ظل الرحمن وليلة النصف من شعبان

صالح العويد
1433/08/08 - 2012/06/28 11:18AM
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم ، أظهر العجائب في مصنوعاته ، ودل على عظمته بمخلوقاته ، فأمر بالتدبر والنظر في أرضه وسماواته أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أصدق عباد الله شكراً، وأعظمهم لربهم ذكراً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الأتقياء وأصحابه الأصفياء والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم اللقاء
أما بعد .. فاتقوا الله عباد الله، فتقوى اللهِ وصيةُ اللهِ للأولين والآخرين، وهي مستمسك الصالحين، وسبيل النجاة في الدنيا ويومِ الدين
عباد الله: إن في تقلُّب الليالي والأيام، وفصول السنة والأعوام، وفي تناوب الضياء والظلام، وتبدّل الحرارة والبرودة، وطلوع الشمس وأفولها، وولادة القمر واحتضاره..وغيرها من المظاهر الكونية والتغيرات المناخية والجوية عبرة لنا أي عبر،{يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ}
ينوع الفصول، ويبدل الليالي والأيام، فليل ونهار، وصيف وشتاء، وخريف وربيع في الليلة الظلماء يفتقد البدر، وفي لهيب الشمس وسموم الحر، يستطلب الظل وتستجلب النفحات، وما أروع العدل حين يطغى الجور، والإنصاف حين يعلو الغمط! وما أعجب الشرخ الشاب، حينما ينتصر على الصبوة المتفتقة! ويا لعظم الحظ ووفرة التوفيق، لمن أوقف قلبه، فبات معلقا في كل مسجد! وما أهنأ الرجلين، إذ يتحابان في الله، فلا يجتمعا إلا عليه، ولا يفترقا إلا عليه، ويا حبذا العفة والخشية، حينما تظهر المغريات، وتضمحل العقبات، وما أجدى صدقة السر في إطفاء غضب الرب! وما أعذب الدموع الرقراقة في الخلوة، حينما تسيل على خد الأسيف العاني!
عباد الله، ما أحوجنا جميعا، إلى أن نستظل في ظل الرحمن، في يوم عصيب يعظم فيه الخطب، ويشتد فيه الكرب، يوم أن تدنو الشمس من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما. رُحماك يا رب، عفوك يا الله.روى البخاري ومسلم في صحيحيها، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق، بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)) ما أحوج الأمة المسلمة، في كل عصر وفي كل مصر، إلى الإمام العادل، وهو صاحب الولاية العظمى، وكذا كل من ولي شيئا من أمور المسلمين فعدل فيه العدل مألوف وهو صلاح العالم. الإمام العادل، هو الذي يتبع أمر الله بوضع كل شيء في موضعه، من غير إفراط ولا تفريط، فهو أبو الرعية، والرعية أبناؤه، يعلم جاهلهم، ويواسي فقيرهم، ويعالج مريضهم، يرى القوي ضعيفا حتى يأخذ الحق منه، والضعيف غِطريفا حتى يأخذ الحق له.وإن تحقيق العدل، أمام الرغبات، والمصالح والأهواء، أمر في غاية الصعوبة؛ إذ حلاوته مرة، وسهولته صعبة، وحينما يستطيع المرء تخطي تلك العقبات، كان معنى ذلك، أن فيه من الإيمان والتقوى ما يجعله مستحقا لأن يكون واحدا من هؤلاء السبعة.ولقد ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، فأرسل إلى الحسن البصري، أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل، فكان مما كتب له الحسن: (اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل، قوام كل مائل، وقصد كل جائر، وهو كالراعي الشفيق على إبله، الذي يرتاد لها أطيب المراعي، ويذودها عن مراتع الهلكة، ويُكِنّها من أذى الحر والقر، وهو كالأم الشفيقة، والبرة بولدها، حملته كرها، ووضعته كرها، تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، والإمام العادل يا أمير المؤمنين، وصي اليتامى، وخازن المساكين، وهو كالقلب بين الجوارح، تصلح الجوارح بصلاحه وتفسد بفساده . اللهم أظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك).
