من ثمرات الإيمان (مستفادة من كتاب: تيسر اللطيف المنان، للعلَّامة السعدي)

محمد بن عبدالله التميمي
1446/02/18 - 2024/08/22 10:59AM

من ثمرات الإيمان الخطبة الأولى الحمد لله رب العالمين، اختصَّ عبادَه المؤمنين، بالحياةِ الطيبةِ وأَحْسَنِ جزاءِ العامِلِين، أشهدُ ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تولَّى أهلَ الإيمان بالحفظِ والنصرِ والتمكين، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه إلى الثَّقَلَيْن، صلى الله وسلَّمَ عليه وعلى آلِه وصحبِه والتابعين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.. أما بعد: فاتَّقُوا اللهَ وآمِنُوا.. تحقيقًا للإيمانِ وزيادةً له وحفظًا من النُّقصان، واعْلَمْوا أَنَّ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ ثَمَرَاتِ الْإيمَانِ الصَّحِيحِ، وَبِهِ يَحْيَا العَبْدُ حَيَاةً طَيِّبَةً فِي الدَّارَيْنِ، وَبِهِ يَنْجُو مِنَ الْمَكَارِهِ وَالشُّرُورِ، وَبِهِ تَخِفٍّ الشَّدَائِدِ، وَتُدْرَكُ جَمِيعُ الْمُطَالِبِ، وإِنَّ مَعْرِفَةَ فَوَائِدِ الإيمَانِ وَثَمَرَاتِهِ مِنْ أكْبَرِ الدَّوَاعِي إِلَى التَّزَوُّدِ مِنْهُ. فَمِنْ ثَمَرَاتِ الْإيمَانِ: أَنَّهُ سَبَبُ رِضَا اللهِ الَّذِي هُوَ أكْبَرُ شَيْءٍ، فَمَا نَالَ أحَدٌ رِضَا اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا بِالْإيمَانِ، وَإِذَا رَضِيَ اللهُ عَنِ الْعَبْدِ قَبِلَ الْيَسِيرَ مِنْ عَمَلِهِ وَنَمَّاهُ، وَغَفَرَ الْكَثِيرَ مِنْ زَلَـلِه وَمَحَاهُ. وَمِنْهَا: أَنَّ ثَوَابَ الْآخِرَةِ وَدُخُولَ الْجَنَّةِ وَالتَّنَعُّمَ بِنَعِيمِهَا، وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ وَعِقَابِهَا، إِنَّمَا يَكُونُ بِالإيمَانِ، فَأهْلُ الْإيمَانِ هُمْ أهْلُ الثَّوَابِ الْمُطْلَقِ، وَهُم النَّاجُونَ مِنْ جَمِيعِ الشُّرُورِ. وَمِنْهَا: أَنَّ اللهَ يَدْفَعُ وَيُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمنوا شُرُورَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَيَدْفَعُ عَنْهُمْ كَيَدِ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَلِهَذَا قَالِ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾، وَلَمَّا ذَكَرَ إنجاءه ذَا النُّونِ -عليه السلام- قَالَ: ﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾، أَيَّ: مِنَ الشَّدَائِدِ وَالْمَكَارِهِ إِذَا وَقَعُوا فِيهَا. وَالْإيمَانُ بِنَفْسِهُ وَطَبِيعَتِهُ يَدْفَعُ الْإقْدَامَ عَلَى الْمَعَاصِي، وَإِذَا وَقَعَتْ مِنَ الْعَبْدِ دَفَعَ عُقُوبَاتِهَا بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى التَّوْبَةِ، كَمَا قَالَ ﷺ:«لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنُ». وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾. وَمِنْهَا: أَنَّ اللهَ وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ الْقَائِمِينَ بِالْإيمَانِ حَقِيقَةً بِالنَّصْر، فَمَنْ قَامَ بِالْإيمَانِ وَلَوَازِمِهِ وَمُتَمِّمَاتِهِ فَلَهُ النَّصْرُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنَّمَا يَنْتَصِرُ أَعْدَاءُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهُمْ إِذَا ضَيَّعُوا الْإيمَانَ، وَضَيَّعُوا حُقوقَهُ وَوَاجِبَاتِهِ الْمُتَنَوِّعَةِ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْهِدَايَةَ مِنَ اللهِ لِلْعِلْمَ وَالْعَمَلَ هِي بِحَسْبُ الْإيمَانِ وَالْقِيَامِ بِحُقوقِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾. وَمَعْلُومٌ أَنَّ اِتِّبَاعَ رِضْوَانِ اللهِ- الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ الْإِخْلَاَصِ- هُوَ رَوْحُ الْإيمَانِ وَسَاقُهِ الَّذِي يَقُومُ عَلِيْهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ فَهَذِهِ هِدَايَةٌ عَمَلِيَّة، هِدَايَةُ تَوْفِيقٍ وَإِعَانَةٍ عَلَى الْقِيَامِ بِوَظِيفَةِ الصَّبْرِ عِنْدَ حُلُولِ الْمَصَائِبِ، عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ عِنْدَ اللهِ فَرَضِيَ وَسَلَّم وَانْقَادَ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُؤْمِنَيْنِ بالله وَبِكَمَالِهِ وَعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَمَجْدِهِ أعْظَمَ النَّاسِ يَقِينًا وَطُمَأْنِينَةً وَتَوَكُّلًا عَلَى اللهِ، وَثِقَةً بِوَعْدِهِ الصَّادِقِ، وَرَجَاءً لِرَحِمَتِهُ، وَخَوْفًا مِنْ عِقَابِهِ، وَأَعْظَمُهُمْ إجْلَالًا لله وَمُرَاقِبَةً، وَأَعْظَمُهُمْ إِخْلَاَصًا وَصِدْقًا. وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقُومَ بِالْإِخْلَاَصِ لله وَلِعِبَادِ اللهِ وَنَصِيحَتِهِمْ عَلَى وَجْه الْكَمَالِ إِلَّا بِالْإيمَانِ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ تَحْمِلُهُ عُبُودِيَّةُ اللهِ، وَطَلَبُ التَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ، وَرَجَاءُ ثَوَابِهِ، وَالْخَشْيَةُ مِنْ عِقَابِهِ عَلَى الْقِيَامِ بِالْوَاجِبَاتِ الَّتِي لله، وَالَّتِي لِعِبَادِ اللهِ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْإيمَانَ أكْبَرُ عَوْنٍ عَلَى تَحَمَّلِ الْمَشَقَّاتِ، وَالْقِيَامِ بِأَعْبَاءِ الطَّاعَاتِ، وَتَرَكِ الْفَوَاحِشِ، الَّتِي فِي النُّفُوسِ دَاعٍ قَوِيٌّ إِلَى فِعْلِهَا. وَمِنْهَا: أَنَّ الْعَبْدَ لَا بَدَّ أَنْ يُصَابُ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ، وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، وَهُوَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَجْزَعَ وَيَضْعُفَ صَبْرُهُ، فَيَفُوتُهُ الْخَيْرُ وَالثَّوَابُ، وَيَسْتَحِقُّ عَلَى ذَلِكَ الْعِقَابِ، وَمُصِيبَتُهُ لَمْ تُقْلِعْ وَلَمْ تَخِفّ، بَلِ الْجَزَعُ يَزِيدُهَا. وَإِمَّا أَنْ يَصْبِرَ فَيَحْظَى بِثَوَابِهَا، وَالصَّبْرُ لَا يَقُومُ إِلَّا عَلَى الْإيمَانِ؛ فَالْمُؤْمِنُونَ أعْظَمُ النَّاسِ صَبْرًا وَيَقِينًا وَثبَاتًا. وَمِنَ الثَّمرات: أَنَّ الْإيمَانَ يُوجِبُ لِلْعَبْدِ قُوَّةَ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ، لِعِلْمِهِ وَإيمَانِهِ أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى اللهِ وَمُنْدَرِجَةٌ فِي قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وَأَنَّ مَنِ اِعْتَمَدَ عَلَيْهِ كَفَاه، وَمِنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ فَقَدْ تَوَكَّلَ عَلَى الْقَوِيِّ الْعَزِيزِ الْقَهَّارِ. والْمُؤْمِنُ لِقُوَّةِ إيمَانِهِ وَرَغْبَتِهِ فِيمَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الخَيْرِ يَسْلُكُ إِلَى رَبِّهِ وَيَنْفُذُ إِلَيْهِ مَعَ كُلِّ سَبَبٍ وَطَرِيقٍ، فَيَسْتَخْرِجُ مِنَ الـمُبَاحَاتِ بِنِيَّتِهِ وَصَدْقِ مَعْرِفَتِهِ وَلُطْفِ عِلْمِهِ بَابًا مُعِيْنًا عَلَى الْخَيْرِ، مُجِمًّا لِلنَّفْسَ، مُسَاعِدًا لَهَا عَلَى الْقِيَامِ بِحُقوقِ اللهِ وَحُقوقِ عِبَادِهِ الوَاجِبَةِ وَالمُسْتَحَبَّةِ، فَيَكُونُ هَذَا المُبَاحُ حَسَنًا فِي حَقِّهِ، عِبَادَةً لله، لِمَا صَحِبَهُ مِنَ النِّيَّةِ الصَّادِقَةِ، حَتَّى أَنَّ بَعْضَ المُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ فِي إيمَانِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ رُبَّمَا نَوَى فِي نَوْمِهِ وَرَاحَاتِهِ وَلِذَاتِهِ التَّقَوِّيَ عَلَى الْخَيْرِ، وَتَرْبِيَةَ البَدَنِ لِفِعْلِ العِبَادَاتِ، وَرُبَّمَا نَوَى فِي اِشْتِغَالِهِ فِي المُبَاحَاتِ أَوْ بَعْضِهَا الاِشْتِغَالَ عَنِ الشَّرِّ. وَرُبَّمَا نَوَى بِمُعَاشَرَتِهِ الْحَسَنَةِ إدْخَالَ السُّرُورِ وَالْاِنْبِسَاطِ عَلَى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَ الْإيمَانِ وَلَوَازِمِهِ، وَلَمَّا كَانَ الْإيمَانُ بِهَذَا الوَصْفِ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. وَمِنْهَا: أَنَّ الْإيمَانَ يُشَجِّعُ الْعَبْدَ، وَيَزِيدُ الشِّجَاعَ شِجَاعَةً، فَإِنَّهُ لِاِعْتِمَادِهِ عَلَى اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ وَلَقْوَةِ رَجَائِهِ وَطَمَعِهِ فِيمَا عِنْدَهُ تُهَوْنُ عَلَيْهِ الْمَشَقَّاتِ، وَيُقْدِمُ عَلَى الْمَخَاوِفِ وَاثِقًا بِرَبِّهِ، رَاجِيًا لَهُ، رَاهِبًا مِنْ نُزُولِهِ مِنْ عَيْنِهِ؛ لِخَوْفِهِ مِنَ المَخْلُوقِينَ ؛ وَمِنِ الْأسْبَابِ لِقُوَّةَ الشَّجَاعَةِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَعْرِفُ رَبَّهُ حَقًّا، وَيَعْرِفُ الْخَلْقَ حَقًّا، فَيَعْرُفُ أَنَّ اللهَ هُوَ النَّافِعُ الضَّارُّ، الْمُعْطِي الْمَانِعُ، الَّذِي لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا هُوَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا هُوَ، وَأَنَّهُ الْغَنِيُّ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَأَنَّهُ أَرَحِمُ بِعِبَادِهِ مِنَ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا، وَأَلْطُفُ بِهِ مِنْ كُلِّ أحَدٍ. وَمِنَ الثَّمرات: أَنَّ الْإيمَانَ هُوَ السَّبَبُ الْأعْظَمُ لِتَعَلُّقِ القَلْبِ بالله فِي جَمِيعِ مَطَالِبِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ؛ وَفِي مُقَابَلَةِ هَذَا يَدْعُو إِلَى التَّحَرُّرِ مِنْ رِقِّ القَلْبِ لِلْمَخْلُوقِينَ، وَمِنِ التَّعَلُّقِ بِهُمْ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْإيمَانَ يَدْعُو إِلَى حُسْنِ الْخُلُقِ مَعَ جَمِيعِ طَبَقَاتِ النَّاسِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنَيْنِ إيمَانًا أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا»، وَجِمَاعُ حُسْنِ الْخُلُقِ: أَنْ يَتَحَمَّلَ الْعَبْدُ الْأَذَى مِنْهُمْ، وَيَبْذُلُ إِلَيْهِمْ مَا اسْتَطَاعَ مِنَ الْمَعْرُوفِ الْقَوْلِيِّ وَالْبَدَنِيِّ وَالْمَالِيِّ، وَأَنْ يُخَالِقَهُمْ بِحَسْبُ أَحْوَالِهِمْ بِمَا يُحِبُّونَ إِذَا لَمْ يَكْنِ فِي ذَلِكَ مَحْذُورِ شَرْعِيِّ، وَأَنْ يَدْفَعَ السَّيِّئَةَ بِالَّتِي هِي أَحْسَن، وَلَا يَقُومُ بِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ الْكُمَّلُ؛ قَالَ تَعَالَى:﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾. وَمِنْهَا: أَنَّ الْإيمَانَ الْكَامِلَ يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ النَّارِ بِالْكُلِّيَّةِ، كَمَا مَنَعَ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ عَمَلِ الْمَعَاصِي، وَمِنِ الْإِصْرَارِ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُ مِنْهَا. وَمِنْهَا: أَنَّ الْإيمَانَ يُوجَبُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَكْوُنَّ مُعْتَبَرًا عِنْدَ الْخَلْقِ أَمِيْنًا، وَيُوجَبُ لِلْعَبْدِ الْعِفَّةَ عَنْ دِمَاءِ النَّاسِ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ؛ وَفِي الْحَديثِ: «الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ». باركَ اللهُ لِيْ ولَكُم في القرآن والسنَّة، وثبَّتنا على التوحيد فهو جُنَّة، وزادنا إيمانا رافعًا في درجاتِ الجَنَّة، أقول قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائر الأمة، فاستغفروه إنه غفورٌ رحيمٌ عظيمُ المِنَّة.
الخطبة الثانية الحمد للهِ وَلِيِّ المؤمنين، أشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيْكَ له مِنَ العالَمِين، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه الأَمِيْن، صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين، أما بعد: فإِنَّ قَوِيَّ الْإيمَانِ يَجِدُ فِي قَلْبِهِ مِنْ ذَوْقِ حَلَاَوَتِهِ وَلَذَّةِ طَعْمِهِ وَاِسْتِحْلَاءِ آثَارِهِ، وَالتَّلَذُّذِ بِخِدْمَةِ رَبِّهِ، وَأَدَاءِ حُقوقِهِ وَحُقوقِ عِبَادِهِ: مَا يُزْرِي بِلَذَّاتِ الدُّنْيَا كُلِّهَا بِأَسْرِهَا، فَإِنَّهُ مَسْرُورٌ وَقْتَ قِيَامِهِ بِوَاجِبَاتِ الإيمَانِ وَمُسْتَحَبَّاتِهِ، وَمَسْرُورٌ بِمَا يَرْجُوهُ وَيُؤَمِّلُهُ مِنْ رَبِّهِ مِنْ ثَوَابِهِ وَجَزَائِهِ الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ، وَمَسْرُورٌ بِأَنَّهُ رَبِحَ وَقْتَهُ الَّذِي هُوَ زَهْرَةُ عُمَرِهِ وَأَصْلُ مَكْسَبِهِ، وَمَحْشُوٌّ قَلْبُهِ أَيْضًا مِنْ لَذَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِرَبِّهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِكَمَالِهِ وَكَمَالِ بِرِّهِ، وَسَعَةِ جُودِهِ وَإحْسَانِهِ وَلَذَّةِ مَحَبَّتِهِ وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَخَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كُلُّهُ فَرْعٌ عَنِ الْإيمَانِ وَمُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ، وَالْهُلَّاكُ وَالنَّقْصُ إِنَّمَا يَكُوْنُ بِفَقْدِ الْإيمَانِ وَنَقْصِهِ؛ وَاللهَ الْمُسْتَعَانِ.        

المرفقات

1724313520_من ثمرات الإيمان للسعدي.docx

1724313524_من ثمرات الإيمان للسعدي.pdf

المشاهدات 335 | التعليقات 0