ورثة الفردوس الأعلى

محمد بن عدنان السمان

2022-10-10 - 1444/03/14
التصنيفات: الإيمان
عناصر الخطبة
1/درجات الحنة والشوق إليها 2/أهمية الصلاة وفضل الخشوع فيها 3/أهمية وفضل الإعراض عن اللغو ومجالسه 4/أهمية الزكاة وفضلها 5/فضل حفظ الفرج عن الحرام وأهمية الزواج 6/أهمية الأمانة وبعض معانيها 7/أهمية المحافظة على مواقيت الصلاة والخشوع فيها

اقتباس

إخوة الإسلام: أخرج الإمام الحاكم في مستدركه، وأصل الحديث في الصحيحين، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الْجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَالْفِرْدَوْسُ مِنْ أَعْلاهَا دَرَجَةً، وَمِنْهَا تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ". اللهم إنا نسألك الفردوس. هل اشتاقت أنفسكم إلى الجنة؟ هل اشتاقت أنفسكم إلى الفردوس الأعلى من الجنة؟ هل ترغبون أن تعرفوا كيف الوصول جنة الفردوس الأعلى؟ وما هي صفات أهلها ؟ إذن اسمعوا إلى...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي وفق عباده المؤمنين لأداء الأعمال الصالحات، وشرح صدور أوليائه المتقين للإيمان بما جاء به رسوله من الحكمة والآيات، ويسر لهم من الباقيات الصالحات ما يتبوؤن به منازل الجنات، فضلا منه ونعمة، وربك يخلق ما يشاء ويختار من المخلوقات.

أحمده سبحانه على ما له من الأسماء الحسنى والصفات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها رفيع الدرجات، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب الآيات والمعجزات.

اللهم صل على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ذوي الهمم العاليات، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد:

 

فيا أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- بتقواه تحصل السعادة والنجاة، واجتهدوا في طاعته، فقد أفلح من اجتهد في الطاعات.

 

إخوة الإسلام: أخرج الإمام الحاكم في مستدركه، وأصل الحديث في الصحيحين، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الْجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَالْفِرْدَوْسُ مِنْ أَعْلاهَا دَرَجَةً، وَمِنْهَا تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ".

 

اللهم إنا نسألك الفردوس.

 

اللهم إنا نسألك الفردوس.

 

اللهم إنا نسألك الفردوس.

 

هل اشتاقت أنفسكم إلى الجنة؟ هل اشتاقت أنفسكم إلى الفردوس الأعلى من الجنة؟ هل ترغبون أن تعرفوا كيف الوصول جنة الفردوس الأعلى؟ وما هي صفات أهلها؟

 

إذن اسمعوا إلى قول الله -تعالى- بعد: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[المؤمنون: 1-11].

 

فالطريق إلى الفلاح في الدارين، والفوز بجنة الفردوس الأعلى، هو الإيمان بالله -تعالى-، وهو متضمن لعدة أمور ذكرها الله -تعالى- في الآيات التي تلوتها عليكم قبل، فأول صفات المفلحين، أول صفات المؤمنين، أول صفات ورثة الفردوس الأعلى: (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ).

 

لقد سموا بصلاتهم، واتصلوا بربهم، وكان الخشوع فيها دأبهم ومنهجهم، إنهم في صلاتهم يستحضرون أنهم يقفون أمام ملك الملوك -جل جلاله-، يكبرون للصلاة، فيعلمون أن: "الله أكبر" من كل شيء، فلا يلتفتون إلا للصلاة، يتدبرون الآيات التي تقرأ، والأذكار التي يقولون.

 

إذا ركع أحدهم سبح الله وعظمه، وقال بلسانه وبقلبه: "اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري، ومخي وعظمي، وعصبي".

 

ومن صفات الخاشعين في صلاتهم: أنهم يستشعرون قربهم من الله في السجود؛ فلئن كان القيام والركوع والتشهد في الصلاة، من أسباب الخشوع والاستكانة، والتذلل لله، فإن السجود هو أعلى درجات الاستكانة، وأظهر حالات الخضوع لله العلي القدير.

 

قال صلى الله عليه وسلم: "أقرب ما يكون العبد من ربه هو ساجد، فأكثروا الدعاء فيه"[رواه مسلم].

 

وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في سجوده: "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة"[رواه أبو داود والنسائي].

