مولد النبي صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم إخوة الإيمان والعقيدة .. في مثل هذا الشهر - شهر ربيع الأول - أشرق النور وبزغ الفجر وولد خير البشر رسولنا محمد بن عبدالله ﷺ. إنه رسول الله ﷺ الرحمة المهداة والنعمة المسداة ]لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ[. إنه رسول الله ﷺ الذي زكى الله به نفوس المؤمنين، وطهَّر به قلوب المسلمين، وجعله رحمة للعالمين، وحجة على الخلائق أجمعين، صلوات الله وسلامه عليه دائمًا أبدًا إلى يوم الدين. لقد كانت ولادته فتحًا، وبعثته فجرًا، هدى الله به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وأرشد به من الغواية، وفتح الله به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غُلفًا، وكثَّر به بعد القلة، وأعزَّ به بعد الذِّلة. إنه رسول الله ﷺ خليل الرحمن، وصفوة الأنام، لا طاعة لله إلا بطاعته ]مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ[ لا يتم الإيمان إلا بتحقيق محبته؛ قال النبي ﷺ (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ). إنه رسول الله ﷺ أعلى الخلق أخلاقًا، وأعظمهم أمانةً، وأصدقهم حديثًا، وأجودهم نفسًا، وأسخاهم يدًا، وأشدهم صبرًا، وأعظمهم عفوًا. إنه رسول الله ﷺ شرح الله صدره ورفع ذكره، ووضع وزره وأتم أمره، وأكمل دينه وأبر يمينه، ما ودَّعه ربه وما قلاه، بل وجده ضالًا فهداه، وفقيرًا فأغناه، ويتيمًا فآواه، وخيَّره بين الخلد في الدنيا وبين أن يختار ما عند الله، فاختار لقاء الله. إنه رسول الله ﷺ خير من وطئ الثرى، وأول من تُفتح له الفردوس الأعلى؛ يقول النبي ﷺ (أنا سَيِّدُ ولَدِ آدَمَ يَومَ القِيامَةِ، وأَوَّلُ مَن يَنْشَقُّ عنْه القَبْرُ، وأَوَّلُ شافِعٍ وأَوَّلُ مُشَفَّعٍ). إنه رسول الله ﷺ آتاه الله جوامع الكلم، وأعطاه بدائع الحِكَم؛ يقول أبو هريرة t: ما رأيت شيئًا أحسن من رسول الله ﷺ كأن الشمس تجري في وجهه. إنه الحبيب المصطفى والرسول المجتبى الذي، بعثه الله جل علا؛ ليخرج الأمة من الوثنية والظلام إلى التوحيد والإسلام، وينقذ الناس من التناحر والتفرق والآثام، إلى العدل والمحبة والوئام. بلغ العلى بكماله، كشف الدجى بجماله، حسنت جميع خصاله، صلوا عليه وسلموا. عباد الله .. لقد كان العرب قبل بعثته صلى الله عليه وسلم يعيشون في جاهلية جهلاء، يعيثون في الأرض كالأنعام، يعبدون الأصنام ويستقسمون بالأزلام، يأكلون الميتات ويئدون البنات، ويسطو القوي منهم على الضعيف. ثم أذِن الله لليل أن ينجلي، وللصبح أن ينبلج، وللظلمة أن تنقشع، وللنور أن يشعشع؛ فأرسل الله رسوله الأمين الرؤوف الرحيم بالمؤمنين، أفضل البرية وأشرف البشرية ]لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[ فاختاره الله للنبوة واجتباه، وأحبه للرسالة واصطفاه ﷺ. عباد الله .. اقرؤوا عن حياته ومعاملاته وعباداته وغزواته، وهديه مع أهله وطريقته مع أصحابه، وسلوكه مع أعدائه، وتعرفوا على حياته اليومية: كيف كان يأكل، وكيف كيف كان ينام، وكيف كان يفعل في أموره كلها. فإن سيرته ﷺ دواء للقلوب وصلاح للعقول، وشفاء للنفوس، وهي التطبيق العملي، والنموذج الحي للقرآن الكريم، كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، كأنَّه قرآنًا يمشي على الأرض. اللهم صل وسلِّم على نبينا محمد ... أقول ما تسمعون، وأستغفر الله ...         الحمد لله رب العالمين ... معاشر المؤمنين ... في هذا الشهر المبارك، شهر ربيع الأول، حدث حدثان عظيمان على مستوى تاريخ البشرية، حدثان جليلان كان لهما الأثر العظيم على حياتنا وعلى حياة الناس أجمعين. أما الحدث الأول فهو مولد محمد ﷺ، سطوع الشمس المحمدية في سماء البشرية، مولد خير خلق الله أجمعين، سيد الأنبياء وخاتم المرسلين، الصادق الأمين، حبيب وخليل رب العالمين. فالمتفق بين العلماء أنه ﷺ وُلِد يوم الاثنين في شهر ربيع الأول من عام الفيل. لكنهم اختلفوا في تحديد اليوم الذي ولد فيه النبي ﷺ. وعندما سُئِل ﷺ عن سبب صيامه ليوم الاثنين، قال (ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ) فالنبي ﷺ عظَّم يوم ولادته بالصيام لا بالاحتفال النبوي، فلماذا نترك السنة التي فعلها النبي ﷺ في يوم ولادته وهي الصيام ونفعل البدعة وهي الاحتفال بمولد النبي ]أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ[ يقول عبدالله بن مسعود t: اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كُفيتم. إن الاحتفال بموالد العظماء والصالحين عادة أخذها بعض المسلمين من النصارى عندما رأوهم يحتفلون بميلاد عيسى عليه السلام، فقلدوهم في ذلك ظنًّا منهم أن في هذا تعظيمًا للنبي ﷺ، ونسوا أن النبي ﷺ نهانا عن التشبه بهم، وخاصة في أعيادهم ومناسباتهم الدينية. ثم توسع الأمر وأحدث الرافضة الشيعة موالد أخرى إضافة إلى مولد النبي ﷺ، مولدًا لعلي ومولدًا للحسن ومولدًا للحسين، ومولدًا لفاطمة رضي الله عنهم جميعًا. واليوم فقد توسع الأمر أكثر وأكثر عند البعض، فيقيم كل سنة حفلة عيد ميلاد لعمره، ولربما بالغ البعض فيدعو إليه حفلته بعض الفجار والمطربون والممثلون لإلقاء الألحان والترانيم؛ كما نشاهده في وسائل الإعلام، وصدق ﷺ حيث قال (فإنه من يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ) فتسمكوا بوصية النبي ﷺ. أسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ...
المرفقات

1664525012_مولد النبي صلى الله عليه وسلم.docx

1664525023_مولد النبي صلى الله عليه وسلم.pdf

المشاهدات 818 | التعليقات 0