من خصائص وأحكام يوم الجمعة

عايد القزلان التميمي
1444/02/13 - 2022/09/09 06:42AM
الحمد لله الذي جعل يوم الجمعة خير وأفضل وسيد الأيام. أحمده سبحانه و أشكره إذ هدى لهذا اليوم أمة الإسلام، وأضل عنه اليهود والنصارى، فلم يوفقوا له على الدوام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك القدوس السلام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، خير مرسل وأكمل إمام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما
أما بعد
فأوصيكم أيها المؤمنون ونفسي بتقوى الله .
عباد الله: حديثنا اليوم عن خيرِ يومٍ طلعت فيه الشمس، فيه خُلِق آدم، وفيه أُدخِل الجنة، وفيه أُخرِج منها، ولا تقوم الساعة إلا فيه، وهو يوم الجمعة أعظم الأيام عند الله قدرًا، وأجلِّها شرفًا، وأكثرها فضلًا؛ وهو اليوم الذي اصطفاه الله تعالى على غيره من الأيام، واختص الله به أمة الإسلام.
أيها المؤمنون :
قال ابن القيِّمِ رحمه الله: في تعظيم يوم الجمعة وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعظيم هذا اليوم وتشريفه، وتخصيصه بخصائص منها: أنه يقرأ في فجره بـ {الم} (السجدة) و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} فإنهما تضمنتا ما كان وما يكون في يومها.(أي يوم القيامة).
ومن خصائص يوم الجمعة : استحباب كثرة الصلاة فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ليلته، لأن كُلَّ خَيْرٍ نَالَتْهُ أُمَّتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فعلى يديه، وأعظم كرامة تحصل لهم يَوْمَ الْجُمُعَةِ: فَإِنَّ فِيهِ بَعْثَهُمْ إِلَى مَنَازِلِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ يَوْمُ الْمَزِيدِ لَهُمْ إِذَا دخلوها، وقربهم من ربهم يوم القيامة، وسبقهم إلى الزيادة بِحَسْبِ قُرْبِهِمْ مِنَ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَتَبْكِيرِهِمْ إليها.
ومن خصائص يوم الجمعة : الاغتسال فِي يَوْمِهَا، وَهُوَ أَمْرٌ مُؤَكَّدٌ جِدًّا، ومنها: الطيب والسواك، ولها مزية فيه على غيره.
ومنها التبكير، والاشتغال بذكر الله تعالى، والصلاة حتى خروج الإمام.
ومنها: الإنصات للخطبة وجوبا. ومنها: قراءة (الجمعة) و (المنافقين) أو (سبح) و (الغاشية)
ومنها: أن يلبس فيه أحسن ثيابه.
ومنها: أن للماشي إليها بكل خطوة عمل سنة، أجر صيامها وقيامها.
ومنها: أنه يكفر السيئات.
ومنها: ساعة الإجابة.
وكان صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ ومساكم.
«وكان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: " أما بعد» ، ويقصر الخطبة، ويطيل الصلاة،
وَكَانَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ فِي خُطْبَتِهِ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعَهُ، وَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ فِي خُطْبَتِهِ إِذَا عَرَضَ له أمر، كَمَا أَمَرَ الدَّاخِلَ وَهُوَ يَخْطُبُ أَنْ يُصَلِّيَ ركعتين، وإذا رأى بهم ذا فاقة من حاجة، أمرهم بالصدقة، وحضهم عليها.
وكان يشير في خطبته بإصبعه السبابة عند ذكر الله ودعائه.
وكان صلى الله عليه وسلم يستسقي إذا قحط المطر في خطبته، ويخرج إذا اجتمعوا، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا صَعِدَ المنبر، استقبلهم بوجهه، وسلم عليهم ثُمَّ يَجْلِسُ، وَيَأْخُذُ بلال فِي الْأَذَانِ، فَإِذَا فرغ، قام وخطب، ويعتمد على قوس أو عصا، وَكَانَ مِنْبَرُهُ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ قَبْلَ اتِّخَاذِهِ يخطب إلى جذع، ولم يوضع المنبر في وسط المسجد، بل في جانبه الغربي، بينه وبين الحائط قدر ممر شاة، وكان إذا جلس عليه في غير الجمعة، أو خطب قائما يوم الجمعة، استدار أصحابه إليه بوجوههم،
وَكَانَ يَقُومُ فَيَخْطُبُ، ثُمَّ يَجْلِسُ جِلْسَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ الثَّانِيَةَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا أخذ بلال في الإقامة.
وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بالدنو منه والإنصات، ويخبر أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ: أَنْصِتْ. فَقَدْ لغا، ومن لغا فلا جمعة له.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة دخل مَنْزِلِهِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ سُنَّتَهَا، وَأَمَرَ مَنْ صَلَّاهَا أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهَا أربعا.
قال شيخنا ابن تيمية : إذا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ صَلَّى أَرْبَعًا، وَإِنْ صَلَّى في بيته صلى ركعتين. انتهى كلام ابن القيم رحمه الله[1] .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (8/242) : "لا يجوز تشميت العاطس ولا رد السلام والإمام يخطب على الصحيح من أقوال العلماء لأن كلاًّ منهما كلام وهو ممنوع والإمام يخطب لعموم الحديث" اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين : "السلام حال خطبة الجمعة حرام فلا يجوز للإنسان إذا دخل والإمام يخطب الجمعة أن يسلم ورده حرام أيضاً" اهـ . فتاوى ابن عثيمين (16/100) .
وأيضاً لا يجوز مسّ الحصا أي تسويته بالأرض بيده أو اللعب بيده على فرش المسجد أو العبث بالهاتف الجوال أو السواك أو شرب الماء إلا لحاجة لأن هذا من العبث الذي يُشغل عن سماع الخطبة ويُذهب الخشوع فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((من مس الحصا فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له)) .
فانتبه يا عبد الله، لا تفسد جمعتك بعبث أو غيره، توجه بسمعك وقلبك إلى الخطبة، ولا تتكلم حال الخطبة.
عباد الله ويحرم على الداخل للمسجد أن يتخطى رقاب الناس فقد جَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّىٰ رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ٱجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ)) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح، ومعنى: (آنيت): أي أخرت المجيء و:(آذيت) بتخطيك الرقاب، ولا سيما إذا كان التخطي وقت الخطبة لأن فيه أذية للناس وإشغالا لهم عن استماع الخطبة فتكون المضرة به واسعة،
وإن من كبائر الذنوب ـ يا عباد الله ـ أن يتخلف المسلم عن حضور الجمعة من غير عذر شرعي، فقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ، أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ علَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ ))
فاتقوا الله عباد الله، ولتغتنموا يوم الجمعة بالأعمال الصالحة التي تقربكم إلى الله تعالى، يقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) .
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ، أمر بالدعاء ، ووعد بالإجابة ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،  وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد
فيا عباد الله
ومن أحكام يوم الجمعة أنه لا يجوز جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة، لا في مطر، ولا في سفر، لعدم ورود مثل هذا الجمع عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه ــ رضي الله عنهم ــ، ولا عن التابعين ــ رحمهم الله ــ.
ومن خصائص يوم الجمعة اغتنام ساعة الإجابة ، فعن أبي هريرة رضي لله عنه أن رسول الله  ذكر يوم الجمعة فقال: ((فِيه سَاعَةٌ لا يُوَافِقها عَبْدٌ مُسلِمٌ، وَهُو قَائِمٌ يُصَلِّي يسأَلُ اللَّه شَيْئًا، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاه وَأَشَارَ بِيدِهِ يُقَلِّلُهَا)) متفقٌ عليه.
 
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي  قال: ((التَمِسوا السَّاعةَ الَّتي تُرجَى في يومِ الجمُعةِ بعدَ العصرِ إلى غَيبوبةِ الشَّمسِ)) صححه الألباني .
فاحرصوا ــ سدَّدكم الله ــ على أنْ تُشغلوا أنفسكم في هذه الساعة بدعاء الله ــ عزَّ وجلَّ ــ، وذِكره، وعدم التفريط في ذلك .
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ..... ___________        _____________     ________________        

[1] مختصر زاد المعاد للشيخ محمد بن عبد الوهاب (29-31)
المرفقات

1662694892_من خصائص وأحكام يوم الجمعة 13-2-1444.docx

المشاهدات 519 | التعليقات 0