 

ويقول أيضاً: "اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره"[رواه مسلم].

 

أما ثاني صفات عباد الله المؤمنين المفلحين ورثة الفردوس الأعلى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ).

 

اللغو هو الباطل والمعاصي، وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال، كما قال أهل التفسير.

 

والمؤمن يعرض عن اللغو وأصحابه ومجالسه، قال تعالى في وصف عباد الرحمن: (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)الفرقان: 72].

 

وقال أيضا عنهم: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ)[القصص: 55].

 

(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) هذه هي الصفة الثالثة للمؤمنين المفلحين، ورثة الفردوس الأعلى.

 

والزكاة -كما تعلمون- ثالث أركان الإسلام، وعمود من أعمدة الدين التي لا يقوم إلا بها.

 

والزكاة تدفع من أموال الأغنياء لكي تقع في يد الفقراء.

 

والزكاة والصدقة تزكية للمال، وطهرة له، قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله-‏:‏ "نفس المتصدق تزكو‏، ‏ وماله يزكو‏، يَطْهُر ويزيد في المعنى".

 

أما رابع صفات عباد الله المؤمنين المفلحين، ورثة الفردوس الأعلى، فقد ذكرها الله -جل جلاله- في ثلاثة آيات في هذه السورة، فقال: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ).

 

والمعنى: أن حفظوا فروجهم من الحرام، فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا، أو لواط، ولا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم.

 

ليس في الإسلام حرمان، إنما في الإسلام قنوات نظيفة، تحقق سعادة الأمة.

 

نظام الزواج، نظام الأسرة هو اللبنة الأولى في المجتمع.

 

هذه الشهوة يمكن أن تصرف في طريق مشروع، فتؤدي إلى أمور محمودة؛ من حفظ للأزواج والزوجات، وبناء للبيت المسلم.

 

ولهذا كانت هذه الشهوة في الحلال أجراً لصاحبها، ففي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: "... وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر؟"[رواه مسلم].

 

عباد الله: المفلحون المؤمنون؛ إذا اؤتمنوا لم يخونوا، بل يؤدونها إلى أهلها، وإذا عاهدوا أو عاقدوا أوفوا بذلك، ولهذا فمن صفات ورثة الفردوس: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ).

 

أيها المسلمون: الأمانة معنى شامل وكبير، أولادك أمانة، زوجتك أمانة، وظيفتك أمانة، من هم دونك في العمل أمانة.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)[الأحزاب: 72].

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل، لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله العظيم الشأن، الكبير السلطان، خلق آدم من طين، ثم قال له: كن فكان، أحمده - سبحانه- وحمده واجبٌ على كل إنسان، وأشكره على ما أسداه من الإنعام والتوفيق للإيمان.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحسن كل شيء خلقه، وأبدع الإحسان والإتقان.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب الآيات والبرهان.

اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه حملة العلم والقرآن، وسلم تسليماً كثيراً.

 

فيها أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- حق تقواه، وراقبوه مراقبة من يعلم أنه يسمعه ويراه، واعملوا ليوم ترجعون فيه إلى الله.

 

حديثنا -معاشر المسلمين- عن جنة الفردوس الأعلى -بلغنا الله إياها- وقد بين الله -جل جلاله- الطريق إليها، كما ذكرنا في آيات افتتاح سورة المؤمنون، فقال سبحانه وبحمده بعد: بسم الله الرحمن الرحيم: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُون)[المؤمنون:1- 11].

 

فافتتح صفاتهم بالصلاة، والخشوع فيها، واختتمها بالصلاة، والمحافظة عليها.

 

الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، ولهذا قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: "وقد افتتح الله ذكر هذه الصفات الحميدة بالصلاة، واختتمها بالصلاة، فدل على أفضليتها، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "استقيموا ولن تُحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن".

 

فالصفة السادسة والأخيرة التي تضمنتها هذه الآيات الكريمة لورثة الفردوس الأعلى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ).

 

أي: يواظبون عليها في مواقيتها، كما قال ابن مسعود: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها..." [الحديث متفق عليه].

 

اللهم إنا نسألك الفردوس.

 

اللهم إنا نسألك الفردوس.

 

اللهم إنا نسألك الفردوس.

 

 

 

المرفقات

الفردوس الأعلى

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات