خطبة الجمعة الموافق 5 رمضان 1445هـ في الحث على الصدقة
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
الحَمْدُ للهِ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ وَيُخْلِفُ عَلَى الْمُنْفِقِينَ وَلَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ
أمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ فأُوْصِيكُم وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ فَإِنَّهَا خَيْرُ لِبَاسٍ
واعلموا أنَّ إِدراكَ شهرِ رمضان نِعمةٌ عظيمةٌ فاعْرِفُوا قَدْرَ هذه النعمة واستقبِلُوا شَهْرَكُم بِما يَليقُ به وإيَّاكُم والغفلَةَ والتفريطَ فإن إدراكَ رمضانَ مِن الفُرَصِ التي لا تُعَوَّضُ فاسْتَقْبِلُوه بالفَرَحِ فإن الْمؤمنَ يفرحُ بِفَضلِ الله وعَلَيْكُم بِتَقْوَى اللهِ وإخلاصِ العَمَلِ لله فإن اللهَ تعالى لا يَقْبَلُ من العملِ إلا ما كان له خالِصًا وابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُه فاسْتَقْبِلُوه بالتَّوبَةِ النَّصُوحِ والعزيمةِ على إِصلاحِ الحال والتَّخَلُّصِ مِن حُقُوقِ العبادِ وكذلك بالتَّفَقُّهِ في أَحْكامِ الصيامِ والقِيام فإن العَمَلَ إذا لَم يَكُن على السُّنَّةِ فإنه مَرْدُودٌ على صاحِبِه تزودوا في شهر رمضان بالأعمالِ الصالحةِ
وَمِنْ الأَعْمالِ الصالِحَةِ الصَّدَقّةُ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ دَلِيلٌ على إيمانِ العَبْدِ قال النبيُّ ﷺ ( وَالصَّدَقَةُ بُرْهانٌ ) أيْ عَلامَةٌ على صِدْقِ الإيمان وهِيَ سَبَبٌ لِلشِّفَاءِ والسلامَةِ مِن الأَمْراضِ وعِنْدَما يُحْشَرُ الناسُ حُفاةً عُراةً غُرْلاً وَتَدْنُو مِنْهُم الشمسُ وَيُلْجِمُهُم العَرَقُ يَكُونُ الْمُسْلِمُ في ظِلِّ صَدَقَتِه والصَّدَقَةُ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وهِيَ سَبَبٌ لِزِيادَةِ الرِّزْقِ ونُزُولِ البَرَكاتِ والصَّدَقَةُ مِن أَعْظَمِ أبْوابِ البِرِّ والإيمانِ وذَوْقِ حَلاوَتِه والصَّدَقَةُ الجارِيَةُ يَبْقَى ثَوابُها حَتَّى بَعْدَ الْمَوْتِ وهِيَ سَبَبٌ لِإِطْفاءِ الخَطايَا وتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ وهِي حِجابٌ عَن النارِ والصَّدَقَةُ مِنْ أَفْضَلِ صَنائِعِ الْمَعْروفِ التي تَقِي مَصارِعَ السُّوءِ
عِبَادَ اللهِ شهر رمضان شهر الجودِ والإحسانِ شهرِ النفوسِ السخيةِ والأكفِّ النَّدِيةِ شهر يتنافس فيه الصالحون ويتسابَق المحسنون ولا شكَّ أنَّ الحسنةَ تتضاعَفُ في الزمان الفاضل كما أنَّها تتضاعفُ في المكان الفاضل فالصدقة في رمضان يَعظُمُ أجرُها وقدوتُنا رَسُول اللهِ ﷺ كان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان وكان أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ
والصدقة يا عبادَ اللهِ تَقِي الإنسانَ ميتةَ السوء وتنفَعُ صاحبَها حتى لو أُخرِجَتْ عنه بعدَ موته أتى سعدُ بنُ عبادة رضي الله عنه النبيَّ ﷺ فقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا قَالَ ﷺ نَعَمْ قُلْتُ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ ﷺ سَقْيُ الْمَاءِ رواه النسائي وما اجتمع الصيام مع الصدقة وعيادة المريض واتِّباع الجنازة إلا وجَبَت لصاحبِها الجنةُ بفضل الله ورحمته ففي صحيح مسلم قال ﷺ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أَنَا قَالَ ﷺ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ ﷺ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ ﷺ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلا دَخَلَ الْجَنَّةَ
أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ))
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة أقول ما تسمعون وأستغفِر اللهَ لي ولكم من كل ذنب وخطيئة فاستغفِروه إنه كان غفَّارًا
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيَكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ استجلِبُوا رحمةَ ربِّكم بتفقُّد أحوال ذوي أرحامِكم والمحتاجينَ من أقاربِكم وجيرانِكم فإنَّ اللهَ رحيمٌ يحب عبادَه الرحماءَ كريمٌ يُحِبُّ الكرمَاءَ جَوادٌ يُحِبُّ الجودَ عفوٌّ يُحبُّ العفوَ ألا فلنبادر أيها الأخوة إلى إخراج الزكاة الواجبة ونتبعها بصدقات التطوع ولْيجتهد المسلم في أن تصل زكاة ماله وصدقته إلى من يستحقها فيبحث عن المحتاجين من أقاربه ومعارفه ممن تحل لهم الزكاة فيعطيهم إياها لتكون له صدقة وصلة ويتفقد جيرانه المحتاجين (( الذين لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا )) إذ لَا بُدَّ مِنْ بَذْلِ الصَّدَقَاتِ لِمَنْ هُمْ أَشَدُّ حَاجَةً وَضَرُورَةً وَتَحَرِّي أَشَدِّ الْمُسْلِمِينَ كُرْبَةً وَعِفَّةً وأنْ يكونَ التَّبَرُّعُ عن طَرِيقِ الْمَنَصَّاتِ الرَّسْمِيَّةِ الْمُعْتَمَدَةِ كمنصة إحسان والتي أنشأتها الدولة وفقها الله لهذا الغرض السامي النبيل فلا تتبرعوا إلا عَن طريِقِها حفظاً لأموالكم وضماناً لوصولِ الصدقةِ لأهلِها ومستحقيها فَتَصَدَّقُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِمَا تَجِدُونَ وَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ))
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ قَولاً كَرِيمًا (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين الطَّاهِرِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَانْصُرِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى ولِمَا فِيهِ خَيرٍ للِبِلَادِ والعِبَادِ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ) عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))
المرفقات
1710451499_خطبة الجمعة الموافق 5 رمضان لعام 1445هـ في الحث على الصدقة.pdf
1710451513_خطبة الجمعة الموافق 5 رمضان لعام 1445هـ في الحث على الصدقة.docx