عناصر الخطبة
1/ وصايا عامة في بداية العام الدراسي 2/ وصايا خاصة بالمعلمين 3/ وصايا خاصة بالطلاب 4/ وصايا خاصة بأولياء الأموراقتباس
كل عبادة يقوم بها المسلم لا بد أن يتوفر فيها شرطان أساسيان: الشرط الأول: إخلاص العمل لله -تعالى-. والشرط الثاني: المتابعة لرسوله -صلى الله عليه وسلم-. فعليك أن تخلص النية لله -تعالى-، لماذا تدرس؟ لماذا تتعلم؟
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وعنا معهم بمنك وعفوك وكرمك.
أما بعد:
فيا عباد الله: (اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
أيها المؤمنون: قبل فترة استقبل الناس الإجازة، واليوم يودعونها ويستقبلون عاما دراسيا جديدا.
أسأل الله الكريم الرحيم أن يجعله عام خير للإسلام والمسلمين، وللطلاب والطالبات، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
وأقول: بهذه المناسبة وأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله، فتقوى الله هي مفتاح لكل خير، مفتاح للعلوم، قال الله -جل وعلا-: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ) [البقرة: 282] فتقوى الله طريق للفلاح في الدنيا والآخرة.
وهي وصية الله -تعالى- للأولين والآخرين: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131].
والوصية الثانية: أيها الآباء والمعلمون والمربون والطلاب، هي: الإخلاص لله -تعالى-، العلم عبادة جليلة، بل هو من أجل الأعمال وأشرفها، ولا بد فيه من الإخلاص لله -تعالى-.
كل عبادة يقوم بها المسلم لا بد أن يتوفر فيها شرطان أساسيان:
الشرط الأول: إخلاص العمل لله -تعالى-.
والشرط الثاني: المتابعة لرسوله -صلى الله عليه وسلم-.
فعليك -أخي الطالب- أن تخلص النية لله -تعالى-، لماذا تدرس؟ لماذا تتعلم؟
أيها المعلم: أخلص القصد لله -تعالى-، واعلم -يا رعاك الله- أن الرسالة التي تقوم بها من أشرف الأعمال عند الله -تعالى-.
تأمل معي -يا رعاك الله- أيها المربي الفاضل: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما جاء عند الترمذي وصححه الألباني: "إن الله وملائكته وأهل السموات وأهل الأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت يصلون على معلم الناس الخير".
فكل من في السموات والأرض يدعون لك بالرحمة والمغفرة، وإن كنت تتقاضى على ذلك مرتبا، إلا أن النية هي تجارة العلماء يحتسبون في كل شيء.
عليك -أخي المعلم- أن تستحضر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث" وذكر منهم: "أو ولد صالح يدعو له".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وذكر ذلك غيره قال: في النسب أو في التربية والتعليم، من علمته وربيته هو ابن لك في تربيتك له وفي تعليمك له.
فأخلص النية -تعالى-، واعلم أنك تقوم برسالة جليلة قام بها الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام-.
واعلم -أخي المعلم- أن عليك مسؤولية عظيمة، قال رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".
كن قدوة صالحة لأبنائنا الطلاب، ادعهم بأفعالك، عليك بدعوتهم بأفعالك قبل أقوالك.
واعلم -أيها المربي- أن الطلاب قد يسمعون منك أكثر من أبيهم، نعم، يسمعون للمعلم أكثر من الأب ومن الأم، فعليك أن تجتهد لنصحهم وتوجيههم.
والطلاب يواجهون في هذا الوقت خطرين عظيمين:
الخطر الأول: الانحراف بالشبهات، لا سيما في عصر الشبكة العنكبوتية التي أصبحت في جيب كل طالب إلا ما ندر، يدخلون على ما شاؤوا من الواقع، ويجدون الشبه من الإلحاد والانحراف في الأفكار والتكفير، وغير ذلك، ويواجهون أيضا فتنة الشهوات.
فعليك أن تحصنهم، وأن تجتهد في تحصينهم، وأن تتكلم معهم كما يتكلم الوالد مع أبنائه، وتحتسب الأجر من عند الله -تعالى-.
وأنتم -أيها الآباء- اعلموا -يا رعاكم الله- أن الاستثمار الحقيقي هم الأبناء. نعم، هم زاد لك في الدنيا وفي الآخرة، ترتفع مكانتك عند الله.
عندما تربي أبناءك تربية صالحة تربية إسلامية، ولا تنشغل بدنياك ولا بوظيفتك ولا ببيعك وشرائك عن أبنائك، اجتهد في تعليمهم وتوجيههم.
ويحسن بك -أيها الأب- أن تجلس معهم في بداية الدراسة، وتبين لهم القصد من دراستهم، وأنك بحاجتهم، وأن الأمة بحاجتهم، أنهم يقدمون رسالة للأمة، أنهم سينفعون أنفسهم وينفعون والديهم، وينفعون أيضا أمة الإسلام.
اجتهد -أيها الأب- أن تغرس في قلوبهم أن يحترموا المعلمين، وأن يوقروهم؛ لأن الطلاب إذا لم يحترموا المعلم فإنهم لن يستفيدوا من علمه ولا من توجيهه.
أيها الطلاب: استفيدوا مما مضى في السنوات الماضية، عليكم أن تجتهدوا بالعناية باختيار الجليس الصالح، إذا دخلت إلى المدرسة -أيها الطالب- عليك بالعناية بمن تجلس معهم، الله -تعالى- أوصى رسوله فقال: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف: 28].
وقال رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".
نعم، ستجد معك في الفصل الصالح والطالح، عليك أن تعنى باختيار الجليس الذي ينفعك في الدنيا وفي الآخرة.
وابتعد عن جلساء السوء الذين يؤثرون على دينك وعلى أخلاقك وعلى سلوكك، وأقل ما يأتيك منهم أن يقال: أن فلانا يمشي مع فلان، عليك أن تجتهد وتجد في دراستك، والله -تعالى- يقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69].
لا تذهب إلى المدرسة من غير هدف، حدد الهدف الذي تريده، واعلم أنك بهذا العمل تطلب العلم، والعلم من أشرف الأعمال، قال الله -تعالى-: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر: 9] لا يستوون عند الله -تعالى-، لا يستوي من يعبد الله على بصيرة ومن يعبد الله على جهل وعلى خرافة وعلى بدع. من يعبد الله على نور من الله، من يعبد الله وقد استنار قلبه بالكتاب والسنة، إذا عمل يعمل بقول الله وبقول رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
وقال جل وعلا: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة: 11].
وقد جاء في الصحيحين من حديث معاوية: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين".
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "العلم لا يعدله شيء عندي لمن صحت نيته، قيل: كيف يرحمك الله؟ قال: يريد رفع الجهل عن نفسه وعن غيره".
فأنت -أيها الطالب- إذا خرجت من بيتك اعلم بأنك تسير إلى الجنة، قال رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-: "من سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة" فأنت تسير إلى جنة عرضها السموات والأرض، لا بد أن نستشعر هذه المعاني.
رزقني الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم وسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله، لك الحمد يا الله حتى ترضى، لك الحمد يا الله إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله حق تقاته.
قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6].
أيها الآباء: علينا بتربية الأبناء، وأن نعلق قلوبهم بالله -تعالى-، أن نغرس في قلوبهم حب القرآن وتعظيم القرآن، أن نغرس في قلوبهم حب الصلاة وتعظيم الصلاة، أن نعلمهم أركان الإسلام، أن نعلمهم أركان الإيمان، أن نعلمهم الأخلاق الإسلامية، أن نأمرهم بطاعة الله -تعالى- وأن ننهاهم عن معصية الله، وهذا معنى: (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم