ويؤثرون على أنفسهم

محمد بن محمد المختار الشنقيطي

2022-10-08 - 1444/03/12
عناصر الخطبة
1/ الأخوة في الله من أوثق عرى الإيمان 2/ صور من أخوة الصحابة وإيثارهم على أنفسهم 3/ صور من الأخوة والإيثار عند التابعين 4/ حقيقة الإيثار وفضله 5/ مما يعين على الإيثار 6/ سبيل النجاة من المواقف العصيبة 7/ العفو والصفح عن المسيء من موجبات رحمة الله

اقتباس

كان الواحد إذا لقي أخاه تلقاه والبشر على صفحات وجهه، والسرور على ظاهره، يشعره بالأخوة في الدين، وكان الإمام والعالم منهم لا يستطيع الواحد أن يعرفه بين الناس من التواضع وترك الرياء، رحمة الله عليهم أجمعين، وكانوا إذا دخل بعضهم على بعض ..

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي اصطفى لمحبته الأخيار، وصرف قلوبهم في طاعته ومرضاته آناء الليل وأطراف النهار.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مقلب القلوب والأبصار، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الأطهار، وعلى جميع أصحابه الأخيار من مهاجرين وأنصار، وعلى جميع من سار على نهجهم واقتفى آثارهم ما أظلم الليل وأضاء النهار.

 

أما بعد: فالحمد لله الذي شرح بالقرآن صدورنا، وأنار بالإسلام قلوبنا. الحمد لله حمداً وهو أهله، والشكر لله جميعه وكله. وأسأل الله العظيم أن يجمعنا بكم في جنان النعيم حيث الحفاء والتكريم؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

إخواني في الله: إن الأخوة في الله والدين من أوثق عرى الإيمان بالله رب العالمين. إنها الأخوة بكل ما تدل عليه من معاني الحب والوفاء والود الصادق والإخاء. إنها الأخوة التي سار عليها سلف هذه الأمة من الماضين من العلماء العاملين، وطلاب العلم الصادقين، والأخيار والصالحين، ساروا على نهجها متحابين متآلفين، ساروا على نهجها متعاطفين متراحمين، ساروا على نهجها متناصرين متآزرين، يوم كان المسلمون كما وصفهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"!

 

يوم كان الإسلامُ وكان أهلُه! يوم كان القرآن وكان جيله! يوم كانت عيون المسلمين تسح بالبكاء والدموع لدموع إخوانهم في مشارق الأرض ومغاربها! يوم جمع الله القلوب على هذا الكتاب العظيم، وعلى هذا النور الكريم! فسبحان من جمع شتاتها! وسبحان من ألَّف بينها! وسبحان من وحَّد كلمتها! سبحانه! ما أعظم شأنه! يوم كان الإسلام وكان رجاله! يوم كان القرآن وكان رعيله وأجياله!

 

ولقد غرس النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الأخوة الصادقة في قلوب المهاجرين والأنصار، يوم وقف الأنصاري أمام أخيه المهاجر فقال: أخي! هذا مالي بيني وبينك، هذه دنياي! نصفُها لي ونصفها لك، هاتان زوجتاي! انظر إلى أحسنهما أطلقها وهي لك.

 

فالله أكبر! ما أعظم سلطان الإيمان على القلوب! والله أكبر! ما أعظم سلطان القرآن على القلوب! والله أكبر يوم استجابت! والله أكبر يوم أذعنت وأسلمت! يوم كان المسلم مسلماً مستسلماً لله منقاداً ذليلا طائعاً! يوم كان ذليلاً على المؤمنين، عزيزاً شديداً على الكفار وأعداء الدين، يوالي في الله رب العالمين، إخوته على نهج الإيمان والدين! يوم كان أولئك الأجيال.. يوم كان أولئك الأبطال.. يوم كان أولئك الرجال الذين زكاهم الكبير المتعال من فوق سبع سماوات.

 

وقف رجل من الأنصار على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد صلاة العشاء في ظلام الليل، في زمانٍ شديدٍ أَمْرُه فقال: يا رسول الله! إني مجهود -أي: بلغ بي الجوع والظمأ ما بلغ- فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أم المؤمنين وزوجة من أزواجه -رضي الله عنهن أجمعين-: "هل عندكم طعام؟" فأرسلت إليه: والله ما عندنا شيء إلا الماء، فلما رجع رسولُها أرسله إلى زوجة ثانية، فقالت: والله ما عندنا من شيء إلا الماء، فأرسله إلى الزوجة الثالثة، فقالت: والله ما عندنا شيء إلا الماء، حتى انتهى أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- فصلوات ربي وسلامه عليه يوم خلا بيته من الطعام، ومُلِئ حكمةً وإيماناً من القرآن-.

 

فلما جاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- من عند آخر زوجة وأخبره بأنه لا طعام، قام في أصحابه فقال: مَن يستضيف هذا أو يطعمه رحمه الله؟ فقام أبو طلحة، وأخذ بضيف النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده إلى طعامه وطعام أهله وزوجه، وقرع الباب على تلك المؤمنة الصالحة فقال: هذا ضيف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -فرحَّبَتْ وابتهَجَتْ وسُرَّت- وقالت: والله ما عندنا من طعام إلا طعامي وطعامك وطعام الصبية، فقال لها: أطفئي السراج ونوِّمي الصبية، فلما أُطْفئ السراج ودنا الضيف إلى الطعام جعل أبو طلحة -رضي الله عنه وأرضاه- يتظاهر بالأكل، كأنه يأكل حتى أتى الضيف على الطعام كله، وبات أبو طلحة جائعاً. وباتت زوجه جائعة.

 

فلما غدا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- -غدا إليه جائعاً، غدا إليه مُقْفِر الأحشاء طاوياً؛ ولكن غدا إليه بقلب يحب الله ورسوله، غدا إليه بإيمان، وببر وطاعة وإحسان، غدا إليه بالإيثار- ووقف أمام النبي -صلى الله عليه وسلم-، تهلَّل وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالبشر والسرور فقال لأبي طلحة تلك البشارة العظيمة: "عجب الله من صنيعكما بضيفكما البارحة!".

 

الله أكبر! ملك الملوك وجبار السماوات والأرض يعجب من الإيثار! يعجب من الأخوة الصادقة من الأنصار! يوم جاعت الأحشاء والأمعاء؛ ولكن مُلِئت القلوب بحب الله فاطر الأرض والسماء! عجب الله -والعجب صفة من صفاته كما يليق بجلاله وكماله- عجب الله من الإيمان! وعجب من التسليم والإذعان! وعجب من الصدق والبر والإحسان من أبي طلحة -رضي الله عنه وأرضاه-! وما هي إلا لحظات حتى ينزل جبريل من السماوات بثناء الله -جل وعلا- إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها على ذلك الصادق الطاهر، وذلك الذي تبطن في قلبه الجواهر من تلك المعاني السامية، (وَالَّذِينَ تَبَوَّئُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر:9].

 

هنيئاً بهذه الشهادة! هنيئاً بمن شهد الله له بالإيثار! وشهد له بالصدق في المحبة والعبودية لله الواحد القهار! طبتَ وطاب غناك! وطبت وطاب ممشاك! وطبت وطاب بذلك لله -جل جلاله-!

 

إنها المعاني الكريمة التي غرسها النبي -صلى الله عليه وسلم- في قلوبِ الصحابة؛ قلوبِ أولئك الأخيار من المهاجرين والأنصار، قال يوماً من الأيام للأنصار: "هلمُّوا أعطيكم مالاً من البحرين"، فقالوا: لا والله حتى تقسمه بيننا وبين المهاجرين، يميناً وطئت بها الدنيا بالأقدام المؤمنة، أولئك الذين آمنوا، أولئك الذين صدقوا، وما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا خرج من الدنيا إلا والصحابة قد تغلغل في قلوبهم هذا المعنى الكريم، تغلغل في قلوبهم حب المؤمنين، والتذلل لعباد الله المتقين، تغلغل في قلوبهم ذلك المعنى الذي أخبر الله بحب أهله: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [المائدة:54].

 

فما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا والأخ يشد أزر أخيه، وفي طاعة الله يثبته ويواسيه. توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم محافظون على الأخوة وعَهْدِها، محافظون على الأخوة وبِرِّها وودادِها، هذا أبو الدرداء -رضي الله عنه وأرضاه- يقول: "والله إني لأدعو لسبعين من أصحابي؛ أسميهم رجلاً رجلاً في سجودي"، هذا هو الحب الصادق، والحب في الله، والموالاة في الله يوم أن كانت الدنيا تحت أقدامهم.

