نجَحَ الحج فلنبتهِجْ

راشد بن عبد الرحمن البداح
1445/12/14 - 2024/06/20 16:32PM

3
نَجَحَ الحَجُّ فَلْنَبْتَهِجْ (راشد البداح – الزلفي) 15ذوالحجة 1445
الحمدُ للهِ الذي هَدَانا لنعمةِ الإسلامِ وكفَى بها نعمةً، والحمدُ للهِ أن جعلَنا مسلمينَ موحِدينَ، لا نسجدُ لحجرٍ، ولا نعبدُ البقرَ، والحمدُ للهِعلى تتابُعِ مواسمِ الخيراتِ والرحَماتِ. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ عليهِ وسلمَ تسليمًا كثيرًا، أما بعدُ:

فالحمدُ للهِ ثم الحمدُ للهِ، ثم الحمدُ للهِ، أن أحيانا على التوحيدِوالسُنَّةِ ببلدِ التوحيدِ والسُنةِ، فلا تجِدُ في موسمِ الحجِ تعظيمَ قبورٍ ولا بناءَ مشاهدَ، ولا شركياتٍ، ولا بِدعياتٍ ولا حزبياتٍ: ﵟمِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ هُوَ ‌سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ مِن قَبۡلُ وَفِي هَٰذَاﵞ[الحج78] 

وأما تنظيمُ الحجُ؛ فقد نَجَحَ كالمعتادِ، لا ما نَجَحَ فحسْبُ؛ بل تفوَّقَبفضلِ اللهِ. نجحَ الحجُ ورغِمَتْ أنوفُ الحاقدينَ الذينَ: ﵟقَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا ‌تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُﵞ[آل.عمران118] نجحَ الحجُ، وفشِلَ تسْيِيْسُ سياسيينَوتحزُّبُ متحزبينَ؛ لأن اللهَ لا يُضيعُ أهلَ بيتهِ الذينَ يَبذلونَ للحجِالملياراتِ ﵟفَإِنَّ ٱللَّهَ لَا ‌يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَﵞ[يوسف90]والحجُ ترعاهُ أيدٍ حانيةٌ، وأيدٍ حازمةٌ، ولأجلِ هذا حزَمُوا فمَنعُوا رُبُعَمليونٍ أرادُوا الحجَ بلا تصريحٍ.

أما الأيديْ الحانيةُ؛ فهل سمعْتَ ببرنامجِ ضيوفِ خادمِ الحرمينِالشريفينِ، فمن برامجِهِم تحجيجُ أهالِي ضحايا الحربِ في غزةَ مجاناً.

وهل شهدتَ تنوعَ وضخامةَ الخِدَماتِ التطوعيةِ، ومنهنَ مطابخُ متطورةٌيجهِزُ المطبخُ الواحدُ رُبُعَ مليونِ وجبةٍ مجانيةٍ يوميةٍ.

وهلْ بلغَكَ عن ثلاثينَ حاجاً مريضاً تم تفويجُهم من العنايةِ المركزةِبالمدينةِ فشهدُوا عرفةَ وهم داخلَ سياراتِ الإسعافِ المتطورةِ.

وهل تعلمُ أن أكثرَ من مئةِ ألفِ جنديٍ ومدنيٍ فُرِغُوا لخدمةِ الحجيجِ.

وهل رأيتَ المقاطعَ المبهجةَ المصوِّرةَ للحفاوةِ وحسنِ استقبالِ وتوديعِالحجاجِ في المطاراتِ ونقاطِ التفتيشِ والمنافذِ.

أما التفوقُ الباهرُ في إدارةِ الحشودِ المليونيةِ، وتفويجِ الحجيجِبانسيابيةٍ؛ فهو أمرٌ ظاهرٌ تسمعُه من ثناءِ الحجاجِ من مئتَيْ دولةٍ، ويمدحون بلا مصلحةٍ يرجُونَها. فالحمدُ للهِ على هذا النجاحِ المعتادِ، وعلى مغادرةِ حُجاجِ العالَمِ آمنِينَ شاكرِينَ مُثنِينَ.

نعمْ نجحَ الحجُ، فلنبتهِجْ ونحنُ في كَنَفِ الدولةِ السعوديةِ العظمَى، فأجزلَ اللهُ أجرَ ملوكِها، وأعزَهم بالإسلامِ وخدمةِ الحرمينِ، ووقاهُمُالفَتانينَ، ورحمَ اللهُ صقرَ الجزيرةِ ومؤسِسَها وموحِدَها على التوحيدِوالسُنةِ الملكَ عبدَ العزيزِ.

وإنَّ اللهَ حافِظُ دينِهِ وحُماةِ دينِهِ، وأهلِ بيتهِ. ألمْ يَقُلْ جبريلُ لأمِإسماعيلَ بعدَ أنْ أغاثَ لهفتَها: لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ.. وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ. رواهُ البخاريُ().

أيُها العائدونَ للهِ حُجاجًا، أو المُهرِيقونَ للهِ دمًا ثجاجًا: ومعَ الشكرِذِكْرٌ، فاحمدُوا رَبَكم كثيرًا، واذكروهُ كثيرًا، فربُنا تعالَى يقولُ: [فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا]. وهذهِالآيةُ عامةٌ لمن حجَّ ولمن ضحَى، فالمرادُ بقولِه: (مَنَاسِكَكُمْ) أي الحجُوالأضاحيْ().

وأما الذينَ ما وَجَدُوا ما يُنفقونَ، لا مالاً بهِ يُضحونَ، ولا سبيلاً إليهِيَحجونَ، فنسألُ اللهَ أنْ يعطيَهم بِنِيّاتِهم أجوراً كأجورِ من حجَوضحَى.

الحمدُ للهِ يُعطِينا، ويَشكرُ لنا إن أَعطَينا، والصلاةُ والسلامُ على هادِينَا، أما بعدُ:

فيا أيُها المؤمنونَ: فقد وهبَنا ربُنا بفضلهِ مواسمَ تضاعَفُ فيها الحسناتُ، ونزدادُ فيها من الصالحاتِ. لكنْ لَئِنِ انقضَى التكبيرُ فإن ذِكرَ اللهِ باقٍ، فلنكُنْ منَ {الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}.

ولئن كسِلْنا عن الاجتهادِ في العشرِ لمضاعفةِ الحسناتِ، فثمتَالتبكيرُ والمشيُ للجمعةِ والجماعاتِ.

ولئن قصّرْنا بالدعاءِ يومَ دنوِ الربِ عشيةَ عرفةَ. فثمتَ الدعاءُ المفتوحُ،والدنوُ الممنوحُ، إنه اللقاءُ المَهيبُ بالربِ –جل جلالُه– وذلكَ كلَ ليلةٍ، إنه اللقاءُالذي قَالَ عنهُ رَسُولُ اللَّهِH: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: [أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْمَلِكُ] مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ[هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ؟] [مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَرْزِقُنِي فَأَرْزُقَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَكْشِفُ الضُّرَّ فَأَكْشِفَهُ عَنْهُ؟ أَلا سَقِيمٌ يَسْتَشْفِي فَيُشْفَى] [مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ، وَلَا ظَلُومٍ. فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ]().

اللهُ أكبرُ! هذا الحديثَ ما أهيبَهُ، وما أطيبَهُ!

قالَ ابنُ القيمِ –رحمهُ اللهُ-: هذا الحديثُ يدلُّ على أن النزولَ يدومُ إلى صلاةِ الفجرِ، وعلى شهودِ اللهِ سبحانَه لقرآنِ الفجرِ، مع شهودِ ملائكةِالليلِ والنهارِ له، وهذه خاصةٌ بصلاةِ الصبحِ().

فلنُصَلِّ ولو عشرَ دقائقَ قبلَ أذانِ الفجرِ، ولنكنْ من المستغفرينَبالأسحارِ، وما دُمنا ابتُلينا بالسهرِ إلى الفجرِ، فلا نحرِم أنفسَنا من ركعاتٍ تُنيرُ لنا دروبَنا، وتمحوْ ذنوبَنا.

• فاللهم لكَ الحمدُ كالذي تقولُ وخيرًا مما نقولُ.
• اللهم لكَ صَلاتُنا ونُسكُنُا ومَحيانا ومَماتُنا، وإليكَ مآبُنا.
• اللهم وَهبتَنا مالاً، فَبَذَلْنا منه بفضلِكَ نُسُكًا ومَنْسَكًا.
• اللهم إنا عاجزونَ عن شُكرِكَ، فنُحيلُ إلى عِلمِكَ وفضلِكَ.
• اللهم اكتُبْنَا فيمَن أُعتِقَتْ رقابُهُم وكُفّرَتْ خَطيئاتُهُمْ لسَنَتَيْنِ.
• اللهم احفظْ دينَنَا وبلادَنا وأدِمْ أمنَنا، وادحرْ أعداءَنا، وأجبْ دعاءَنا.
• اللهمَّ وارحمْنا ووالدِينا، وهبْ لنا من أزواجِنا وذرياتِنا قرةَ أعينٍ.
• اللهم وفقْ وسدِّدْ وليَ أمرِنا ووليَ عهدِه لهُداكَ. واجعلْ عمَلَهما في رضاكَ. واجزِهمْ على خدمةِ الحرمينِ، واجزِ جنودَنا ومنظمِي الحجِ على الرفقِ بالحجيجِ.
• اللهم صلِ وسلمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.

المرفقات

1718890375_‎⁨نجح الحج فلنبتهج⁩.docx

1718890375_‎⁨نجح الحج فلنبتهج⁩.pdf

المشاهدات 762 | التعليقات 0