خطبة بعنوان( فــــقــــــه بــــــــر الـــــوالـــدين ) مختصرة
سعيد الشهراني
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي بسطَ على خلقِه رحمتَه، وجعلَ الوالدين أوسطَ أبواب ِجنَّتِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه وعَمِلَ بسنّته؛ وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: اتقوا الله عباد الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
أيها المسلمون: لقد أمَرَ اللهُ تَعَالَى عباده وأوصاهم ببر الوالدين فَقَالَ: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) وبر الوالدين من أحبِ الأعمال إلى الله وأفضلِها، فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ وفي رواية أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى مِيقَاتِهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» فَسَكَتُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي. رواه البخاري ومسلم.. وبر الوالدين سببٌ في مدِ العُمر وزيادةُ الرزقِ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ، وَأَنْ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». رواه أحمد، وَرِضَا الوَالِدِ من أسبابِ رضا الرب سبحانه، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ». رواه الترمذي.
عباد الله: ومعنى بر الوالدين هو التَّوسع في الإحسان إليهما، بالقلب والقول والفعل والرِّفقُ بهما طاعة لله واعترافاً بفضلهما. فيدخل في البرّ جميعُ ما يجبُ على الأبناء فعله تجاه الوالدين من الرّعايةِ والعناية، وبذلِ أحسن المشاعر وأحسن الكلام وأحسن الأفعال، وحُسنَ الطّاعةِ وخفضَ الجناح وبذلَ المال لهما، وحُسنَ التّأدّبِ معهما، وطلاقةَ الوجه وحُسنَ المعاشرة، وامتثالَ أمرهما في طاعة الله، ولا يمشي أمامهما، ولا يرفع صوته فوق صوتهما، ويحرص على طلب مرضاتهما ولا يمنُّ عليهما ببرّه، ولا بالقيام بأمرهما، ولا ينظرُ إليهما غاضبًا، ولا يقطّبُ وجهه في وجههما.
عباد الله: وفقه بر الوالدين يكون في أمورٍ لطيفةٍ يسيرة من لطفِها قد تغيب عن بعضنا بحكم الاعتياد على خلافها، فمن فقه بر الوالدين إحسان ندائِهما فليس من البر مناداة الوالدين باسمهما المجرد أو بأبي فلان أو الحديث عنه ووصفه بالشايب أو العجوز، ومن فقه بر الوالدين عدم مجادلة الأب ومغالبته بالحجة وكثرة الجدال؛ وقد أكد سلف الأمة على النهي عنه، ومن فقه بر الوالدين فهم حاجة الوالدين والمبادرة بها قبل طلبها؛ وهذا أبلغ وقْعاً في نفوسهما، ومن فقه بر الوالدين الجلوس معهما وتناول بعض الوجبات معهما، حتى وإن كان لك بيت مستقل أو دعوتهما لعشاءٍ في بيتك أوفي البَرِ أو في أي مكان يرغبانه، ومن فقه بر الوالدين كظم الغيظ إن بدر منهما ما يجرحك أو يزعجك وأن تظهر لهما حُسن علاقتك بإخوتِك وأخواتِك، والسكوت عما يصيبك من أخطائهم، والتماس المعاذير لهم أمام والديك، فإن ذلك يسُرهما، ومن فقه بر الوالدين ملازمة الوالدين في حال حاجتهما للمساعدة فمن المؤلم أن ترى الرجل الذي له عددٌ من الأبناء الكبار، ثم لا تراهم معه في حاجته، إذا احتاج مستشفى أو غيره فتجده بصحبة صديق أو عامل، وكذلك لا تجدهم معه في المناسبات، واعلم أن صحبتك لوالدك سرور تدخله على قلبه، ويرتفع فيه شأنك وفيه جزيل الأجر لك. أسأل الله أن يوفقنا لبر والدينا ويرزقنا فقهه.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الواحدِ الأحدِ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله الفردُ الصمدُ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، مَنْ تَبِعَهُ رَشَدَ وسَعُدَ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى اليوم الأشدّ.
أما بعد: أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، ففي التقوى عصمةٌ من الزللِ، وحمايةٌ من الخلَلِ، ونجاةٌ من العذابِ والظُّلَلَ .
عباد الله ومن فقه بر الوالدين حسن منعهما مما يضرهما فمن الآباء والأمهات من يكون مريضاً بسكر أو ضغط أو غيره ويمنع من بعض الطعام فتجد بعض الأبناء يمنعه بعنف ويحرمه بفضاضة وهذا من قلة التوفيق فحري بالولد أن يفعل ذلك بكل لطف وحسن تعامل، ومن فقه بر الوالدين ألا تفصلك أجهزة التواصل الاجتماعي عن الوالدين، وألا تشغلك في مجلسهم عن الحديث معهم، ففي هذا استهانة بهما، واعمروا مجالسكم مع والديكم بالأحاديث الجميلة والأخبار السارة، والهجوا بالدعاء والثناء عليهم وذكر محاسنهم وبذلهم وإحسانهم.. وحدثوهما بما يريدان لا بما تريدون، وأشعروهما بأنكم تحبون وتسعدون بخدمتهما؛ فالعامل النفسي من أوسع مجالات البر إذا أحسنت استخدامه واعلم أن الوالدين قد تضيق نفوسهما وتكثر مطالبهما ويقل صبرهما فاللهم اغفر لنا تقصيرنا في حقهما وأعنا على برهما على خير وجه يرضيك عنا.
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد... (الدعاء مرفق)
المرفقات
1733902765_خطبة بعنوان( فــــقــــــه بــــــــر الـــــوالـــدين ) مختصرة.docx
سعيد الشهراني
عضو نشطهذه الخطبة مستوحاة ومختصرة من خطبة الشيخ عبدالله علي الطريف جزاه الله خير.
تعديل التعليق