التحذير من بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان
عايد القزلان التميمي
1444/08/11 - 2023/03/03 07:40AM
اَلْحَمْد لِلَّهِ وَالْخَيْر كُلّه فِيمَا جَاءَ بِهِ كِتَاب اَللَّهِ ، وَالْفَوْز وَالْفَلَاح فِي مُتَابَعَةِ اَلسَّنَةِ وَمَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اَللَّهِ ، ( ( وَمَا آتَاكُمْ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهَوْا وَاتَّقَوْا اَللَّهَ ) ) ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُه وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا
أمّا بَعْدُ فَأُوصِيَكُمْ وَنَفْسِيًّ بِتَقْوَى اَللَّهِ فِي اَلسِّرِّ وَالْعَلَنِ .
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ فَقَدْ ثَبَتَ فِي اَلصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَة رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ "،
ولمسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
وَاعْلَمُوا أَنَّ اَلْأَحَادِيثَ اَلْوَارِدَةَ عَنْ اَلرَّسُولِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اَلْبِدْعَةِ كُلِّهَا عَلَى سَبِيلِ اَلذَّمِّ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « فَإِنَّ خَيْرَ اَلْحَدِيثِ كِتَابَ اَللَّهِ ، وَخَيْرَ اَلْهَدْيِ هَدْيَ مُحَمَّدْ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَشَرَّ اَلْأُمُورِ مُحْدَثَاتِهَا ، وَكُلَّ بِدْعَةِ ضَلَالَةٍ » رواه مسلم.
وفي رواية للنسائي :( وشرًّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ وكلَّ ضلالةٍ في النارِ ).
وثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم".
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة).
عِبَاد اَللَّهِ إنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَلْحَقْ بِالرَّفِيقِ اَلْأَعْلَى إِلَّا بَعْدَ أَنْ أَكْمَلَ اَللَّهُ بِهِ اَلدِّين ، وَأَظْهَرَ بِهِ اَلتَّوْحِيد وَالسُّنَّة ، وَسَدَّ بِهِ طُرُقَ اَلشِّرْكِ وَالْبِدْعَةِ ، قال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) ،
فأصبح هذا الدين كاملاً ليس في حاجة لزيادة ، صالحاً لكل زمان ومكان ، ولكن أعداء السُنّه ومن يُحزِنُهم التّمَسُّك بها فحسّنُوا لبعض الناس الإبتداع في الدين ، وقَصْدِهم هو التّحريف والتبديل في دين الإسلام وإفسادِه .
عباد الله إن العبادة المقبولة التي يثاب صاحبها عليها هي ما اشتملت على شرطين عظيمين: الأول: الإخلاص لله تعالى، والثاني: المتابعة للنبي ، قال الله تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . فلا يكفي الإخلاص دون المتابعة، فمن كان مخلصًا ولم يكن متَّبعًا للنبي صلى الله عليه وسلم في هديه وعبادته فإن عمله مردود عليه، .
عباد الله فالْحَدِيثُ عَنِ الْبِدَعِ، وَالتَّحْذِيرُ مِنْ خَطَرِهَا وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ؛
ومن البدع التي أحدثها بعض الناس: بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وقد أفتى كثير من أهل العلم بأن هذا الاحتفال من البدع ومنهم الشيخ ابن باز رحمه الله[1] حيث قال رحمه الله (( ومن البدع التي أحدثها بعض الناس: بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وتخصيص يومها بالصيام، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها. أما ما ورد في فضل الصلاة فيها، فكله موضوع، كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم،))
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: بعض الناس يخصّ ليلة النصف من شعبان بقيام، ويومه بصيام بناء على أحاديث ضعيفة وردت في ذلك، ولكن حيث لا تصحّ هذه الأحاديث الضعيفة، فإن ليلة النصف من شعبان لا تُخَصّ بقيام، ولكن إن كان الإنسان قد اعتاد أن يقوم الليل، فلْيقم ليلة النصف كغيرها من الليالي، وإن كان لم يعتد ذلك، فلا يَخُصُّها بِقيام، كذلك في الصوم لا يخصّ النصف من شعبان بصوم، لأن ذلك لم يرد عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لكن لو صام الأيام الثلاثة البيض وهي اليوم الثالث عشر واليوم الرابع عشر واليوم الخامس عشر، لو صامها فإن صيامها من السنة، لكن ليس باعتقاد أن لهذا مزية على سائر الشهور،
وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُكثر الصوم في شعبان أكثر من غيره من الشهور،
حتى كان يصومه كله، أو إلا قليلاً منه[2]((.
عباد الله وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن الواجب: رد ما تنازع فيه الناس من المسائل إلى كتاب الله- عز وجل، وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حكما به أو أحدهما فهو الشرع الواجب الاتباع، وما خالفهما وجب تركه، وما لم يرد فيهما من العبادات فهو بدعة لا يجوز فعله، كما قال سبحانه (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ))
وقال عز وجل: (( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
وهذه الآيات وغيرها، نص في وجوب رد مسائل الخلاف إلى الكتاب والسنة، ووجوب الرضى بحكمهما، وأن ذلك هو مقتضى الإيمان، وخير للعباد في العاجل والآجل،.
عباد الله واعلموا أننا حين نتكلم عن هذه البدعة بالرغم من عدم وجودها في بلادنا ولله الحمد فإنما لنُبين خطرها ونُحَذِّر منها لأنه مع هذا الانفتاح الإعلامي أصبحت هذه البدعة وغيرها منشورة معروضة على جميع المسلمين ،
لذلك وَجَبَ التنبّه لذلك واتباع الصراط المستقيم . قال الله تعالى : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله العلي الأعلى؛ أعطى كل شيء خلقه ثم هدى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا .
أما بعد فيا أيها المؤمنون : علينا بالتمسك بالسنة والتقرب إلى الله بما شرع، والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال ربنا : ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾
وقال اللَّه عز وجل: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
واحذروا من مخالفة هدي النبي صلى الله عبيه وسلم حيث قال ربنا محذرا من ذلك (( وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِۦ جَهَنَّمَ ۖ وَسَآءَتْ مَصِيرًا))
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله .......
[1] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز (1/ 186).
[2] مجموع فتاوى ورسائل العثيمين 7/ 280.
[1] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز (1/ 186).
[2] مجموع فتاوى ورسائل العثيمين 7/ 280.
المرفقات
1677819273_التحذير من بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان.docx