لماذا يقاطع الخطباء "الاقتصاد"؟
أبو عبد الرحمن
1430/10/16 - 2009/10/05 21:07PM
لماذا يقاطع الخطباء "الاقتصاد"؟
همام عبد المعبود يرجع احتفاظ "خطبة الجمعة" بمكانتها العالية، وقدرتها الكبيرة على التأثير في المسلمين إلى عدة اعتبارات، منها:
- قداسة الخطبة واحترام المسلمين لها على مر العصور.
- امتثال المسلمين لأمر الله عز وجل في كتابه الكريم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (الجمعة: 9).
- الأجر العظيم الذي وعد به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المسلمين الذين يبادرون لحضور الخطبة، ودعوته للمسلمين أن يتواجدوا بالمسجد قبل صعود الخطيب على المنبر، وإرشاده المسلمين إلى ضرورة التركيز مع الخطيب وأن يعطوه سمعهم وبصرهم، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب فقد لغوت»، وكذا العبث وقت الخطبة بالحصى وغيره لا يجوز؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "... ومن مس الحصى فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له".
ويحتل الاقتصاد مكانة عظيمة في الإسلام وليس أدل على ذلك من أن أطول آية في القرآن كله لم تتناول عبادة من العبادات المعروفة (الصوم أو الصلاة أو الزكاة أو ...)، إنما اختصت بشرح تفصيلي لأصل اقتصادي خالص ألا وهو "الدين" أو القرض قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ الله فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ وَلْيَتَّقِ الله رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلاَ تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ الله وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ألاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) "البقرة: 282".
أسباب الغياب
غير أن المتابع والمراقب لخطبة الجمعة في هذه الأيام بمصر يلحظ غياب "الجانب الاقتصادي" عن موضوعات الخطبة، وفي تقديري أن ذلك يرجع لعدة أسباب أهمها:
- افتقار الخطباء إلى "الثقافة الاقتصادية" التي تمكنهم من تناول المفاهيم والقضايا الاقتصادية، فضلا عن عدم فهمهم -هم- أصلا للقضايا والموضوعات الاقتصادية، خاصة الاقتصاد بلغة العصر، وهذا يرجع للآتي:
ب - قلة رواتبهم، (حيث لا يتجاوز الراتب الشهري الأساسي 175 جنيهاً مصرياً وهو ما يعادل 25 دولاراً أمريكياً!!) وعدم صرف بدل تثقيف لهم أسوة بالمذيعين ومقدمي البرامج في الإذاعة والتليفزيون على الرغم من خطورة وأهمية الوظيفة التي يؤديها الخطيب، وهو ما يترتب عليه عدم قدرته على تثقيف نفسه ذاتيّا عن طريق شراء بعض الكتب والمراجع التي تناقش بالشرح والتفصيل القضايا الاقتصادية لاسيما في ضوء الغلاء الفاحش في أسعار الكتب والمطبوعات الدورية.
ج - تحول "الخطبة" بالنسبة للخطيب إلى مجرد روتين أسبوعي، وتحولها إلى وظيفة "عقيمة" يشكو منها معظم الخطباء الرسميين.
- خوف الخطيب من التعرض للقضايا الاقتصادية مثل التنمية وأهميتها، والديون وخطورتها على استقلال الشعوب وحريتها، وذلك حتى لا يتم تصنيفه على أنه "خطيب مؤدلج" أو منتمٍ لأي من الحركات الإسلامية الموجودة على الساحة والتي تتبنى هذه المفاهيم.
- ضيق فهم الناس للاقتصاد، وحصره في موضوع "الربا"، وتجاهلهم لقضايا الاقتصاد الحقيقية. وفي مقدمتها:
ب- الحض على الاقتصاد في النفقة والمعيشة، التحذير من التبذير والإسراف واعتبار المسرف أخا للشيطان، قال تعالى: "وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا" "الإسراء: 26-27".
ج- إقرار الإسلام بالملكية الخاصة وترحيبه بالتملك طالما كان من طريق حلال، واعتراف الإسلام بالذمة المالية المستقلة للمرأة وحقها في البيع والشراء والتعاقد والهبة.
د- بيان الإسلام لقيمة "العمل"، فالرسول صلى الله عليه وسلم يحض المسلمين على الكسب الحلال فيقول: «من بات كالاً من عمله بات مغفوراً له»، ليس هذا فحسب بل إن الإسلام جعل أكل الحلال وسيلة لاستجابة الدعوة فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟! وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري: "ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده"، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: «يعجبني الرجل فأسأل عن حرفته فإذا لم أجد له حرفة سقط من نظري» ورأى أحد رعيته لا يمد يده ليسلم عليه، فسأله فقال إن يده بها صدأ من أثر العمل، فقال عمر: «هذه يد يحبها الله ورسوله».
غير أن غياب هذه القضايا وحصر المسألة في قضية "الربا" فقط -على أهميته-، وانشغال الناس بالقرض من البنوك وهل هو حلال أم حرام صرف الناس عن الكثير من المفاهيم والقضايا الاقتصادية التي حفل بها الإسلام.
ملاحظات.. ميدانية
وختاما أوضح عدة ملاحظات منها:
- هذه الحال المتردية لخطبة الجمعة من حيث مقاطعتها تقريبا للشق الاقتصادي تكاد تكون حال كل أو غالب المساجد التي تسيطر عليها الحكومة ممثلة في وزارة الأوقاف.
- للإنصاف فإن وزارة الأوقاف انتبهت منذ سنوات قليلة إلى هذا الأمر، فأنشأت معاهد لإعداد الدعاة "مراكز الثقافة الإسلامية" سمحت فيها (بل جعلتها شرطا) لغير خريجي جامعة الأزهر بالالتحاق بها -مدة الدراسة سنتان- بعدها يتلقى الخريج دورة تدريبية بالمساجد مدتها ستة شهور، قسم منها نظري والآخر عملي، ثم ينطلق بعدها الخطيب ليعتلي المنابر بعد توزيعه على أحد المساجد، بعدما يجتاز موافقة الجهات الأمنية المختصة. غير أنني آخذ على هذه التجربة -رغم أهميتها- أنها أغفلت المنهجين السياسي والاقتصادي تماما فلا يدرس الداعية بالمعهد أي كتاب في أصول السياسة أو قواعد ومفاهيم الاقتصاد!!
- الفترة من عام 1974، حتى عام 2001 شهدت تطورا ملحوظا في خطبة الجمعة من حيث الموضوعات، خاصة السياسية والاقتصادية، وذلك في المساجد التي كانت تسيطر عليها الحركات الإسلامية، حيث يكثر بين أعضائها خريجو كليات الاقتصاد والتجارة والهندسة، وذلك قبل صدور توجيهات عليا لضم جميع مساجد الجمهورية (خاصة التي يسيطر عليها الإسلاميون) للإشراف الكامل لوزارة الأوقاف. غير أن هذه التجربة (تجربة الإسلاميين مع المنابر) يعاب عليها أن الإسلاميين أساءوا استغلال المنابر ووجهوها لخدمة أهدافهم، فأصبحت خطبة الجمعة أشبه ببيان ثائر وتم "تسييس المنابر"، كما تم حصر الاقتصاد في قضايا محددة، وهي:
ب - الديون والتحذير من خطورتها واعتبارها دليلا على التبعية لأمريكا وأوربا.
ج - الدعوة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية.
مقترحات.. مقترحات
ولكي تعود خطبة الجمعة لما يجب أن تكون عليه أقترح الآتي:
- إعادة النظر في مناهج الكليات الأزهرية، خاصة تلك التي تورّد الخطباء.
- تدريس منهج اقتصادي ميسر يعالج المفاهيم والقضايا الاقتصادية بلغة عصرية سهلة بعيدة عن تعقيدات هذا العلم، على أن يكون هذا الكتاب -الذي يشارك في إعداده نخبة من الاقتصاديين وأساتذة الشريعة- مقررا على جميع الطلاب في الجامعات.
- إعادة النظر في راتب الخطيب واعتماد بند ثابت كبدل للتثقيف يمكنه من شراء بعض الكتب والمجلات المتخصصة التي تعالج القضايا الاقتصادية.
- فتح الباب أمام المتخصصين في الاقتصاد والسياسة ممن يجيدون مخاطبة الناس ويمتلكون خلفية عالية في العلوم الشرعية لاعتلاء المنابر.
- إعداد دورات تدريبية مستمرة للخطباء في السياسة والاقتصاد والاجتماع وعلم النفس و... يقوم بالتدريب خلالها أساتذة جامعيون ومفكرون وكتاب مشهود لهم بالكفاءة والوطنية، والقدرة على توصيل العلوم في محاولة للارتقاء بمستوى الخطباء.
- إصدار وزارة الأوقاف بعض الكتب والمذكرات التي تعالج القضايا الاقتصادية والسياسية بلغة سهلة وميسورة.
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-Namah%2FNMALayout&cid=1177155816305#
أبو عبد الرحمن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً:النظام الاقتصادي، ويشمل
- الموضوعات الاقتصادية كالزكاة الربا النفقات الإيرادات الأحكام الشرعية للمعاملات المالية...
- المستجدات الاقتصادية كالصيغ والأدوات المالية والنقدية كالأسهم، السندات، التأمين...
- إظهار حكمة الوجوب أو التحريم الإسلامي لبعض الموضوعات الاقتصادية، من خلال البحث عن الآثار الايجابية أو السلبية...
- دراسة الأسلوب الإسلامي لتحقيق رفاهية الإنسان باستخدام القوانين والنظريات والسياسات الاقتصادية في ظل الضوابط الشرعية والقيم الإسلامية.
ثانيا :السياسات الاقتصادية :- الحلول لمشكلات والأزمات الاقتصادية (التضخم، الكساد، البطالة...).
- كيفية تطبيق الأحكام الشرعية الاقتصادية.
ثالثا: الفكر والتراث الاقتصاد الإسلامي:ودلك من خلال الكشف عن الأفكار الاقتصادية لدى أئمة المسلمين،أو إعادة صياغة التاريخ الاقتصادي الإسلامي،والاستفادة من التاريخ الاقتصادي الإسلامي في خدمة الواقع الاقتصادي الذي تعيشه الأمة الإسلامية.
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=21616
http://forum.ma3ali.net/t492000.html
تعديل التعليق