ولا تقربوا الزنا

الشيخ عبدالله بن إبراهيم القرعاوي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: قضايا اجتماعية
عناصر الخطبة
1/ النهي عن قربان كل ما يوصل إلى فاحشة الزنا 2/ الأمر بغض البصر 3/ النهي عن الخلوة بين الرجل والمرأة 4/ النهي عن الدخول على النساء الأجنبيات 5/ نهي المرأة عن السفور 6/ نهي المرأة عن السفر دون محرم 7/ نهي المرأة عن التبرج أمام الرجال الأجانب 8/ تشريع حد الزنا لصيانة الأعراض

اقتباس

لذلك نهى الشرع عن الوسائل التي تفضي إلى الزنا، فنهى عن النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه من النساء والرجال والصور الفاتنة؛ لأن ذلك يدعو إلى الوقوع في الفاحشة، فالنظرة سهم مسموم من سهام إبليس؛ قال الله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) ..

 

 

 

 

الحمد لله رب العالمين؛ حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ونهى عن فعل الأسباب الموصلة إليها حماية للمسلمين من الشرور والفتن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

عباد الله: اتقوا الله تعالى وأطيعوه؛ يقول الله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء: 32]، فنهى -سبحانه وتعالى- عباده أن يقربوا الزنا، وهذا نهي عن فعل الزنا وعن أسبابه الموصلة إليه؛ وذلك لشناعته وقبحه وسوء آثاره على المجتمع، وسماه الله -جل وعلا- فاحشة، وهذا أبلغ في الذم والتنفير عنه.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته"، فمن فعل الزنا -نعوذ بالله- فقد أغضب الله سبحانه، وعرض نفسه أن ينزل الله به العقوبة الشنيعة؛ لقوله: (إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء: 32]، ساء طريقًا إلى الشر والهلاك، فالزنا طريق إلى الهلاك؛ لما فيه من إفساد المجتمعات، ولما فيه من جلب الأمراض الفتاكة؛ ولما فيه من خلط الأنساب؛ ولما فيه من ضياع الأعراض؛ ولما فيه من إيقاع العداوات بين الناس، فهو سبيل إلى كل هلاك وإلى كل دمار، ففعل الزنا حرام وكبيرة من كبائر الذنوب؛ قال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان: 68-70].

لذلك -أيها إخوة- نهى الشرع عن الوسائل التي تفضي إلى الزنا، فنهى عن النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه من النساء والرجال والصور الفاتنة؛ لأن ذلك يدعو إلى الوقوع في الفاحشة، فالنظرة سهم مسموم من سهام إبليس؛ قال الله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور: 30-31].

فلا يجوز للرجل أن ينظر إلى وجه المرأة الأجنبية، ولا يجوز للمرأة أن تنظر إلى وجه الرجل الأجنبي دون ضرورة، ولا يجوز النظر إلى صور النساء والرجال الفاتنة التي تعرض على الشاشات أو الصور التي تعرض في المجلات الخليعة والجرائد الماجنة، أو الصور التي تُتبادل بين الرجال والنساء في الجوالات؛ لأنها وسيلة إلى الزنا تقود إلى الفاحشة وتزين القبيح، فالواجب غض النظر عن هذه النظرات الآثمة بجميع أشكالها؛ فإنها تجر إلى الحرام، وتوقع في الآثام، ولقد أوقعت بعض هذه الجوالات كثيرًا من الناس في الإثم بسبب إقرارهم وعدم إنكارهم لما يشاهدون فيها مما يُرسَل إليهم، وأوقعت بعضًا من الشباب والشابات بالمغازلات بالرسائل ثم إلى ما هو أشنع وأقبح من ذلك -أعاذنا الله وسائر المسلمين من ذلك-.

وكذلك نهى الشرع عن الخلوة بين الرجل والمرأة التي لا تحل له؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما"، فلا يجوز للرجل أن يخلو بامرأة لا تحل له، سواء أكانت هذه الخلوة في بيت أم في برية أم سيارة أم مكتب أم عيادة طبيب أم غير ذلك، لا يجوز لمسلم أن يخلو بامرأة لا تحل له في أي مكان، وإن كان يقول: إنني لا أقصد شيئًا من المحذور، وهذه امرأة لها حاجة، هذه امرأة تعمل معي في المكتب، هذه امرأة بحاجة إلى من يوصلها إلى مدرستها أو إلى السوق أو إلى غير ذلك، فيحملها معه، وإن كان في الأول لا يقصد الشر لكن إذا ركبت معه أو خلت معه حضر الشيطان، فزين ما بينهما، وقرب ما بينهما، وكم وقع بسبب ذلك بين الرجال والنساء من قبائح وفظائع.

وكذلك نهى الشرعُ الأجنبيَّ عن الدخول على النساء في بيوتهن، فإذا جئت إلى بيت وليس فيه إلا امرأة وهذه المرأة ليست من محارمك فلا يجوز لك أن تدخل عليها إلا أن يكون معها في البيت من تزول به الخلوة من الرجال أو النساء؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: "إياكم والدخول على النساء"، قال رجل: أرأيت الحمو يا رسول الله؟! -والحمو قريب الزوج الذي يتردد على بيت قريبه- قال -صلى الله عليه وسلم-: "الحمو الموت". أي إنه أشد خطرًا من غيره، فلا يجوز للمسلم أن يدخل في بيت ليس فيه إلا امرأة أجنبية ولو كانت زوجة لأخيك مثلاً أو من محارم قريبك؛ فإنك لا تدخل عليها لما في ذلك من الفتنة والشر إلا إذا كانت من محارمك.

وكذلك نهى الإسلام عن السفور -وهو أن تكشف المرأة عن وجهها أو شيء من بدنها أمام الرجال-؛ لأن الواجب على المرأة أن تستر كامل جسمها عن الرجال الذين ليسوا من محارمها، والوجه أشد فتنه؛ قال الله سبحانه: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) [النور: 31].

فحرم على المرأة أن تبدي شيئًا من جسمها عند رجل أو عند رجال ليسوا من محارمها؛ لما في ذلك من الفتنة، وبعض من النساء أصبحن اليوم لا يعبأن بهذا الأمر الإلهي، فيظهرن محاسنهن ويظهرن مفاتنهن عند الرجال أو خارج بيوتهن، ويتباهين بذلك -خصوصًا في الأسواق التجارية- لا تبالي المرأة بما ظهر منها؛ لأن الشيطان يزين لها أن تعرض محاسنها ومفاتنها على الرجال لتفتنهم بذلك.

وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "صنفان من أهل النار لم أرهما: رجال معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخل الجنة ولا يجدن ريحها". يلبسن لباسًا غير ساتر، ويلبسن ملابس فاتنة تغري بالنظر إليهن، فهذه المرأة تعتبر سافرة وهاتكة للحجاب الذي جعله الله حماية لها وسورًا يحميها من كلاب البشر، وقد قال سبحانه: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) [الأحزاب: 53]، والمراد بالحجاب: ما يستر المرأة من جدار أو باب أو ثوب، يستر جميع جسمها عن الرجل: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [الأحزاب: 53]، أي هذا الحجاب فيه الطهارة للقلوب -قلوب الرجال وقلوب النساء- من نجاسة الشهوة المحرمة وقذارة الأخلاق السيئة.

وكذلك نهى الإسلام عن سفر المرأة دون محرم؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا ومعها ذو محرم"، حرم عليها السفر دون محرم لأي قصد كان هذا السفر، حتى ولو كان للحج والعمرة؛ جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: إن امرأتي خرجت حاجَّة، وإني اكتُتِبْتُ في غزوة كذا وكذا، قال: "اذهب فحج مع امرأتك".

فانظروا كيف أرجعه من الغزو والجهاد في سبيل الله ليحج مع امرأته ويكون محرمًا لها؛ فلا يجوز سفر المرأة دون محرم لأي قصد كان، للحج أو للعمرة أو للزيارة أو للتدريس أو لغير ذلك، لا بد من محرم يكون معها يصونها ويحميها ويتول شؤونها؛ لأنها امرأة ضعيفة، ومطمع للرجال في أي مكان إن لم يكن معها محرم يصونها ويكف عنها شر الأشرار، وسواء أكان السفر على الأقدام أم الإبل أم السيارات أم الطائرات أم البواخر أم غير ذلك، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- حرّم السفر على المرأة مطلقًا في أي زمان وبأية وسيلة إلا ومعها ذو محرم يصاحبها ويصونها.

وكذلك نهى الإسلام عن تبرج المرأة، وهو تجملها وتزينها وتطيبها عند الخروج للشوارع، حتى الخروج للمساجد، فالمرأة منهية أن تتزين إذا خرجت للمسجد أو أن تتطيب، فكيف إذا خرجت إلى غيره؟! قال سبحانه: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) [الأحزاب: 33]، والتبرج هو إظهار المحاسن، وقال -عليه الصلاة والسلام-: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن، وليخرجن تفلات". يعني يخرجن بغير زينة وبغير طيب حتى لا يفتنَّ غيرهن من الرجال والنساء.

فالواجب على المرأة أن تتقي الله في نفسها وفي مجتمعها، وأن تتجنب ما حرم الله عليها، وواجب على أولياء النساء القيام عليهن وإلزامهن بأحكام الإسلام، ومنعهن من مخالفة الآداب الإسلامية، خصوصًا في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن والمغريات والشرور، وكثر فيه خروج النساء إلى الأسواق وللأعمال ولغير ذلك، فالواجب على ولاة النساء أن يتقوا الله فيهن؛ لأنهن رعية تحت رعايتهم، وهم المسئولون عنهن: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء: 34].

فواجب على أولياء النساء أن يرعوا نساءهم ولا يتركوا لهن الحبل على الغارب في المكالمات في الجوالات؛ لأن المرأة إذا أُطلق لها العنان وأُعطيت وسيلة الاتصال لا يُؤمن أن تتصل أو يُتصل عليها وأن يحصل الكلام ثم يحصل الخروج ثم يحصل الفساد -أعاذنا الله وسائر المسلمين من ذلك-، فالواجب على المسلمين أن يتقوا الله في نسائهم، وأن يحموا نساءهم مما حرم الله.

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

عباد الله: اتقوا الله تعالى وأطيعوه.

عباد الله: وللحفاظ على الأنساب من الضياع والاختلاط، والأعراض من التلوث والمهانة والذل، شرع الله الحدود، فحد الزاني البكر جلد مائة وتغريب عام؛ قال تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور: 2]، وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام وبإقامة الحد عليه.

وعن زيد بن خالد الجهني قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر فيمن زنى ولم يحصن جلد مائة وتغريب عام. أما المحصن -وهو من كان بالغًا حرًّا جامع في نكاح صحيح- فحدُّه إذا فعل جريمة الزنا الرجم بالحجارة حتى يموت، يرجم بحجارة معتدلة بقدر ملء الكف، لا بحصى صغيرة لئلا يطول تعذيبه ولا كبيرة لئلا يموت حالاً فيفوت التنكيل، ويجب أن يتقى الوجه؛ لما في الصحيح عن أبي هريرة وزيد بن خالد قالا: كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقام رجل فقال: أنشدك الله إلا ما قضيت بيننا بكتاب الله، فقام خصمه -وكان أفقه منه- فقال: اقضِ بيننا بكتاب الله وأذن لي، قال: قل، قال: وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن ابني كان عسيفًا على هذا، فزنى بامرأته، فافتديت منه بمائة شاة وخادم، وإني سألت رجالاً من أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال: "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، المائة والخادم رد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها"، فاعترفت فرجمها؛ رواه البخاري ومسلم.

وعن بريدة: جاء ماعز بن مالك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: طهرني، فقال: "ويحك، ارجع واستغفر الله وتب إليه"، قال: فرجع غير بعيد ثم جاء، فقال: يا رسول الله: طهرني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ويحك، ارجع واستغفر الله وتب إليه"، قال: فرجع غير بعيد ثم جاء فقال: يا رسول الله: طهرني، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك، حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مم أطهرك؟!"، فقال: من الزنا، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أبه جنون؟!"، فأخبر أنه ليس به جنون، فقال: "أشرب خمرًا؟!"، فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أزنيت؟!"، قال: فقال: نعم، فأمر به فرجم، فكان الناس فيه فرقتين: قائل يقول: لقد هلك، لقد أحاطت به خطيئته، وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز، إنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فوضع يده في يده ثم قال: اقتلني بالحجارة، قال: فلبثوا في ذلك يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم جلوس، فسلم ثم جلس فقال: "استغفروا لماعز بن مالك"، قال: فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم"، قال: ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت: يا رسول الله: طهرني، فقال: "ويحكِ، ارجعي واستغفري الله وتوبي"، فقالت: أراك تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك!! فقال: "وما ذاك؟!"، قالت: إنها حبلى من الزنا، فقال: "أأنتي؟!"، فقالت: نعم، فقال لها: "حتى تضعي ما في بطنك"، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، قال: فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: قد وضعت الغامدية، فقال: "إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه"، فقام رجل من الأنصار فقال: إليّ رضاعه يا نبي الله، قال: فرجمها"

فاتقوا الله -عباد الله- وتوبوا إلى ربكم، وذروا الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]، وأكثروا عليه من الصلاة يعظم لكم ربكم بها أجرًا؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا".

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك كرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، اللهم قاتل الكفرة من أهل الكتاب الذين يصدون عن دينك، ويكذبون رسلك، ويعادون أولياءك، اللهم فرق جمعهم، وشتت شملهم، وأدر عليهم دائرة السوء، واجعل تدميرهم في تدبيرهم يا حي يا قيوم. اللهم كف بأس اليهود والنصارى والرافضة عن المسلمين، اللهم اجعل كيدهم في نحورهم، اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك اللهم من شرورهم.

اللهم انصر دينك وانصر من نصر دينك واجعلنا من أنصار دينك يا رب العالمين، اللهم أنجِ المستضعفين من المؤمنين والمؤمنات، اللهم وآمنا في دورنا وأوطاننا، وأصلح واحفظ ولاة أمورنا، اللهم وأصلح قلوبهم وأعمالهم يا ذا الجلال والإكرام.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم اغفر لنا ولجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
 

 

 

 

 

 

المرفقات

تقربوا الزنا

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات