خطبة : أسباب غض البصر

خطبة عن أسباب غض البصر       كتبها : خالد بن خضران العتيبي    الجمش- الدوادمي

-----------------------------------------------------------------------

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

عبادَ الله إن من نعمِ الله علينا العظيمة نعمةَ البصر والواجبُ علينا شكرُ الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة ومن شكر الله ألا تطلق هذا البصرَ فيما حرم الله ومن ذلك النظر إلى النساء الأجنبيات وهذا أمرٌ يجب علينا عبادَ أن نتواصى به وهو غض البصر لأن الفتنة أصبحت شديدةً خاصةً مع وجود هذه التقنية ومواقع التواصل من السناب والتويتر والفيسبوك والتيك وغيرها ونبينا  صلى الله عليه وسلم حذرنا من فتنة النساء ففي صحيح البخاري ومسلم عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ»

وكل إنسانٍ يخافُ الله يسألُ كيف الخلاصُ من هذه الفتنةِ العظيمة خاصةً مع تساهلِ كثيرٍ من النساء بالحجاب الشرعي ومع وجود هذه الأجهزة الذكية التي لا بد من استخدامها وفيها كلُ شيء ؟

والجواب عن هذا السؤال وبالله التوفيق هناكَ أسبابٌ إذا أخذ بها العبد أعانه هذا على غض بصره فمن هذه الأسباب : البعدُ عن المواطن التي يصعب فيها غض البصر إلا لضرورة وينتبه لنفسه ومن ذلك مثلاً الأسواق والأماكن التي تكثر الفتنة فيها  كالمقاهي المختلطة وغيرها وهذا السببُ ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ففي البخاري ومسلم من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ»، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا»، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ»

ومن المواطن التي يصعب فيها غض البصر مواقع التواصل فبعض الناس يقلب المواقع هنا وهناك يعرض نفسه للفتن والعياذ بالله فنصيحتي إذا كان ولا بد من استخدام مواقع التواصل فحدد من تتابعه وتسفيد منه سواءً كانت الفائدة دنيوية أو فائدة دينية وأعرض عمن سواه فالابتعاد عن مواطن الفتنة منهج نبوي ففي سنن أبي داود من حديثِ سنن أبي داود من حديثِ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، يُحَدِّثُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ، مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ»،

ومن أسباب غض البصر : عوِّد نفسك على صرف البصر مباشرةً فأحياناً والإنسان في السوق مثلاً تقع عينُه على امرأة فجأة أو في جواله مثلاً فعليه أن يصرف بصره مباشرة لأن إعادة النظر مرة أخرى يجر إلى أخرى وهكذا حتى يصعب الخلاص ففي سنن أبي داود من حديثِ جَرِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ؟ فَقَالَ: «اصْرِفْ بَصَرَكَ»

ومن أسبابِ غض البصر : الزواج يقول عليه الصلاةُ والسلام فيه [فإنه أغضُ للبصرِ وأحصنُ للفرج ] فإن لم يتيسر الزواج فيكثر المسلم خاصة الشاب من الصيام فإنه يعين على غض البصر ولذلك قال عليه الصلاة والسلام [فمن لم يستطع فعليه بالصوم ].

ومن أسبابِ غض البصر : تذكر العبد الأجر العظيم من الله إذا غض بصره عما حرم الله فهذه الأزمان التي نعيشها لشدة الفتنةِ فيها من أعظم العبادات غض البصر وفي غض البصر انشراح الصدر وقوةُ البصيرة أي العلم وحفظُ الفرج بينما إطلاق البصر فيما حرم الله يشتت القلب ويجلب الهم والغم ويؤدي إلى الوقوع في الزنا والعياذ بالله أو في مقدماته كالتواصل مع النساء الأجنبيات يقول تعالى ((قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (النور : 30 )

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على غض أبصارنا عن محارمه وأن يغفر لنا إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

ومن الأسباب التي تعين على غض البصر : كثرةُ دعاء الله سبحانه وتعالى فالمؤمن يدعو الله كثيراً أن يثبته على دينه وأن يحفظ عليه بصره وتأملوا نبي الله يوسف عليه السلام كيف ألح على ربه أن يجنبه فتنة امرأة العزيز ويعترف إلى ربه بضعفه قال تعالى (َقالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ ( 33 ) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( 34 )

ومن الأسباب التي تعين على غض البصر : تذكر العبد أن هذه اللذة ستذهب وتبقى الحسرة والندم على هذه المعصية كما قال الشاعر :

تفنى اللذاذةُ ممن ذاق صفوتَها                 من الحرامِ ويبقى الإثمُ والعارُ .

ومن الأسباب التي تعين على غضب البصر : تذكر العبد أن البصر سيسأل عنه يوم القيامة كما قال تعالى ((وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء : 36 )

وعلينا عبادَ الله إذا وقعنا في هذه الذنوب أو غيرها أن نتوب إلى الله ولا نقنط من رحمته فالله غفور رحيم ونحذر من الإصرار على المعصية ففرق بين من يطلق بصره الليل والنهار والأيام تلو الأيام ويصر على معصيته وآخر يحفظ بصره ولكن وقع في نظرة محرمة فتاب وندم فالثاني من المتقين الذين قال الله عز وجل وهو يعدد صفاتهم [(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران : 135 )

فغضوا عبادَ الله أبصاركم عن النساء الأجنبيات وسترون انشراح الصدر والطمأنينة والراحة وابتعدوا عن كل سببٍ يوصل لهذه الفتنة فإن زلت بكم القدر فالحذر ثم الحذر من الإصرار على المعصية أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر ذنوبنا وأن يطهرَ قلوبنا وأن يحصن فروجنا ...

المرفقات

1731574078_خطبة أسباب غض البصر.docx

المشاهدات 234 | التعليقات 0