عناصر الخطبة
1/اسم الله الجبار ثابت بالكتاب والسنة 2/معاني اسم الله الجبار 3/معنى صفة الجبار 4/آثار الإيمان باسم الله الجبار في حياة المؤمن وسلوكه ومعتقداتهاقتباس
أن يعلم المؤمن ويستيقن أنه لا مشرع إلا الله -عز وجل- الجبار في هذا الكون، فمن اجترأ على الله وشرع للناس ووضع لهم القوانين الوضعية بدلاً من أحكام الله -عز وجل- فقد اجترأ على الله -تبارك وتعالى...
الخطبة الأولى:
حديثنا اليوم عن اسم الله -عز وجل- الجبار، قال الله -عز وجل-: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الحشر: 23].
كما جاء ذكر اسمه الجبار في السنة المطهرة، ومن ذلك ما روي عن عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: "قمت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة من الليالي قال: فلما ركع النبي -صلى الله عليه وسلم- مكث قدر سورة البقرة يقول في ركوعه: "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة"(رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح).
واسم الله الجبار له ثلاث معان: المعنى الأول: الكبير القوي، أي أنه قوي سبحانه وتعالى يقهر الجبابرة، ويغلبهم بجبروته وعظمته، فكل جبار ومن عظم فهو تحت قهر الله -عز وجل- وجبروته.
المعنى الثاني: لاسم الجبار فهو: جبر الرحمة، أي أنه يجبر الضعيف بالغنى والقوة، ويجبر الكسر بالسلامة، ويجبر المنكسرة قلوبهم من الهم أو الحزن أو غيره بإزالة ما فيها وإبدالها سعادة وفرحا.
المعنى الثالث: لاسم الجبار: جبر العلو، فهو عال فوق خلقه سبحانه، ومع علوه فهو قريب منهم، يسمع أقوالهم، ويرى أفعالهم، ويعلم ما توسوس به نفوسهم.
عباد الله: صفة الجبار بمعني القهر والطغيان، فهي في حق الإنسان صفة ذميمة وسيئة، قال تعالى: (وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)[إبراهيم 15]، كما نفي الله -عز وجل- الجبروت عن نبيه عيسي -عليه السلام- فقال سبحانه على لسانه: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا)[مريم: 31-32].
فلا يجوز للإنسان أن يكون جباراً ظالماً قاهراً لعباد الله، بل يستحب للإنسان أن يجبر الخواطر الضعيفة المنكسرة من الهم والحزن والفقر، يقول سفيان الثوري -رحمه لله-: "ما رأيت عباده أجل وأعظم من جبر الخواطر"، والرسول -صلى الله عليه وسلم- صاحب الخلق العظيم في جبر الخواطر، ففي قصة الصحابي عكرمة بن أبي جهل -رضي الله عنه- كان أبو جهل من أعداء الإسلام، وعندما جاء عكرمة مسلماً، وجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة ألا يسبوا أباه أمامه، وأن لا يعيروه بأبيه، وذلك جبراً لخاطره، وهكذا كان رسولنا يجبر الخواطر فكان إذا تكلم مع إنسان نظر في عينيه جبراً لخاطره، وإذا صافحه أحد لا يسحب يده حتى يسحبها الطرف الآخر جبراً لخاطره، فهو يراعي مشاعر وخواطر الناس.
عباد الله: أن الإيمان باسم الله الجبار لها آثار في حياة المؤمن وسلوكه ومعتقداته؛ منها: تعظم الله -عز وجل- تعظيماً يليق بجلاله وعظمته؛ لأنه قاهر الجبابرة الظالمين.
ومن آثار الإيمان باسمه الجبار: أن يعرف العبد قدره ومنزلته، وأن لا يتعدى قدره ومنزلته، وأن يتواضع لربه -تبارك وتعالى-، ولا يخرج عن طاعته.
وأيضاً يستسلم لقضاء الله وقدره فلا يجزع ولا يسخط؛ لأن ما يحصل للإنسان في هذه الحياة فهي بإرادته فعليك بالتسليم لجبار السموات والأرض.
نسأل الله -عز وجل- أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
ومن آثار الإيمان باسم الله الجبار: أن يعلم المؤمن ويستيقن أنه لا مشرع إلا الله -عز وجل- الجبار في هذا الكون، فمن اجترأ على الله وشرع للناس ووضع لهم القوانين الوضعية بدلاً من أحكام الله -عز وجل- فقد اجترأ على الله -تبارك وتعالى-.
وكذلك من آثار الإيمان باسمه الجبار: أن يرغب ويلجأ الانسان إلى الله -عز وجل- في أي نقص أو حاجة أو مرض أو ابتلاء يعترضه، فلا يلجأ إلي المخلوقين فيما لا يقدرون عليه، وإنما يلجأ إلى الله -سبحانه وتعالى- فهو الذي يجبر الكسير، ويغني الفقير، وينصر المظلوم، وهو سبحانه لا يغضب من كثرة الدعاء والسؤال، بل يعطي ويغني ويشفي كلما لجأ العبد إليه.
نسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا الإيمان بأسمائه وصفاته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ألا وصلوا على سيدنا محمد كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب 56].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين...
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك.
اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا عسرا إلا يسرته، ولا مريضا إلا شفيته.
اللهم وفق ولي أمرنا لما يرضيك، اللهم ارزقه البطانة الصالحة، وأبعد عنه بطانة السوء الفاسدة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين، وصل وسلم على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
التعليقات