مِنْ نِعَمِ اللَّهِ علينا في بلادنا

عايد القزلان التميمي
1444/02/26 - 2022/09/22 12:49PM

خطبة الجمعة

بعنوان

مِنْ نِعَمِ اللَّهِ علينا في بلادنا المملكة العربية السعودية  

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ ، أَسْبَغَ عَلَيْنَا نِعْمَه ظَاهِرَةً وَبَاطِنَه وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وأصحابه وَسَلَّمَ تسليمًا كثيراً

أَمَّا بَعْدُ فأوصيكم وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ فِي السِّرِّ والعلن .

عِبَادَ اللَّه إنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْبِلَادِ لَا تُعدّ وَلَا تُحْصَى ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (( وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ )) وَهَذَا مِنْ فَضْلِ رَبَّنَا وَكَرَمِه ومِنَّتِه .

وَمِنْ أَعْظَمِ هَذِهِ النِّعَمَ وَأَهَمِّهَا انْتِشَارَ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَنَبْذِ الشِّرْكِ فَلَا يُوجَدُ قُبُور وَلَا أضرحة تُعبد مِنْ دُونِ اللَّهِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ((  وَأَنَّ ٱلْمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدًا )).

وَبِتَحقِيقِ التوحيد يَحصُلُ الهُدَى وَالأَمنُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ سُبحَانَهُ: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَلم يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ أُولَئِكَ لهمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدُونَ)) .

عباد الله:  إنّ صاحبَ الإيمان الحقيقيّ والعقيدة الصحيحة والتوحيد السّالم من الشّرك والبِدعِ يجعل اللهُ لهُ مَخْرَجًا أي: فرَجًا وخلاصًا من الشّدائِد والمِحن والفِتن، قال تعالى: (( وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً  وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ )).

فَأَهْلُ التّوحيد الْخَالِص وَالْإِيمَان الصّحيح يفوزون بدفاع اللَّهِ عَنْهُمْ (( إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)).

عِبَادَ اللَّه ومِن النِّعَمِ عَلَى هَذِهِ الْبِلَادِ الْمَمْلَكَة العَرَبِيَّة السَّعُودِيَّة أنّ فِيهَا بَيْت اللَّهِ الحرَام ، قِبلة الْمُسْلِمِين ومَهوى أَفْئِدَتِهِم ، قال اللهُ تعالى (( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ))

وَكَذَلِكَ مَنْ النِّعَمِ عَلَيْنَا فِي بِلَادِنَا أَنَّ فِيهَا مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاَلَّذِي جَعَلَ اللَّهُ الصلاةَ فِيه أفضلَ مِن ألفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلاّ المسجدَ الْحَرَام .

عِبَادِ اللَّهِ ومِن النِّعَم عَلَيْنَا فِي بِلَادِنَا أَنَّ فِيهَا الْمَحَاكِم الشرعيّة الَّتِي تَحَكُّمٌ بالشّرع فِي الْأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ وَالْحُدُود وَالْمُنَازَعَات وَالْقَضَايَا ، وَيَسْتَوِي أمامَ هَذِه الْمَحَاكِم الملِك فمَن دُونَه.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وممّا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى هَذِهِ الْبِلَادِ الأمنُ المستتبّ الَّذِي يأمَن النَّاسُ فِيهِ عَلَى دمائِهم وأموالِهم وَمَصَالِحَهُم الدينيّة والدنيويّة ، وَاَلَّذِي صَارَتْ فِيهِ مضربَ الْمِثْلِ فِي الْعَالَمِ ، وفاقت هَذِهِ الْبِلَادِ فِي الْأَمْنِ غيرَها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)) رواه البخاري في "الأدب المفرد.

عِبَادَ اللَّه: وممّا منّ اللَّهُ بِهِ عَلَى هَذِهِ الْبِلَادِ إِظْهَار شَعَائِر الْإِسْلَامِ وَمَنْ ذَلِكَ : الْأَذَان ، وَإِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ جَمَاعَةٌ ، وَصَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ ، وَالْكُسُوف ، وَالْعِيد ، وَالتَّرَاوِيح ، وَزَكَاةُ الْفِطْرِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ، وَمَنَاسِك الْحَجّ ، وَذَبَح الْأَضَاحِيّ ، وحِلَق الْقُرْآن ، وَالْقَضَاء الشَّرْعِيّ ، وَرِعَايَة الأعْمالِ الخَيْرِيَّةِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الشَّعَائِرِ. وقد قال الله تعالى في ذلك (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ)

وقال تعالى (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ)

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : لَيْسَتْ هَذِهِ النِّعَمَ وَحْدَهَا مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْبِلَادِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ النِّعَمَ مِنْ أَجْلِ النِّعَمِ وَأَعْظَمِهَا ، غَيْرِ أَنْ هُنَاكَ نعمًا أُخْرَى ؛ كَنِعْمَة اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَوَحْدَة الصِّف وَطَاعَة وُلَاةِ الْأُمُورِ ، سِمَة ظَاهِرَةٌ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ الْمُبَارَكَة ، وَكَذَلِك نِعْمَة الرَّخَاء الاقْتِصَادِيّ وَالنَّمَاء المعيشي ، وَنِعْمَة الْأَمْنِ عَلَى الأَنْفُسِ وَالْإِعْرَاض وَغَيْرِهَا كَثِير وَالْحَمْدُ لِلَّه.  

أيها المؤمنون: أَن دِينِنَا الإسلاميّ يُوجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نكونَ مَعَ وُلَاةِ أمرِنا يدًا وَاحِدَة وصفًّا موحّدًا وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى الوَطَن ومكتسباته وَأَمَنَهِ وَاسْتِقْرَارِه والتَّصَدِّي لِكُلّ فَاسِدٌ وَحَاسِد ومخادع يُرِيد شَقّ الصَّفّ وَتَفْرِيق الْجَمَاعَة (( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ ))

وقال سبحانه (( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)).

عِبَادَ اللَّه : وتذكروا مَا كَانَ عَلَيْهِ أَسْلافَكُم فِي هَذِهِ الْبِلَادِ إلَى عَهْدِ قَرِيبٍ مِنْ جَهِلٍ وَفَقْرٍ وَذِلَّةٍ وتناحر وَتَفَرّقٍ حَتَّى منّ اللَّهُ عَلَى أَهْلِهَا بِمَن وحَّدَ عَلَى يَدَيْهِ كَلِمَتَها وَجَمَع شَمْلَهَا وَأَعَزَّ اللَّهُ بِهِ شَأْنَهَا فَاجْتَمَعَت الْقُلُوبُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَاتَّحَدَت الْكَلِمَةُ بَعْدَ الِاخْتِلَافِ ورفرفرت رَايةَ التَّوْحِيد وَالسُّنَّة وَتَمّ الْحُكْم بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ  * }

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم

... الخطبة الثانية

الحمدُ لله له الحمدُ في الأولى والآخرة, والشكر لله على نعمٍ كبرى متتابعة, هدانا بعد ضلالة, وأغنانا بعد فقر, وجمعنا بعد فرقة, وألف بين قلوبنا بعد عداوة, وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن نبينا محمدًا عبدُ الله ورسولُه, صلى الله عليه وعلى آله وسلّم تسليما كثيرا .

أَمَّا بَعْدُ

فَيَا عِبَادَ اللَّهِ

وَاعْلَمُوا أَنَّ تِلْكَ النِّعَمِ هِي فَضَلٌ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثَرٌ مِنْ آثَارِ رَحْمَتِه وُجُودِه وَكَرَمِه فَهُوَ سُبْحَانَهُ وَحْدَه المانّ بها على عباده (( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ )) .

وَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَشْكُر اللَّهَ عَلَى نِعَمِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ وَأن نَحْرِص كُلّ الْحِرْصِ عَلَى اسْتِمْرَارِ النِّعَم وَدَوَامِهَا وَذَلِك بِشُكْرِ الْمُنْعِمِ سُبحانه قال الله عز وجل (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) .

وَيَكُونُ الشُّكْرُ بِالْجَوَارِح وَذَلِك بِالْقِيَام بِطَاعَةِ اللَّهِ وَاجْتِنَاب مَعْصِيَتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى لِآل دَاوُد ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ .

أيها المؤمنون : وقد قصّ الله عز وجل علينا في كتابِه أخبارَ أممٍ كَفَرَتْ بِنِعِمِ الله، فَأذَاقَهَا اللهُ من عذابِه قال الله سبحانه : (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ) .

وقال الله تعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)

فكفران النِّعَم يُهلك الْأُمَم كَمَا أَنَّ شُكْرَان النِّعَم يُثَبِّتُهَا وَيَزِيدُهَا وينميها .

اللهم إنا نسألك شُكْرَ نِعْمَتِك ونَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ

عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ....

المرفقات

1663840159_من نِعِم الله علينا في بلادنا المملكة العربية السعودية 27-2-1444.docx

المشاهدات 1974 | التعليقات 0