التحذير من البدع
عايد القزلان التميمي
1446/03/10 - 2024/09/13 06:30AM
إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أَمَّا بَعْدُ
فيا أيها المؤمنون
فقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ "،
ولمسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
عباد الله إن الأحاديث الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في البدعة كلها على سبيل الذم ،
ومن ذلك أيضا قوله صلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّم: (( فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهدِي هديُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وشَرُّ الأمورِ مُحدَثاتُها، وكلُّ بِدعةٍ ضَلالةٌ» رواه مسلم.
وفي رواية للنسائي :( وشرًّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ وكلَّ ضلالةٍ في النارِ ).
وثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم". وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة).
عباد الله إن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لم يلحق بالرفيق الأعلى إلا بعد أن أكمل الله به الدين ، وأظهر به التوحيد والسنة ، وسد به طرق الشرك والبدعة ، قال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) ، فأصبح هذا الدين كاملاً ليس في حاجة لزيادة ، صالحاً لكل زمان ومكان ، ولكن أعداء السُنّه ومن يُحزِنُهم التّمَسُّك بها حسّنُوا لبعض الناس الابتداع في الدين ،
وقَصْدِهم هو التّحريف والتبديل في دين الإسلام وإفسادِه .
عباد الله فالْحَدِيثُ عَنِ الْبِدَعِ، وَالتَّحْذِيرُ مِنْ خَطَرِهَا وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ؛ وإن مما أحدثه الناس فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ وَلَاسِيَّمَا فِي بَعْضِ الدُّوَلِ الْإِسْلَامِيَّةِ مَا يُسَمَّى بِالِاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ، وَلَا يَخْفَى عليكم أَنَّ الِاحْتِفَالَ بِمَوْلِدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِدْعَةٌ وَأَمْرٌ مُحْدَثٌ فِي الدِّينِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ رَبُّكُمْ -جَلَّ وَعَلَا- فِي كِتَابِهِ، وَلَا نَبِيُّهُ -صلى الله عليه وسلم- فِي سُنَّتِهِ، ولَمْ يَفْعَلْهُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ؛ وَلا مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ والسلف الصالح.
وَيَحْسُنُ التَّنْبِيهُ إِلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ التَّارِيخِيَّةَ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الشَّكَّ: أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ هُوَ يَوْمُ وِلادَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-،
بَلِ الأَرْجَحُ وَالأَصَحُّ، وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّهُ يَوْمُ وَفَاتِهِ -صلى الله عليه وسلم-.
عباد الله : إِنَّ الِاحْتِفَالَ بِعِيدِ الْمَوْلِدِ لَا يَخْلُو مِنْ وُقُوعِ مُنْكَرَاتٍ جَاءَ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهَا، وَمِنْهَا -عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ ، تِلْكَ الْقَصَائِدُ وَالْمَدَائِحُ الَّتِي يَتَغَنَّى بِهَا أَهْلُ الْمَوْلِدِ وَفِيهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الشِّرْكِيَّةِ، وَفِيهَا مِنَ الْغُلُوِّ وَالْإِطْرَاءِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ -صلى الله عليه وسلم-، بِقَوْلِهِ: «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ».
وَمِنَ الْمُنْكَرَاتِ أَيْضًا، بَلْ مِنْ أَعْظَمِهَا وَأَشَدِّهَا الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ؛ كَالِاسْتِغَاثَةِ بِالرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم-، أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ، وَكُلُّ ذَلِكَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بِإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ.
أَيُّهَا الْمؤمنون: إِنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَمُلَ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَمَنْ أَحْدَثَ فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم- فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّ الدِّينَ لَيْسَ بِكَامِلٍ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ..
وَلَوْ كَانَ الِاحْتِفَالُ بِمَوْلِدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَشْرُوعًا وَخَيْرًا لَأَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ، وَلَحَثَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: «إنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلَوْ كَانَ الِاحْتِفَالُ بِمَوْلِدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- خَيْرًا لَسَبَقَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ؛ فَهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِدِينِ اللَّهِ، وَأَشَدُّ النَّاسِ مَحَبَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، ...
الخطبة الثانية
الحمد لله والخير كله فيما جاء به كتاب الله ، والفوز والفلاح في متابعة السنة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا .
أما بعد أما بعد فيا أيها المؤمنون : علينا بالتمسك بالسنة والتقرب إلى الله بما شرع، واحذروا من مخالفة هدي النبي صلى الله عبيه وسلم حيث قال ربنا محذرا من ذلك (( وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِۦ جَهَنَّمَ ۖ وَسَآءَتْ مَصِيرًا))
واعلموا أن تعظيم وحُبَّ النبي صلى الله عليه وسلم يكون باتباع سُنَّتِه والسَّيْرِ على مِنْهاجِه والدفاع عن شريعته، قال اللَّه عز وجل: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ .
عباد الله : إن علينا واجبًا كبيرًا نحو نبينا -صلى الله عليه وسلم-.. يتمثل في تعظيمه وتوقيره وحبه وطاعته واتباع هديه، فقد أرسله الله ليطاع فقال سبحانه (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ ((وجعل الله الهداية في طاعته فقال (( وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)) وجعل الله الفتنة والعذاب في مخالفة أمره فقال (( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله .......
المرفقات
1726198207_التحذير من البدع و منها بدعة المولد.docx
محجوب كوري
عضو نشطنفع الله بك
تعديل التعليق