عناصر الخطبة
1/الأخوة الإسلامية أقوى الروابط 2/الحث على التعاون بين المسلمين 3/من صور التيسير والرفق بالناس 4/من ثمرات الرفق وفضائلهاقتباس
وإذا رآك ربك تَرفِقُ بإخوانك، وتُرخِصُ الأسعار عليهم، وتجعل أسعار الإيجارِ وغيرِه معقولةً متوسطةً بلا جشع ولا طمع، وتتعامل معهم بالرحمة والتيسير، لا بالمشقة والحرج والتعسير؛ فإن الله سيلطف بك، وسيبارك لك في مالك وأهلك وولدك، وسيرزقك...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحمد لله اللطيف المنان، الرحيم الرحمن، أمر عباده بالعدل والرحمة والإحسان، ونهاهم عن البغي والظلم والعدوان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي الأمين، الذي بعثه الله رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)[آل عمران: 102، 103]
أما بعد:
أيها المؤمنون: إنَّ أعظمَ رابطةٍ تجمع الناس على وجه الأرض هي رابطة الأخوة الإيمانية؛ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الحجرات: 10]، وحُقَّ لهذه الرابطة أن تكون كذلك؛ لأن سبَبَها هو الإيمانُ بالله جل جلاله والذي هو أشرفُ وأعظمُ شيءٍ في هذا الوجود.
إنّ رابطة الأخوة الإيمانية هي أقوى من جميع الروابط والصلات، فيوم القيامة تنقطع الصِّلات وروابط الأنساب؛ (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ)[المؤمنون: 101]، ويفِرُّ المرء حينها من أقرب الناس إليه؛ (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)[عبس: 34 - 37]، أما رابطة الإيمان والتقوى فهي باقية؛ (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)[الزخرف: 67]، فما أعظمها من إخوة إيمانية، وما أبركها من رابطة دينية!.
عباد الله: ولهذه الأخوة الإيمانية التي ربط الله بها بين المؤمنين عدةُ حقوقٍ وواجبات، لا يتسع المقام لبسطها وتفصيلها، ولكننا نشير في هذه الخطبة إلى حقٍ عظيمٍ من هذه الحقوق، ألا وهو حقُّ التراحمِ والتعاطفِ والتكافلِ والتعاونِ بين المسلمين، ففي الحديث الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"، فالواحد منا إذا اشتكى جزءٌ من جسده أصابه المرضُ والإعياءُ والسهر، وسعى إلى علاج هذا العضو بما استطاع.
كذلك ينبغي أن يكون حالنا -يا عباد الله- إذا اشتكى بعض إخواننا المسلمين، فنتألمُ لآلامهم، ونسهرُ لمصابهم، ونتعاطفُ معهم ونرحمُهم، ونعينُهم بما نستطيع، ونكونُ سَنَدا وعَوْنا لهم بعد الله -عز وجل-، والمؤمنون يتعاطفون ويتناصرون ويتآزرون، ويكون حالهم كما قال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا"(رواه البخاري في صحيحه).
أيها الإخوة الفضلاء: تشتدُّ الحاجةُ إلى ترسيخ هذه المعاني الشرعيةِ في قلوبنا، وتذكيرِ أنفسنا والمجتمعِ بها، خصوصا عند بعض الأحوال والتغيُّرات التي تصيب الناس في حياتهم، ولقد حثّت هذه الشريعة الغرّاء على الرفق بالناس والتيسير عليهم، فقال -صلى الله عليه وسلم- "يسِّروا ولا تُعسِّروا"، وكان رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يحب التخفيف والتيسير على الناس، وما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وقال موجِّها أصحابه الكرام: "إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ"(رواه البخاري).
ومن أسماء الله -سبحانه وتعالى- التي ثبتت في السنة اسم الله الرفيق، قال -صلى الله عليه وسلم- :"يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله"(متفق عليه)، فيحبُّ الله من عباده أن يَرفُقَ بعضهم ببعض، وأن يعين بعضهم بعضا، وإذا حُرِم الإنسان من نعمة الرفقِ والتيسيرِ على عباد الله فقد حُرِم الخير، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من يُحرَمِ الرِّفقَ يُحرَمِ الخير"(رواه مسلم).
ومن أسماء الله العظيمة اسم الله الرحمن والرحيم، وهذان الاسمان تُشتَقُّ منهما صفة الرحمة، وقد حثّنا الإسلام على تحقيق هذه الصفة في حياتنا، وجاء فيها كثيرٌ من النصوص، وإذا رأيت الشخص يرحم عباد الله ويعطف عليهم فإنه بهذا الفعل يتعرض لرحمات ربه، قال -صلى الله عليه وسلم-: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض؛ يرحمكم من في السماء"(رواه أبو داود في سننه).
ومن قسا قلبه، وأصبح لا يشعر بالآخرين، فقد شَقِيَ وتَعِسَ، ونأى بنفسه عن رحمة الله -عز وجل-، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من لا يَرحم لا يُرحَم"، وفي لفظ: "من لا يرحمِ الناسَ لا يرحمُه الله"(متفق عليه)، وفي سنن الترمذي يقول -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُنزَعُ الرحمة إلا من شقيٍّ"، نسأل الله السلامة والعافية.
فتحلَّوا -يا عباد الله- بهذه الصفات العظيمة، صفةِ الرفق وصفة الرحمة، واقتدوا بنبيكم -صلى الله عليه وسلم-، وامتثلوا توجيهاتِه الكريمة، ويسِّروا -يا عباد الله- على إخوانكم، وارْفُقُوا بِهم؛ فإن الله رفيق يحب الرفق، رحيم يحب الرحمة.
وإنّ من صور التيسير والرفق بالناس أن لا نستغلَّ حاجتهم، وأن لا نرفعَ الأسعار عليهم، وهو ما نشاهده في أيامنا هذه مع الأسف الشديد، سواءً كان هذا الارتفاع في أسعار الإيجارات، أو كان هذا الارتفاع في أسعار السلع والمواد الغذائية، والأولُّ -أي: ارتفاع أسعار شقق الإيجار- أشدُّ على الناس وأشقّ، وشكايةُ الناس منه أكثر، وتضرُّرهم منه أعظم، وقد جاء في الحديث: "لا ضرر ولا ضرار"، فلا يجوز الإضرار بعباد الله، ولا يجوز الإشقاقُ عليهم، ولا تجوز مظاهرُ الجشعِ والطمعِ وإغلاءِ الأسعارِ التي نشاهدها ونسمع بها، بل ذلك -في الحقيقة- من صور ضعفِ النفس، وقلة الشهامة والمروءة، والتي يترفّع عنها ساداتُ الرجال وأفذاذُهم وكرماءُ النفوسِ منهم.
والرجلُ الشهمُ حقّا يظهر مَعدِنُه وقت الشدة، والصديقُ وقتَ الضيق، والأَزَماتُ كواشف، فطوبى لمن جاءت المواقف والأزمات فكشفت عن طَبْعٍ جميل وخُلُقٍ نبيل، من كَرمٍ ورفقٍ ورحمةٍ وسخاءِ نفس، وأعيذ نفسي وإياكم بالله من نقيض هذه الصفات !
أيها المؤمنون: جاء في الحديث: "مَنْ ضَارَّ ضَارَّ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ"(رواه الترمذي وحسّنه)، قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: "هذا الحديث دلّ على أصلين من أصول الشريعة: أحدُهما: أنّ الجزاء من جنس العمل في الخير والشر، وهذا من حكمة الله التي يُحمَد عليها، فكما أنَّ من عمل ما يحبه الله أحبه الله، ومن عمل ما يبغضه الله أبغضه الله، ومن يسَّر على مسلم يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن فرّج عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة؛ كذلك من ضارَّ مسلماً ضرَّه الله، ومن مَكَر به مكر الله به، ومن شقَّ عليه شقَّ الله عليه، إلى غير ذلك من الأمثلة الداخلة في هذا الأصل، والأصلُ الثاني: منعُ الضررِ والمضارّة، وأنه: "لا ضرر ولا ضرار"، وهذا يشمل أنواعَ الضررِ كلِّه".
ثم ذكر -رحمه الله- صورا من المعاملات التي فيها إضرارٌ بالمسلمين، ثم قال في كلام بديع: "وكلُّ معاملة من هذا النوع فإنَّ الله لا يبارك فيها"، تأمل أخي الكريم: وكلُّ معاملة من هذا النوع فإنَّ الله لا يبارك فيها؛ لأنّه من ضارَّ مسلماً ضارّه الله، ومن ضارّه الله ترحَّل عنه الخير، وتوجَّه إليه الشر، وذلك بما كسبت يداه؛ ولذلك فقد دعا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- على من شقَّ على الناس بأن يشققِ اللهُ عليه، ودعا لمن رفق بالناس أن يرفقَ اللهُ به.
كان -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فرأى رجلا محتاجا قد ضَعُف سيره وأعيتْ راحِلتُه، وقلّ زادُه، فأشفق المصطفى عليه ورَحِم حاله، فوجّه نداءً عاما إلى جميع من كان معه، يأمرهم بمواساة إخوانهم والوقوف معهم في حاجاتهم، فقال: "مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ -أي: زيادةُ مركوبٍ-، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ -أي: زيادةُ طعامٍ-، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ"، قَالَ الراوي: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ، حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ؛ أي: لا حقَّ لأحدٍ مِنَّا في زيادةٍ وهو يرى حاجة إخوانه.
فصلوات الله وسلامه على صاحب الخلق العظيم، الذي بعثه الله رحمة للعالمين، وطوبى لمن تأسى به، وجعله قدوة له؛ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[الأحزاب: 21].
أقولُ ما تَسمعونَ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون: إنّ من الصفات الجميلة في الإنسان صفةُ الإحسان، وهذه الصفة يحبها الله -عز وجل-، قال الله -تعالى-: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[البقرة: 195]، ومن أحسن إلى عباد الله فإن الله سيحسن إليه؛ (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)[الرحمن: 60]، و(إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)[الأعراف: 56]، ومن جميل القول ما يقوله بعض الناس: "لا يراك الله إلا محسنا".
فيا من أنعم الله عليه وأحسن إليه: ارفق بإخوانك وأحسن إلى عباد الله؛ (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ)[القصص: 77]، وإياك والإشقاقَ على إخوانك المسلمين، واعلم -أخي المسلم- أنّ البركةَ التي تطلبها في رزقك هي من الله، وأنّ الجزاءَ من جنس العمل، نعم، الجزاء من جنس العمل، فإن رفَقْتَ بعباد الله رَفَقَ الله بك، وإن يسّرت على عباد الله يسّر الله عليك، وإن فرَّجت كُرُبات المسلمين فرّج الله كُرُباتِك، وإن أعنتهم كان الله في عونك، هذه توجيهات نبينا الكريم الذي بعثه الله رحمة للعالمين، قال -عليه الصلاة والتسليم-: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا؛ نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ؛ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا؛ سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ"(رواه مسلم).
وإنّ مما يؤسف له أنّ بعض الناس يرى في بعض الأحوال فرصةً للثراءِ والكسبِ، وزيادة رصيده من أموال الدنيا، ولكنْ ليته عَلِمَ أنه في مقابل ذلك قد فاته التعاملُ مع ربٍّ كريمٍ محسن، هو ذو الفضلِ العظيم، وهو ذو الخيرِ العميم -سبحانه وبحمده- ولا يخيب من تعامل مع ربه، والله لا يُضِيعُ أجرَ من أحسن عملا، ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، فأين من يعامل مولاه الكريم؟ وأين من يعمل للآخرة التي هي خير وأبقى، ويدرك مثل هذه المعاني؟! (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)[الأعلى: 16، 17]، (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ)[النحل: 96].
وإذا رآك ربك تَرفِقُ بإخوانك، وتُرخِصُ الأسعار عليهم، وتجعل أسعار الإيجارِ وغيرِه معقولةً متوسطةً بلا جشع ولا طمع، وتتعامل معهم بالرحمة والتيسير، لا بالمشقة والحرج والتعسير؛ فإن الله سيلطف بك، وسيبارك لك في مالك وأهلك وولدك، وسيرزقك الرزاق الكريم من حيثُ لا تحتسب، وسيصرف عنك من السوء ما لا تعلم به، وسيسترك الله بستره الجميل.
وسيكون هذا العمل سببا لفضل الله عليك في الآخرة، واستمع معي إلى هذا الحديث العظيم الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ -أي له أموال وديون عند الناس-، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ؛ لَعَلَّ اللهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، فَلَقِيَ اللهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ"، وفي رواية أخرى للحديث أخرجها مسلم أيضا في صحيحه، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْءٌ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ، وَكَانَ مُوسِرًا، فَكَانَ يَأْمُرُ غِلْمَانَهُ أَنْ يَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُعْسِرِ، فقَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: نَحْنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، تَجَاوَزُوا عَنْهُ"، فالبِرُّ لا يبلى، والديّانُ لا يموت، وكما تُدينُ تُدان، وصنائعُ المعروفِ تقي مصارعَ السوء.
أحسن إلى الناسِ تَستعبد قلوبهم *** فطالما استعبدَ الإنسانَ إحسانٌ
وكـن عـلى الدهر مِعْواناً لذي أملٍ *** يرجو نَداكَ فـإن الـحُرَّ مِعْوانُ
مـن كـان لـلخير مَناعاً فليسَ له *** عـلـى الـحقيقة خِـلّانٌ وأخـدانُ
مـن جـادَ بالمالِ مالَ الناسُ قاطبةً *** إلـيـهِ، والـمالُ للإنسان فـتّانُ
أحـسن إذا كـان إمـكانٌ ومـقدرةٌ *** فـلن يـدومَ عـلى الإنسانِ إمكانُ
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن نكون وإياكم من المحسنين، وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتيعون أحسنه.
التعليقات