 

قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنه وأرضاه-: "أُهْدِي إلى رجلٍ من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- رأسُ شاة وهو جائع ومحتاج، فلما وضع الرأس بين يديه قال: اذهبوا به إلى فلان، فوالله إنه لأحوج إليه مني، فحُمِل ذلك الرأس إلى أخيه، فلما وُضِع أمامه نظر إليه والجوع يكويه فقال: اذهبوا به إلى فلان فوالله إنه لأحوج إليه مني، ثم انتقل إلى الرجل حتى عاد إلى الصحابي الأول، قال -رضي الله عنه وأرضاه-: سبعة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يتداولونه".

 

كانوا -يوم كانوا- يؤثرون الآخرة! كانوا وكأنهم في السفينة الماخرة إلى لقاء الله والبرزخ والدار الآخرة، فقد هانت عليهم الدنيا، وكان الإيمان في قلوبهم أسمى وأسنى وأعلى وأبهى من حطام الدنيا الزائل، ومتاعها الفاني الحائل.

 

ولقد غرس أصحابُ النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه المعاني الكريمة، والمعاني الجليلة في قلوب التابعين الأخيار، فهذا إمام من أئمتهم يقول: "والله لو جُمِعَت لي الدنيا في لقمة واحدة، وجاءني أخ في الله لوضعتها في فمه ولا أبالي".

 

وهذا علي زين العابدين ؛ إمام من أئمة التابعين، وسيد من سادات العلماء المجتهدين، كان رحمه الله طيباً بن طيب بن طيب؛ علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين؛ عنه وعن أبيه وعن جده (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) [آل عمران:34].

 

يسمونه: زين العابدين ؛ لِزَيْنِ عبادته، وكمال خشوعه بين يدي ربه. كان إذا توضأ احمرَّ وجهُه واصفرَّ وتغيَّر، فقيل له ذات مرة: "ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ قال: "ألا تدرون مَن أناجي؟! ألا تدرون مَن أقف بين يديه؟!" وهو الله -جل جلاله-.

 

وكان إذا أراد الحج والعمرة ولبس إحرامه فقال: "لبيك" خرَّ مغشياً عليه، وذات مرة قال: "لبيك"! ثم خرَّ مغشياً عليه، ثم أفاق، فقال: "لبيك"! ثم خرَّ مغشياً عليه، فلما كان في الثالثة قيل له: ما هذا يا ابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟ فقال: "أخشى أن يقال لي: لا لبيك ولا سعديك!".

 

وكان حَيَّ القلب، نقيَّ العبادة، نقيَّ الجوهر -رضي الله عنه وأرضاه-.

 

هذا الإمام الجليل كان إذا جنَّ الليل، حمل الطعام على ظهره إلى بيوت الأرامل والأيتام في شدة الظلام؛ ليشتري به رحمةَ الله -جل جلاله-، وكان يتَلَثَّم فلا يعرفه أحد، فلما توفي -رحمه الله- فَقَدَ أكثرُ مِن ستين بيتاً من بيوت المسلمين وضعفائهم رجلاً كان بالليل يطرق عليهم بالطعام. هذا الإمام كان وحده -رحمه الله- يحمل الطعام على ظهره.

 

فلما أُرِيْدَ تغسيلُه وتكفينُه جُرِّدَ من ثوبه، فانكشف ظهرُه، فإذا فيه أثر الأكياس التي كان يحملها في الظلام، رحمة الله على تلك القلوب المؤمنة، وسلامٌ على قلوب ضمَّت أشلاؤهم! وسلامٌ على قبور ضمَّت أجسادهم! يوم أن صدقوا مع الله -جل جلاله-، وباعوا الدنيا من أجل إخوانهم المسلمين، وكانوا أحبةً في الله والدين، فكانت الدنيا عندهم حقيرة ذليلة مهينة.

 

كان الواحد إذا لقي أخاه تلقاه والبشر على صفحات وجهه، والسرور على ظاهره، يشعره بالأخوة في الدين، وكان الإمام والعالم منهم لا يستطيع الواحد أن يعرفه بين الناس من التواضع وترك الرياء، رحمة الله عليهم أجمعين، وكانوا إذا دخل بعضهم على بعض أَكْرَموا وتنافسوا للخير وتسابقوا.

