حديث الساعة (الحسين بن علي رضي الله عنهما) (1)

بسم الله الرحمن الرحيم إخوة الإيمان والعقيدة ... حديثنا اليوم حديث الساعة، عن ريحانة النبي ﷺ من الدنيا؛ إنه الحسينُ بنُ عليٍ الشهيدُ الإمامُ الشريفُ الكاملُ، سبطُ رسول الله ﷺ وريحانتُه ومحبُوبُه، أبوه أمير المؤمنين؛ أبي الحسن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، ليث الكتائب، وابن عم رسول الله ﷺ الذي يُحبُ اللهَ ورسولَه ويُحبُّه اللهُ ورسولُه، والذي حبُه إيمان، وبغضُه نفاق؛ قال علي بن أبي طالب t: لَقَدْ عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ ﷺ أَنَّهُ لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يَبْغَضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ. وأمُّه البتولِ المطهرةِ، فاطمة بنت رسول الله ﷺ تميزت عن نساءِ أَهلِ زمانِها، ونساءِ الأُمة، عفافاً وفضلاً، وديناً وحسباً، وهي سيدةِ نساءِ الْمُؤْمِنِينَ، قال ﷺ (يَا فَاطِمَةُ أَمَا تَرْضِيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ) وقال ﷺ (إِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُرِيبُنِي مَا رَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا). لقد تفرع الحسين من شجرة زكية الندى، باسقة العلى، عربية الأصل، حسيبة الفصل، قرشية الأهل، هاشمية الأغصان، جمع المحاسن من أطرافها، والفضائل من أنحائها. الحسين: من خير آل بيت نبينا ﷺ الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً، قال فيهم ﷺ يومَ غدير خُمِّ وهو مَاءٌ بَيْنَ مَكَّةَ (أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي) كررها ثلاثاً. ولد الحسين بعد الحسن -رضي الله عنهما- في ليالٍ خلون من شعبان، سنة أربع من الهجرة، ولم يكن بينه وبين أخيه الحسن إلا عشرة أشهر. لما وُلِد الحسين سمَّاه أبوه حربًا، فجاء النبي ﷺ وقال (أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟) قال علي: حَرْبًا، قال ﷺ (بَلْ هُوَ حُسَيْنٌ). لقد اختار رسول الله ﷺ للحسين t اسماً حسناً في اللفظ والمعنى، موافقاً للنظر الشرعي، واللسان العربي، يحمل معنىً كريماً، ووصفاً صادقاً، فالاسم يُؤثْرُ على المسمى. تناوله المصطفى ﷺ وأذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، فكان أول صوت صافح أذنيه نداء الخير والإيمان، كلمات التوحيد الندية، التي تنجي الإنسان من مهالك الردى؛ فلذت بها أذناه، واطمئن بها قلبه، كيف لا؟ وهو صوت المعصوم ﷺ. وحنكه رسول الله ﷺ وبرك عليه كما كان يفعل لأولاد الصحابة -رضي الله عنهم-؛ كما أخبرتنا بذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وَعَقَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ شَاتَيْنِ يَوْمَ السَّابِعِ وَأَمَرَ أَنْ يُمَاطَ عَنْ رَأْسِهِ الأَذَى، وَقَالَ (اذْبَحُوا عَلَى اسْمِهِ وَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ لَكَ وَإِلَيْكَ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلاَنٍ. بارك الله ولي ولكم... الحمد لله رب العالمين ... معاشر المؤمنين ... لما كبر الحسين قليلاً كان من خطواته الأولى أن اتجه وأخوه الحسنُ إلى مسجد رسول الله ﷺ الشريف، يقول بُريْدةُ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ -رضي الله عنهما- عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ؛ فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ، ثُمَّ قَالَ(صَدَقَ اللَّهُ ]إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ[ رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ) ثُمَّ أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ. هكذا كانت محبة النبي ﷺ لحفيديه كبيرة ومكانتهما عنده سامية. يقول أبو هريرة t: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ الْعِشَاءَ، فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ، أَخَذَهُمَا بِيَدِهِ مِنْ خَلْفِهِ أَخْذًا رَفِيقًا، فَيَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ، فَإِذَا عَادَ عَادَا، حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ، أَقْعَدَهُمَا عَلَى فَخِذَيْهِ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرُدُّهُمَا، فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ، فَقَالَ لَهُمَا (الْحَقَا بِأُمِّكُمَا) قَالَ: فَمَكَثَ ضَوْؤُهَا حَتَّى دَخَلَا. من في الوجود ينال ظهر محمدٍ *** مثل الحسين يناله محموداً وكان الحسين t يخرج من البيت، ويلعب مع أقرانه، فإذا لقيه النبي ﷺ لاعبه؛ ففي يوم من أيام الرسول ﷺ يخرج إِلَى طَعَامٍ دُعُوا لَهُ؛ فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ فِي السِّكَّةِ، فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ ﷺ أَمَامَ الْقَوْمِ وَبَسَطَ يَدَيْهِ؛ فَجَعَلَ الْغُلَامُ يَفِرُّ هَا هُنَا وَهَا هُنَا، وَيُضَاحِكُهُ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى أَخَذَهُ؛ فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ ذَقْنِهِ وَالْأُخْرَى فِي فَأْسِ رَأْسِهِ فَقَبَّلَهُ، وَقَالَ (حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ). فعقيدتنا نحن أهل السنة إن الحسين سيدنا وابن نبينا، نحبه ونتولاه، ونعتقد أن حبه t وعن أبيه وأمه من أوثق عرى الإيمان، وأعظم ما يتقرب به إلى الرحمن مصداقاً. يقول أبو هريرة t: رأيت رسول الله ﷺ وهو حامل الحسين بن علي وهو يقول (اللهم إني أحبه فأحبه) وقال ﷺ (هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا) أي الحسن والحسين. فمن أحب الحسين t فقد أحب النبي ﷺ، ومن أبغضه فقد أبغض النبي ﷺ. فلا ندعي ولا نعتقد له العصمة، وليس بيده خوارق أو معجزات، فقد مات كما يموت غيره من البشر، فلا يُدعَ من دون الله، ولا يستغاث به من دون الله. نعوذ بالله من الضلال وأهله، ونسأل الله لمن غرر به الهداية والإنابة، وأن يرينا وإياهم الحق حقاً، ويرزقنا وإياهم اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا وإياهم اجتنابه؛ إنه جواد كريم. وما زال الحديث عن ريحانة النبي ﷺ بقية

المرفقات

1629381568_ريحانة المصطفى (1).pdf

1629423748_ريحانة المصطفى (1).docx

1629423756_ريحانة المصطفى (1).pdf

1682017516_ماذا بعد رمضان؟ -1-10-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ محمد الشرافي.docx

1682017753_ماذا بعد رمضان؟ -1-10-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ محمد الشرافي.pdf

المشاهدات 890 | التعليقات 0