أيها الناس، إن الشاب المسلم، الذي يستحق أن يكون واحدا من هؤلاء السبعة، هو ذاك الفتى اليافع، الذي تعلق قلبه بربه، ولما يشخ بعد، تتجاذبه مزالق الرغبات النفسية ومتطلبات الجسد، ترق عنده الحياة، فتسحره بالنظرات المغرية، وتجمع له لذائذ الدنيا، في لحظة مسكرة، أو شبهة عارضة، إلاأن شبابه يأبى إلاأن يكون لله وفي طاعة مولاه إن من أكرم الناس نفعا، وأنداهم كفا وأطيبهم قلبا، وأصدقهم عزما، هو الشاب المسلم النقي التقي، الذي يجل الكبير، ويرحم الصغير، لا تراه إلا هاشا باشا، طلق الوجه مبتسما، يبعده إيمانه بربه، عن طيش الصغر، وإصرار الكبر، فهو الجندي في الميدان، والتاجر في السوق، والعضو الفعال في الجمعيات والمنتديات الخيرة نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءامَنُواْ بِرَبّهِمْ وَزِدْنَـٰهُمْ هُدًى [الكهف:13]. قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِـئَالِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرٰهِيمُ [الأنبياء:59،60]. . اللهم أظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك
عباد الله، المساجد بيوت الله، وأماكن عبادته، وهي خير البقاع، يكرم الله عمارها وزواره فيها، ويثيب على الخُطا إليها فِى بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوّ وَٱلاْصَالِ رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـٰرَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَاء ٱلزَّكَـوٰةِ يَخَـٰفُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلاْبْصَـٰرُ [النور:36، 37].ومن هنا كان فرح الباري جل وعلا، بزوار المساجد. قال رسول الله : ((ما توطن رجل المساجد للصلاة والذكر، إلا تبشبش الله تعالى إليه، كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم)) رواه ابن ماجه وابن خزيمة وغيرهما وإسناده صحيح. خمس صلوات في اليوم والليلة في المسجد ولم يكن للمسلمين في القرون الأولى، من معاهد ولا مدارس إلا المساجد،ففي المسجد يدرس القرآن وتفسيره، والسنة وفقهها، واللغة وأصول الدين. وأين مجلس إمام دار الهجرة. والحسن البصري، وأبي حنيفة والشافعي وأحمد إن لم يكن في المسجد. أما إنه لو رجع لبيوت الله، ما كانت عليه من إقامة الشعائر واجتماع المسلمين فيها، لتعلقت بها قلوب الكثيرين ممن أعرضوا عنها واستخفوا بشأنها اللهم أظلنا تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك.
عباد الله، إن المؤمن في هذه الحياة، يجد صعوبة بالغة، في أن يعيش وحيدا فريدا، دون صديق أو مؤانس، صديقا يناجيه، وخِلِّا يلاقيه ويواسيه، يشاطره مسرته، ويشاركه مساءته. لقد أصبحت علاقات الكثيرين من الناس في هذا العصر، خداجا خداجا غير تمام، تقوم لغرض وتقعد لعرض، والإسلام دين الأخوة والمحبة والتآلف وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى ٱلأرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ [الأنفال:63]. الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، به تقع الألفة، المتحابون في الله، دائمة صحبتهم، باقية مودتهم، لا تزيدها الأيام إلا وثوقا وإحكاما، لخلوصها من الإثم، والأغراض الدنيئة ٱلأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ [الزخرف:67]. قال رسول الله : ((أيها الناس اسمعوا واعقلوا، واعلموا أن لله عز وجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء، على منازلهم وقربهم من الله))، فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس، وألوى إلى النبي فقال: يا رسول الله: ناس من المؤمنين ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم؛ انعتهم لنا. فسر وجه رسول الله بسؤال الأعرابي فقال: ((هم ناس من أفناء الناس، ونوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها، فيجعل وجوههم نورا، وثيابهم نورا، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)) رواه أحمد ورجاله ثقات. اللهم أظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك.
عباد الله، إذا ما يسرت للمسلم سبل الغواية، ودعت إليها الدواعي والمغريات دعا، فهو بحاجة ماسة، إلى أن يرى برهان ربه، وأن يسطع نور الهداية في فؤاده، وليس هناك امتحان، أقسى من امتحان، يتغلب فيه المرء على صبوته وغريزته، تبذل له حسناء نفسها، وهو في فحولة الرجولة. وهي في حالة رفيعة من الجمال والجاه، فاتنة عاشقة مختلية متعرضة، متكشفة متهالكة، فحينها لا ينبغي أن ييأس الرجل، إذ إن مطارق الخوف من الله ومراقبته، تعينه على أن يرى برهان ربه، وتذكره بقوله تعالى عن يوسف وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ ٱلاْبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ [يوسف:23].لقد اجتمع ليوسف عليه السلام، من الدواعي لإتيان الفاحشة الشيء الكثير؛ فلقد كان شابا وفي الشباب ما فيه، وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا [يوسف:24]. وقد غلقت الأبواب، وهي ربة الدار، وتعلم بوقت الإمكان وعدم الإمكان فكان ماذا؟ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ إِنَّهُ رَبّى أَحْسَنَ مَثْوَاىَّ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ [يوسف:23]. استعاذة وتنزه واستقباح، ولماذا؟ وما هو السبب؟ لأنه يعبد الله كأنه يراه، فأراه الله برهان ربه وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ [النازعات:40، 41]. ((كان الكفل، من بني إسرائيل، لا يتورع من ذنب عمله، فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها، فلما أرادها على نفسها، ارتعدت وبكت، فقال: ما يبكيك؟ قالت: لأن هذا عمل ما عملته، وما حملني عليه إلا الحاجة. فقال: تفعلين أنت هذا من مخافة الله، فأنا أحرى، اذهبي فلك ما أعطيتك ووالله ما أعصيه بعدها أبدا، فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه: إن الله قد غفر للكفل، فعجب الناس من ذلك)) رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه
عباد الله اعلموا أن من الناس، من أنعم الله عليه بشيء من المال، فما أنكر فضل الله عليه، بل هو ينفق بسخاء، ويتسلل إلى المساكين لواذا، يعلم أن من الفقراء من يحرجه علانية العطاء، فذاك رجل تخطى عقبة الجشع، أنقذه الله ممن عبدوا الدينار والدرهم، فكانوا أحلاس بخل وإمساك، سجاياهم المتكررة منع وهات، بل هات وهات، قد قضوا على أنفسهم أن يعيشوا مرضى بالصحة، فقراء بالغنى، مشغولين بالفراغ، لكنهم مع ذلك لا يجدون في المال معنى الغنى؛ إذ كم من غني يجد وكأنه لم يجد إلا عكس ما كان يجد، إن النفس بطبعها، تميل إلى إبراز عملها، لاسيما الصدقة، كل هذا لتحمد؛ فإذا ما جاهد المرء نفسه، حق له أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. اللهم أظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك.
عباد الله، ما أسعدها من لحظات، يجلسها المرء خاليا فيها مع نفسه، يناجي ربه وخالقه، فينسال دمعه عذبا صافيا، خاليا من لوثة الرياء، وإن نيران المعاصي التي تأتي على قلب المسلم، فتحيله إلى فحم أسود كالكوز مجخيا، لا يطفئها إلا تلك الدموع، التي تنهمر على إثر ذكر الخالق وخشيته، ولقد كان ابن سيرين يضحك بالنهار، فإذا جن الليل فكأنه قتل أهل القرية من البكاء.وقام محمد بن المنكدر ذات ليلة فبكى، ثم اجتمع عليه أهله، ليستعلموا عن سبب بكائه، فاستعجم لسانه، فدعوا أبا حازم، فلما دخل هدأ بعض الشيء، فسأله عن سبب بكائه فقال: تلوت قول الله وَبَدَا لَهُمْ مّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ [الزمر:47]. فبكى أبو حازم، وعاد محمد بن المنكدر إلى البكاء فقالوا: أتينا بك لتخفف عنه فزدته بكاء.روى النسائي وأحمد من حديث عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله: ما النجاة ما النجاة؟ قال: ((أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك)) اللهم أظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك.
فاتقوا الله ـ معاشر المسلمين ـ وتخلقوا بأخلاق رسول الله واهتدوا بهديه تفلحوا، ويتحقق لكم ما وعدكم به من الاستظلال بظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ۚ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ۚ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) ) أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
المشاهدات 4485 | التعليقات 6

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا نعمة، ورضي لنا الإسلام دينًا، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
ثم امابعد إن المؤمن ليتقلب في هذا الزمان، ويمد الله له في الأجل، وكل يوم يبقاه في هذه الدنيا هو غنيمة له ليتزود منه لأخرته، ويبذر فيه من الأعمال ما استطاعته نفسه وتحملته.ولقدداربناالزمان وهانحن في شهر شعبان والناس عنه غافلون فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ((ذاك شهر تغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)) [رواه النسائي وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن)) [رواه الطبراني وابن حبان وهو حديث صحيح].
ولنا مع هذاالحديث المبارك وقفات
الأولى: أن الله يغفر فيها لكل عباده إلا المشرك فتفقد نفسك يا عبد الله، فهذا أبو الأنبياء وإمام الحنفاء خليل الرحمن يخشى على نفسه الشرك، بل يخشى على نفسه وعلى بنيه عبادة الأصنام، قال الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام وقد بين إبراهيم ما يوجب الخوف من ذلك فقال: رب انهن أضللن كثيراً من الناس.قال إبراهيم التيمي: من يأمن البلاء بعد إبراهيم؟ فلا يأمن الوقوع في الشرك إلا من هو جاهل به، وبما يخلصه منه، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه؟ فقال: الرياء)) ومن عظيم فقه الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب في كتابه التوحيد أن جعل بابا بعنوان: باب الخوف من الشرك
الوقفة الثانية: خطورة الشحناء والبغضاء بين الناس، وأن الله لا يغفر للمتشاحنين، وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه مرفوعا: ((تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: أنظروا هذين حتى يصطلحا
الوقفة الثالثة: إحياء بعض الناس لليلة النصف من شعبان، وبعضهم يصليها في جماعة ويحتفلون بأشياء وربما زينوا بيوتهم، وكل هذا من البدع المحدثة التي لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحبه ولا تابعوهم،وهم أحرص الناس على الخير،فلوكان خيرالسبقوناإليه
الوقفة الرابعة: أن لا يصوم الإنسان بعد منتصف شعبان بنية استقبال رمضان وحتى يحتاط لشهر رمضان بزعمه فإن هذا من التنطع والغلو في الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى رمضان)) ولا يدخل في هذاالحديث أن يصوم الإنسان ما كان معتادا له من صيام الاثنين والخميس مثلاأو النذر أو القضاءفمَن كان عليه صيامٌ مِن أيّام رمضانَ المنصرِم فليبادِر إلى صيامه قبل إدراكِ شهر رمضان. نسأل الله أن يبلغناإياه فاحذرواعبادالله من الشرك والبدع وطهرواقلوبكم من الشحناءوالبغضاء لتفوزوابمغفرةرب الأرض والسماء ثم صلُّوا وسلِّموا على خاتم الأنبياء


خطب سابقة ذات صلة ومناسبة
في هذاالوقت
حرالصيف
ليلة النصف من شعبان
الليل والسهر


جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك ونفع بك..


جزاك الله خيرا


بارك الله فيك شيخنا الفاضل وجعلها في موازين حسناتك


بارك الله في الجميع