أوهام الخوف!
تركي بن عبدالله الميمان
أَوْهَامُ الخَوْف!
إعداد: قناة الخطب الوجيزة
https://t.me/alkhutab
الخُطْبَةُ الأُوْلَى
إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ في السِرِّ والنَّجْوَى ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله﴾.
عِبَادَ الله: مِنْ أَسْلِحَةِ الشَّيْطَان، وَمَصَادِرِالأَحْزَانِ: الخَوْفُ المَذْمُوم، وَتَرَاكُمُ الهُمُوْم! قال ابنُ حَزْم: (أَشَدُّ الأَشْيَاءِ على النَّاسِ: الخَوْفُ،والهَمُّ).
وَالشُّعُورُ بِمَعِيَّةِ اللهِ: يَقْطَعُ جُذُوْرَ الخَوْفِ؛ فَمَنْكانَ مَعَ اللهِ: كانَ اللهُ مَعَهُ، وأَمَّنَهُ مِمَّا يَخَاف! قال U -عَنْ مُوْسَى وَهَارُوْن-: ﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾.
وَالخَوفُ المَحمُودُ: مَا حَالَ بَيْنَ صَاحِبِهِ وَبَيْنَ مَحَارِمِ اللهِ؛ فَإِذَا وَصَلَ إلى اليَأْسِ والقُنُوطِ؛ فَهُوَإِسَاءَةُ أَدَبٍ مَعَ اللهِ، وَجَهْلٌ بِرَحْمَتِهِ الَّتِي وَسِعَتْكُلَّ شَيء! يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ: (حَدُّ الخَوْفِ: مَا حَجَزَكَ عَنْ مَعَاصِي اللهِ؛ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ: فَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ).
وَخَوْفُ الآخِرَةِ، يُهَوِّنُ مَصَائِبَ الدُّنْيَا، وَيُبَدِّدُمَخَاوِفَهَا! قال بعضُ السَّلَف: (مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيْبُنِي، فَأَذْكُرُ مَعَهَا النَّار؛ إِلَّا صَارَتْ في عَيْنِي مِثْلَ التُّرَاب!).
وَكَيْفَ يَخَافُ الإِنْسَانُ مِنْ مُسْتَقْبَلِ الدُّنْيَاالفَانِيَة، وَلا يَخَافُ مِنْ مُسْتَقْبَلِ الآخِرَةِالبَاقِيَةِ!؟ ﴿وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾.
وَمِنْ وَسَاوسِ الشَّيْطَانِ: التخَوْيفُ مِنَ الفَقْرِ!قال تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ﴾. قال ابنُ الجَوْزِيّ: (أَكْثَرُ النَّاسِيَتْعَبُ في تَحْصِيلِ الرِّزْقِ، بِحِرْصٍ زَائِدٍعَلَى الحَدِّ، وَلا يَحْصُلُ لَهُ إِلَّا مَا قُدِّر!).
عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ إِنْ كُنْتَ غَافِلاً
يَأْتِيْكَ بِالأَرْزَاقِ مِنْ حَيْثُ لا تَدْرِي
فَكَيْفَ تَخَافُ الفَقْرَ وَاللهُ رَازِقٌ
فَقَدْ رَزَقَ الطَّيرَ وَالحُوتَ في البَحْرِ!
وَمِنْ أَوْهَامِ الخَوْفِ: أَنْ يَتْرُكَ الإِنسانُ مَا يَجِبُعَلَيْهِ؛ خَوْفًا مِنَ النَّاسِ! فَإِنَّ قَوْلَ الحَقِّ: لَا يُقَرِّبُ أَجَلاً مَوْقُوْتًا، وَلَا يَقْطَعُ رِزْقًا مَكْتُوْبًا! قال ﷺ: (لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ مَخَافَةُ النَّاسِ: أَنْ يَتَكَلَّمَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ). قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: (وَهَذَا فِيمَنْ يَتْرُكُ الحَقَّ؛ خَشْيَةَ مَلَامَةِ النَّاسِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى القِيَامِ بِهِ).
وَمِنْ مَصَايِدِ إِبلِيس: أَنْ يَمْنَعَ المُسْلِمَ مِنْ فِعْلِ الخَيْرِ؛ خَوْفًا مِنَ الرِّيَاءِ! قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: (إذَا أَتَاكَالشَّيْطَانُ وَأَنْتَ في صَلَاةٍ، فَقَالَ: "إنَّك مُرَاءٍ"؛فَزِدْهَا طُوْلًا!).
وَمِنْ أَوْهَامِ الخَوفِ: الوَسْوَسَةُ مِنَ الإِصَابَةِبِالعَيْنِ وَالمَرَضِ! قال ابنُ حَزْم: (رُبَّ مَخُوْفٍكَانَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ: سَبَبَ وُقُوْعِهِ! وَأَصْلُ ذَلِكَ:الإِفرَاطُ الخَارِجُ عَنْ حَدِّ الِاعْتِدَالِ) .
وَمِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ: أَنَّهُ يُخَوِّف المُؤْمِنِينَ مِنْجُنُوْدِهِ، فَلَا يَأْمُرُوْنَهُمْ بِمَعْرُوْفٍ، وَلَا يَنْهَوْنَهُمْ عَنْ مُنْكَر؛ مَخَافَةً مِنْهُمْ!قال U: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾: (أَيْ يُخَوِّفُكُمْبِأَوْلِيَائِهِ، وَيُعَظِّمُهُمْ في صُدُوْرِكُمْ؛ فَلَا تَخَافُوْهُمْ، وَأَفْرِدُوْنِي بِالمَخَافَةِ: أَكْفِكُمْإِيَّاهُمْ! وَمَنْ خَافَ اللهَ: خَوَّفَ اللهُ مِنْهُ كُلَّشَيْء. وَمَنْ لَمْ يَخَفِ اللهَ: خَوَّفَهُ اللهُ مِنْ كُلِّشَيْء!).
وَالثِّقَةُ بِاللهِ؛ تَقْطَعُ أَوْهَامَ الخَوْفِ، وَلَوْلَا ثِقَةُ أُمِّ مُوْسَى بِرَبِّهَا؛ لَمَا أَلْقَتْ بِوَلَدِهَا!
قال I: ﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾.
وَمَنْ خَافَ شَيْئًا غَيْرَ الله، أو تَشَاءَمَ بِهِ؛ سُلِّطَعليه! وهَذِهِ سُنَّةُ اللهِ في خَلْقِه ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا﴾.
وَالمُؤْمِنُ لا يَخَافُ المَوْتَ؛ لِأَنَّهُ نِهَايَةُ المَخَاوفِوَالأَحْزَانِ، وَبَوَّابَةُ الدُّخُوْلِ إلى دَارِ الأَمَانِ، لِأَهْلِ الإِسْلَامِ وَالإِيْمَانِ! ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلَائِكَةُ أَنْ لا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالجَنَّةِ﴾. قال وكيعُ:(البُشْرَى تَكُونُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: عِنْدَ المَوْتِ،وَفِي القَبْرِ، وَعِنْدَ البَعْثِ).
وَمِنْ أَوْهَامِ الخَوْفِ: القَلَقُ مِنَ الأَحْلَامِ! قَالَ ﷺ: (إِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ: فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ).
وَمَنْ بَحَثَ عَنْ الأَمْنِ وَالأُنْسِ في مَعْصِيَةِ اللهِ:اِنْقَلَبَ عَلَيْهِ الأَمْرُ رَأْسًا عَلَى عَقِب! فَأَصْبَحَأَمْنُهُ خَوْفًا، وَأُنْسُهُ هَمًّا وَغَمًّا! قال ابنُ القَيِّم: (مِنْ عُقُوبَاتِ المَعْصِيَةِ: مَا يُلْقِيهِ اللهُ في قَلْبِ العَاصِي، فَلَا تَرَاهُ إِلَّا خَائِفًا مَرْعُوبًا! فَإِنَّ الطَّاعَةَ: حِصْنُ اللهِ الأَعْظَمُ: مَنْ دَخَلَهُ كَانَ مِنَ الآمِنِينَ!).
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُه.
أَمَّا بَعْدُ: المُحَافَظَةُ على الأَدْعِيَةِ والأَذْكَارِ: أَمَانٌمِنَ المَخَاوُفِ وَالأَخْطَارِ؛ وَمِنْ أَذْكَارِ الصَبَاحِوالمساءِ: قَوْلُهُ ﷺ: (اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي).
وَمَنْ اسْتَحْضَرَ هَيْبَةَ اللهِ، وَسَلَّمَ أَمْرَهُ لِله، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ؛ فَإِنَّهُ لَنْ يَكْتَرِثَلِهَيْبَةِ المَخْلُوْقِيْنَ، وَلَنْ يَبْقَى في قَلْبِهِ مَوْضِعٌلِخَوْفِهِمْ؛ فَإِنَّ نَفْسَهُ (الَّتِي يَخَافُ عَلَيْهَا)، قَدْ سَلَّمَهَا إِلَى وَلِيِّهَا وَمَوْلَاهَا! ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾.
وَكُلُّ أَحَدٍ إِذَا خِفْتَهُ: هَرَبْتَ مِنْهُ، إِلَّا الله ﷻ؛ فَإِنَّكَ إِذَا خِفْتَهُ؛ فَرَرْتَ إِلَيْهِ! قالَ ابْنُ القَيِّم: (فِي القَلْبِ قَلَقٌ لَا يُسَكِّنُهُ إِلَّا الِاجْتِمَاعُ عَلَى اللهِ، وَالفِرَارُ مِنْهُ إِلَيْهِ!) ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾.
*******
* اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِيْن.
* اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمُوْمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ المَكْرُوْبِين.
* اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لما تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ والتَّقْوَى.
* عِبَادَ الله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.
* فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.
المرفقات
1701852183_(خط كبير) أوهام الخوف.pdf
1701852183_أوهام الخوف (مختصرة).pdf
1701852183_أوهام الخوف (للطباعة).pdf
1701852183_أوهام الخوف (مختصرة).docx
1701852183_(خط كبير) أوهام الخوف.docx
1701852183_أوهام الخوف (للطباعة).docx