وجوب سلوك الحكمة في المعاملات وغيرها

محمد بن صالح بن عثيمين

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/الحث على الاجتماع على المصالح العامة 2/دور الإخلاص والاجتهاد في إصلاح الأمة 3/وجوب السعي في إصلاح الأمة دنيويا ودينيا 4/مفاسد تفرق كلمة المسلمين 5/التعاون في إقامة بناء الأمة ووسائل ذلك 6/الاجتماع على الحق والتعاون عليه

اقتباس

إن المصالح العامة يجب أن تكون فوق جميع المستويات التي دونها، يجب أن تكون مقصودة بذاتها ولذاتها، يجب أن تدرس من جميع النواحي، وأن تستخلص فيها جميع الآراء، ثم ينظر فيما يمكن من الطرق الموصلة إليها، فيتفق عليها، ويمشي...

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي من علينا بدين هو أكمل الأديان في العبادات والمعاملات، وأقومها بمصالح الخلق الدينية والدنيوية، الفردية والجماعية في جميع الحالات.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فاطر الأرض والسماوات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الهادي إلى أعلى المقامات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما توالت الدهور والأوقات، وسلم تسليما.

 

أما بعد:

 

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، واحمدوا ربكم على ما أنعم به عليكم من نعمة الدنيا والدين، وقوموا بما أوجب الله عليكم من التحاب والتعاون والاجتماع على المصالح؛ لتكونوا من الفائزين.

 

اجتمعوا ولا تفرقوا، وتعاونوا ولا تخاذلوا، وتآلفوا ولا تنافروا، وكونوا في جميع أعمالكم مخلصين.

 

إن بالاجتماع تتفق الكلمة، وتتبادل الآراء، وتتم المصالح.

 

إن المصالح العامة لا ينبغي أن تكون هدفا للأغراض الشخصية، والعلو الفردي.

 

إن المصالح العامة يجب أن تكون فوق جميع المستويات التي دونها يجب أن تكون مقصودة بذاتها ولذاتها، يجب أن تدرس من جميع النواحي، وأن تستخلص فيها جميع الآراء، ثم ينظر فيما يمكن من الطرق الموصلة إليها، فيتفق عليها، ويمشي عليها.

 

وإن الإنسان متى خلصت نيته، وصلح عمله، بالاجتهاد والنظر في المصالح، وسلوك أقرب الطرق الموصلة إليها، متى اتصف بهذين الأمرين: الإخلاص، والاجتهاد في الإصلاح، صلحت الأشياء، وقامت الأمور.

 

ومتى نقص أحد الأمرين، إما الإخلاص، وإما الاجتهاد، فإنه يفوت من المصلحة بقدر ذلك.

 

إن بعض الناس إذا نظر إلى الأمور نظر إليها نظرة قاصرة من جانب واحد، وبذلك تختل الأمور، وتفوت المصالح.

 

أيها الناس: إن الواجب علينا كأبناء أمة واحدة: أن نسعى لهدف واحد، هو: إصلاح هذه الأمة إصلاحا دينيا ودنيويا، بقدر ما يمكن.

 

ولن يمكن ذلك، حتى تتفق كلمتنا، ونترك المنازعات بيننا، والمعارضات التي لا تحقق هدفا، بل ربما تفوت مقصودا، وتعدم موجودا.

 

إن الكلمة إذا تفرقت دخلت الأمور الأهواء والضغائن، وصار كل واحد يسعى لتنفيذ كلمته، وإن تبين أن الحق والعدل في خلافها.

 

ولكن إذا اجتمعنا من أول الأمر ودرسنا الموضوع من جميع جهاته، واتفقنا على ما نراه ممكنا نافعا، من غير أن ننظر إلى مصالحنا الخاصة، حصل لنا بذلك خير كثير.

 

وثقوا -أيها الناس-: أنكم متى أخلصتم النية، وسلكتم الحكمة في الحصول على المطلوب، فإن الله سييسر لكم الأمور، ويصلح لكم الأعمال، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70 - 71].

 

أيها المؤمنون: لقد مثل النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمن للمؤمن بالبنيان يشد بعضه بعضا.

 

وهذا هو المثال الصحيح لكل شعب مؤمن: أن تتعاون أفراده في إقامة بنائه، بحيث يكون الغرض تشييد هذا البناء وتماسكه وتراصه، بحيث يكمل بعضه بعضا، ويقوم بعضه بعضا.

 

فلا إيمان كامل مع التفرق، ولا بناء محكم مع التفكك.

 

أرأيتم لو أخذ من البناء لبنة ألا ينقص هذا البناء؟

 

فكيف إذا كانت اللبنات متناثرة متنافرة، بل كل واحدة تهدم الأخرى وتزلزلها؟

 

فيا أيها الناس: اجتمعوا على الحق، وتعاونوا عليه، ولا تبعدوا شططا، ولا تقولوا باطلا، وتناصحوا فيما بينكم، واتقوا الله لعلكم ترحمون.

 

أقول قولي هذا، وأسأل الله -تعالى- أن يجمعنا على ما فيه الخير والصلاح في ديننا ودنيانا، إنه جواد كريم.

 

وأستغفر الله لي ولكم ... إلخ ...

 

 

 

المرفقات

سلوك الحكمة في المعاملات وغيرها

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات