«كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ»   1 /4 /1446 هــ

د عبدالعزيز التويجري
1446/03/30 - 2024/10/03 14:39PM

الخطبة الأولى : «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ»         1 /4 /1446 هــ

الحمد لله العلي الأعلى ، خلق الأرض والسماوات العلى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أزكى البرية قلبا وأطهرهم نفسا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهديه اهتدى وسلم تسليما أما بعد : فالوصية لنا جميعا التمسك بتقوى الله جل جلاله  فتقوى الله ماجاورت قلب امرئ إلا وصل ..

أخرج الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ r  إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ»، حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ .

هذا الحديث الجليل يجسد المفهوم الواسع للبذل والعطاء والسخاء وسماحة النفس. ، فكما يكون السخاء والبذل في المال فإنه يكون في كلمة طيبة تبذلها ونصيحة توجهها وخدمة تقدمها ، وحاجة تقضيها.. قال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه «إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ، لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ r  فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ»

فما ولدتْ أنثى ولا اشتملتْ على **   أجلَّ وأعلى منهُ قدراً وأجملِ

        ولا ضمتِ الأقطارُ مثلَ ابنِ هاشمٍ  **   بحسنٍ وإحسانٍ ومجدٍ مؤثلِ

فمن كان عنده فضل علم فاليعد به على من لا علم له ، ومن كان عنده فضل جاه وشفاعة حسنة فاليعد بها على من لا جاه له .. «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ»..

دل الطريق صدقة ، وحملك الرجل في الطريق صدقة ، بصرك الرجل الرديء البصر لك صدقة، إماطتك الحجر والشوكة عن الطريق صدقة ، إسماع الأصم صدقة، البيان عن الأعجم صدقة..

"الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ" البَشَاشَةُ لِلنَّاسِ، حَسَنَاتٌ دَارَّاتٌ لِأَهْلِهَا،: "وَتَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ".

كل ما تصنع لأهلك من معروف صدقة ، كل قرض صدقة ، الشربة من الماء تسقيها صدقة، «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ»..

 وصِلةُ الرَّحمِ، وَحُسْنُ الْخلقُ؛ يُعَمِّرْنَ الدِّيَارَ، وَيَزِدْنَ فِي الأَعْمَارِ».

التحابُ ِفي اللهِ وَالتَّزاورُ  جَزَاؤُه: "مَنْ عَادَ مَرِيضًا، أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ، نَادَاهُ مُنَادٍ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً" «وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ»

ذَبُّكَ عن عرض أخيك حجاب لك من النار  "مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيَامَةِ".

كشف الشر عن الناس صدقة ، "من نفس عن مَدينِه أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يوم القيامة ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » "والسَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ "

"مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ،.

من علم أية من كتاب الله كان له ثوابها ما تُليت «ومَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا»

إنقاذ الناس من الضلالة، وإخراجهم من الظلمات إلى النور بحور من من الحسنات «فَلَأَنْ يَهْدِي اللَّهُ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ حُمُرُ النَّعَمِ»

. وكلما كان نفع العمل متعديًا إلى الغير، كان أعظم أجرا.

تَناوَلْ مِن الأَغصَانِ مَا تَستَطِيعهُ  ***  وَجاهِد عَلى الغُصنِ الذي لا تُطَاوِلُهْ

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية :الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين أما بعد

الشح داء إذا سرى في الروح أفسدها وإذا تغلغل في الأخلاق أسائها .. الشح أن تعطى خيراً فتحبسه، أو حقاً فتمنعه ، أو معروفاً فتمُنَّ فيه .

جاء نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فسَأَلُوا رَسُولَ اللهِ r، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فقَالَ: «مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ»

 هو البحر، بل لا يُشبه البحرُ جودَه  **  وهل يستوي العذب الفرات مع الملح

  فيبســــــط كفــــــاً رطبــــــة من سماحــــــــةٍ  **  إذا قبض اليبسُ الأكفَّ من الشــــــحِ

وأبخل الناس وأشدهم جشعاً وشحا من منحه الله عطاءً من خيرٍ أو علمٍ أوجاهٍ أومنصبٍ فشح بعلمٍ يعلمه ، أو حاجةٍ يقضيها ، أو خدمةٍ يقدمها ، أو معروفٍ يبذله "وشَرُّ ما في رجُلٍ شُحٌّ هالعٌ وجُبنٌ خالعٌ "

شحٌ مقيت أن تشح بوقتك على مصحفٍ تتلوه منه آيات بينات ،وسخاءُ غيرُ محمودٍ يُمنح لأجهزةٍ وبرامجَ تسرقُ الوقتُ وتُضيّعُ الحق ..

قال أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه : وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ البُخْلِ " أخرجه البخاري ..

بخلُ في المال أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُمْ.. بخلٌ في الأخلاق أن ترى معبساً ، أو تمشي متكبراً ، ولغيرك محتقراً .. بخلُ بوقت بخلٌ وأنانيةٌ أن تتولى منصباً فتستأثر بخدماتها لنفسك وتحرمها غيرك {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

والبَخِيلُ مَنْ ذُكِرَ عِنْدَهُ النبي r فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيّه . «اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»

اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا ...

المرفقات

1727955642_«كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ».docx

1727955642_«كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ».pdf

المشاهدات 1136 | التعليقات 0