عاشوراء يوم من أيام الله

إبراهيم بن سلطان العريفان
1444/01/06 - 2022/08/04 18:13PM
الحمد لله رب العالمين .... إخوة الإيمان والعقيدة .. يقول ربُّنا جل في علاه ﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فبعد يومين يأتي يومٌ من أيام الله تعالى العظيمةِ في تاريخ البشرية، يوم جميل، شهِد شروقُ شمسه نهايةَ ظالم مستبدٍّ، وتخلص العالم من فرعونَ، ذلك الكابوس الذي كان يؤرِّقهم، ويقض مضاجعَهم ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ ﴾ إنه يوم عاشوراء. فهو يوم الشكر على الخلاص من الظُّلم، والتخلُّص من العبودية للبشر، يوم الفرح بعد الشِّدة، يوم النصرِ بعد الصبر، يوم العزة بعد الهوان. دَعِ المقاديرَ تَجري في أعنَّتِها  *** ولا تبيتنَّ إلا خاليَ البالِ  ما بين طرفةِ عينٍ وانتباهتِها  *** يُغيِّرُ اللهُ من حال إلى حالِ  يوم عاشوراء..‏‏ هو يوم شهدْنا فيه صورةً رائعة من صور اليقين عند اﻷنبياء، تنفع الضعفاءَ، وتثبِّتُهم عند طروء المحن ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾. يوم عاشوراء ... نتعلَّم أن من كان مع الله نصَرَه الله من غير أهلٍ ولا عشيرة ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ* وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ* وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ* ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾. من كان يظنُّ أن البحر سيَنفلِق؟ من كان يظن أن الطاغية سيَغرَق؟ يوم عاشوراء .. يوم من أيام الله التي ينبغي أن يُحتفى به؛ ليكون سلوةً للمظلومين والمقهورين والمعذَّبين في هذه اﻷرض. يوم عاشوراء .. نتعلم درسًا من دروس التفاؤل واﻷمل، والثقة بالله سبحانه، وحُسن التوكل عليه، وعدم اليأس مهما احْلَوْلَكَ الظلام، فقد كان موسى عليه السلام في أشدِّ أيام خوفه، وكان فرعون في أشد أيام طغيانه. وما هي إلا لحظاتٌ حتى تغيَّر الحال، وهلك الطاغية، وجاء نصر الله. يوم عاشوراء .. أن رسول الله ﷺ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟) فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ) فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ (مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ). فكان رسول الله ﷺ صامه والمسلمون قبل أن يفرض رمضان، فلما افترض رمضان قال ﷺ (إِنَّ عَاشُورَاءَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ) وقال (صِـيَامُ يوم عاشُوراء، إنِّي أحتَسِبُ على اللهِ أن يُكفِّر السَّنةَ التي قَبْلَه). فاقتدوا بسنة النبي ﷺ ولا تفرطوا بصوم عاشوراء، وعليكم بصيام يومًا قبله مخالفة لأهل الكتاب. أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال .. أقول ما تسمعون ...   الحمد لله رب العالمين .. معاشر المؤمنين ... لم يسن رسول الله ﷺ ولا خلفاؤه الراشدون في يوم عاشوراء شيئاً من شعائر السرور والفرح أو الحزن والترح، فأهل البدع يوسعون النفقات على العيال ويطبخون الأطعمة الخارجة عن العادة ويتخذونه عيداً، والرافضة يتخذونه مأتماً يقيمون فيه الأحزان والأتراح، وكلا الطائفتين جانبت الصواب، وكذلك لا يُستحب تخصيصه بأي عبادة غير الصيام. صلوا وسلموا على النبي ﷺ .  
المرفقات

1659625998_عاشرواء يوم من أيام الله.docx

1659626021_عاشرواء يوم من أيام الله.pdf

المشاهدات 1189 | التعليقات 0