ولا تقربوا الفواحش

الشيخ عبدالعزيز بن محمد النغيمشي

2024-08-02 - 1446/01/27 2024-08-07 - 1446/02/03
عناصر الخطبة
1/العفة ومنزلتها والفحش ومخاطره 2/تحريم الشرع للوسائل التي توصل للفواحش 3/تجدد وسائل الفتنة وتطورها 4/خطورة الافتتان بالغلمان

اقتباس

إِنها الفواحِشُ، إِنَّها المُوبِقاتْ، إِنَّها الكَبَائرُ، إِنها المُهلِكات، ما رَكِبَ طَرِيْقَها مَنْ عُدَّ في الأَبرارِ، وما حَامَ حَولَ حِماها مَنْ عُدَّ في المُقَرَّبِين، وما تَحايَلَ على اسْتِحْلالِها مُؤمِنٌ، وما أَحبَّ شُيوعَها في الذينَ آمَنُوا مَنْ يَرْجو لِقاءَ الله...

الخطبة الأولى:

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).

 

أيها المسلمون: طُهْرٌ وعِفَّةٌ، وَحَيَاءٌ وحِشْمَةٌ، ونَقاءٌ وشَرَف، أَخْلاقٌ وشَمائِلُ، بِهَا الأُمَمُ تَعْلُو، وبِها النُّفُوْسُ تَزْكُو، وبِها المُجتَمعاتُ تَطِيْب، طَهارَةٌ تُبْعِدُ عَنِ الفُحْشِ، وحِشمَةٌ تُقْصِي عَن السُوءِ، وحياءٌ يَعْصِمُ مِنَ المُنْكَر.

 

الطهارَةُ نقاءٌ والفُحشُ دَنَس، الحياءُ رُقِيٌّ والصفاقَةُ انْحِطاط، الفُحشُ دَرْبُ صَغارٍ، والفاحِشَةُ وَصْمَةُ عَار، الفُحْشُ مَرْتَعَ سُوءٍ، والفاحِشَةُ لَفحَةُ نار.

 

الفاحِشَةُ، لها من فضاعةِ اسمِها نَصِيْب، يَتَهَاوَىَ بِها الشَّرَف، ويَتَكَشَّفُ بها الحياءُ، وتَغورُ بها الغَيْرَة، ويَخْبُو بها الإيمان.

 

وفواحِشُ الأَقوامِ تَقطَعُ فَضْلَهُم *** وتُذيقُهم كأَسَ الصَّغَارِ مِرَاراً

بالفُحْشِ تَهْوِيْ إِلى قِيْعَانِها الأُمَمُ *** وبِها يُنَكَّسُ دُونَ العِزَّةِ العَلَمُ

 

الفَوَاحِشُ مُوجِبَةٌ للَّعْنِ موجِبَةٌ للغَضَب، موجِبَةٌ للمَحْقِ مُوْجِبَةٌ لِلْحَسَرَات.

 

حَرَّمَ رَبُنا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن. فَحَذَّرَ مِنْ اقْتِرافِها، وَمِنْ القُرْبِ مِنها ومِنْ دَواعِيها (وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)، وإذا حَذّرَ اللهُ مِن أَمرٍ، فلا يُؤْمَنْ خَطَرُه؛ عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ -رَضِيَ اللهُ عنه-؛ قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: "لا أحَدَ أغيَرُ مِنَ الله؛ ولذلك حَرَّمَ الفواحِشَ مَا ظهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ"(رواه البخاري ومسلم).

 

وكُلُّ ما عَظُمَ مِنَ الذُّنُوْبٍ فَهوَ فاحِشٌ، وأَعظَمُ الفَوَاحِشِ مُوَاقَعَةُ الفَرْجِ الحَرَامْ؛ قال الله -سُبحانَه-: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً)، ولُوطٌ -عليه السلام-؛ قالَ لِقَومِه: (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ).

 

تَوَعَّدَ اللهُ المُجْتَرِئيْنَ عَلَى الفاحِشَةِ بأَعظِم العذابِ يومَ القيامة، فَفِي حَدِيْثِ رُؤيا النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- الطويلِ؛ قَال: "فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ، قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا ــ أي ضَجُّوْا وَصَاحُوْا ــ قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ" الحَدِيْثَ وَفِي آخِرِهِ: "وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي"(رواه البخاري).

 

(وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).

 

إِنها الفواحِشُ، إِنَّها المُوبِقاتْ، إِنَّها الكَبَائرُ، إِنها المُهلِكات، ما رَكِبَ طَرِيْقَها مَنْ عُدَّ في الأَبرارِ، وما حَامَ حَولَ حِماها مَنْ عُدَّ في المُقَرَّبِين، وما تَحايَلَ على اسْتِحْلالِها مُؤمِنٌ، وما أَحبَّ شُيوعَها في الذينَ آمَنُوا مَنْ يَرْجو لِقاءَ الله.

 

هِيَ الفواحِشُ كَمْ جَرَّتْ مِن الأَلَمِ *** وكَمْ أَذَلَّتْ مِنَ الماضِينَ في القِدَمِ

بِئْسَ المعادُ غداً للوالِغِينَ بِها *** يَغشاهُمُ الذُّلُ يَوْمَ العَرْضِ للأُمَمِ

 

يَدْعُو الشَّيطانُ لِلفاحِشَةِ ويُزَيِّن، ويستَدْرِجُ لَها ويَسْتَمِيْل؛ (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ)، (إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).

 

في خُطُواتٍ تَتَتالىَ، وَمَزَالِقَ تَتَتابَع؛ فَمَنْ استَهانَ بالخُطوَةِ الأُولى مِنْ خُطُواتِ الشيطانِ، هانَتْ عليه الثَّانية، ومَن تَمادَى مَعَ الثَّانِيَةِ، أَقْدَم عَلَى التي تَلِيْهَا، ولا نِهايةَ للمُسْتَدْرَجِ -إِنْ لَمْ يُفِقْ- دُونَ العَطَبْ، خُطُواتٌ، هِيَ للرَدى تُرْدِيْ، وهي للغِوايَةِ تُوصِل.

 

نَظْرَةٌ، فابْتِسامَةٌ، فَسَلامٌ *** فَكلامٌ فَمَوعِدٌ فلقاءُ

فَفِراقٌ يَكُوْنُ فِيْهِ دَوَاءٌ *** أُو فِرَاقٌ يكونُ منهُ الدَّاءُ

 

وإذا حَرَّمَ اللهُ أَمراً، أَحاطَهُ بِحِمَىً دُونَه؛ فَمَن اقتَحَمِ حِمَى الحرامِ وَقَعَ فيه، حَرَّمَ اللهُ الفاحِشَةَ، فَحَرَّمَ كُلَّ عَمَلٍ يُفضِيْ إليها، ونَهَى عَنْ كُلٍّ أَمرٍ يُقَرِّبُ مِنها، وحَذَّرَ مِنْ كُلِّ خُطوةٍ تُدْنِي إليها، فجاءَ في الشريعةِ النهيُ عَن مُخالَطَةِ النساءِ، وجاءَ في الشريعةِ النهيُ عَن الدُّخُوْلِ على النساءَ، وَجاءَ النهيُ عَنِ الدُّنُوِّ مِنْهُنّ؛ (إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)، وَجَاءَ في الشَّرِيْعَةِ النَّهْيُ عَنْ الخلوةَ بالمرأَةِ؛ "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامْرَأَةٍ إلَّا وَمعهَا ذُو مَحْرَمٍ"(رواه البخاري ومسلم).

 

وجاءَ في الشريعةِ النهيُ عَن خُضُوعِ المرأَةِ بالقَولِ، وجاءَ في الشريعةِ النَّهْيُ عَنْ تَبَرُّجِها وإظهارِها للزِّيْنَةِ أَمَامَ الرِّجَال، وَجَاءَ في الشريعةِ نَهْيُها عَنِ النَّظَرِ إلى الرجالِ، ونَهْي الرجالِ عَن النَّظَرِ إليها، كُلُّ ذلكَ وَأَداً للفِتْنَةِ وقَطْعاً لِحِبَالِها، وإِقصاءً لأَسبابِها، وإِخماداً لِنارِها.

 

وما انْهارَ صُمُودُ ثَباتٍ، ولا تَهاوَى جِدَارُ عِفَّةٍ، ولا فُتِحَ بابُ فاحِشَةٍ، إلا والبَصَرُ إلى هذا الرَّدَى سابِق، نَظَرٌ إلى الحرامِ، سَهْمٌ مَسْمُوْمٌ وسُمٌّ قاتِلْ، بَصَرٌ يَزِيْغُ إلى الحرامِ، يَسْتَورِدُ للقَلْبِ أَصنافَ الشُّرُور.

 

كُـلُّ الحَوَادِثِ مَبْدَأُهَا مِنَ النَّظَرِ *** وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصًغَرِ الشَّرَرِ

كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ في قَلْبِ صَاحِبِهَا *** فَتْكَ السِّــهَامِ بِلا قَوْسٍ ولا وَتَرِ

 

جاءَ في القُرآنِ شَرْعٌ ظاهِرٌ، قَرَنَ اللهُ فيه أَمْرَينِ مُتلازِمَين، غَضَّ البَصَرِ وحفظَ الفَرْج، ولَولا اقْتِرانُهُمَا بِالفِتنةِ، لما اقْتَرَنَا في الأَمْر؛ (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ).

 

بارك الله لي ولكم،،،

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْن، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رسولُ رَبِّ العالمين، صلى اللهُ وسَلَّمَ وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً أما بعد: فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون.

 

أيها المسلمون: طَرِيقُ الفواحِشِ مُوْحِشٌ، والشَّيْطانُ لِلسَّالِكِينَ فيهِ قَرِيْن، طَرِيقُ الفَواحِشِ مُقْفِرٌ، والشيطانُ للعابِرِينَ فيهِ مُعِيْن؛ (وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا).

 

أَبوابُ الفواحِشِ في هذا الزَّمَنِ قَدْ أُشْرِعَتْ، وأَسبابُها فيه قَدْ هُيِئَتْ، ودُعاتُها فيه قَدْ نُشِرَت، ومَشَاهِدُ الفُحِشِ فيه تَمْلَأُ الآفاق، دَوَاعِي الفِتْنَةِ تُفْزِعُ قَلْبَ كُلِّ تَقِي.

 

خَلْوَةٌ وخُلْطَةٌ وصَدَاقَة، ضِحْكَةٌ ومحادَثَةٌ بأَناقَة، حِجَابٌ لِلحَياءِ في كَثِيرِ مِنَ المَوَاطِنِ قَدْ نُزِعْ، وَوَازِعٌ للإيمانِ في كَثِيرٍ من النفوسِ قَدْ زالْ.

 

فِتْنَةٌ تَرُوْحُ وَتَعْدُو، وتَتَمايَلُ وتَتَرَنَّحْ، والنِّساءُ أَخَطَرُ فِتنةٍ على دِينِ الرِّجال، لَيْست فِرْيَةٌ مِن دَعِيٍّ، بَلْ بذاكَ قالَ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم-: "ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ"(رواه البخاري ومسلم).

 

ولئن كانَ المفْتُونُ في مُلاحَظَةِ النِّسَاءِ في بلاءَ، فإِنَّ المَفْتُونَ في مُلاحَظَةِ الغِلمانِ في عذابٍ وخَيْبَةٍ وشَقاء، لئن كان التعلُّقُ بالنساءِ يورِثُ ذُلاً وعاراً، فإن التعلُّقَ بالغِلْمانِ يورِثُ عاراً وهواناً ونارا، فَواحِشُ بَعضُها أَفْضَعُ مِنْ بَعضْ، ومهالِكُ بَعضُها أَخْطَرُ مِنْ بَعضْ.

 

شياطِينُ الجِنِّ والإِنسِ، على نَشْرِ الفاحِشَةِ وبَثِّ أَسبابِها قَد تآزَروا، وعلى الدَّعْوَةِ إليها وتَيْسِير دُرُوبِها قَدْ تَظَافَرُوا.

 

مواقِعُ لَهم وقَنوات، وبُثُوثٌ في برامِجَ التَّقنيةِ فيها انحطاطٌ ودَناءَةٌ ومُحادَثَات، ضحكاتٌ مُزِجَتْ بِفُحشٍ، وعِباراتٍ قُرِنَتْ بِخُبْثٍ، تَصْرِيْحٌ بالفَوَاحِشِ وإِيْحَاءَات.

 

حِسَابَاتٌ تَسْتَعِرِضُ الفاحِشَةَ وتُسَوِّقُ لَها، في صُورٍ خَلِيعَةٍ، ومقاطِعُ فاضِحَةٍ تَخْلَعُ مِنْ قَلْبِ المفْتُوْنِ إِيمانَه، وتَخطِفُ من قَلْبِ المُغْرَمِ حياءَه.

 

عُرِيٍّ وتَفَسُّخٍ وانْسِلاخْ، يَقْتحِمُ أجهزَةً يُقلِبها الصَّغِيْرُ والكَبِيْر، والرَّجُلُ والمَرْأةَ، تَغزوهم في كثيرٍ من برامِجِ التقنيةِ وفي دِعاياتِها، تَضْرِبُ صَمِيمَ الأخلاقِ، وتَقصِفُ مُرْتَكَزَ الفضيلةِ.

 

وفي كُلِ يَومٍ يتجددُ للفُحشِ في التقنيةِ موقِع، ويَعْلُو في فَضَائِها لِلمُتَفَحِّشِيْنَ إِمامْ، ومَنْ كانَ لِمَوَاقِعِ الفُحشِ مُرتاداً، تَكَشَّفَ حَيَاؤُه وتَرَحَلَّ إِيْمَانُه.

 

وَمَنْ نَشَرَ صُوَرَ الفُحْشِ أَوْ بَثَّ رَوَابِطَها، أَوْ عَرَّفَ عَلَيْهَا أَوْ أَحبَّ إِشَاعَتَها، كَانَ لَهُ كِفْلٌ مِنْ آثامِ مَنْ فُتِنوا، وهو مُتَوَعَّدٌ بالعذابِ الأليمِ في الدنيا والآخِرَة؛ قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)؛ قَالَ السَّعْدِيُّ: فَإِذَا كانَ هَذَا الوَعِيْدُ، لِمُجَرَّدِ مَحَبَّةِ أَنْ تَشِيْعَ الفَاحِشَةُ، وَاسْتِحْلاءِ ذَلِكَ بِالقَلْب، فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، مِنْ إِظْهَارِهِ ونقله؟"

 

ووقايَةُ النَّفْسِ مِنْ دُرُوْبِ الفِتَنِ مَسْؤُوْليةٌ فَردِيةٌ، وكُلُّ امرئٍ مُحاسَبٌ عَن نَفْسِهِ يوم القيامة؛ (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا)، وَوِقَايَةُ الأَهَلِ، وَتَبصِيرُ النَّشْءِ، والنُّصْحُ للأمةِ، مِن الفُروُضِ والوَاجِبَاتِ عَلَى الآبَاءِ الأُمهاتِ، والمُرَبِّينَ والمُرَبِّيات.

 

وما رَبِّيَتِ النُّفوسُ، بأَعظَمَ مِن تَرْسِيْخِ معاني المراقَبَةِ الصادِقَةِ لله في السِّرِّ والعَلَن. وَتَبْصِيْرِها بمكامِنِ الخَطَر.

 

اللهم احفظنا من كل فتنة، وقنا من كل مُنكر،

 

المرفقات

ولا تقربوا الفواحش.doc

ولا تقربوا الفواحش.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات