عناصر الخطبة
1/كمال الشريعة الإسلامية 2/حقوق الرعاة على الرعية وكيفية مناصحة ولاة الأمور 3/واجبات ولاة الأمور تجاه الرعيةاقتباس
اعلموا: أن الله قد شرع لعباده على لسان أفضل رسله أكمل شريعة وأتمها، وأقومها بمصالح العباد وأعمها. وقد جاءت تلك الشريعة الكاملة مبينة ما يجب على الرعاة من الحقوق لرعيتهم، وما يجب على الرعية من الحقوق لرعاتهم. أما حقوق الرعاة على رعيتهم، فهي: السمع والطاعة، بامتثال ما أمروا به، وترك ما نهوا عنه، ما...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الملك القهار القوي العزيز الجبار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العظمة والمجد والاقتدار، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المختار، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، واعلموا: أن الله قد شرع لعباده على لسان أفضل رسله أكمل شريعة وأتمها، وأقومها بمصالح العباد وأعمها.
وقد جاءت تلك الشريعة الكاملة مبينة ما يجب على الرعاة من الحقوق لرعيتهم، وما يجب على الرعية من الحقوق لرعاتهم.
أما حقوق الرعاة على رعيتهم، فهي: السمع والطاعة، بامتثال ما أمروا به، وترك ما نهوا عنه، ما لم يكن في ذلك معصية لله ورسوله، فإن كان في طاعة الولاة معصية لله ورسوله، فلا سمع لهم ولا طاعة: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
وفي الصحيحين عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، فلما خرجوا وجد عليهم في شيء، فقال لهم: أليس قد أمركم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: فاجمعوا لي حطبا، ثم دعا بنار فأضرمها فيه ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها، فقال لهم شاب منهم: إنما فررتم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من النار فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها، فرجعوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبروه، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا، إنما الطاعة في المعروف"(البخاري (4085) مسلم (1840) النسائي (4205) أبو داود (2625) أحمد (1/82)).
وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بطاعة من له الأمر، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك (مسلم (1847) أبو داود (4244)).
وقال صلى الله عليه وسلم: "من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية"(البخاري (6646) مسلم (1849) أحمد (1/297) الدارمي (2519).
عباد الله: إن من حقوق الرعاة على رعيتهم: أن يناصحوهم ويرشدوهم، وأن لا يجعلوا من خطئهم إذا أخطئوا سلما للقدح فيهم، ونشر عيوبهم بين الناس، فإن ذلك يوجب التنفير عنهم وكراهتهم وكراهة ما يقومون به من أعمال وإن كانت حقا، ويوجب عدم السمع والطاعة لهم.
وإن من الواجب على كل ناصح، وخصوصا من ينصح ولاة الأمور: أن يستعمل الحكمة في نصيحته، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، فإن رأى ممن ينصحه من ولاة الأمور قبولا للحق وانقيادا له فذلك، وإلا فليتثبت في الأمر، وليتحقق من وقوع الخطأ منه وإصراره عليه، ثم ليرفعه إلى من فوقه إن كان في ذلك مصلحة، وإزالة للظلم، كما كان السلف الصالح يشكون ولاتهم إلى من فوقهم إذا رأوهم قد سلكوا ما لا ينبغي أن يسلكوه.
أيها المسلمون: هذا ما نراه واجبا على الرعية من حقوق رعاتهم وولاتهم.
أما ما يجب على الرعاة والولاة للرعية، فأمر عظيم ومسؤولية كبرى، يجب عليهم:
أولا: إخلاص النية لله، بأن يقصدوا بتصرفاتهم وتدبيراتهم؛ تنفيذ أحكام الله، وإقامة العدل، وإزالة الظلم، وتطبيق ذلك بحسب استطاعتهم.
ويجب عليهم أيضا: أن لا يظلموا الناس لا في دمائهم، ولا في أموالهم، ولا في أعراضهم، وأن لا يستعملوا سلطتهم في تنفيذ أهوائهم، وإشباع رغباتهم بلا حق، فإنهم مسؤولون عن ذلك، وما يدريهم لعل سلطتهم تزول في الدنيا قبل الموت، فيلحقهم من الذل والإهانة بسبب ظلمهم واستطالتهم على الخلق ما هم به جديرون وله مستحقون.
ويجب على الولاة أيضا: أن يسووا بين الخلق في إقامة الحق، فلا يحابوا قريبا لقرابته ولا وجيها لجاهه ولا صاحب دنيا لدنياه، فإن الناس في الحق سواء، فلقد أقسم محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق أنه لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع يدها(البخاري (4053) مسلم (1688) الترمذي (1430) النسائي (4901) أبو داود (4373) ابن ماجة (2547) أحمد (6/162) الدارمي (2302)).
أيها الولاة، وأيها الرعية: اتقوا الله -تعالى- في أنفسكم وفي مجتمعكم، وأدوا ما أوجب الله عليكم، فإنكم إذا فعلتم ذلك استتب الأمن وحصل التجاوب والاتحاد والمحبة، وإن فرطتم في ذلك سلط الله بعضكم على بعض، فتسلط الولاة على الرعية بأنواع الظلم وإهمال الحقوق، وتسلطت الرعية على الولاة بالمخالفة والعصيان والسب والبغض وانتشار الفوضى واعتزاز كل ذي رأي برأيه وإعجابه به، فلا ينضبط للناس أمر، ولا يصلح لهم حال.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)[النساء: 59].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ... إلخ...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم