عناصر الخطبة
1/ تربية الطفل تبدأ أولاً باختيار المرأة المصالحة 2/ من الأخطاء في التربية : الاهتمام بشكلهم الظاهري ونسيان تربية الجوهر 3/ قلة الجلوس مع الأطفال 4/ التعامل معهم ككبار لا صغار 5/ الاستهانة بنوع الرفيق لهم في مرحلة الطفولة 6/ ضعف همتنا في تربية أطفالنا على النماذج العالية للأطفال 7/ تعليم الأطفال كتاب الله أولاً 8/ تعليمهم الصلاة والصيام وتعوديهم خطوة بخطوة على ذلكاهداف الخطبة
اقتباس
ومن أخطائنا: قلة الأوقات المخصصة للجلوس مع الأطفال، وإذا قدر لنا الجلوس فدون برامج مدروسة، وربما غابت أهداف التربية أو عدمنا الوسيلة المناسبة للتربية... ولو أن المربي أو المربية في كل جلسة علموه أدباً، أو حفظوه آية، أو نبهوه إلى خطأ، أو علموه ما يجهل، بأسلوب مناسب، وبقليل من الوقت -لتشكل من ذلك رصيد نافع لهذا الطفل يدعوه للمكارم ..
الحمد لله القائل في محكم التنزيل: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل:78]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أوحى إلى عبده فيما أوحى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [الروم:30].
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أخبر –وهو الصادق المصدوق– أن: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، أو ينصرانه أو يمجسانه". متفق عليه.
اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1].(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة:35].
أيها المسلمون: حديث اليوم عن فئة تملأ علينا بيوتنا، وتسر لأحاديثهم قلوبنا، نضيق بتصرفاتهم حيناً، ونستملح حركاتهم حيناً، حديث عن حبات القلوب، وفلذات الأكباد، وقرة العيون، ورياض البيوت، وبهجة الحياة.
إنهم أطفالنا، وهبة الرحمن لنا: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) [الشورى: 49-50]، تعنى الشعوب كافة بأطفالها، وتعقد الأيام العالمية للطفل، ولكن يظل الإسلام متميزاً في عنايته بالطفل، وتبدأ العناي به قبل وجوده، فأمه تختار من ذوات الدين والنسب: "فاظفر بذات الدين تربت يداك"، "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس".
وفي لقاء الزوج بالزوجة لإلقاء النطفة التي يشاء الله منها الطفل يحث على ذكر الله ودعائه بحفظ هذا المولود من كل مكروه، قال صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدهم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولد، لم يضره الشيطان".
بل ويحث العقيم على ذكر الله والاستغفار والصدقة، وقد يشاء الله أن يكون ذلك لمجيء الوالد سبباً. روى أبو حنيفة في "مسنده"، عن جابر بن عبدالله رضي الله تعالى عنهما: أنه جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، ما رزقت ولداً قط ولا ولد لي، قال صلى الله عليه وسلم: "فأين أنت من كثرة الاستغفار، وكثرة الصدقة ترزق بها" فكان الرجل يكثر الصدقة ويكثر الاستغفار، قال جابر: "فولد له تسعة ذكور".
قال ملا علي في شرح للحديث: "ولعله مقتبس من قوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ) [نوح: 10-12].
إخوة الإسلام: وهؤلاء الأطفال الذين يمثلون البراءة وترسم على وجوههم وحركاتهم إشراقة الفطرة الربانية، ماذا صنعنا لهم بعد وجودهم؟ ما هي أخطاؤنا معهم؟ وكيف واقعنا وإياهم، وما هي أنسب الطرق وأفضل الوسائل لتربيتهم؟
إن الطفل ببراءته ونقائه لوحة نظيفة يكتب فيها المربون ما شاؤوا، ولكن ما يكتب اليوم له أثره في مستقبل الطفل غداً... ومن هنا يأتي خطؤنا أحياناً في عدم تقدير النظرة للطفل، فضلاً عن الكلمة، أو السلوك أمام الأطفال بشكل عام...
وما من شك أن هذه النظرة أو الكلمة التي وجهناها للطفل، أو السلوك الذي تعاملنا به معه تظل كلها عالقة في ذهنه، وذات أثر في سلوكه فيما بعد.
ومن أخطائنا -مع أطفالنا-: أننا نعنى كثيراً بشكلهم الظاهر، ونوفر لهم أنواع الملابس وأصناف الطعام، وننزعج للمرض يصيب أبدانهم. ويضعف اهتمامنا بتهذيب نفوسهم، وإصلاح قلوبهم، والعناية بأخلاقهم ومتابعة أدبهم، وينشأ عن هذا وذاك نشأتهم معظمين للشكليات، مهتمين بكماليات الحياة، وفهيم ضعف ظاهر في تقدير القيم، وعلوا الهمم، وخوض غمار الحياة مع الحفاظ على محاسن الأخلاق، وجميل السلوكيات.
ومن أخطائنا: قلة الأوقات المخصصة للجلوس مع الأطفال، وإذا قدر لنا الجلوس فدون برامج مدروسة، وربما غابت أهداف التربية أو عدمنا الوسيلة المناسبة للتربية... ولو أن المربي أو المربية في كل جلسة علموه أدباً، أو حفظوه آية، أو نبهوه إلى خطأ، أو علموه ما يجهل، بأسلوب مناسب، وبقليل من الوقت -لتشكل من ذلك رصيد نافع لهذا الطفل يدعوه للمكارم ويحفظه من المزالق بإذن الله.
وإذا كان هذا من أخطائنا في البيوت؛ فخطأ المدرسة مع الطفل إنما يكون حين تركز على تلقيته المعلومات تحفيظاً، وتقلل من ممارسته لما حفظ سلوكاً عملياً، فيظل الطفل يحفظ ذهنياً، ويمارس سلوكياً غير ما حفظ، وربما حفظ في الصفوف الأولى ما لم يمارسه إلا في الصفوف الأخيرة من الرحلة الابتدائية، وبهذه الطريقة التلقينية المجردة تضيع أو تضعف القيمة التربوية للتعليم، ويتركز الهدف أكثر على النجاح أو الرسوب.
ومن أخطائنا في التربية وعلاج مشكلات الأطفال: أننا ننظر إليهم أحياناً على أنهم كبار، يدركون الخطأ ولكنهم يقصدون العناد؛ وبالتالي نحتد في النقاش معهم، ونشتد في ضربهم، وليس كل مخالفة للوالدين، أو خروج عن الأعراف السائدة في المجتمع من قبل الأطفال عنوان شر ورمز شقاوة، بل قد تكون من علائم النجابة مستقبلاً، وفي "نوادر الترمذي": "عرام الصبي نجابة" أي: شدته وشراسته، وفي رواية: "عرامة الصبي في صغره زيادة في عقله في كبره".
ومن أخطائنا: الاستهانة بنوع الرفيق لهم في مرحلة الطفولة، فقد يرافقون من يبدأ الطفل خطوات الانحراف الأولى برفقتهم، وقد نجهل أن هذا الرفيق يهدم ما نبني، أو يبني ما نهدم.
ومن أخطائنا: ضعف همتنا في تربية أطفالنا على النماذج العالية للأطفال؛ أو عدم قدرتنا على مواصلة التربية حتى يكونوا رجالاً، ومما يشحذ الهمم أن نتصور أن هذا الطفل الضعيف اليوم قد يكون من أفذاذ الرجال غداً... أو تكون هذه البنية المسكينة اليوم من خيار النساء غداً، فلا تأسف على جهد بذلته، ولا تحقرن طفلاً لطفولته، وإذا قرأت في سير العظماء فتيقن أنهم مروا بمرحلة الطفولة حتماً.. ولكن طفولة العظماء، والعناية بهم تنتج -بإذن الله- رجالاً أو نساء عظماء، ويحدثنا الإمام الشافعي رحمه الله عن طفولته ويقول: "حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت "الموطأ" وأنا ابن عشر".
ونقل الغزالي قول سهل بن عبدالله التستري عن نفسه؛ قال: "فمضيت إلى الكتاب، فتعلمت القرآن وحفظته، وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين".
وأين الأمهات من أم أنس بن مالك رضي الله عنه والتي ما فتئت أمه تعلمه وتربيه حتى دفعته وهو صغير للنبي صلى الله عليه وسلم لتكتمل على يديه صلى الله عليه وسلم تربيته ويحسن تعليمه؟
بل أين الأمهات من تلك المرأة التي دفعت إلى ابنها يوم أحد السيف فلم يطق حمله، فشدته على ساعده بنسعه، ثم أتت به النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله: هذا ابني يقاتل عندك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أي بني: احمل هاهنا، أي بني احمل هاهنا" فأصابته جراحة فصدع، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أي بني لعلك جزعت؟" قال: لا يا رسول الله".
والنماذج في هذا أكثر من أن تحصى، وهي شاهدة على همم الأطفال، وأثر تربيتهم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) [الفرقان: 74].
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، أحمده تعالى وأشكره، وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.
أيها الآباء وأيتها الأمهات: وأنتم أصحاب المسؤولية الأولى في تربية الأطفال وتنشئتهم على الخير، وكذلك حملكم الإسلام الأمانة وأنتم مسؤولون عن رعايتها في بيوتكم، وخصكم نبي الهدى والرحمة بالحفاظ على فطرة الله التي فطر الأطفال عليها، وتأملوا في قوله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". إذ ليس فيه ذكر للإسلام، فلم يقل: أو يسلمانه، لأن الإسلام هو الأصل، وهو فطرة الله، وعمل الآباء والمربين إنما ينحصر في الحفاظ على هذه الفطرة سليمة نقية، وفي صقلها وتفجير طاقات الخير، وينابيع الإبداع في أعماقها.
ويؤخذ من الحديث كذلك أن اتجاه الطفل الفكري والخلقي والاجتماعي متأثر أولاً وقبل كل شيء ببيئة الوالدين وأفكارهما، وأخلاقهما، وأساليب تربيتهما.
فهل يقدر الأبوان عظم المسؤولية، ويعرفونهم بالإسلام على حقيقته، ويجنبونهم كل ما يخالف الإسلام؟ أو يبعدهم عن صفاته وسمو مبادئه؟ ألا وإن القدوة مهمة بكل حال، والإسلام ينهى عن مخالفة الأفعال للأقوال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُون * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) [الصف: 2-3]، والقدوة مع الأطفال من أمضى وسائل التربية، والطفل يجيد التقليد والمحاكاة، وحق على المربين أن يكونوا قدوة صالحة، وليحذروا أن تقع أعين الأطفال منهم على قبيح من القول أو منكر من الأفعال، قال عقبة بن أبي سفيان لمؤدب ولده: وليكن أول ما تبدأ به إصلاح بني: إصلاح نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنت، والقبيح عندهم ما استقبحت.
أيها الآباء والمربون: أيتها الأمهات والمربيات: عودوا الأطفال على الخير فهم يعتادونه، وعلموهم ما ينفعهم فهم يسمعونه. قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "عودوهم الخير، فإن الخير عادة".
وأول ما ينبغي تعليمهم إياه كتاب الله منذ نعومة أظفارهم. قال السيوطي: "تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الإسلام فينشؤون على الفطرة، ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها، وسوادها بأكدار المعصية والضلال".
وما أجمل المربي والمربية وهم يفتحون أذهان الناشئة على عظمة الله والخوف منه، من خلال صفحة الكون وآيات الله الباهرة في الأنفس والآفاق، وبالأسلوب المناسب للطفل... ثم يتدرجون معهم إلى تعليم أركان الإٍسلام، وبعض الواجبات والمستحبات والآداب النافعة في الأكل والشرب والتحية، وفي حال النوم واليقظة، وما فيهما من أذكار وأوراد مستحبة.
فإذا بلغ الطفل سبع سنين أمر بالصلاة تدريباً له على الخير، وربطاً له بالمسجد، وتعريفاً له وتأليفاً مع جماعة المسلمين، ويضرب على التهاون بها إذا بلغ العشر، ويفرق فيها بين الذكر والأنثى في المضاجع، إبعاداً لهم عن الريب، وصوناً لهم من الانحراف، وقد يتهاون البعض بهذه الآداب الإسلامة المشروعة، وقد يظهر آثار التهاون عليه فيما بعد، وقد صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع" حديث حسن أخرجه أحمد والحاكم وأبو داود.
ومن هدي السلف تدريب أطفالهم على الصيام، وربما حجوا بهم وهم صبيان، ومما ينبغي أن يعلم أن الأطفال يستجيبون للتعلم والتأديب بشكل عام مع الحوافز المشجعة، والوعود الصادقة بالمكافأة -وإن كانت يسيرة- كما يستجيبون للحكايات والقصص، وقد تؤثر فيهم أسرع من غيرها، وعلى المربي أن يختار القصة ذات الهدف التربوي ويستثمرها في توجيه الأطفال.
وإذا امتلأ كتاب الله بذكر قصص السابقين لأخذ العبرة منها، والتسلية بأحداثها، فلا شك أن للقصص أثراً في صياغة عقل وسلوكيات الأطفال، وقد قال بعض العلماء: "الحكايات جند من جنود الله تعالى يثبت الله بها قلوب أوليائه"، وشاهده من كتاب الله قوله سبحانه: (وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) [هود:120].
ويروى عن أبي حنيفة رحمه الله: "الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إليَّ من كثير من الفقه، لأنها آداب القوم، وشاهده من كتاب الله قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)" [الأنعام: 90].
أيها المربون، أيتها المربيات: وكم نغفل عن هذا الجانب التربوي مع الأطفال، وفي سيرة محمد صلى الله عليه وسلم أو سير الأنبياء السابقين ماله أعظم الأثر في تربية الأطفال على الفضلية والخير، وكذا سير العلماء والصالحين، أو سير الآباء والأجداد.. والمهم أن تصاغ بأسلوب يفهمه الطفل، وأن يعلق على القصة الموردة بما ينتفع به الطفل من أمر أو نهي أو توجيه.
ولا شك أن اختيار الوقت المناسب للتوجيه مهم بكل حال، ولا سيما مع الأطفال، ففي حال الركوب والأسفار، وحين تنفتح نفسية الطفل للطعام والشراب، أو حين يقعده المرض فتجتمع له سجية الطفل ورقة القلب بالمرض – فهذه الحالات وأمثالها حرية بقبول الطفل للتوجيه أكثر من غيرها، وينبغي للمربين أن يستثمروها، وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد حسن اختيار الوقت للتوجيه والدعوة، فقد روى البخاري عن أنس رضي الله عنه؛ قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض الغلام فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعده عند رأسه فقال له: "أسلم" فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم الغلام فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه من النار".
أرأيت كيف اختار النبي صلى الله عليه وسلم الوقت المناسب لدعوته، مع إمكانية الدعوة قبل ذلك...
عباد الله: وهناك أساليب أخرى في تربية الأطفال... وهناك محاذير ينبغي أن نتنبه لها، وأمور أخرى تتعلق بالأطفال أرجئ الحديث عنها للخطبة القادمة بإذن الله. أسأل الله أن يصلح نياتنا وذرياتنا... وأن يغفر زلاتنا، ويعيننا على تربية أنفسنا وأبنائنا.
التعليقات