موعظة وعبرة

عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/الحث على فعل الطاعات وترك المنكرات 2/ الاتعاظ بالقبور 3/ الاتعاظ بأحوال الماضين
اهداف الخطبة
الترغيب في فعل الطاعات وترك المنكرات / الترغيب في الاعتبار بمن مضى
عنوان فرعي أول
كثرة الراحلين
عنوان فرعي ثاني
حكمة بالغة
عنوان فرعي ثالث
طال النوم

اقتباس

أما رأيتم كثرة الراحلين والمنقولين إلى الحفر؟ أما علمتم أنكم وراءهم على الأثر؟ أما سمعتم أخبار من مضى وغبر؟ ممن عتا وبغى وطغى ونهى وأمر؟ وأمّل وتمول فحال بينه وبين ما أمّل القضاء والقدر؟ ومضى ولم يبق له سوى الخبر؟

 

 

الحمد لله الذي علا وقهر، وعزّ واقتدر. أتقن كل شيء خلقه، فما يرى في خلقه وأمره خلل ولا غِيَر، فسبحانه من إله عظيم، لا يماثل ولا يضاهى ولا يدركه بصر، وتعالى من قادر قاهر حكيم لا تنجي منه قوة ولا كثرة ولا مفر، وتقدس من مَلِك رحيم لطيف يلجئ من ذل له وانطرح ببابه وانكسر، وينصر من كان لدينه ولرسوله نصر، وتكفل بأرزاق جميع خلقه في لجُج البحار، وفي فلوات القفار، وفي الجو والجبال وفي أجواف الحجر.

أحمده سبحانه على جميع أفعاله وأقداره عزّ واقتدر، وأشكره على نعمه الكثيرة، ما بطن منها وما ظهر. وقد تكرم سبحانه بزيادة النعماء على من شكر، هذا وقد يعطي الدنيا ابتلاءً وامتحاناً وإملاءً لمن جحد وكفر.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا مثيل ولا نظير على رغم أنف من ألحد وأشرك وبطر، شهادةً أدخرها ليوم لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه ولا مكر ولا مفر.

وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله وخليله سيد البشر، نبي أرسله الله إلى أقوام متفرقة عباداتهم واعتقاداتهم على القبور والأصنام والحجر والشجر، قد أظلمت أفئدتهم، وخيمت الوثنية على قلوبهم؛ فلا يفقهون ولا يعقلون أي خبر، فهم يسعون في دمارهم من غير تفكير ولا بصر، حتى أنار الله عليهم بنور الإيمان، فانقمع الشرك والضلال واندحر، وأبان لهم التوحيد وبدد الوثنية وقهر.

اللّهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد الذي قرر قواعد الإسلام ووضع الإيمان والإحسان فاكشف الشرك واندحر، وأبطل الباطل وبان الحق وظهر، وعلى آله وأصحابه الذي جاهدوا في الله حق جهاده فما وهن عزمهم ولا فتر.

أما بعد:

فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى، واشكروه على نعمه ما خفي منها وما ظهر، واعملوا بطاعته كما أمر، واتركوا الفواحش والخبائث والجرائم ما بطن منها وما ظهر، واعلموا أنّ الدنيا مآلها الخراب والذهاب فهي إلى الآخرة ممر، أنّ الآخرة هي دار الجزاء ويجنى فيها الثمر.

أما رأيتم كثرة الراحلين والمنقولين إلى الحفر؟ أما علمتم أنكم وراءهم على الأثر؟ أما سمعتم أخبار من مضى وغبر؟ ممن عتا وبغى وطغى ونهى وأمر؟ وأمّل وتمول فحال بينه وبين ما أمّل القضاء والقدر؟ ومضى ولم يبق له سوى الخبر؟

أما سمعتم ما جاء عن خير البشر؟ أنّه قال فيمن اعتدى وبطر: "بئس العبد عبد تجبر، واعتدى ونسى الجبار الأعلى، بئس العبد سها ولهى ونسي المقابر والبلا، بئس العبد عبد بغى وطغى واعتدى ونسي المبدأ والمنتهى، بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين، بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات، بئس العبد عبد رغبته تذله وتزيله عن الحق، بئس العبد عبد طمعه يقوده، بئس العبد عبد هوى يضله، بئس العبد عبد رغبٌ يذله".

فاتقوا الله عباد الله؛ فإن لكم فيما سمعتم ورأيتم لأعظم معتبر، إن كان عندكم اعتبار.

قال تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ * فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ * مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ) [القمر:4-8].

أما أيقظكم ما رأيتموه من حوادث القضاء والقدر؟ أما أنذركم ما سمعتموه من الأمر والنهي وأخبار من مضى وغبر؟ ومن أعرض عمّا جاءت به الرسل فمأواه سقر.

عباد الله قد طال نومكم وتشاغلكم عما يراد بكم، فالحذر الحذر. وكثر اشتغالكم بالعَرَض الخسيس الزائل الأحقر، فاعتبروا بمن مضى، وفكروا في الخلاص والحساب والمحشر، وتمسكوا بطاعة الله فهي سبب السلامة والظفر.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) [الحشر:18-20].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 

المرفقات

510

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
17-01-2021

جزاكم الله خيرًا اللهم بارك . ربنا يفتح عليكم وينفعكم وينفع بكم دومًا.