(خطبة) صور من محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وتضحياتهم

خالد الشايع
1446/05/26 - 2024/11/28 16:41PM

الخطبة الأولى                 صور من تضحيات الصحابة فداء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم  27/5/1446

إن الحمد ............................................................................................................................

أما بعد فيا أيها الناس : إن أغلى ما يملك المسلم في هذه الحياة دينُه وعقيدته ، فبدونهما لا يساوى الإنسان شيئا .

وهذا الدين جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الله الذي ما ترك من خير إلا ودل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها منه ، وكان كالأب المربي الحنون العطوف كما قال تعالى ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم )

فأخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور ومن الكفر إلى الإيمان ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ، وأخرجهم من جهالات الجاهلية الأولى إلى العلم والنور والبصيرة  .

ولهذا عرف الصحابة حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه ، وفدوه بالغالي والنفيس ، وقدموا الأرواح رخيصة في الذود عنه وحفظ عرضه أن يدنس .

عباد الله : سنتطرق في هذه الخطبة إلى بعض من صور تضحيات الصحابة في سبيل الله لحفظ نبينا صلى الله عليه وآله وسلم .

فمن ذلك مقولة خبيب بن عدي لما أوثقه الكفار بمكة ،كما أخرج البخاري  في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال بعث رسول الله  صلى الله عليه وسلم  عشرة عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل ...وذكر القصة وأنهم باعوهم لقريش حتى قال فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب دعوني أصلي ركعتين فتركوه فركع ركعتين فقال والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت ثم قال اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا ثم أنشأ يقول

فلست أبالي حين أقتل مسلما ***** على أي جنب كان لله مصرعي 

وذلك في ذات الإله وإن يشأ*****  يبارك على أوصال شلو ممزع 

وفي رواية فلما وضعوا فيه السلاح وهو مصلوب نادوه وناشدوه أتحب أن محمدا مكانك قال لا والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة في قدمه وهو في أهله .

ومنها ما حصل من الصحابة يوم غزوة بدر وهو ما أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما سمع رسول الله بأبي سفيان مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم وقال هذه عير قريش فيها أموالهم فأخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها ، فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله يلقى حربا وخرج رسول الله  صلى الله عليه وسلم  حتى بلغ واديا يقال له وجران فأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عن عيرهم فاستشار النبي  صلى الله عليه وسلم  الناس فقام أبو بكر رضي الله عنه فقال فأحسن ثم قام عمر رضي الله عنه فقال فأحسن ثم المقداد بن عمرو رضي الله عنه فقال يا رسول الله امض لما أمرك الله به فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام   اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون  ، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون فو الله الذي بعثك بالحق لئن سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه ، فقال له رسول الله  صلى الله عليه وسلم  خيرا ودعا له فقام سعد بن معاذ فقال يا رسول الله كأنك تعرض بنا وكان إنما يعينهم لأنهم بايعوه على أن يمنعوه من الأحمر والأسود في ديارهم فلما عزم على الخروج استشارهم ليعلم ما عندهم فقال له سعد لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقا عليها أن لا ينصروك إلا في ديارها وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم فاظعن حيث شئت وصل حبل من شئت واقطع حبل من شئت وخذ من أموالنا ما شئت وأعطنا ما شئت وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر خضناه معك وما نكره أن يلقى منا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء لعل الله تعالى يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله تعالى.

ومن ذلك فعل الصديق رضي الله   عنه يوم الهجرة كما أخرج  الحاكم  في مستدركه من حديث عمر قال خرج رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إلى الغار ومعه أبو بكر فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه حتى فطن له رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فسأله فقال له يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ثم    أذكر الرصد    فأمشي بين يديك فقال يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني قال نعم والذي بعثك بالحق فلما انتهى إلى الغار قال أبو بكر مكانك يا رسول الله حتى أستبرىء لك الغار فدخل فاستبرأه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرىء الجحرة فقال مكانك يا رسول الله حتى أستبرىء الجحرة ثم قال انزل يا رسول الله .

 

وأخرج ابن جرير عن عائشة أنها قالت ما سمعت بشعر أحسن من شعر حسان ولا تمثلت به إلا رجوت له الجنة قوله لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب

هجوت محمدا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء

فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء

أتشتمه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء

لساني صارم لا عيب فيه وبحري لا تكدره الدلاء

هكذا كان حب الصحابة ودفاعهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كانوا يعدونه الرسول والأب والأخ والمربي ، يستشيرونه في جميع أمورهم حتى الدنيوية ، لا يفارقونه إلا وقت النوم ، ويقتدون به في كل مايرونه منه حتى في مشيته ، ولبسه وطريقة كلامه ، فرضي الله عنهم أجمعين

اللهم إنا نحب نبيك ، فاجمعنا وإياه ووالدينا ومن نحب في جنات النعيم مع الصحابة والمقربين يارب العالمين أقول قولي هذا ..........

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ................................

أما بعد ، فيا أيها المؤمنون : لا تنقضي قصص الصحابة في حرصهم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ودفاعهم عنه ، ومعرفة حقه ، لقد كان هاجس حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم  والدفاع عنه في كل الصحابة حتى في صغارهم فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث عبد الرحمن بن عوف قال بينا أنا واقف في الصف يوم بدر فنظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت أن أكون بين أضلع منهما فغمزني أحدهما فقال يا عم هل تعرف أبا جهل قلت نعم ما حاجتك إليه يا بن أخي قال أخبرت أنه يسب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا فتعجبت لذلك فغمزني الآخر فقال لي مثلها فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس قلت ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فأخبراه فقال أيكما قتله قال كل واحد منهما أنا قتلته فقال هل مسحتما سيفيكما قالا لا فنظر في السيفين فقال كلاكما قتله ، وكانا معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح .

لقد ظهرت محبة ا لنبي صلى الله عليه وآله وسلم  علانية على الواقع يوم أحد ، قال أهل السير : وخلص المشركون إلى رسول الله فجرحوا وجهه وكسروا رباعيته اليمنى وكانت السفلى وهشموا البيضة على رأسه ورموه بالحجارة حتى وقع لشقه وسقط في حفرة من الحفر التي كان أبو عامر الفاسق يكيد بها المسلمين فأخذ علي بيده واحتضنه طلحة بن عبيد الله ، وقتل مصعب بن عمير بين يديه فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب ونشبت حلقتان من حلق المغفر في وجهه فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه من شدة غوصهما في وجهه وامتص مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدم من وجنته وأدركه المشركون يريدون ما الله حائل بينهم وبينه فحال دونه نفر من المسلمين نحو عشرة حتى قتلوا ثم جالدهم طلحة حتى أجهضهم عنه وترس   أبو دجانة  عليه بظهره والنبل يقع فيه وهو لا يتحرك ، حتى صار كالقنفذ .

عباد الله : لا تستغربوا هذه المحبة ، فلقد سرت محبة الرسول إلى القلوب حتى نساء الصحابة كن يفدين النبي صلى الله عليه وآله وسلم  بأرواحهن وما يملكن ، قالت أم عمارة رأيتني  وقد انكشف الناس عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فما بقي إلا في نفير ما يتمون عشرة وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه والناس يمرون به منهزمين ورآني ولا ترس معي فرأى رجلا موليا ومعه ترس فقال ألق ترسك إلى من يقاتل فألقاه فأخذته فجعلت أترس به عن رسول الله .

أيها المؤمنون : لو جلسنا في تعداد قصص الصحابة في فداء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لطال بنا المقام ولكن قليله يدل على كثيره ، والقليل منه يكفى لحياة القلوب ومعرفة حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم  الذي نفخر بمحبته بل نفخر أننا أتباعه كما قال الشاعر :

ومما زادني شرفا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا

معاشر المسلمين : لقد حن الجذع لمحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم  لما خطب على المنبر وتركه ، فما سكت حتى نزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم  من المنبر واحتضنه ، ولقد كانت البهائم تشكو إليه قسوة أصحابها ، ولما نحر البدن يوم النحر تسابقت الإبل إليه كلها تريد الذكاة بيده الشريفة ، وكانت الأشجار تظله وتستره ، وكانت الحجارة تسلم عليه ، لقد عرف حقه الصغير والكبير والذكر والأنثى ، والحر والعبد والجماد والحيوان ، ولا غروا فقد قال الله فيه ( وإنك لعلى خلق عظيم )

اللهم من سب نبيك أو حارب دينك اللهم فشل أركانه ، واجعله عبرة لغيره ياقوي ياعزيز

اللهم أنصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين

اللهم انصر من نصر  الدين واخذل من خذل الدين

اللهم وفقنا لهداك واجعل عملنا في رضاك

اللهم انج المستضعفين .............

سبحان ربك رب العزة .................

 

المرفقات

1732801299_صور من تضحيات الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم.doc

المشاهدات 465 | التعليقات 0