من خصائص هذه الأمة

ناصر بن محمد الأحمد

2014-12-20 - 1436/02/28
التصنيفات: بناء المجتمع
عناصر الخطبة
1/نعمة الإسلام وكماله وتمامه 2/بعد المسلمين عن الإسلام ودوره في ذلتهم 3/بعث الآثار السلبية للغزو الفكري على المسلمين 4/بعض سمات وخصائص أمة الإسلام 5/أعمال يستطيع فعلها كل مسلم تجاه أمته 6/رحمة الله بأمة الإسلام وعقوبته للأمم السابقة 7/الحث على الاستغفار

اقتباس

إن من تمام نعمة الله على هذا الدين: أنه خصه عز وجل بخصائص عظيمة جليلة، وأفرده سبحانه وتعالى بخيرات لم تكن في الأديان السابقة؛ كاليهودية، والنصرانية، نحب أن نقف مع شيء منها في جمعتنا هذه. والمتأمل لهذه الخصائص يجد الـ...

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

فإن من تمام نعمة الله على البشرية: أن ختم الديانات السابقة، بالحنفية السمحة، بملة الإسلام، قال الله -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)[المائدة: 3].

 

وإن من تمام نعمة الله على هذا الدين: أنه خصه عز وجل بخصائص عظيمة جليلة، وأفرده سبحانه وتعالى بخيرات لم تكن في الأديان السابقة، كاليهودية والنصرانية، نحب أن نقف مع شيء منها في جمعتنا هذه.

 

والمتأمل لهذه الخصائص يجد العجب العجاب من عظمة الإسلام وبهائه ورونقه وسموه مما لا تزيد المسلم إلا تمسكاً بها، وارتباطاً واعتزازاً أيماً اعتزاز.

 

أبي الإسلام لا أب لي سواه *** إذا افتخروا بقيس أو تميم

 

أيها المسلمون: ومما لا بد من معرفته في هذا الصدد: أن ما أصاب المسلمين من ذل وهوان ومسكنة، إنما سببه هو الابتعاد عن الدين، وأننا قد قلبنا له ظهر المجن واستبدلناه بنفايات الغرب، حثالة أفكار المشركين وزبالتهم، التي لم تزدنا إلا ضعفاً، وقد نجح الغزو الفكري النصراني بالتأثير على الكثرة الكاثرة من المسلمين، وأدى ذلك إلى انسلاخهم عن الإسلام.

 

وأثار هذا الغزو الفكري القبيح أشهر من أن تذكر، وحسبك من ذلك أنك تجد أكثر شبابنا، وأبناء جلدتنا الذين يتكلمون بألسنتنا، قد أقبلوا بوجوههم شطر الحضارة الغربية، بل قل الحظيرة الغربية، وأشربت أعناقهم إليها، وتاقت نفوسهم إلى الانكباب عليها، ساعدهم في ذلك هوى متبع، وجهل عميق بالإسلام، وثمن بخس زهيد في طلب متاع الدنيا الفانية، الذي باعوا به عزتهم وكرامتهم وأمتهم.

 

ومع الأسف الشديد؛ فإن طلائع هذا الغزو وصل إلى مناهج التعليم في البلاد الإسلامية، وبدأ هذا الأخطبوط في مد أذرعه إلى هذا المعقل الحصين، فأفسد وأتلف.

 

ويجب على الأمة الإسلامية، وهي مسئولة ومحاسبة على ذلك عند الله -سبحانه-: أن تحفظ هذا المعقل من السقوط والتردي، وأن تبرز للمسلمين حقيقة الإسلام وخصائصه، وكم هو غنيٌ بالحقائق والخصائص.

 

أيها المسلمون: ومع كل هذا المكر وهذا الكيد، فإن الله -عز وجل- حافظ دينه، ومعليٌ كلمته، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

 

وإن المتأمل في بعض خصائص هذه الأمة، يجد الروح والاطمئنان، وهذا هو المطلوب عند التعرض لبعض هذه السمات.

 

فأول سمات هذه الأمة: الخيرية، قال الله -تعالى-: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)[آل عمران: 110].

 

فهذه الأمة، هي خير الأمم، وأكرم الأمم قاطبة عند الله -عز وجل-؛ كما جاء في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعاً: "إنكم تتمنون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله".

 

وفي رواية: "نُكمل يوم القيامة سبعين أمة، نحن آخرها وخيرها".

 

فالله -عز وجل- قد أكرمنا وجعل أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- خير الأمم، خير الأمم في أعمالها، خير الأمم في أخلاقها، في منازلها في الجنة، في مقامها في الموقف.

 

وهذه الخيرية ما جاءت إلا عن طريق الدين والشرع، فلئن دين هذه الأمة وشريعتها أكمل الشرائع، اكتسبت هذه الأمة هذه الخيرية.

 

فلهذا لا غرابة من محاولة أعداء الدين من الخارج وأذنابهم العلمانيين من الداخل: أن يضعفوا تمسك الناس بالشريعة، عن طريق بث سمومهم وزبالة أفكارهم.

 

ثم إن خيرية هذه الأمة، جاءت من: (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)[آل عمران: 110].

 

فاكتساب الأمة للخيرية؛ لأنها أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكما قوى هذا الجانب في الأمة، وحرصت الأمة على زيادة ودعم هذا الأمر، زاد ذلك وقوى من خيريتها على باقي الأمم، لكن إذا فرطت الأمة في الأمر بالمعروف، وفرطت في النهي عن المنكر، حتى أدى ذلك إلى انتشار الرذيلة، وتفشي الأخلاق السيئة، فأين الخيرية على من سواهم، إذا صارت شوارعنا ومناهجنا وإعلامنا وأسواقنا وأخلاقنا واقتصادنا، كله يستقي من نتن الغرب والشرق، فأين الخيرية إذن؟

 

ولهذا يعلم المنافقين والعلمانيين الذين يندسون في صفوفنا، يعلمون جيداً، بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا مارس دوره الطبيعي، وبشيء من الحرية، فإنهم يعلمون جيداً أنه لا مُقام لهم في هذه الأرض، ولهذا يسعون جادين في التضييق على أصحابها، بكل سبل التضييق، وسحب صلاحياتها.

 

كل هذا من جانب، ومن جانب آخر يترأسون هم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف.

 

فخيرية هذه الأمة بدينها وشرعها، وإلا لو تساوينا معهم في المعصية لكانت الغلبة لهم علينا بالقوة.

 

أيها المسلمون: ومن سمات هذه الأمة: أنها أمة الغيث كما وصفها وشبهها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمطر الذي ينتفع به الناس، قال عليه الصلاة والسلام من حديث أنس عند الترمذي وغيره: "ومثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خيرٌ أم آخره".

 

فهذه الأمة أمة الغيث لا يدري أوله خير أم آخره؛ لأن الغيث كله خير، وفي كله خير، في أوله وفي وسطه وفي آخره، فكل نوبة من نوبات المطر لها فائدة في النماء لا يمكن إنكارها، والحكم بعدم نفعها، بل إن كل حبة من حبات المطر له فائدته.

 

فكذلك هذه الأمة، كل فرد من أفراد هذه الأمة ينفع، وكل إنسان بمقدوره أن يقدم الكثير لأمته ولدينه.

 

لكن المشكلة أن هذا الشعور مفقود بين الناس اليوم، كل يقول: أنا فرد واحد، وأنا ضعيف الإمكانات، وماذا عساي أن أقدم، أمام قوى الشرق والغرب؟ ثم إني مشغول جداً بأعمال، ولدي أطفال، وزوجة مريضة، وأنا الوحيد لوالدي؟ فما أن أنتهي من مشكلة إلا وتتبعها أخرى؟

 

فنقول لك -أيها المسلم-: مع وجود كل هذه الأمور فيك، ومع قلة إمكاناتك وضعفها، ومع وجود المشاكل عليك فأنت فرد في أمة الغيث، وأنت أحد حبات المطر، وبإمكانك أن تقدم لا القليل بل الكثير؛ وسأضرب لك الآن بعض الأمثلة، وبعض الأشياء التي يمكنك أن تقدمها للأمة، لكن أولاً لا بد من وجود هذا الشعور عندك، وأنك فرد مهم ولك دورك، وبإمكانك أن تقدم.

 

فمقدورك -أيها المسلم- أن تقدم: الدعاء، وهل يعجزك دعاء مخلص تطلقه في أي ساعة من ليل أو نهار مع وجود المشاكل عندك، ومع كثرة أعبائك وأولادك وأمراضك؟.

 

لا أظن أن أحداً لا يمكن أن يقدم الدعاء للمسلمين، تدعوا الله -عز وجل- بإخلاص وجد وحرص: أن يفرج هم الأمة، وأن ينقذها مما هي فيه.

 

تخيل أن كل مسلم قدم هذا العمل، تخيل أن غالبية المسلمين رفعوا أيديهم إلى الله -تعالى-، وهم يجأرون إلى الله، بتضرع وتذلل: أن ينقذ المسلمين من اعتداءات الصرب النصارى مثلاً، أو من عدوان اليهود، أو من أية بلية حالة بالمسلمين.

 

ألا يمكن أن يوجد في هذه الملايين من هو مستجاب الدعوة، فتلقى دعائه باباً مفتوحاً في السماء فيكون فرج طائفة من المسلمين بسبب دعاته؟.

 

يمكن هذا، لكن أين الأدعية المخلصة، ليل نهار؟

 

هذا عمل يمكنك أن تقدمه -أيها المسلم-.

 

عمل آخر؛ أن تكف نفسك عما حرّم الله، هذا عمل لو قدمه كل مسلم للأمة فكم من الخير سوف يعم، تخيل أن كل مسلم، وكل صاحب القدرات والإمكانيات كما يقول هو، تكفل لنا أن يحفظ نفسه عن فعل الحرام، فهذا ترك الزنا، وذلك ترك شرب الخمر، والجميع ترك الكذب والغش والسرقة والاعتداء على الآخرين، إلى غير ذلك مما حرم الله، كم تحصل الأمة على خير لو كفّ كل مسلم شره عن الآخر؟.

 

هذا العمل أتعجز عنه -أيها المسلم- أن تقدمه لأمتك، هذا العمل ينفعك أنت أولاً، ولا يحملك وزره يوم القيامة.

 

إضافة إلى الخير الذي سوف يعم، فمن الذي لا يستطيع أن يقدم هذا لدينه وأمته ولنفسه؟.

 

نريد منك -أيها الأخ الكريم- أن تؤيد المسلمين في قضاياهم العامة، تقف في صف مصالح الأمة، ولا تقف ضدها، كما يقف الآن عدد غير قليل من المنافقين والعلمانيين لصالح أسيادهم من دول الغرب الكافرة، وهم يحسبون على هذه الأمة، ويعدون إحصائيات السكان، هل وأنت مشغول في قضاياك الخاصة وهمومك الداخلية؟ هل يمنعك هذا من أن تقف مع العلماء المخلصين، والدعاة الناصحين وهم يقدمون النصح للأمة؟

 

لا نريدك أن تفعل شيئاً إذا كنت تقول لا أقدر على شيء، فقط أيد كلام العلماء، وقف في صف الدعاة والمصلحين، ولا تقف ضدهم، فهذا عمل كبير فهذا عمل كبير يمكنك أن تقدمه للأمة.

 

فلو أفتى العلماء بحرمة التصالح مع اليهود، نريدك -أيها المسلم- الذي تقول عن نفسك أنك ضعيف أن تقف في صف هذه الفتوى لا ضدها.

 

لو تكلم الدعاة وتحرك المصلحون، وقدموا عملاً طيباً للأمة، إما جمع تبرعات، أو توزيع كتيبات، أو أي عمل آخر، لا نريدك أن تتبرع، نريدك أن تؤيد هذه الأفكار الطيبة، وتشجع عليها، ولا تقف ضدها، أو تعترض عليها، أو تشوه عليها، وابق بعد ذلك مشغولاً في همومك ومشاكلك الخاصة، وأعمالك الخاصة.

 

فهل وعينا هذه القضية -أيها الإخوة-؟

 

فأنت -أيها الأخ الكريم- قطرة من غيث هذه الأمة، وكل قطرة كما أسلفنا تنفع -بإذن الله-، وبمقدورك أن تقدم الكثير، ولو أن تشارك المسلمين بمشاعرك الطيبة.

 

فلا تحتقر نفسك، ولا تنقص من قيمتك، فكونك مسلماً هذه لوحدها أكبر نعمة، وفائدة عظيمة جداً لك ولغيرك، فما بالك لو أضيف معها القليل من العمل لخدمة هذا الدين؟.

 

فنسأل الله -عز وجل- أن يستعملنا في طاعته، وأن يجعلنا جنوداً لخدمة دينه أنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

أقول ما سمعتم ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

روى مسلم في صحيحه قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله -تعالى- إذا أراد رحمة بأمةٍ من عباده قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطاً وسلفاً بين يديها، وإذا أراد  هلكة أمة عذبها، ونبيها حي فأهلكها وهو ينظر فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره".

 

انظروا إلى رحمة الله -جل وعز- بنا هذه الأمة؛ الأمم السابقة كانت إذا خالفت أمر الله، وخالفت وعصت الرسول الذي أرسل إليها، أهلكها الله -عز وجل- وعذبها ونبيها ينظر إليها.

 

أما هذه الأمة، فمن رحمة الله بنا: أن قبض رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

 

وانظر الآن إلى المخالفات التي تخالفها هذه الأمة ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخالفات على مستوى الأفراد، مخالفات على مستوى الشعوب، ومخالفات على مستوى الدول، ومخالفات على مستوى الأمة.

 

إنه ما من نبي من الأنبياء إلا ورأى عذاب قومه بعينه، أو حصل لهم عذاب وهو حي بين ظهرانيهم.

 

فنوح - عليه السلام - قد دعا على قومه قال تعالى: (وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا)[نوح: 26].

 

فاستجاب الله له فأهلكهم جميعاً حتى ولد نوح قال سبحانه: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ* قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ* وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[هود: 42 - 44].

 

وقال سبحانه عن قوم هود: (فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ)[الأعراف: 72].

 

وقال جل وعلا عن قوم صالح: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ* فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ)[الأعراف: 78 - 79].

 

وقال سبحانه عن قوم لوط: (فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ* وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ)[الأعراف: 83 - 84].

 

وقال تبارك وتعالى عن قوم شعيب: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ)[الأعراف: 91].

 

أما هذه الأمة؛ فمن تمام رحمة الله بها: أن قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطاً وسلفاً بين يديها؛ جاء ملك الجبال إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك -وذلك عندما لم يقبلوا دعوته- وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت؟ إن شئت أن أُطبق عليهم الأخشبين؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً".

 

قال الله –تعالى-: (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الأنفال: 33].

 

قال ابن عباس كما ذكر ذلك الحافظ ابن كثير في تفسيره قال: "كان فيهم أمانان: النبي -صلى الله عليه وسلم- والاستغفار، فذهب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبقي الاستغفار".

 

الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبض، وكان هو الأمان الأول لهذه الأمة من أن يعذبها الله، وبقي الثاني معنا ألا، وهو: الاستغفار، فلو قصرنا في هذا، فنسأل الله السلامة والعافية.

 

فنسأل الله -عز وجل- أن يوفق الأمة إلى الاستغفار مما هي واقعة فيه.

 

أن تستغفر من ولائها لغير الله، أن تستغفر من الربا الذي ينخر في اقتصادها، أن تستغفر من التقريب الذي يهدد مجتمعاتها، أن تستغفر من الظلم الواقع في غالب أرضها؛ رفع الأسعار، وهضم الحقوق، إسكات القول الحق أن يظهر للناس، مطاردة الصالحين في كل مكان.

 

وإلا فعذاب الله لا محالة إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا.

 

 

 

المرفقات

خصائص هذه الأمة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات