التحذير من خطر الغيبة والنميمة

عايد القزلان التميمي
1444/06/27 - 2023/01/20 08:04AM
الحمد لله خلق الإنسان، علمه البيان، ونهاه عن الغيبة والنميمة والكذب والبهتان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعدُ فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واخشوا يومًا ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
أيها المؤمنون ، لقد انتشر بين كثير من المسلمين أمراض اجتماعية وهي من كبائر الذنوب ومنها الغيبة والنميمة،
أما الغيبة فقد نهى الله عنها في كتابه تبارك وتعالى بقوله (( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مّنَ ٱلظَّنّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ))
إن الغيبة هي ذكرك المسلم بما يكره في حال غَيبته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله   قال: ((أَتَدْرُونَ ما الغِيبَةُ؟ قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْرَهُ. قيلَ: أفَرَأَيْتَ إنْ كانَ في أخِي ما أقُولُ؟ قالَ: إنْ كانَ فيه ما تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فيه فقَدْ بَهَتَّهُ)) رواه مسلم
أي: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته بأن وقعت في الغيبة المنهي عنها، وإن كان بريئًا مما تقول فيه فقد افتريت عليه والغيبة 
يا عباد الله لا يمكن صدورها من المسلم الذي قلبه عامراً بالإيمان لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :«يَا مَعْشَـرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ؛ فإنَّه مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعْ الله عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعْ الله عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ» [رواه أحمد وأبو داود].
واعلموا أيها المؤمنون أنه لا أكره ولا أنتن من رائحة الذين يغتابون المؤمنين: فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنَّا معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فارتفعَت ريحٌ مُنْتِنَةٌ فقالَ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : أتدرونَ ما هذهِ الرِّيحُ ؟ هذهِ ريحُ الَّذينَ يغتابونَ المؤمنينَ » [رواه أحمد في المسند].
عباد الله : ولقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عقاب المغتاب في الآخره  حيث قال : «لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ، يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ» [رواه أبو داود].
أيها المؤمنون ولقد وسوس الشيطان إلى البعض من الناس فالتفتوا إلى غِيبة ولاة الأمر وأئمة المساجد  والعلماء فسخروا منهم واغتابوهم وتنقصوهم وأكلوا لحومهم في مجالسهم الآثمة, ويغمزونهم ويلمزونهم ويكذبون عليهم ((والله يشهد إنهم لكاذبون)).
عباد الله أما المرض الاجتماعي الثاني الذي انتشر بين الناس فهو النميمة وهي من كبائر الذنوب فالنميمة نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض للإفساد بينهم، قال الله تعالى في ذم النمام: (( وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ )) .
 وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((لا يدخل الجنة نمام)) رواه البخاري ومسلم
ولقد حذر الله عز وجل المؤمنين شرّ النمام، ونهاهم عن تصديق قوله، وصرح لهم بفسقه فقال جل شأنه:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ   .
عباد الله ينبغي أن نربي أنفسنا ونجاهدها على ألا نتكلم في أحد من الناس إلا بخير, ونحذر من إيذاء الناس باللسان فقد أخرج الألباني في صحيح الترغيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "قال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ قال: هيَ في النَّارِ، قال: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وإنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها بِلسانِها؟ قال: هيَ في الجنَّةِ"، والحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه، وأن من حق المسلم على أخيه المسلم أن يرد عن عِرضِه، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مَن ردَّ عن عِرضِ أخيه ردَّ اللهُ عن وجهِه النَّارَ يومَ القيامةِ» صححه الألباني
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة, أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه كان غفّارا.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء يعلم ما تخفون وما تعلنون وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد فيا عباد الله وفي هذا العصر عصر التقنية و التقدم الحضاري أصبحت الغيبة والنميمة جرثومة تنتشر في مواقع التواصل بكل سهوله عبر مرضى القلوب الذين يعملون لأهداف ورغبات شخصية، لنشر البغضاء والشحناء بين العباد فاحذروا منها .
أيها المؤمنون ومن العلاج للغيبة والنميمة:
على المسلم أن يعلم أنه محاسب على أقواله (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)
ومن العلاج مصاحبة الأصدقاءِ الصَّالحين والانشغال بذكرِ الله،والقناعة والرِّضا بما قسم الله لك والانشغال بعيوبِك عن عيوبِ الآخرين، ومحاولة إصلاح هذه العيوب. وتقوية الإيمان، وذلك بالعلمِ النَّافعِ، وكثرة الأعمالِ الصَّالحة.
عباد الله إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم على الأربعة الخلفاء الراشدين المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بفضلك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
المرفقات

1674191024_التحذير من خطر الغيبة والنميمية.docx

المشاهدات 710 | التعليقات 0