خطبة : ( لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون )
عبدالله البصري
لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون 8/11/ 1442
الخطبة الأولى
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم – أَيُّهَا النَّاسُ – وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ – " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، شُحُّ الأَمطَارِ وَغَورُ الآبَارِ وَغَلاءُ الأَسعَارِ ، وَارتِحَالُ عَدَدٍ مِنَ النِّعَمِ وَحُلُولُ بَعضِ النِّقَمِ ، وَنُزُولُ الوَبَاءِ وَطُولُ لُبثِهِ وَتَأَخُّرُ رَفعِهِ ، وَتَبَاعُدُ النَّاسِ بَعدَ تَقَارُبٍ وَتَقَاطُعُهُم بَعدَ تَوَاصُلٍ ، وَمَا أَصَابَ النُّفُوسَ مِن حَملِ هَمِّ المُستَقبَلِ ، وَمَا امتَلأَت بِهِ الصُّدُورُ مِن ضِيقٍ بِبَعضِ مَا في الوَاقِعِ ، كُلُّهَا ابتِلاءَاتٌ مِنَ اللهِ لِعِبَادِهِ بِسَبَبِ مَيلٍ مِنهُم عَنِ الصِّراطِ " ظَهَرَ الفَسَادُ في البَرِّ وَالبَحرِ بِمَا كَسَبَت أَيدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ " أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّهَا ابتِلاءَاتٌ مِنَ اللهِ لِعِبادِهِ الجَانِحِينَ ، لِيَرجِعُوا إِلى بَابِهِ خَاضِعِينَ مُنكَسِرِينَ ؛ فَهُوَ - تَعَالى – رَحِيمٌ وَدُودٌ لَطِيفٌ ، لا يُرِيدُ أَن يُعَذِّبَ عِبَادَهُ وَهُم مُؤمِنُونَ شَاكِرُونَ ، فَإِذَا جَنَحُوا ذَكَّرَهُم بِبَعضِ مَا يَستَحِقُّهُ الجَانِحُونَ لِيَرجِعُوا وَيَعُودُوا ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " مَا يَفعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُم إِنْ شَكَرتُم وَآمَنتُم وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا " وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا - : " وَلَنُذِيقَنَّهُم مِنَ العَذَابِ الأَدنى دُونَ العَذَابِ الأَكبَرِ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ "
أَلا وَإِنَّ مِن أَظهَرِ عَلامَاتِ الرُّجُوعِ إِلى اللهِ وَأَوَّلِ أَمَارَاتِ الخُضُوعِ ، اللَّهَجَ بِالاستِغفَارِ في اللَّيلِ وَالنَّهَارِ ، استِجَابَةً لِدَعوَةِ الرَّحِيمِ وَتَوبَةً إِلى الكَرِيمِ الغَفَّارِ ، القَائِلِ - جَلَّ وَعَلا - : " وَاستَغفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ "
بِالاستِغفَارِ تَطِيبُ الحَيَاةُ وَيُمَتَّعُ العِبَادُ بِهَا ، وَبِهِ تُستَنزَلُ الأَمطَارُ وَتُجرَى الأَنهَارُ ، وَبِهِ تُستَمَدُّ الأَموَالُ وَيُطلَبُ الأَولادُ وَيُرفَعُ المَرَضُ وَالفَقرُ ، وَإِلَيهِ يَفزَعُ مَنِ اشتَكَى الضَّعفَ وَقِلَّةَ الحِيلَةِ وَالهَوَانَ ، وَتَفَرُّقَ الأَنصَارِ وَتَخَلِّيَ الأَعوَانِ ، قَالَ – جَلَّ وَعَلا - : " وَأَنِ استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ يُمَتِّعْكُم مَتَاعًا حَسَنًا إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤتِ كُلَّ ذِي فَضلٍ فَضلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيكُم عَذَابَ يَومٍ كَبِيرٍ " وَقَالَ - تَعَالى – عَن نُوحٍ - عَلَيهِ السَّلامُ - : " فَقُلْتُ استَغفِرُوا رَبَّكُم إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرسِلِ السَّمَاءَ عَلَيكُم مِدرَارًا . وَيُمْدِدْكُم بِأَموَالٍ وَبَنِينَ وَيَجعَلْ لَكُم جَنَّاتٍ وَيَجعَلْ لَكُم أَنهَارًا " وَقَالَ - تَعَالى - عَن نَبِيِّهِ هُودٍ - عَلَيهِ السَّلامُ - : " وَيَا قَومِ استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ يُرسِلِ السَّمَاءَ عَلَيكُم مِدرَارًا وَيَزِدْكُم قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُم وَلا تَتَوَلَّوا مُجرِمِينَ " وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ - : " وَكَأَيِّنْ مِن نَبيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُم في سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا استَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَولَهُم إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا في أَمرِنَا وَثَبِّتْ أَقدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ . فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنيَا وَحُسنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ "
وَالاستِغفَارُ هُوَ دَيدَنُ الأَنبِيَاءِ وَبِهِ أَمَرُوا أَقوَامَهُم ، مِن لَدُنْ آدَمَ - عَلَيهِ السَّلامُ - وَزَوجِهِ اللَّذَينِ " قَالا رَبَّنَا ظَلَمنَا أَنفُسَنَا وَإِن لم تَغفِرْ لَنَا وَتَرحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ " وَقَالَ نُوحٌ - عَلَيهِ السَّلامُ - : " رَبِّ اغفِرْ لي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيتيَ مُؤمِنًا وَلِلمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا " وَقَالَ : " وَإِلاَّ تَغفِرْ لي وَتَرحَمْني أَكُنْ مِنَ الخَاسِرِينَ " وَقَالَ إِبرَاهِيمُ - عَلَيهِ السَّلامُ - : " رَبَّنَا اغفِرْ لي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلمُؤمِنِينَ يَومَ يَقُومُ الحِسَاب " وَقَالَ - تَعَالى - عَن سُلَيمَانَ - عَلَيهِ السَّلامُ - : " قَالَ رَبِّ اغفِرْ لي وَهَبْ لي مُلكًا لا يَنبَغِي لأَحَدٍ مِن بَعدِي إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ " وَقَالَ مُوسى - عَلَيهِ السَّلامُ - لَمَّا قَتَلَ رَجُلاً مِنَ الأَقبَاطِ : " قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفسِي فَاغفِرْ لي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ " وَ" قَالَ رَبِّ اغفِرْ لي وَلأَخِي وَأَدخِلْنَا في رَحمَتِكَ وَأَنتَ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ " وَقَالَ نَبيُّ اللهِ شُعَيبٌ - عَلَيهِ السَّلامُ - لِقَومِهِ : " وَاستَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ " وَقَالَ نَبيُّ اللهِ صَالِحٌ - عَلَيهِ السَّلامُ - لِقَومِهِ : " يَا قَومِ اعبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِن إِلَهٍ غَيرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِنَ الأَرضِ وَاستَعمَرَكُم فِيهَا فَاستَغفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ " وَقَالَ لَهُم أَيضًا : " يَا قَومِ لِمَ تَستَعجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبلَ الحَسَنَةِ لَولا تَستَغفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ " وَأَمَّا نَبِيُّنا وَإِمَامُنَا - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فَقَد كَانَ وَهُوَ المَغفُورُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، يُكثِرُ مِنَ الاستِغفَارِ ، فَعِندَ البُخَارِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " وَاللهِ إِنِّي لأَستَغفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيهِ في اليَومِ أَكثَرَ مِن سَبعِينَ مرَّةً " وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – قَالَ : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلى رَبِّكُم ، فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيهِ في اليَومِ مِئَةَ مَرَّةً " وَرَوَى أَبُو دَاوودَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عَنِ ابنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في الـمَجلِسِ يَقُولُ : " رَبِّ اغفِرْ لي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَابُ الرَّحِيمُ " مِئَةَ مَرَّةٍ . أَلا فَلْنَقتَدِ بِنَبِيِّنَا – أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنُكثِرْ مِنِ استِغفَارِ رَبِّنَا وَمَولانَا في كُلِّ حِينٍ ، وَلْنَحرِصْ عَلَى مَا وَرَدَ عَنهُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – في ذَلِكَ وَمَا حَثَّ عَلَيهِ مِن صِيَغِ الاستِغفَارِ ، فَإِنَّهُ أَعلَمُ النَّاسِ بِرَبِّهِ ، وَأَفقَهُهُم بِمَا يُرضِيهِ وَيُنزِلُ رَحمَتَهُ ، رَوَى البُخَارِيُّ عَن شَدَّادِ بنِ أَوسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " سَيِّدُ الاستِغفارِ أن تَقُولَ : اللَّهُمَّ أنتَ رَبِّي لا إلَهَ إلاَّ أنتَ ، خَلَقتَني وَأَنَا عَبدُكَ ، وَأَنَا عَلَى عَهدِكَ ووَعدِكَ مَا استَطَعتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا صَنَعتُ ، أَبُوءُ لَكَ بنِعمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنبي فَاغفِرْ لي ، فَإِنَّه لا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ " قَالَ : " وَمَن قَالَهَا مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بِهَا ، فَمَاتَ مِن يَومِهِ قَبلَ أَن يُمسِيَ ، فَهُوَ مِن أَهلِ الجَنَّةِ ، وَمَن قَالَهَا مِنَ اللَّيلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا ، فَمَاتَ قَبلَ أن يُصبِحَ ، فَهُوَ مِن أَهلِ الجَنَّةِ " وَعَنِ ابنِ مَسعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " مَن قَالَ : أَستَغفِرُ اللهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيهِ ، غُفِرَت ذُنُوبُهُ وَإِن كَانَ قَد فَرَّ مِنَ الزَّحفِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَالحَاكِمُ وَقَالَ الأَلبَانيُّ : صَحِيحٌ لِغَيرِهِ . وَعَن أَبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّهُ قَالَ : قُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ ، عَلِّمْني دُعَاءً أَدعُو بِهِ في صَلاتي ، قَالَ : " قَلِ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمتُ نَفسِي ظُلمًا كَثِيرًا وَلا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنتَ ، فَاغفِرْ لي مَغفِرَةً مِن عِندِكَ وَارحَمْني إِنَّكَ أَنتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ " وَعَن عَلِيِّ بنِ أَبي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - في وَصفِهِ صَلاةَ النَّبيِّ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - قَالَ : ثم يَكُونُ مِن آخِرِ مَا يَقُولُ بَينَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسلِيمِ : " اللَّهُمَّ اغفِرْ لي مَا قَدَّمتُ وَمَا أَخَّرتُ وَمَا أَسرَرتُ وَمَا أَعلَنتُ وَمَا أَسرَفتُ وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنِّي ، أَنتَ المُقَدِّمُ وَأَنتَ المُؤَخِّرُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ . اللَّهُمَّ إِنَّا ظَلَمنَا أَنفُسَنَا ظُلمًا كَثِيرًا وَلا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنتَ ، فَاغفِرْ لَنَا مَغفِرَةً مِن عِندِكَ وَارحَمْنَا ، إِنَّكَ أَنتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعدُ ، فاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ، وَتُوبُوا إِلَيهِ وَاستَغفِرُوهُ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ الذُّنُوبَ وَالخَطَايَا هِيَ أَعظَمُ الأَدوَاءِ وَأَخطَرُ الآفَاتِ ، وَكُلُّ بَني آدَمَ خَطَّاؤُونَ مُذنِبُونَ ، وَخَيرُ الخَطَّائِينَ هُمُ التَّوَّابُونَ ، قَالَ قَتَادَةُ - رَحِمَهُ اللهُ - : إِنَّ هَذَا القُرآنَ يَدُلُّكُم عَلَى دَائِكُم وَدَوَائِكُم ، فَدَاؤُكُمُ الذُّنُوبُ ، وَدَوَاؤُكُمُ الاستِغفَارُ . وَفي الحَدِيثِ القُدسِيِّ الَّذِي رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ يَقُولُ اللهُ - تَعَالى - : " يَا عِبَادِي ، إِنَّكُم تُخطِئُونَ بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ ، وَأَنَا أَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ، فَاستَغفِرُوني أَغفِرْ لَكُم " أَلا فَلْنتَّقِ اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَلْنَلزَمِ الاستِغفَارَ وَلْنُكثِرْ مِنهُ في كُلِّ وَقتٍ ، فَمَا أَقرَبَ الفَرَجَ وَأَدنى الـمَخرَجَ مِنَ التَّائِبِينَ المُستَغفِرِينَ ! وَقَد كَانَ لِلأُمَّةِ أَمَانَانِ مِنَ العَذَابِ ، فَذَهَبَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ الآخَرُ ، ذَهَبَ رَسُولُ اللهِ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَبَقِيَ الاستِغفَارُ مَعَنَا ، فَإِذَا ذَهَبَ الاستِغفَارُ هَلَكنَا ، قَالَ اللهُ - تَعَالى - : " وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فِيهِم وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرُونَ " أَلا فَأَكثِرُوا مِنَ الاستِغفَارِ ؛ فَإِنَّهُ وَظِيفَةُ العُمُرِ كُلِّهِ ، بَعدَ العِبَادَاتِ ، وَفي خِتَامِ المَجَالِسِ ، بَل وَفي خِتَامِ الأَعمَارِ ، فَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن ثَوبَانَ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إِذَا انصَرَفَ مِن صَلاتِهِ استَغفَرَ ثَلاثًا وَقَالَ : " اللَّهُمَّ أَنتَ السَّلامُ وَمِنكَ السَّلامُ تَبَارَكتَ ذَا الجَلالِ وَالإِكرَامِ " وَقَالَ – سُبحَانَهُ – عَنِ المُتَّقِينَ : " كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيلِ مَا يَهجَعُونَ . وَبِالأَسحَارِ هُم يَستَغفِرُونَ " وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا - : " ثُمَّ أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاستَغفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " مَن جَلَسَ مَجلِسًا كَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ ، فَقَالَ قَبلَ أَن يَقُومَ مِن مَجلِسِهِ ذَلِكَ : سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمدِكَ ، أَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ ، أَستَغفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيكَ ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانُ في مَجلِسِهِ ذَلِكَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ – تَعَالى - لِنَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - في آخِرِ عُمُرِهِ : " فَسَبِّحْ بِحَمدِ رَبِّكَ وَاستَغفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا " وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " طُوبى لِمَن وَجَدَ في صَحِيفَتِهِ استِغَفَارًا كَثِيرًا " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
المرفقات
1623841808_لولا تستغفرن الله لعلكم ترحمون.doc
1623841820_لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق