذبح لغيره 2/هدي النبي في الأضحية 3/من أحكام الأضحيةاهداف الخطبة
اقتباس
ضحوا عن أنفسكم وعن أهليكم تعبداً لله, وتقرباً إلى الله, واتباعاً لسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. واعلموا أن الأضحية لا تجزئ ولا تكون إلا من بهيمة الأنعام؛ وهي الإبل والبقر والغنم سواء من الضأن أم من الماعز, وذلك لقوله تعالى: (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ) [الحج: 34], فلا تكون الأضحية إلا من الثلاثة المذكورة فلا تصح بلحم الديك ولا بلحم الضب ولا بغيرها...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي شرع لعباده التقرب إليه بذبح القربان, وقرن الذبح له بالصلاة في محكم القرآن. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والامتنان, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى على كل إنسان, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان, وسلم تسليماً.
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- واعبدوه وتقربوا إليه بذبح الأضاحي تفعلون ذلك ابتغاء مرضاة الله. تذبحون باسمه وتتقربون إليه, قال تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) [الكوثر: 2], كما أننا نصلي لله ونتقرب إليه بالصلاة كذلك نذبح لله ونتقرب إليه بالذبح والنحر.
ولقد تاه وضل أقوام حين ذبحوا لغير الله, أو ذبحوا باسم غير اسم الله وفي الحديث: "ملعون من ذبح لغير الله". قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) [الأنعام: 162، 163].
أيها المسلمون :اعلموا أن الأضحية مشروعة بالكتاب و السنة وبإجماع علماء المسلمين, قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إهراق دم و إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها " (رواه الترمذي من حديث عائشة وحسنه). والرسول -صلى الله عليه وسلم- ضحى بكبشين أملحين "أبيضين" أقرنين. وكان يضحي منذ هاجر المدينة عن نفسه وعن آل محمد, وقال لنا : "إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره" (رواه مسلم)
فالأضحية مشروعة شرعها الرحمن وفيها حكم عظيمة, وبالأضحية نشارك الحجاج في بعض شعائر الحج, فالحجاج يتقربون هنا إلى الله بذبح الهدايا, ونحن نتقرب إلى الله بذبح الضحايا.
أيها المسلمون :ضحوا عن أنفسكم وعن أهليكم تعبداً لله, وتقرباً إلى الله, واتباعاً لسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. واعلموا أن الأضحية لا تجزئ ولا تكون إلا من بهيمة الأنعام؛ وهي الإبل والبقر والغنم سواء من الضأن أم من الماعز, وذلك لقوله تعالى: (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) [الحج: 34], فلا تكون الأضحية إلا من الثلاثة المذكورة فلا تصح بلحم الديك ولا بلحم الضب ولا بغيرها.
واعلموا -عباد الله -أن الواحدة من الغنم تجزئ عن الرجل الواحد وعن أهل بيته الأحياء منهم والأموات, وقد نقـل بعضهم الإجماع أنه لا يصح الاشتراك في شاة الأضحية ولكن يصح الاشتراك في الأجر و الثواب.
أما الإبل فيشترك فيه سبعة مضحين وكذلك البقر عن سبعة, ثم إن السبع من البعير أو البقرة يجزئ عن الرجل وعن أهل بيته الأحياء والأموات.
وإن من الخطأ أن يضحي الإنسان عن أهله الميتين ثم يترك نفسه وأهله الأحياء, بل وفي بعض البلدان إذا مات الميت وجاء وقت أضحية تلك السنة يعملون له أضحية لا يشركون فيها أحداً من الأحياء يسمونها (أضحية الحفرة) وهذا العمل لا أصل له.
أيها المسلمون, عباد الله :ولا تجزئ الأضحية ولا تصح إلا إذا بلغت السن المعتبر شرعاً, فالضأن يصح بالجذع وقيل ما له ستة أشهر. والماعز لابد أن يكون ثنياً وقيل ما له سنة, ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم؛ فتذبحوا جذعة من الضأن", و الحديث ليس على ظاهره فقد دلت أدلة أخرى على جواز الأضحية بالجذع من الضأن مع قدرتك على الثني من الماعز.
أيها المسلمون, عباد الله :ولا تجزئ الأضحية ولا تصح إلا إذا كانت البهيمة سليمة من العيوب, وذلك لما رواه أهل السنن وصححه غير واحد من أهل العلم من حديث البراء بن عازب, أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "أربع لا تجوز في الضحايا, العوراء البين عورُها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضَلْعها, والكبيرة التي لا تنقي". والله سبحانه في كتابه يقول: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [آل عمران: 92].
فلا تجزئ ولا تصح الأضحية بالعوراء الواضح عورها إما عينها بارزة أو ممسوخة, وكذلك قال أهل العلم يلحق بما هو أشد منها فلا يضحى بالعمياء, وكذلك لا يضحى بالعرجاء الواضح عرجها, والمراد بها البهيمة التي لا تستطيع أن تمشي مع السليمة, وهكذا لا يضحى بالمريضة البين مرضها, وهي التي يعرف من رآها أنها مريضة من جرب أو حمى أو نحو ذلك, وهو المرض الذي يؤثر على لحمها ومشيها, وهكذا لا يضحى بالشاة الهزيلة ولا يضحى بمكسورة الساق ولا بمقطوعة إحدى اليدين.
وتصح الأضحية بمقطوعة الأذن أو بمشقوقة الأذن لكن مع الكراهة, فإن وجدت غيرها فهو أحسن, لما جاء في سنن الترمذي وقال الترمذي: حسن صحيح من حديث علي بن أبي طالب قال: "أمرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن نستشرف العين و الأذ ". فما كان من العيوب متعلقة بالعين أو بالأذن مما لم يذكر في حديث البراء بن عازب فهي مكروهة.
ثم اعلم أن كل عيب ماعدا ذلك خلاف الأفضل والسلامة منه أكمل مثل مقطوعة الذيل ومكسورة القرن.
أيها المسلمون, عباد الله :ضحوا بما تطيبه نفوسكم مراعين بذلك شرع ربكم لعل الله -تعالى- أن يتقبل منكم.
أقول ما تسمعــــــون ....
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فيا أيها المسلمون :أهم مقصود في الأضحية أنك تذبحها لله -تعالى-, أهم مقصود في الأضحية ما يكون فيها من تعظيم لله, عندما تذبح لله وتذكر اسم الله عند الذبح, ثم بعد ذلك سواء تصدقت بلحمها بعد ذبحها, أو أكلتها أو أكلت شيئاً منها, وتصدقت بشيء منها أو أهديت من لحمها هذا شيء آخر, ولقد ظن بعض الناس أنه لا يجوز الأكل من لحم الأضحية, ظنوا أن الأضحية عبارة عن صدقة لا يأكل الإنسان منها شيئاً.
إن الأضحية عبادة إذا ذبحتها مراعياً بذلك شروط هذه العبادة التي بينا الكثير منها في الخطبة الأولى، إن فعلت ذلك فقد فعلت عبادة عظيمة ثم أنت حر بعد ذلك بعد ذبحها.
واعلموا أن الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها, فلو اشتريت بهيمة بخمسة عشرة ألف ونويت بها أضحية كان فعلك هذا أفضل ممن تصدق بهذا المبلغ المذكور؛ لأن الأضحية شعيرة من شعائر الله, المقصود منها تعظيم الله بالذبح لله وذكر اسمه -سبحانه- حال الذبح, وليس المقصود من الأضحية مجرد اللحم أو توزيع اللحم هذا شيء آخر. وقد جاءت في أحاديث أنه كان في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سنة من السنوات حصلت مجاعة في وقت الأضاحي, فلم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الناس بترك الأضاحي وصرف ثمنها إلى الفقراء والمحتاجين, بل أقرهم على الأضاحي إلا أنه نهاهم عن الادخار فوق ثلاثة أيام حلاً لتلك المشكلة.
أيها المسلمون :ولا تذبحوا ضحاياكم إلا بعد الانتهاء من صلاة العيد والخطبتين, فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يذبح أضحيته بعد الصلاة والخطبة, ومن ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه ولم يذبح لله, من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لحماً يقدمه لأهله، ليس من النسك والأضحية في شيء. ففي الصحيحين أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "من ذبح قبل – أي الصلاة – فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء". وصح عنه أنه قال: "من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه, ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين".
وفق الله المسلمين لكل خير, وأعاد الله علينا وعليكم الأعياد, وغفر الله ما كسبت الأرجل والأياد, وتجاوز عن الذنوب والسيئات, إنه سميع مجيب الدعوات.
التعليقات