 

فهذا عبد الرحمن بن أبي ليلى، أدرك أكثر من مائة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، يقول عنه ابن أبي زياد : "والله ما دخلنا عليه إلا حدثنا بأطيب الحديث، وأطعمنا بأحسن الطعام".

 

وكان الحسن البصري -رحمه الله- سيداً من سادات التابعين، فقد كان -رحمه الله- إذا دخل عليه أخوه قام فأكرمه بنفسه، وهو الإمام في العلم والورع.

 

كانوا مؤثِرِين للأخوة في الله والدين، وأحبة في الله متراحمين متواصلين متباذلين، يوم كان الإسلامُ وكان أهلُه، يوم كان القرآن دليلَهم، وكان هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إمامَهم وأمامَهم، يوم كانوا عاملين بكتاب الله، ثابتين بكلام الله، يوم (وَصَفَهم الله بأنَّهم رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح:29]، فكم من عيون منهم سَحَّت بالبكاء لبكاء عيون من المسلمين!

 

أين هذه النماذج الكريمة؟!

 

أين هذه الأمة الطاهرة البَرَّة الرحيمة؟!

 

أين هذه القلوب العظيمة؟!

 

أين هي من نماذجِ اليوم؛ يوم صاح الأيتام، وصاحت الأرامل، فلم تجد لها مغيثاً غير الله -جل جلاله-؟!

 

أين هذه القلوب الرحيمة؟!

 

أين هذه الأمة الكريمة؛ يوم قَطَّعَت الأرحام، فضلاً عن أخوة الإسلام، حتى اقتتل الرجلان على شبر من الأرض، ولا حول ولا قوة إلا بالله! يوم سَبَّ المسلمُ أخاه، وانتهك عرضَه، واستباح غَيْبَتَه على متر أو مترين من الأرض، وإنا لله وإنا إليه راجعون! يوم أصبح الإسلام اسماً على الظواهر، بعيداً عن القلوب والجواهر، وأصبح العبد يوالي في الدنيا، ويعادي في الدنيا؛ فالناس بها عنده مراتب، نسأل الله السلامة والعافية من حال أهلها.

 

أيها الأحبة في الله: الإيثار! وما أدراك ما الإيثار! رحمةٌ من الله الكريم الغفار.. رحمةٌ أسكنها قلوب المؤمنين، فبذلت وضحت لوجه الله رب العالمين، اقتحم أصحابُها العقبة، ففكوا الرقبة، وأطعموا في كل يومٍ ذي مسبغة، يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة، قلوبُ أهلها رقيقة لينة حليمة رحيمة، لا تحتمل فواجع المسلمين، بل تهتز لدعاء المصابين والمنكوبين.

 

الإيثار! وما أدراك ما الإيثار؟! أن تجعل القبر أمام الأنظار، فتسعى إلى رحمة الله الكريم الغفار، في إجابة دعوةٍ مِن أرملة، أو دعوةٍ مِن بائسة، أو دعوةٍ مِن مكروب، أو دعوةٍ مِن مهموم أو مغموم، أو كربة تفرِّجها على معسر ومديون.

 

الإيثار! وما أدراك ما الإيثار! رحمة الله الكريم الغفار، يوم تُخَطُّ في الدواوين الحسنات، ويوم تُرْفَع به لأصحابه الدرجات، ويوم يستوجب من الله عظيم المغفرات؛ فكم مِن أيدٍ لهم سَخَتْ آناء الليل وأطراف النهار، فغُفِرَت معها ذنوبُ العمر، ومُحِيَت بِها سيئاتٌ وخطيئات! فالله أكبر! ما أعظم فوز أهله! يوم خلفوا الدنيا وراء ظهورهم، واستقبلوا الآخرة أمام عيونِهم!

 

أيها الإخوة: ولا يكون الإيثار إيثارا إلا بأمور:

 

أولها وأعلاها وأسماها وأشرفها وأبهاها: الإيمان بالله، وإخلاصُ العمل لله: حينما يسعى العبد حثيثاً إلى الله مُجِدَّاً لا متريثاً، حين يسعى إلى الآخرة، فلا يفتُر عن حسنة يبذلها، أو قُرْبَة -بإذن الله- يكسب بها إيماناً.

 

ثانيها: الرحمة:

 

فلا إيثار إلا برحمة، ولذلك لا يمكن أن يكون الإنسان مؤثراً إلا إذا رزقه الله قلباً رقيقاً ليناً رحيماً، وإذا -رحمه الله- من قسوة القلوب، فأصبح قلبُه يتفطر للأشجان والأحزان؛ فلا إيثار إلا بهذه الرحمة التي سماها الله: رحمة، وهي لين القلوب.

 

فما أَبْعَدَ مَن قَسا قلبُه عن الإيثار! وقاسي القلب لا يعرف الإيثار إلى قلبه سبيلاً ولا دليلاً.

 

أما لَيِّن القلب فما أحراه بالإيثار! فلِيْنُ القلب الذي هو رحمةٌ من الله علام الغيوب امتنَّ الله بها على نبي الهدى -صلى الله عليه وسلم-، فقال -جل جلاله-: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) [آل عمران:159].

 

إن الإيثار يحتاج إلى قلبٍ رقيق، يحتاج إلى صاحبٍ صِدِّيق رفيق، وإلى ذلك القلب الذي ما إن يبثُّ إليه المهموم هَمَّه حتى يتفطر حزناً وألماً، يحتاج إلى قلبٍ يتسع لهموم المسلمين وغمومهم، وإلى قلبٍ صاحبُه إذا ابتدره المصاب بشكواه دَمَعَت قبل النهاية عيناه، فالإيثار يحتاج إلى قلبٍ رقيقٍ رفيق.

 

فاسألوا الله لين القلوب؛ فَبِهِ يُرْحَم الإنسان، وبه يُكْرَم بالله الكريم المنان.

 

سلوا الله لين القلوب، فبه يُكْسَى العاري، وبه يُطْعَم الجائع، وبه يُمْسَح على رأس اليتيم، وبه يغدو العبد إلى المسكين، وبه يُفَرِّج كربات المنكوبين والمعسِرين بإذن الله رب العالمين.

 

سَلِ الله القلب الرقيق، فإن الله إذا أكرمك بهذا اللين، وأكرمك بهذا القلب الرفيق فتح لك أبواب رحمته، وفتح لك أبواب الخير منه، فلا ترى منكوباً إلا أعنته، ولا ترى مهموماً مغموماً إلا واسَيته، كن رحيماً بعباد الله، كن ليناً بعباد الله المؤمنين، فإن الله وصف المؤمنين بقوله: (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح:29].

 

فلا إيمان إلا برحمة، وإذا انتُزِعت الرحمة من القلوب؛ فمَن يسمع ويُصغي لشكوى الأيتام والأرامل والبائسين؟! إذا نُزِعت الرحمة من القلوب؛ فمن يسمع صيحات المتأوهين ونكبات المفجوعين؟!

 

سل الله أن يجعلك رحيماً، فإن الله يرحم الرحماء.

 

سل الله أن يجعلك رحيماً فإن الله يعطف على الرحماء.

 

سل الله أن يجعلك رحيماً؛ فكم لَطَفَ اللهُ بالرحماء! وكم صرف عنهم من شدائد الدنيا وأهوالها ونكباتها لَمَّا رحموا عباده وما ينتظرهم في الآخرة من رحمات القبور، ورحمات هول البعث والنشور أجلُّ وأسمى وأسنى.

 

فجاهد وصابر واصطبر، وأعطِ لوجه الله -جل جلاله- إيماناً وتسليماً، فإذا سكنت الرحمة في القلوب فسل الله أن يرزقك القلب الرحيم، فإن الله إذا رزق العبد قلباً رحيماً عَفَّ وكَفَّ عن أذية المسلمين، وكان صاحبه أحرص ما يكون على نفع عباد الله المؤمنين.

 

بهذه الرحمة تصغي إلى من أراد أن يحدِّثك.

 

وبهذه الرحمة يألفك الكبير ويألفك الصغير، حتى إن المهموم يأتيك، ولا يجد بينك وبينه حاجزاً برحمتك به.

 

الرحمة .. هي الطريق للإيثار.

