خطبة استسقاء مختصرة تصلح للمدارس
عبدالله الجارالله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. ( يَا أَيُّهَا الَّذِين ءَامَنُواْ اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
عباد الله خلقنا الله تعالى لعبادته وحده {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) } واستخلفنا في الأرض فقال لملائكته { ...إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ... } وقد ينسى العباد تلك المهمة التي خلقوا من أجلها وينشغلوا بالرزق الذي تكفل الله به - أي ينشغلوا بما ضمنه الله لهم عن العبادة التي كلفوا بها – فيحبس الله المطر عنهم ليتذكروا أن أمور الرزق بيد الله فإذا صلوا وتضرعوا ودعوا وأخلصوا العبادة لربهم يكونون قد حققوا ما من أجله خلقوا .
عباد الله ، وعندما تجدِب الأرض وينقطِع الغيث ويهلك الحرث وتجفّ الضروع وتشتدُّ اللأواء وتمسّ الناسَ البأساءُ والضرّاء يرجع أولو الألبابِ إلى أنفسهم، فيتفكَّرون في بواعثِ ذلك، ويذكرون قول ربهم سبحانه في خطابِه لنبيِّه ولأمَّته من بعدِه: مَّا أَصَـٰبَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ وَمَا أَصَـٰبَكَ مِن سَيّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ [النساء:79]، ويذكرون قولَه عزَّ اسمه: وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ [الشورى:30]. إنها إذًا آيةٌ بيِّنة على شُؤم الخطَايا وتبِعاتِ الآثام وآثار الأوزار وقبح عاقبة العصيان.
وإنَّ من أعظمِ ذلك وأشدِّه نُكرًا ظلمَ المرءِ نفسَه؛ إما بالقعودِ عن أداءِ واجب، أو بالاجتراءِ على ارتكاب حرام، كتركِ الصلواتِ المكتوبات والجُمَع والجماعات، ومنعِ الزكاةِ ونقص المكيالِ والميزان، وأكلِ الربا وتسميتِه بالفوائدِ كذِبًا وخِداعًا للنّفس، وأكلِ أموال الناس بالباطل، والزّنا وشربِ الخمر، وما يفضي إليهما من مشاهدةِ أفلامِ الفحشاء والمنكَر التي تبثُّها المحطَّاتُ الفضائيّة والأرضية ليلَ نهار، باجتراءٍ يعزّ نظيرهُ، ومِن الدعواتِ الآثمة إلى السفور ونبذ الحجاب وتزيين الاختلاط، والزعم الكاذب أنها تقاليدُ وعادات وليست شرعًا ملزِمًا، إلى غير ذلك من ألوانِ المحادّةِ لله ورسولِه، التي يبوءُ بإثمها كلُّ من دعَا إليها أو أقرَّ بها أو عمِل بها.
ألا فاتقوا الله عبادَ الله، واستجيبوا لأمرِ الله، واحذَروا أسبابَ سخطه، وأدّوا زكاةَ أموالكم طيِّبةً بها نفوسُكم، واستكثروا من الصدقةِ والإطعام والصيام وسائر ألوانِ الباقيات الصالحات.
هذا وإنَّ ما يُنزل الله من بلاء وما يقدّره من ضنك وما يقضي به من شِدّةٍ يستوجِب الاستكانةَ له وصدقَ الالتجاء إليه، ويستوجب أيضًا الخضوعَ لعظمته بالذلِّ له والانكسارِ بين يدَيه، وقد ذمَّ سبحانه الذين لا تورِثهم الشدائدُ استكانةً ولا تعقِبهم تضرُّعًا له فقال: وَلَقَدْ أَخَذْنَـٰهُمْ بِٱلْعَذَابِ فَمَا ٱسْتَكَانُواْ لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ [المؤمنون:76].
ألا فعَليكم ـ يا عبادَ الله ـ بنَهج أولي النّهى وطريق عباد الرحمن، وتضرَّعوا لربِّكم، وادعوه ملحِّين في الدعاءِ موقِنين بالإجابة، فقد أمَرَكم بذلك، ووَعَدكم وعدًا حقًّا لا يتخلَّف ولا يتبدَّل، فقال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰخِرِينَ [غافر:60]، وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186]، وقال عزّ وجلّ: ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأرْضِ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ [الأعراف:55، 56].
وأكثِروا ـ يا عباد الله ـ مِن الاستغفار، فإنّه من أعظم أسبابِ الغيث، كما قال سبحانه على لسانِ نبيِّه هود: وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ [هود:52]، وقال حكايةً عن نوحٍ عليه السلام: فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا [نوح:10-12].
وتوجَّهوا إلى الله ربِّكم بما كانَ يتَضرَّع بهِ نبيُّ الرحمة والهدَى صَلوات الله وسَلامه عليه في هذا المقام، فقولوا وأمِّنوا على هذا الدعاء:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرّحمن الرحيم، مالكِ يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين. اللهمّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا مِن القانطين.
اللهمّ أغثنا، اللهمّ أغثنا، اللهم أغثنا، اللهمّ اسقنا غيثًا هنيئًا مريئًا طبَقًا مجلِّلاً سحًّا عامًّا، نافعًا غيرَ ضار، عاجلاً غيرَ رائث، اللهمّ تحيي به البلادَ، وتغيث به العباد، وتجعله بلاغًا للحاضِر والباد.
اللهمّ سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة، لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق.
اللهمّ اسقِ عبادك وبلادك وبهائمك، وانشُر رحمتَك، وأحيِ بلدك الميت.
اللهم إنَّ بالعباد والبلادِ من اللأواءِ والضّنك والجهدِ ما لا نشكوه إلاَّ إليك، اللهمّ أنبت لنا الزرع، وأدرَّ لنا الضرع، وأنزل علينا من بركاتك.
اللهم ارفَع عنا الجَهد والجوعَ والعُري، واكشِف عنا من البلاءِ ما لا يكشفه غيرُك.
اللهم إنَّا خلقٌ من خلقك، فلا تمنع عنَّا بذنوبنا فضلك.
اللهم إنَّا نستغفرك إنّك كنت غفّارًا، فأرسِل السماءَ علينا مدرارًا.
ربنا ظلمنا أنفسَنا، وإن لم تغفِر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين.
ربّنا لا تؤاخِذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملتَه على الذين من قبلنا، ربَّنا ولا تحمِّلنا ما لا طاقةَ لنا به، واعفُ عنَّا، واغفر لنا، وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
هذا، وإنَّ ممّا جاء في الصحيحين عن عبد الله بن زيدٍ المازنيّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ كان يحوِّل رداءَه في هذا المقام[1]، فافعلوا ـ رحمكم الله ـ كما فعل نبيّكم صلوات الله وسلامه عليه، عسى ربّكم أن يرحمَكم، فيغيث القلوبَ بالهدى، ويغيث الأرضَ بالغيث وهطول السماء.
واذكروا على الدّوام أنَّ الله تعالى قد أمرَكم بالصلاة والسلامِ على خير خلقِ الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبِه والتابعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله اقلبوا أرديتكم اقتداء بسنة نبيكم سبحانَ ربِّك ربِّ العزَّة عمّا يصِفون، وسلامٌ على المرسَلين، والحمد لله ربِّ العالمين.
خطبة استسقاء (مختصرة تصلح للمدارس ) 2 7/1/1432هـ
الحمد لله، جرَت بالأقدار أقلامُه، ومضَت في الخلائق أحكامُه، أحمده سبحانه وأشكره شكرًا يزيد به فضلُه وإِنعامه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له شهادةَ حقٍّ ويقين يزول بها عن القلبِ غِشاوته وظلامُه،
يــا إلـهـي إنــي مـقـر بذنـبـي وخـطـايـا جـــوارح مـسـرفـات
ضعـف نفسـي وحسـن ظنـي بـربـي جـرّنـي للقـصـور فــي واجبـاتـي
يــا رحيـمـا بعـبـده يــا عـفـوا يــا مـحـل الآمــال والمكـرمـات
امـح عنـي صحائـفـا مــن ذنــوب واعـف عنـي يـا غـافـر السيـئـات
وأشهد أنّ سيّدَنا ونبينا محمّدًا عبد الله ورسوله ببعثته ورسالته كمل الدِّين وارتفعت أعلامه، صلى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابِه، صلاة وسلاما دائمين ما دام الدّهرُ ليالِيه وأيّامُه، والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين.
أما بعد: فاتقوا الله حقَّ تقواه، فما من خير في الدنيا والآخرة ولا صلاح ولا متاع حسن ولا أمن وسَعة إلا وطريقها التقوى، بالتقوى تفتح أبواب السماء بالرزق والخير والبركات، وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
إخواني : الإنسان ضعيف عاجز، محتاج إلى ربه ومولاه، ولكن هذا الضعف والعجز لا يظهر جليا إلا حين يفقد شيئًا أو يمرض ويعجز، تلك طبيعة بني ادم إلا ما رحم ربك، فما أضعفك يا ابن آدم! وما أعجزك!.
ولقد توالت علينا من ربنا النذر، انحباس الأمطار والجدب وقلّة البركات ،غلاء في الأسعار،وانتشار للأمراض والأوبئة، وتتابع البلاء فضلا عن تسلّط أعداء الدين وضَعف كلمة المسلمين، إن ذلك كله أثر من آثار ابتعاد العباد عن ربهم، وكفرهم بنعمته، وغفلتهم عما خلقوا له من عبادة الله وطاعته، وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ . إنها حقيقة إلهية لا تتغير، وسنة ربانية لا تتحول، قال تعالى: سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً . فبقدر ما يعمَّ الظلم ،ويستشرى الفساد ،تظهر المصائب وتنتشر الأوبئة، وينهار الاقتصاد ويصبح وشيكاً نزول العذاب، فأي ظلم أكبر من محاربة (لا إله إلا الله) بشتى الوسائل ومختلف الطرق؟! وأي ظلم أكبر من التطاول على خاتم النبيين وإمام المرسلين وورثته من العلماء الربانيين؟! وأي ظلم أكبر من أن تشيع الفاحشة ،ويجاهر بفعلها دون حياء ولا خجل ولا خوف ولا وجل؟!
عباد الله : في الوقت الذي نرى فيه مجموعة من شبابنا تتمثل دينها منهجا وسلوكاً، فتراهم يبادرون إلى المساجد لأداء الصلوات، والانتظام في حلقات تحفيظ القران ، والتزاحم بالركب بين يدي العلماء والمشايخ ،وبينا تأسرك هذه الصورة وتأخذ بفؤادك ،يسوؤك ويفتت كبدك، حال الألوف من شبابنا الذين يسيرون على غير هدى ، هويتهم ذائبة ، وأحلامهم ضائعة ،امتلأت عقولهم بالشبهات ، وقلوبهم بالشهوات ، لا يقبلون على طاعة ، ولا يستحون من معصية ، همهم العشق والغرام ،والفرج والحرام، ضاعت أوقاتهم بين الشاشات، واللعب قي الحواري والاستراحات ، والجلوس على الأرصفة في الطرقات ، يتأنقون في مظهرهم وملبسهم ، ويتفنون في إضاعة أوقاتهم، غاية آمالهم سيارة وعشيق ،أضاعوا الصلوات ،واتبعوا الشهوات، ولم يراعوا الحرمات ،والله سبحانه يغار على حرماته، وهو يمهل ولا يهمل، حتى إذا أخذ فإنّ أخذه شديد وعقابه أليم، وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا .
أيها الإخوة المؤمنون، إنني لا أجد لنا واعظا أعظم من كلام ربنا ، لأن من لم يذكره القرآن فلا مذكّر له، من لم يعظه القرآن فلا واعظ له ،فلقد قص علينا سير من كانوا قبلنا، وما وقع لهم من المثلات والعقوبات، قصَّ الله علينا خبرهم، وأمرنا بأن نعتبر بما وقع لهم، وأن نحذر من سلوك سبيلهم، فبرغم ما كانوا عليه من قوة في الأبدان وسعة في السلطان لكنهم لما عصوا ربهم أخذهم بذنوبهم، (وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ) ، فقطع الله دابرهم، وأهلكهم عن آخرهم، (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا) ،( وتلك مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً ) (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ،فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ،فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ،فَقُطِعَ دَابِر الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ،) فاعتبروا يا أولي الأبصار، واعلموا أنّ الله تعالى لا تضرّه معصية العاصي، كما لا تنفعه طاعة الطائع، ولن يضرَّ العاصي إلا نفسه.وليس بينا وبين ربنا أمان إلا بالاستغفار ، فهو الدافع وهو الرافع للعقوبات، (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) وعند أبي داود وابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ومن كل بلاء عافية)).
عباد الله، وإن ربنا كما أخبر عنه نبينا : ((حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ)) فإننا نرفع أيدينا سائلينه جل وعلا ومنتظرين إجابته لنا، فهو الغني الكريم والرب الرحيم.
اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت ربنا لا رب لنا سواك نرجوه، ولا إله لنا غيرك فندعوه، نتوسل إليك ربنا بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، نتوسل إليك بأنك أنت ربنا وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد وأنت على كل شيء قدير، نتوسل إليك سبحانك بأننا لا نشرك بك شيئا أن تفرج عنا ما حل بنا، وأن تنزع عنا ما ابتليتنا به في أي شأن من شؤوننا، فأنت ربنا ومولانا، إليك تضرُّعنا وشكوانا.
اللهم أغثنا, اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، وبلادنا بالصيّب النافع يا رحمن. اللهم إن بالبلاد والعباد من البلاء والجهد ما لا نشكوه إلا إليك يا ربنا ،اللهم اسق بهائمك وعبادك وأحيِ بلدك الميت. اللهم قد رفعنا إليك أيدينا فلا تردنا بذنوبنا خائبين، ولا من عطاياك محرومين يا أكرم الأكرمين. يا من عمَّ برزقه الطائعين والعاصين، وعمّ بجوده وكرمه جميع المخلوقين، جد علينا برحمتك وإحسانك، وتفضل علينا بغيثك ورزقك وامتنانك، اللهم سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة، لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق، اللهم وسِّع أرزاقنا، ويسّر أقواتنا، اللهم هذا الدعاء، ومنك الإجابة، وهذا الجهد، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، فلا تردنا خائبين، اللهم صل على نبينا محمد النبي المصطفى المختار، اللهم صل عليه ما تعاقب الليل والنهار، اللهم صل عليه ما أزهرت الأشجار، اللهم صل عليه ما هطلت الأمطار، وسالت الأودية والأنهار، وفاضت العيون والآبار. لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين. نستغفرك ربنا ونتوب إليك. عباد الله اقلبوا أرديتكم اقتداء بسنة نبيكم سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
خطبة استسقاء (مختصرة تصلح للمدارس ) 3 7/1/1432هـ
الحمد لله الغني الحميد يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شرك له ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد وأشهد أن محمد عبده ورسوله بعثه رحمة للعالمين وحجة على الخلائق أجمعين فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما 000 وبعد:
عباد الله : اتقوا الله وأطيعوه
] يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ[
وهو مع غناه عنكم يأمركم بدعائه ليستجيب لكم وسؤاله ليعطيكم واستغفاره ليغفر لكم وأنتم مع فقركم وحاجتكم إليه تعرضون عنه وتعصونه وأنتم تعلمون أن معصيته تسبب غضبه عليكم وعقوبته لكم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم] يا معشر المهاجرين خمس خصال أعوذ بالله أن تدركوهن ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ولا نقص قوم المكيال إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا المطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولا خفر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم[
فذكر في هذا الحديث خمس أنواع من المعاصي كل نوع منها يسبب عقوبة من العقوبات ومن ذلك : من الزكاة ونقص المكيال يسببان منع المطر وحصول القحط وشدة المؤونة وجور السلطان وأنت في هذه الأيام ترون تأخر المطر عن ووقته وإجداب المراعي مما يترتب عليه ضرر العباد والبلاد والبهائم قال أبو هريرة إن الحبارى تموت في وكرها من ظلم الظالم وقال مجاهد إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة وأُمسك المطر تقول هذا بشؤم معصية ابن آدم
أما منع الزكاة فقد ابتلي كثير من الناس اليوم بتضخم الأموال في أيديهم وصاروا يتساهلون في إخراج الزكاة إما بخلا بها إذا نظروا إلى كثرتها وإما تكاسلا عن إحصائها وصرفها في مصارفها
عباد الله : إن الله أرشدنا عند احتباس المطر إلى أن نستغفره من ذنوبنا التي بسببها حبس عنا المطر قال تعالى حكاية عن هود عليه السلام ] وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ ]
فالإكثار من الإستغفار والتوبة سبب لنزول المطر وقال تعالى:
] فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً [
أي : إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم وأسقام من بركات السماء وأنبت لكم من بركات الأرض وأنبت لكم الزرع وأدر لكم الضرع وأمدكم بأموال وبنين وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار ويتخللها الأنهار الجارية
وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته الاستسقاء عند احتباس المطر وذلك بالصلاة والدعاء والتضرع إلى الله تعالى مما يدل على أنه مطلوب من المسلمين جميعا عند امتناع المطر أن ونزول البلاء وحلول المصائب أن يحاسبوا أنفسهم ويتوبوا إلى ربهم لأن ذلك بسبب ذنوبهم كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة
فحاسبوا أنفسكم عباد الله واستعدوا ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلى من أتى الله بقلب سليم يقول الله تعالى :] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[
ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ]الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني[
نعم العاقل الفطن الذي يحاسب نفسه ويعمل الصالحات لما بعد الممات والعاجز الذي يتبع نفسه هواها ويتمنى على الله الأماني
يقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه]حاسبو أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر يوم إذ تعرضون لا تخفى منكم خافية [
عباد الله اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ] بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا[
يقول إبراهيم التيمي محاسبا نفسه ومربيا لها : مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أبكارها ثم مثلت نفسي في النار آكل من زقومها وأشرب من صديدها وأعالج سلاسلها وأغلالها فقلت لنفسي : يا نفس أي شيء تريدين ؟ فقالت : أريد أن أرد إلى الدنيا فأعمل صالحا ! قلت : فأنت في الأمنية فأعملي [
نعم يا عباد الله نحن اليوم في زمن الأمنية فلنعمل ولنجتهد في عمل الخيرات وترك المنكرات قبل أن يفاجئنا الموت بغتة يقول ربنا عز وجل ] وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[
اللهم أنت الغني ونحن الفقراء أنزل عينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم اجعل ما أنزلته علينا قوة لنا على طاعتك ومتاعا إلى حين اللهم اسقنا غيثا مغيثا غدقا سحا طبقا مجللا عاما نافعا غير ضار هنيئا مريئا عاجلا غير آجل اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق اللهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحيي بدك الميت اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والشدة والجهد والضيق والضنك مالا نشكوه إلا إليك يا سميع الدعاء اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع وأنزل علينا من بركات السماء اللهم لا تحرمنا فضل ما عندك بسوء ما عندنا اللهم واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك يا أرحم الراحمين
عباد الله اقلبوا أرديتكم اقتداء بسنة نبيكم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المشاهدات 27307 | التعليقات 12
جزاك الله كل خير شيخ عبدالله وبعد الاستئذان فهذه خطبة تصلح للطلاب وخاصة في المرحلة الابتدئية ( منقولة وقابلة للتعديل والإضافة )
الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ، وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير ، الحمد لله مغيث المستغيثين ، ومجيب دعوة المضطرين ، وكاشف كرب المكروبين ، ومسبغ النعم على العباد أجمعين ، أحمده سبحانه وهو للحمد أهل ، وهو الحقيق بالمنة والفضل ، خلق فسوى ، وقدر فهدى ، وأخرج المرعى ، نعمه تترى وفضله لا يحصى ، لا معطي لما منع ، ولا مانع لما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ، ويعلم ما في البر والبحر ، وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها ولا حبةٍ في ظلمات الأرض ، ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مبين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أخشى الناس لربه وأتقاهم لمولاه وأكثرهم له استغفاراً وذكراً ، وأصدقهم شكراً ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى ، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين0 يا من يرى ما في الضمير ويسمع أنت المعد لكل ما يتوقع
يا من يرجى للشدائد كلها يا من إليه المشتكى والمفزع
يا من خزائن رزقه في قول كن امنن فإن الخير عندك أجمع
نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه ، سبحان فارج الكربات ، سبحان مجيب الدعوات ، سبحان مغيث اللهفات ، سبحان من سبحت له السموات وأملاكها والنجوم وأفلاكها والأرض وسكانها والبحار وحيتانها والنجوم والجبال والشجر والدواب والآكام والرمال وكل رطبٍ ويابسٍ وكل حيٍ وميتٍ (( تسبح له السموات والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده )) 0
الاستسقاء تضرع ودعاء ، الاستسقاء تمجيد لله وثناء ، الاستسقاء خوف ورجاء ، الاستسقاء خشوع وبكاء ، الاستسقاء إعلان من المسلمين بأنه لا خالق إلا الله ولا رازق إلا الله وأنه لا يكشف الضر إلا الله 0الاستسقاء إظهار للافتقار إلى الله والتجاء إلى قدرته وفرار إلى رحمته0
ياأبناء المسلمين : لماذا انقطعت عنا الأمطار وتأخر الغيث ؟
هل نفد ما عند الله ؟ حاشا لله وتعالى الله وتقدس 0
إن الأمطار لا تنقطع إلا بسبب الذنوب والخطايا وبسبب المعاصي والتقصير في حق الله .
الأمطار تنقطع حينما يتهاون الناس بالصلاة ، ويمنعون الزكاة وتنتشر بينهم الفواحش ، ويكثر الظلم والعقوق وقطيعة الرحم ، وإن الأمطار تنزل حينما يعود الناس إلى الله ، ويتوبون من ذنوبهم ، ويعترفون بخطئهم ، ويدعون ربهم ويستغفرونه
أيها المسلمون : إن الماء سبب كل رخاء وبدونه يعيش الناس في شر وبلاء ، فكيف سيكون حالنا إذا استمر انقطاع المطر فمن سيأتينا بالماء ومن سيرزقنا إذا أمسك الله رزقه عنا ( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين )
يا أبناءنا الطلاب : أنتم مسلمون ، ومن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد يرحم الله الأمة بسبب أحدكم إذا دعا وتضرع 0
يا أبناءنا الطلاب : إن الله لا يغير حتى نغير ، فهلا أبدلنا الحال من المعصية إلى الطاعة ، ومن الذنوب إلى العمل الصالح
ما رأيك أبني الطالب بعد الانتهاء من الاستسقاء الآن أن تقوم وتصلي سنة الضحى ثم تدعو قائلا : اللهم أغث المسلمين ؟؟
ما رأيك أن تتبرع بما زاد عن حاجتك من لباس وطعام ونفقة وتعطيها لمن أشد منك حاجة ؟؟ 0
ما رأيك أن تعلن توبتك من الذنوب واللعان والكلام السيئ ، وأن تعاهد الله على المحافظة على صلاة الجماعة ؟؟ 0
إنك لا تدري فقد تكون أنت سببا في نزول الخير ، وهطول الأمطار بسبب دعوتك وصفاء قلبك 0
والآن سندعو الله فأمنوا وارفعوا أيديكم فعسى الله أن يرحمنا
يا فارج الهم ، ويا كاشف الغم يا منزل القطر يا مجيب دعوة المضطر ، إنا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن فضلك ، إلهنا أتعذبنا بما فعل السفهاء منا ، أتعذبنا وفينا الصائمون القائمون ، أتعذبنا ونحن نخشاك ونرجوك ، إلهنا إن عذبتنا فبعدلك وإن عفوت عنا فبفضلك ، نحن الفقراء إليك الأسرى بين يديك ، يا رب البيت العتيق هؤلاء عبيدك خرجوا في صعيدٍ من الأرض يستمطرونك فيا من يجيب دعوة المضطر أجب دعوتهم 0
اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ( تكرر)
اللهم أغثنا .. يا مغيث أغثنا .. يا رحيم ارحمنا .. يا كريم تكرم علينا .. يا تواب تب علينا .. يا غفور اغفر لنا .. اللهم أغث البلاد ، وارحم العباد ، ولا تجعلنا قانطين
معاشر الإخوة والأبناء : اقلبوا أرديتكم اقتداء بنبيكم ، وادعوا تقبل الله منا ومنكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم
جزاك الله خيرا يا شيخ عبد الله على مشاركات المميزة وأسأل الله أن يثيبك عليها وينفع بها.
وهذه مشاركة ...
https://khutabaa.com/forums/موضوع/136348
مشائخنا الكرام أنتم مبدعون بارك الله في جهودكم ونفع الله بكم السلام والمسلمين
اسأل الله ان يغيثنا وان لا يحرمنا فضله ورحمته
الغيث
فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى حق تقواه، فإن من اتقى الله حفظه ووقاه، ومن سأله منحه وأعطاه، ومن توكّل عليه كفاه وآواه. فأهل التقوى خير الناس {إن أكرمكم عن الله أتقاكم}
أيها المؤمنون: هنالك نعمة من نعم الله، وآية من آياته جل في علاه، لا غنى للناس عنها، ولا بد للخل منها، هي مادة حياتهم، وعنصر نمائهم، وسبب بقائهم، منها يشربون ويسقون، ويحرثون ويزرعون، ويرتوون ويأكلون، تلكم هي نعمة المطر والماء ، وآية الغيث والسقاء.
الماء أصل النماء، الفائق على الهواء والغذاء والكساء والدواء، هو عنصر الحياة وسبب البقاء، {أَفَرَءيْتُمُ ٱلْمَاء ٱلَّذِى تَشْرَبُونَ * أَءنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاء جَعَلْنَـٰهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ} [المعارج:68-70]، {وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَاء كُلَّ شَىْء حَىّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء:30]، إنه لا يقدر هذه النعمة قدرها إلا من حُرمها، ولا يعرف لها حقها إلا من مُنعها.
ومن حكمته تبارك وتعالى أن لا يديم عبادهُ على حالة واحدة، بل يبتليهم بالسراء والضراء، ويتعاهدهم بالشدة والرخاء، ويمتحنهم خيراً وشراً، نعماً ونقماً، محناً ومنحا، {وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء:35]، ومن ابتلاء الله لعباده حبسُ القطر عنهم، أو تأخيره عليهم، أو نزع بركته منهم، مع ما للمطر من المنافع العظيمة للناس والبهائم والزروع والثمار، وما في تأخيره من كثير من المضار.
إن للغيث أسباباً جالبة وأخرى مانعة، فهل سألنا أنفسنا ونحن في مواسم الغيث: هل أخذنا بأسباب نزوله، أم قد نكون نحن بأفعالنا سبباً في منعه؟
فيا عباد الله، لنحاسب أنفسنا، ألم نقصِّر في تحقيق الإيمان والتقوى؟! هل راقبنا الله في السر والنجوى، لقد اندرست كثير من معالم الخيرات، وقلت منا الأعمال الصالحات، وظهرت في نادينا المنكرات، وعمت في المجتمع المحرمات، ، فلم يتمعَّر منها وجه، ولم يشمئزّ منها قلب إلا من عصم الله.
إن ذنوبنا جسيمة، ومعاصينا عظيمة، وإن شؤم المعاصي وعواقبها وخيمة، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله : "وهل في الدنيا شرٌ وبلاء، إلا سببه الذنوب والمعاصي؟!". الذنوب ما حلت في ديار إلا أهلكتها، ولا في مجتمعات إلا دمرتها، ولا في نفوس إلا أفسدتها، ولا في قلوب إلا أعمتها، ولا في أجساد إلا عذبتها، ولا في أمة إلا أذلتها، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن ما عند الله لا يستنزل إلا بالتوبة النصوح، يقول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: (ما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة)
عباد الله، لقد شكوتم إلى ربكم جدْب دياركم، وتأخر المطر عن بلادكم ، فما أحرى ذلك أن يدفعكم إلى محاسبة أنفسكم، ومراجعة دينكم، {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]وما ابتلي المسلمون اليوم بقلة الأمطار، وغور المياه والآبار، وانتشار الجفاف الجدْب، وغلبة والمجاعة والقحط، إلا بسبب الذنوب والمعاصي.
إن تشخيص الداء يحمل في طياته معرفة الدواء، فإن من الأدواء: فالإعراض عن التوبة والتسويف فيها، وغفلة العباد، وقسوة قلوبهم، وضعف إيمانهم، وانتشار والمعاصي بينهم، لا سيما منع الزكاة، ونقص المكاييل والموازين، يقول r: ((لم ينقُص قومٌ المكيالَ والميزانَ إلا أُخِذوا بالسنين وشدّة المؤونة وجورِ السلطانِ عليهم، ولم يمنَعوا زكاةَ أموالهم إلا مُنِعوا القطرَ من السماء، ولولا البهائمُ لم يمطَروا)) خرَّجه البيهقي والحاكم وصحّحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما
كذلك التقصير في الدعاء والضراعة، في حين أن الاجتهاد في الدعاء من أعظم الأمور التي يستنزل بها المطر، يقول سبحانه: {أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء}
ومثله إغفال الاستغفار الذي هو السبب العظيم في استنزال المطر من السماء، يقول تعالى عن نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً} [نوح:10-12]، وقال سبحانه عن هود عليه السلام: {وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ} [هود:52]، واستسقى عمر رضي الله عنه فلم يزد على الاستغفار، فقيل له في ذلك، قال : (لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر) فالاستغفار ـ يا عباد الله ـ هو الدواء الناجع في حصول الغيث النافع، ولا بد في الاستغفار أن يكون صادقاً، لئلا يصدق علينا قول بعض السلف: "استغفارنا يحتاج إلى استغفار"
فلنتق الله عباد الله، وما أنزل الله بأهلِ الأرض من شدّةٍ وعناء، ولا أصَابهم من محنةٍ وبلاء إلا ليعلَم الله الذين صدَقوا ويعلمَ الكاذبين، ولينظرَ سبحانه من يُحدِث منهم توبة. وإنَّ من حكمتِه جلّ وعلا أن لا يديمَ عبادَه على حالةٍ واحدة، بل يتعهَّدهم بالشدّة والرخاء، ويبتليهم بالسرّاء والضرّاء، نعَمًا ونِقما، مِنَحا ومحَنًا، {وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء:35]. وإنما يُخوّفكم الله بالجفاف والقحط والجدب ومنعِ القطر وشدّة المؤونة في الأرزاق لئلا تستمرّوا في ذنوبكم وتصرّوا على غفلتكم، ولنعلم أنه ليس طلب الغيث بمجرد القلوب الغافلة، والعقول اللاهية، وإنما يطلب بتجديد العهد مع الله، وصدق العمل بشريعة الله، وفتح صفحة جديدة من حياة الاستقامة، شعارها طاعتك اللهم ما دامت لنا في هذه الدنيا إقامة. يضافُ إلى حسنِ ظنٍ بالله شاسع، ورجاءٍ لرحمتهِ وفضلهِ واسع، فما ضاق أمرٌ إلا جعل الله منه مخرجا، وما عظم خطب إلا جعل الله معه فرجا، فمنه يكون الخوف وفيه يكون الرجا، وإن مواهب ربنا لجليلة، وعطاياه لجزيلة، بابه للسائلين مفتوح، وعطاؤه للمقبلين ممنوح، وفضله للراغبين يغدو ويروح، فاشكروه على ما أعطى، وارجعوا عن المعاصي والأخطا، وجددوا التوبة من ذنوبكم، وأصلحوا يا عباد ذات بينكم.
واشكروه جلّ وعلا على ما بِكم من النّعم الكثار، وأقلعوا عن الذنوب والأوزار، والجؤوا إليه بغاية الذلِّ والافتقار، فبيدِه وحدَه إنزالُ الغيث وتقدير الأرزاق على من أراد واختار، وحقِّقوا التوبةَ من ذنوبِكم بشروطِها المعروفة؛ بالنّدم على ما كان من الذنوب وسلف، والإقلاع عنها ولإتباعها بصالح الخلف، والعزم على عدم العَود إليها ففي ذلك العطب والتلف. ورُدّوا المظالم إلى أهلِها، وجدِّدوا التوبةَ إلى الرحمنِ قبلَ فواتها، جرّدوا القلوبَ من الحَسد والبغضاء، وصونوا ألسنتَكم عن الفحش والغثاء، واحذَروا الولوغَ في مساخط ملك الأرض والسماء
فارفعوا قلوبكم وأيديكم إلى ربكم ومولاكم، والهجوا بالثناء عليه سبحانه، طالبين الغيث منه، راجين لفضله، مؤمِّلين لكرمه، ملحِّين عليه بإغاثة القلوب والأرواح، وسقي البلاد والعباد، فمتى علم الله إخلاصكم وصدقكم وتضرعكم، أغاث قلوبكم بالتوبة إليه، وبلدكم بإنزال المطر عليه.
أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه. فاستغفروه وتوبوا إليه إنه كان غفارا.
الحمد لله الذي لم يزل بالمعروف معروفا، وبالكرم والفضل والإحسان موصوفا، سبحانه، كلَّ يومٍ هو في شأن، يستر عيبا، ويغفر ذنبا ويكشف كربا، ويغيث ملهوفا، واصلي وأسلم على من جعله الله صادق الوعد أمينا عفيفا، وعلى آله وأصحابه، فزدهم اللهم تفضيلا وتشريفا، أما بعد:
فاعلموا يا عبد الله أنَّ مولاكم جلّت حكمته يوالي نعمَه على عبادِه لتكون رِفداً على طاعتِه والتقرّب بعبادته، فإذا استعانوا بنعمِه وفيض خيرِه ورزقه على معصيتِه وفرّطوا في جنبِه وأضاعوا أوامرَه وأتوا زواجره غيّر حالَهم جزاءً وفاقاً، {ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال:53].فإن غيّر العباد حالَهم من الطّاعة إلى المعصية ومن الحقّ إلى الباطل أحال الله عليهم الغِنى بالفَقر والنّعم بالنّقم والعزّة بالذّلة والقوّة بالضّعف والمَهانة والخصبَ بالجَدب والمَطر بالقَحط والخَير بالشّدّة .
عباد الله: ارفَعوا أكفَّ الضراعة إلى ربّكم، والهَجوا بالثناء عليه مؤمّلين نوالَه وكرمَه، ملحّين في الدعاء أن يكشفَ هذه الشدّة وهذا الكرب، وأن يغيثَ البلادَ والعباد، وأن ينصرَ دينَه ويُعليَ كلمتَه، إنّه جواد كريم.
اللهم أنت الله لا إله إلا أن غِياثُ المستغيثين، وراحم المستضعفين، وجابر المنكسرين، لا إله إلا أنت سبحانك إنّا كنّا من الظالمين، لا إله إلا أنت سبحانك إنّا كنّا من الظالمين، لا إله إلا أنت سبحانك إنّا كنّا من الظالمين.
اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك، ونجنا برحمتك من القوم الكافرين، لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين،
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم إنا خلق من خلقك، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان والهدى واليقين، وبلادنا بالخيرات والأمطار يا رب العالمين.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفَّاراً، فأرسل السماء علينا مدرارا، اللهم أغثنا غيثاً مُغيثا هنيئاً مريئاً مريعاً سحًّا غدقاً طبقا عاماً واسعاً مجللا، نافعاً غير ضار، عاجلا غير آجل، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرق.
اللهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت، اللهم أغثنا غيثاً مباركا، تحيي به البلاد، وتسقي به العباد، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد. اللهم أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلته عوناً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين.اللهم أنبت لنا به الزرع، وأدرّ به الضرع، وأسقنا من بركاتك، وأنزل علينا من بركات السماء، وأخرج لنا من بركات الأرض.
اللهم ارفع عنا الجهد والقحط والجفاف، وعن بلاد المسلمين يا رب العالمين، واكشف عنا من الضر ما لا يكشفه غيرك.اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك. اللهم ارحم الشيوخ الركع، والبهائم الرتع، والأطفال الرضع، اللهم اكشف الضر عن المتضررين، والكرب عن المكروبين، وأسبغ النعم، وادفع النقم عن عبادك المؤمنين.
اللهم صل وسلم وبارك على خاتم النبيين، وإمام المتقين، وأشرف المرسلين. محمد الصادق الوعد الأمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وأعل راية الحق والدين، وأصلح ذات بين المسلمين، وألف بين قلوبهم على الحق واليقين، وارحم عبادك المستضعفين، وانصر عباد المجاهدين، وفك أسر المأسورين من المسلمين، ودمر أعداء الدين، وادرأ شرهم عن المسلمين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات، وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.
" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ... " الآية .
جميل هذا التعاون على البر والتقوى ، ولكل امرئ أجره متى صحت النية ، كاتبًا كان أو ناقلاً أو مختصرًا أو متصرفًا بما يراه أصلح وأنفع .
والدال على الخير كفاعله ، والله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة .
أسأل الله أن يتوب علينا ويعفو عنا ، وأن يغيثنا غيثًا هنيئًا مريئًا ، عاجلاً غير آجل ، إنه جواد كريم .
للرفع بمناسبة الدعوة للاستسقاء غدا
مرور الكرام
جزاك الله خيرا ونفع بك ...
تعديل التعليق