(خطبة) أشراط الساعة الصغرى والكبرى وتنزيلها على حرب غزة
خالد الشايع
الخطبة الأولى ( أشراط الساعة الصغرى والكبرى) 3/5/1445
أما بعد فيا أيها الناس : لقد خلق الله الخلق ، وأمرهم ونهاهم ، وأخبر أن لهم موعدا سيحاسب فيه الجميع على أعمالهم ، وهو يوم القيامة ، وجعل الدنيا طويلة بالنسبة لأعمار الناس ، فجعلهم جيلا بعد جيل ، يخلف بعضهم بعضا ، ولما سأل الناس عن يوم القيامة ، أخبرهم سبحانه عن طريق رسله ، أن وقت قيام الساعة قد اختصه الله سبحانه فلا يطلع عليه أحدا ، قال سبحانه ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ﴾ [لقمان: 34].
وفي "صحيح البخاري" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: "مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا هذه الآية: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ﴾ لذا فإنه لم يُطْلِعُ أحداً على وقت وقوعها، لا ملكاً مقرباً، ولا نبيَّاً مرسلاً.
ولكن أخبرهم بعلامات تنبههم أن الساعة قد اقتربت ، وجعل العلامات صغرى وكبرى ، وبعض العلماء يجعل فيها علامات وسطى ، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بها ، فمنها ما خرج ومنها مالم يخرج بعد ، وفي زمننا هذا بدأ الناس يتكلمون عن قيام الساعة ، وأن القتال في فلسطين من علاماتها .
عباد الله : إن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من اشراط الساعة الصغرى ، أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سهل بن سعد قال صلى الله عليه وسلم ( بعثت أنا والساعة كهاتين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ، أَوْ كَهَاتَيْنِ، وَقَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى) ، وفي رواية أحمد في مسنده " بعثت أنا والساعة جميعا، إن كادت لتسبقني "فمنذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وعلامات الساعة بدأت في الظهور ، وتتابعت بين فترة وأخرى ، ولا شك أننا في آخر الزمن ، ونحن آخر الأمم ، ولكن المسلم لا يعلم هل يدرك قيام الساعة أو لا ؟
كما ينبغي للمسلم أن يتنبه لأمر مهم وهو أنه لا فائدة في الانشغال بمعرفة وقت قيام الساعة ، وأن المطلوب هو الاستعداد لها بالعمل الصالح والتوبة النصوح ، أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنسٍ : أَنَّ أَعرابيًّا قَالَ لرسول اللَّه ﷺ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: حُبُّ اللَّهِ ورسولِهِ، قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. متفقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ مسلمٍ.
وفي روايةٍ لهما: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَوْمٍ، وَلا صَلاةٍ، وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّه وَرَسُولَهُ.
فالمسلم ينبغي له أن يستعد للساعة ، ولا يشغل نفسه بوقت وقعها ، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يجبه عن سؤاله ، وإنما أرشده إلى الواجب عليه .
معاشر المؤمنين : إن مما ينبغي معرفته ، أنه لا يجوز لمسلم أن يجزم بوقوع شيء من اشراط الساعة ، حتى تقع وتتم ، لأنها من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ، فلا يجوز لمسلم أن يقول إن القتال الحاصل في فلسطين ، هو القتال لذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فكم نزّل الناس وقائع على أشراط الساعة ثم تجلى الأمر ولم تكن هي ، وما حرب الخليج عنا ببعيد .
اللهم وفقنا للعلم النافع والعمل الصالح ، أقول قولي هذا واستغفر الله ....
الخطبة الثانية
أما بعد فيا أيها الناس : سنمر سريعا على أشراط الساعة التي وردت في القرآن والسنة ، فعلامات يوم القيامة وأشراطها هي التي تسبق وقوع القيامة وتدل على قرب حصولها، وقد اصطُلح على تقسيمها إلى صغرى وكبرى، والصغرى - في الغالب - تتقدم حصول القيامة بمدة طويلة، ومنها ما وقع وانقضى - وقد يتكرر وقوعه - ومنها ما ظهر ولا يزال يظهر ويتتابع، ومنها ما لم يقع إلى الآن، ولكنه سيقع كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
وأما الكبرى: فهي أمور عظيمة يدل ظهورها على قرب القيامة وبقاء زمن قصير لوقوع ذلك اليوم العظيم.
وعلامات الساعة الصغرى كثيرة، وقد جاءت في أحاديث صحيحة كثيرة، وسنذكرها في سياق واحد دون ذِكر أحاديثها؛ لأن المقام لا يتسع، ونحيل من أراد التوسع في هذا الموضوع مع معرفة أدلة هذه العلامات لكتب موثوقة متخصصة، ومنها "القيامة الصغرى" للشيخ عمر سليمان الأشقر، وكتاب "أشراط الساعة" للشيخ يوسف الوابل.
فمن أشراط الساعة الصغرى:
1. بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
2. موته صلى الله عليه وسلم.
3. فتح بيت المقدس.
4. طاعون "عمواس" وهي بلدة في فلسطين.
5. استفاضة المال والاستغناء عن الصدقة.
6. ظهور الفتن، ومن الفتن التي حدثت في أوائل عهد الإسلام: مقتل عثمان رضي الله عنه، وموقعة الجمل وصفين، وظهور الخوارج، وموقعة الحرة، وفتنة القول بخلق القرآن.
7. ظهور مدَّعي النبوة، ومنهم "مسيلمة الكذاب" و"الأسود العنسي".
8. ظهور نار الحجاز، وقد ظهرت هذه النار في منتصف القرن السابع الهجري في عام 654 هـ، وكانت ناراً عظيمة، وقد توسع العلماء الذين عاصروا ظهورها ومن بعدهم في وصفها .
9. ضياع الأمانة، ومن مظاهر تضييع الأمانة إسناد أمور الناس إلى غير أهلها القادرين على تسييرها.
10. قبض العلم وظهور الجهل، ويكون قبض العلم بقبض العلماء، كما جاء في الصحيحين.
11. انتشار الزنا.
12. انتشار الربا.
13. ظهور المعازف.
14. كثرة شرب الخمر.
15. تطاول رعاء الشاة في البنيان.
16. ولادة الأمة لربتها، كما ثبت ذلك في الصحيحين، وفي معنى هذا الحديث أقوال لأهل العلم، واختار ابن حجر رحمه الله: أنه يكثر العقوق في الأولاد فيعامِل الولدُ أمَّه معاملة السيد أمَته من الإهانة والسب.
17. كثرة القتل.
18. كثرة الزلازل.
19. ظهور الخسف والمسخ والقذف.
20. ظهور الكاسيات العاريات.
21. صدق رؤيا المؤمن.
22. كثرة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق.
23. كثرة النساء.
24. رجوع أرض العرب مروجاً وأنهاراً.
25. انكشاف الفرات عن جبل من ذهب.
26. كلام السباع والجمادات الإنس.
27. كثرة الروم وقتالهم للمسلمين.
28. فتح القسطنطينية.
وهذه العلامات أغلبها قد ظهر كما تعلمون ، وما بقي منها سيظهر لا محاله للخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما أشراط القيامة الكبرى: فهي التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة بن أسيد وهي عشر علامات.
روى مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ: مَا تَذَاكَرُونَ؟ قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَثَلاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ.
وهذه العلامات يكون خروجها متتابعا، فإذا ظهرت أولى هذه العلامات فإن الأخرى على إثرها ، وهذه لم يخرج منها شيء حتى الآن .
اللهم فقهنا في الدين ، وارزقنا العمل بالتنزيل
المرفقات
1700142122_أشراط الساعة الصغرى والكبرى.docx