 

أيها المسلمون: السبب الثالث -وهو من أعظم أسباب الإيثار، ومن أعظم الأسباب التي تعين المسلم على أن يحفظ نفسه عن أذية المسلمين، وأن يسعى بكل حرص في بذل الخير إليهم طلباً لمرضاة الله رب العالمين، هذا السبب الذي تفطرت به قلوب الصالحين- ذكرُ الموت والبِلَى، وقرب المصير إلى الله -جل وعلا-: أن يذكر العبد أنه إلى الله صائر، وأنه مغموم بين الْجَنادل والْحَفائر؛ فما ذُكِر الموت في كثيرٍ إلا قلله، ولا في جليلٍ إلا حقَّره.

 

أن يذكر العبد أنه إلى الله صائر، وأنه مضموم بالأجداث والبلى والجنادل، حتى إذا ذُكِر ذلك هانت عليه دنياه، وعَظُم عليه ما هو مستقبلٌ له من أخراه.

 

تذكر الموت وسكرته!

 

تذكر القبر وضجعته!

 

تذكر القبر وضغطته!

 

في ظلمة القبر لا أم هناك ولا *** أب ولا أخ ولا صديق يؤنِّسني

 

يوم أن يصير الإنسان وحيداً، قد سار إلى الله ذليلاً حقيراً فريداً، يومئذٍ تهون عليه تجارته، وتهون عليه أمواله، ويهون عليه أولاده، يريد الفكاك، والنجاة، والخلاص!

 

فمَن ذَكَرَ هذه المنازل، وذَكَرَ هذه الجنادل هانت عليه الدنيا، وسَخَت يدُه بالإنفاق لوجه الله، وأخرج المال العزيز على قلبه؛ ليشتري به رحمة الله، (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) [الإنسان:9-12].

 

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا منهم.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ..

 

أيها المسلمون: إن مَن أكثر مِن ذكر الموت والمنازل من بعده هانت عليه الدنيا التي قَطَع من أجلها رحمه، ومن تذكر هذه المنازل هانت عليه هذه الدنيا التي والى من أجلها وعادى!

 

ما الذي يأخذه الإنسان من تجارته؟! وما الذي يجنيه من سوقه وعمارته؟! وما الذي يخرجه من الدنيا غير زاده وكفنه؟!

 

إنا إلى الله صائرون، وإنا إليه راجعون، وبين يديه مختصمون: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) [الزمر:30-31]، يوم يتعلق بك الذليل الذي أذللته، ويتعلق بك أخوك في الإسلام فيقول: يا رب! سَلْ أخي، إنه أهانني .. يا رب! سل أخي، إنه ما عَظَّمَ أخوة الإسلام التي بينه وبيني، يومها يحس الإنسان بحقارة نفسه وذله بين يدي الله ربه.

 

تذكروا هذه المنازل؛ فإنها تعين على الجود والسخاء، وتعين على الأعمال الصالحة المقربة إلى الله فاطر الأرض والسماء.

 

تذكَّرْ يوم تَقْرَع القوارع، وتَفْزَع الفوازع، ويُبَعْثَر ما في القبور، ويُحَصَّل ما في الصدور، يوم أن ينادي عليك منادِ الله أن تخرج من قبرك حافياً عارياً إلى لقاء الله، فتخرج ذليلاً حقيراً .. يوم تخرج إلى الديان وحيداً فريداً .. يوم أن تصير إلى الله بلا حسبٍ ولا نسب .. يوم أن تصير إلى الله بلا مالٍ ولا ولد، يومئذٍ تهون عليك تجارتك، وتصغر في عينك عمارتك، يومها تعرف حقارة الدنيا، وذل مقامك بين يدي الله -جل وعلا-.

 

أيها الأحبة في الله: ما ذكر العبد هذه المواقف إلا هانت عليه الدنيا، وأحب لإخوانه المسلمين ما يحب لنفسه، وسعى في خلاص نفسه وفكاكها من ذنوب العباد؛ فما أشقى مَن عَظُمت مَظالِمُه! وما أشقى مَن عَظُمت مآثِمُه! فويلٌ لمن كثرت خصومته بين يدي الله -جل جلاله-! وويلٌ لمن آثر الدنيا على الإخوان، فظلم هذا، وأكل مال هذا، وانتهك عرض هذا! وويلٌ لمن أطلق لسانه في غِيبة فلان وعلان، فجاء يوم القيامة وحيداً فريداً بين يدي الله الواحد الديان، وتعلق به صاحبه وقال: يا رب شتمني هذا، يا رب اغتابني ونَمَّني هذا.

 

فالفكاك الفكاك من هذه الحقوق العظيمة، ومن هذه المواقف الجليلة .. يوم لا حسب ولا نسب ولا جاه إلا الجاه عند الله .. يوم لا مقرِّب إلا التقوى .. يوم تنفصم الأمور فلا تبقى إلا العروة الوثقى.

 

اللهم الطف بنا إذا صرنا إلى ذلك المصير، اللهم الطف بنا إذا صرنا إلى ذلك المصير.

 

ما أعظم النجاة إذا خرجتَ من قبرك وقد سترتَ عورات المسلمين، وفرجتَ كربات عباد الله المنكوبين! يوم أن تخرج إلى الله بتلك الصحائف المشرقة .. يوم أن تخرج إلى الله بحسناتك للأيتام والأرامل .. يوم أن تخرج إلى الله بتلك الحسنات العظيمة والأجور الكريمة! فكم لك من يدٍ عند الله -جل جلاله-، إذا نادى منادِ الله فقمتَ إلى تلك المشاهد في ظل صدقتك التي تصدقتَ بها! فما أطولها! وما أعرضها! وما أنعمها! وما أبركها! يوم أن تتلقاكَ الملائكة: (هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) [الأنبياء:104].

 

فيا أيها الأحبة في الله: ما أعظم الخصومة بين يدي الله في المظالم، يوم يحشر الإنسان من سبع أرضين، قد اختنق حاله في شبر من الأرض ظَلم أخاه فيه! يوم يتعلق به الخصوم، ويُنْصَف منه المظلوم، ويُعطى منه المحروم!

 

ويقول الله -كما في الحديث القدسي-: "يا عبدي! ألم أنعم عليك؟ ألم أتركك؟ ألم أسوِّدك؟ ألم أرفعك؟ فيقول: بلى يا رب، فيقول: ماذا عملت لي؟" ثم يقول -جل جلاله-: "يا بن آدم! استطعمتُك فلم تطعمني، قال: يا رب! كيف أطعمك وأنت ربي؟! قال: استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمتَ أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا بن آدم! استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب! كيف أسقيك وأنت ربي؟! قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقِه، أما علمت أنك لو سقيته لوجدتَ ذلك عندي؟ يا بن آدم! مرضتُ فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت ربي؟! قال: مرض عبدي فلان فلم تعدْه، أما علمت أنك لو عدته لوجدت ذلك عندي؟".

 

الله أكبر من يومٍ عظُمَت حسناتُه! جعلنا الله وإياكم منهم. اللهم آمين.

 

أيها الإخوة: من أحب أن يُسَلِّمه الله من هذه المواقف العظيمة، ومن هذه المشاهد الجليلة فليحفظ لسانه وسِنانه وجوارحه وأركانه عن أذية المؤمنين، إذا سَلِم المسلمون من أذيتك، واجتهدتَ في طاعة الله على قدر وسعك فأنْعِمْ عند الله وأكْرِمْ بها حياة! ولتخرُجَنَّ من هذه الحياة طيباً مطَيَّباً، فلا تُذْكَر إلا بخير.

 

عُفَّ لسانك عن أعراض المسلمين، عُفَّ لسانك عن إثارة العداوة والبغضاء بين المؤمنين؛ فمِن أشد الجرائم وأعظمها أن تُقْطَعَ هذه الأخوة وتُقْطَعَ أواصرُها بكلمة من عبدٍ لا يخاف الله ولا يتقيه، يوم أن يُخْرِج تلك الكلمات التي يوغر بها صدور عباد الله بعضِهم على بعض، فهم يصلُّون في المسجد الواحد .. أمة واحدة .. يؤمنون جميعاً .. ويركعون جميعاً .. ويسبحون ويمجدون .. ويستقبلون قبلة واحدة .. ويدْعون رباً واحداً .. وما إن يخرجوا من باب المسجد حتى يتلقفهم هذا الشرير بشره؛ لكي يبث إلى هذا كلمةَ عداوة، ولكي يبث إلى هذا ما يوجب البغضاء والشحناء.

 

أيها المسلمون: الوصية الأخيرة: أن نشتري مرضاة الله -جل جلاله- بخصلة من خصال أهل الإيمان: وهذه الخصلة ما حافظ عليها أخٌ مع أخيه إلا عامله الله بها في الدنيا والآخرة!

 

أتدرون ما هي؟!

 

إنها العفو عن المظالم، العفو عن المسيء، العفو عمَّن أساء؛ فإنها موجبةٌ لرحمةَ الله -جل جلاله-، يوم أن تقف أمام أخيك الذي يزِلُّ عليك بلسانه، أو يزِلُّ عليك بجوارحه وأركانه، فيأتيك ابن عمك فيقول: يا أخي! خذ بحقك، إنك ذليلٌ إن عفوتَ، وإنك حقيرٌ إن صفحتَ، فيخذِّلك عن طاعة الله -جل جلاله-؛ لكن يأبى إيمانُك، ويأبى يقينُك وعلمُك بلقاء الله ربِّك إلا العفوَ والصفحَ لوجه الله -جل جلاله-.

 

دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة فطأطأت له رءوسُ الكفار، وذلَّت له أعناقُ الأشرار، وأصبح يومَها المُلْكُ لله الواحد القهار!

 

وقف -صلى الله عليه وسلم- يوم الثاني من الفتح وقريش تحته كلُّها، وجاء وقتُ الثأر، وجاء أخذ الحق والقصاص يوم سُفِكَت دماء أقاربه، يوم قُطِّعت أشلاء أصحابه وأحبابه!

 

وقف -صلى الله عليه وسلم- على رءوسهم والماضي ماثل بين يديه بما فيه من الفجائع، وبما فيه من الأمور التي تُقِضُّ المضاجع!

 

وقف -صلى الله عليه وسلم- ساعة الثأر، وأخذ بعضادَتَي باب الكعبة وقال: "يا معشر قريش! ما تظنون أني فاعلٌ بكم؟!" -ما الذي يخطر ببالكم الآن بعد أن أعزني الله وأذلكم، ورفعني ووضعكم، وجبرني وكسركم؟!- فقالوا: أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريمِ، فقال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".

 

الله أكبر ما أوسع صدور المؤمنين في الحلم والرحمة!

 

الله أكبر ما أوسع قلب المؤمن!

 

فعندما يَزِلُّ عليك أخوك في الإسلام بكلمة، فيأتيك الشيطان، وتأتيك حمية الجاهلية أن ترد عليه بعثراتها، وأن تُخْرِس لسانه بأسوأ منها؛ عند ذلك اذكُر الله -جل جلاله-، وتذكَّر أن هذا اللسان ما يلفظ بكلمة إلا وهي مخطوطة في الديوان، وأنك ستَلْقَى الله -جل وعلا-؛ لتنتهي بك إما إلى جنانٍ أو إلى نيران، وقل: أستغفر الله لي ولك.

 

جاء رجل إلى الحسن فقال: إن فلاناً يشتمك، قال: "والله لَأُغِيْظَنَّ مَن أَمَرَه بذلك: اللهم اغفر لي ولأخي".

 

وجاء آخر إلى الحسن فقال له: فلانٌ يقول فيك كذا وكذا، فقال: "أما وَجَدَ الشيطان رسولاً غيرك؟!". أي: أما وجد الشيطان رسولاً ينقُل الأحاديث على لسانه غيرك؟!

 

فلا بد أن يحاول الإنسان أن يكون سمحاً، وأن يكون حليماً.

 

فإن مَن رَحِمَ الناسَ وعفا عنهم عفا الله عنه، وأنت أحوجُ ما تكون إلى عفوه!

 

ولَئن رحمتَ الناسَ لَيَرْحَمَنَّك الله، وأنت أفقر ما تكون إلى رحمته!

 

فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلنا وإياكم منهم.

 

اللهم انزع من قلوبنا الشحناء، والبغضاء لعبادك المؤمنين.

 

اللهم هب لنا قلوباً تقيةً نقية.

 

اللهم سلِّمنا وسلِّم منا، وتب علينا وتجاوز عنا.

 

 

 

 

 

المرفقات

على أنفسهم

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات