أيامٌ مشهودةٌ-19-4-1445هـ مستفادة من خطبة الشيخ عبد العزيز العويد

محمد بن سامر
1445/04/18 - 2023/11/02 18:34PM

أيامٌ مشهودةٌ-19-4-1445هـ مستفادة من خطبة الشيخ عبد العزيز العويد

الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

 وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أما بعدُ:

فعندَ اشتدادِ الرزايا والكروبِ، وعِظمِ البلايا والخطوبِ، يلجأُ المسلمونُ إلى اللهِ علامِ الغيوبِ، فيُعجِّلُ لهم الشهادةَ أو النصرَ والتمكينَ، ويعلي بهم كلمةَ الحقِ والدِّينِ، فالنصرُ وإنْ تأخرَ آتٍ لا محالةَ، يُعزُ اللهُ به أهلَ الإسلامِ ويُذِلُ أهلَ الشركِ والجهالةِ، "إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ".

تجمَّعَ المؤمنونَ مِنْ بَني إسرائيلَ بقيادةَ طالوتَ، فاستنصروا اللهَ ذا الملكوتِ والجبروتِ، فهزموا أعداءَهم وقائدَهم جالوتَ، "فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ".

ويومَ بدرٍ في صورةِ غيرِ متكافئةٍ في العَدَدِ والعُدَدِ، دعا المسلمونَ ربَّهم فكانَ لهم النصرُ والسَعْدُ، وأرغمَ اللهُ أنوفَ أهلِ الإشراكِ، فكانَ لهم الذُلُ والهلاكُ، "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ".

وفي القادسيةِ انتصرَ المسلمونَ بقيادةِ سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ-رضي اللهُ عنهُ-على الفُرسِ(إيرانَ)، فلقنُوهم أعظمَ تلقينٍ، وأعطوهم أحسنَ درسٍ، فلمْ ينفعْهم جيشٌ ولا فيلٌ، فأشلاؤُهم تتناثرُ والدماءُ تسيلُ، "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".

وفي اليرموكِ انتصرَ المسلمونَ على الرومِ(الغربِ)بقيادةِ ابنِ الوليدِ خالدِ-رضي اللهُ عنهُ- فلم ينفعْهم فخرٌ ولا مجدٌ تالدٌ، وكانَ النصرُ عليهم فتحًا لكلِّ البلادِ، وبها علا أمرُ الدينِ وسادَ، قالَ رسولُ اللهِ-عليهِ الصلاةُ والسلامُ-: "إذا هلكَ كسرى فلا كسرى بعدَه، وإذا هلكَ قيصرُ فلا قيصرَ بعدَه".

وفي ملاذِكُردِ اصطفَ المسلمونَ مع الرومِ أعظمَ اصطفاِفٍ، وكان الرومُ يومئذٍ منَ المسلمينَ خمسةَ أضعافٍ، اجتمعوا من كلِّ مكانٍ فصارَ يومٌ كيومِ الأحزابِ، فترجَّلَ السلطانُ أرسلانُ (نزلَ عن فرسِهِ) ومرّغَ وجهَهُ في الترابِ، وتبايعَ المسلمونِ على الشهادةِ في سبيلِ اللهِ، فأعقبَهم اللهُ النصرَ والسعادةَ، (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا".

كُنّا جِبَالًا فَوْقَ الجِبَالِ ورُبّمَا*

                          سِرْنَا على مَوْجِ البِحَارِ بِحَارَا

بمَعَابِدِ الإفْرِنـْجِ كَـان أذَانُنـَا*

                        قَبْلَ الكَتَائِبِ يَفْتَـحُ الأمْصَـارَا

لَمْ تَنْسَ أفْرِيقيَا ولا صَحْرَاؤُهَـا*

                        سَجَداتِنَا والأرْضُ تَقْذِفُ نَـارَا

وَكَأنَّ ظِلَّ السَّيْفِ ظِـلُّ حَدِيقَـةٍ*

                         خَضْرَاءَ تُنْبِتُ حَوْلَنَا الأزْهَـارَا

لَـمْ نَخْـشَ طَاغُوتًا يُحَارِبُنـَا ولَوْ*

                            نَصَبَ المَنَايَا حَوْلَنَا أسْوَارَا

نَدْعُوا جِهَارًا لا إلَهَ سِوَى الَّـذِي*

                         صَنَعَ الوُجُودَ وقَـدَّرَ الأقْـدَارَا

ورؤوسُنَا يـارَبُّ فَـوْقَ أكُفِّنـَا*

                          نَرْجُو ثَوَابَكَ مَغنَمًا وجـِوَارَا

كُنَّا نَرَى الأصْنَامَ مِـنْ ذهـبٍ فَنَهْـ*

                          دِمَهـَا ونَهْـدِمَ فَوْقَهَا الكُفَّـارَا

لَوْ كَانَ غَيْرُ المُسْلمينَ لحَازَهـَا*

                           كَنْزًا وصَاغَ الحُلِيَّ والدِّيِنَـارا

اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ.

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على فضلِه وامتنانِه، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ تعظيمًا لشانِه، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رِضوانِه-صلى اللهُ وسَلَّمَ وباركَ عليهِ وعلى آلِه وصحبِه وإخوانِه-أما بعدُ:

ففي كلِّ ما ذُكرَ من المشاهدِ بين المؤمنينَ والكافرينَ، فإنهم لم يتساوَوْ في العَدَدِ والعُدَدِ، كانتِ الغلبةُ الماديةُ ظاهرةً على الكافرينَ، لكنَّ اللهَ نصرَ المسلمينَ؛ لأنهم لاذوا باللهِ وتوكلوا عليه، "وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ"، نصرَهم لأنهم أكثروا من الإنابةِ والرجوعِ إليهِ في كلِّ حالةٍ، ووثقوا بنصرِ اللهِ وأنه آتٍ لا محالةَ، قالَ رسولُ اللهِ-عليهِ الصلاةُ والسلامُ-: "إنَّ اللهَ زوى (جمعَ) لي الأرضَ، فرأيتُ مشارقَها ومغاربَها، وإنَّ مُلكَ أُمَّتي سيبلغُ ما زُوِيَ لي منها"، نصرَ اللهُ المسلمينَ لأنهم لم ينظروا إلى القوةِ الماديةِ عندَ أعدائِهم، لأنها مهما بلغتْ فإنَّ اللهَ قادرٌ على إفنائِها، "فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ".

فلا ينبغي للمسلمِ أنْ ينظرَ إلى الأمورِ الظاهرةِ، وهذا دينُ اللهِ، ذهبتْ به أرواحٌ، وعانتْ من الجراحِ، لكنَّ اللهَ كتبَ لهم النصرَ والفلاحَ، ومن كانَ مع اللهِ كانَ اللهُ معهُ، ولن يـُخَيِّبَ اللهُ رجاءَ عبدٍ التجأَ إليهِ، فمن كانَ في شكٍ من هذا فليراجعْ إيمانَهُ.

فَإِن تَنجُ مِنها تَنجُ مِن ذِي عَظيمَةٍ*

                         وَإِلاّ فَإِنّي لا إِخالُكَ ناجِيا

يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، نسألكَ بأسمائِك الحُسْنَى، وصفاتِك العُلَى، يا ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.

اللَّهُمَّ آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذابَ النارِ.

اللَّهُمَّ الطفْ بإخوانِنِا المستضعفينَ في غزةَ وبلادِ الشامِ، وغيرِها من بلادِ المسلمينَ، الطفْ بهم على كلِ حالٍ، وبلغهم من الفرجِ والنصرِ منتهى الآمالِ.

اللَّهُمَّ كن لهم ناصرًا ومعينًا يا ربَّ العالمينَ.

اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، واجعلْ أَمرَهم لِنَصرِ دِينِكَ، ولإعلاءِ كَلمتِكَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى.

اللَّهُمَّ أصلحْ لنا وللمسلمينَ الدِّينَ والدُنيا والآخرةَ، واجعلِ الحياةَ زيادةً في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً منْ كلِّ شرٍ.

اللَّهُمَّ اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ.

اللَّهُمَّ يا شافي اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمينَ والـمسالـمينَ.

اللَّهُمَّ اِكْفِنَا والمسلمينَ بحلالِكَ عن حرامِكَ، وأَغْنِنـَا بفضلِكَ عَمَّنْ سِواكَ.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنْ فَضْلِكَ ورَحْـمَتِكَ فإنَّهُ لا يـَمْلِكُها إلا أنتَ.

اللَّهُمَّ اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه.

اللَّهُمَّ أنتَ حسبُنا ونِعْمَ الوكيلُ، عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ وعليكَ بالظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ، نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم.

اللَّهُمَّ انصرْ المسلمينَ وجنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.

اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.

المرفقات

1699016626_أيامٌ مشهودةٌ-19-4-1445هـ مستفادة من خطبة الشيخ عبد العزيز العويد.docx

1699016630_أيامٌ مشهودةٌ-19-4-1445هـ مستفادة من خطبة الشيخ عبد العزيز العويد.pdf

المشاهدات 1005 | التعليقات 0