عناصر الخطبة
1/المرء على دين خليله 2/مثال عملي لصديق السوء 3/خطورة مصاحبة الأشرار 4/وجوب محاربة الجماعات الفاسدة من المثليين والشواذ 5/صديق الصدق هو الصديق الحقيقي 6/ثلاث رسائل بشأن الأسرى والأقصى المبارك والمسئولين عن مواقع التواصل الاجتماعياقتباس
إن أخَا الصدق الذي يُخلِص لكَ النصحَ ولا يخدعكَ، وهو الذي يُوصِلُكَ إلى الخير، ولا يُوقِعُكَ في الشر، وهو الذي يساعدكَ بيمينه، ويرفع عنك الأذى بشماله، وهو الذي يشارككَ في أفراحكَ، ويواسيكَ في مصابكَ، فهذه هي الصداقة الحقيقية الصادقة...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله رب العالمين.
الحمدُ لله إِذْ لم يَأتِنِي أَجَلِي *** حَتَّى اكتسيتُ من الإسلامِ سِربَالَا
الحمد لله القائل: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)[الْإِخْلَاصِ: 1-4]، بفضل سورة الإخلاص؛ اللهم لا تَكِلْنا إلى أحد، ولا تُحوِجْنا إلى أحد، وأَغْنِنَا يا ربِّ عن كل أحد، يا مَنْ إليه المستنَد، وعليه المعتمَد، عاليًا على العلا فوق العلا، فردٌ صمدٌ، منزَّه في مُلكِه، ليس له شريكٌ ولا ولدٌ، فأنتَ الواحدُ الأحدُ.
ونشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، القائل في سورة الأحزاب: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا)[الْأَحْزَابِ: 39]، والقائل في سورة الزخرف: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)[الزُّخْرُفِ: 67]، اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واحفظنا بعزك الذي لا يضام، واكلأنا بعنايتك في الليل والنهار، في الصحارى والآجام، ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقدوتنا، وشفيعنا محمدًا، عبد الله ونبيه ورسوله، القائل: "المرء على دين خليله، فلينظُرْ أحدُكم مَنْ يُخالِلْ" صلَّى اللهُ عليكَ يا حبيبي يا رسولَ الله، وعلى آلِكَ الطيبينَ المبجَّلينَ، وصحابتِكَ الغُرّ الميامين المحجَّلينَ، ومَنْ تَبِعَكم وجاهَد جهادَكم إلى يوم الدين.
أما بعدُ: فيقول الله -سبحانه وتعالى- في سورة الفرقان: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا)[الْفُرْقَانِ: 27-29]، صدق الله العظيم.
أيها المصلون، أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان: لهذه الآيات الكريمة سبب نزول، أشارت إليه كتب السيرة والتفسير، وملخص ذلك: أن المدعو أُبَيّ بن خلف، أحد زعماء قريش قد علم أن صديقه عقبة بن أبي معيط قد أسلم، فغضب أُبَيٌّ من عقبة بسبب إسلامه، فقال أبي لعقبة: وجهي من وجهك حرام إذا لم تطأ عنق محمد، وأن تبصق في وجهه، فاستجاب الملعون عقبة لمطلب صديقه الشرير أُبَيٍّ، وارتدَّ عقبةُ عن الإسلام، فنزلت هذه الآيات الكريمات، لتصف عقبة بأنه ظالم لنفسه، وأنه سيندم على فعله، وكان مصير عقبة أن وقَع أسيرًا في معركة بدر، وأمَر عليه الصلاة والسلام بقتله، أمَّا مصير أُبَيٍّ فكان في معركة أُحُد؛ حيث قُتِلَ أيضًا.
أيها المصلون، أيها الآباء، أيتها الأمهات، أيها المرابطون، أيتها المرابطات: هذا مشهد واحد، نتج عن مصاحبة الأشرار، حيث غيرت مجرى حياة الإنسان رأسًا على عقب، وهذا المشهد يتكرر في مجتمعنا في هذه الأيام؛ نتيجة الانحرافات والتيارات الفاسدة، ماذا نشاهد؟ نشاهد شبابًا مراهقين قد انحرفوا عن جادَّة الصواب؛ نتيجةَ مصاحبتهم أصدقاء سيئين، فوقعوا ضحية المخدرات، وضحية التجسس والانحرافات الجنسية، وكما هو معلوم، أن رسولنا الكريم الأكرم، محمد -صلى الله عليه وسلم- قد حذرنا من مجالسة الأشرار، بقوله: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشرب الخمر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر"، فلا يُجلَس على مائدة يشرب عليها الخمر، فلا يجوز للمسلم أن يجالس من يشربون الخمر، ويقاس على ذلك: لا يجوز للمسلم أن يجالس من يرتكبون كل محرم من المحرمات؛ كموائد القمار، وتعاطي المخدرات، والجواسيس، وبائعي الأراضي وغيرهم، كما لا يجوز للمسلم أن يقدم الخمر لضيوفه، رغم أنه لا يعاقرها.
أيها المصلون: هذا وقد ثبَت عن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، أنه كان يجلد شاربي الخمر ومن في مجلسهم أيضًا، وقال: ابدؤوا به؛ أي: بالذي لم يشرب، واستدل عمر بالآية الكريمة: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ)[النِّسَاءِ: 140].
أيها المصلون، أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج: إنه لمن المؤسف حقًّا، أن نسمع في بيت المقدس نشاطًا لجماعات شاذة جنسيًّا؛ حيث يدعون إلى زواج المثلية، ويُعرَفون بالمثليينَ، إنهم قد دنَّسوا أرضَ الإسراء والمعراج، بأفكارهم الهدَّامة التي تسعى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، وتسعى إلى تفكيك الأسرة المسلمة، وإلى إشاعة الفاحشة؛ إنهم يبيحون زواج الرجل بالرجل، وزواج المرأة بالمرأة، لقد لفظتهم أرض فلسطين الطاهرة، لقد هبَّ الشبابُ المقدسيُّ المؤمنُ غضبًا على هذه الجماعات الشاذَّة، ولفظَتْهم من مدينة القدس، وحظرَتْ كلَّ مَنْ يتعامل معهم؛ هذا وعلى الشباب والشابات ألَّا يلتفتوا إلى هؤلاء الساقطين الشواذ، الذين يحاولون خداع الناس باسم الوطنية.
أيها المسلمون، يا أهل فلسطين الطَّاهرة المقدَّسة: وهناك دعوات أخرى هدامة؛ لنشر الزنا، وتأليب الزوجة على زوجها، بل التشجيع على الخيانات الزوجية، باسم حماية الأسرة ومناصرة الزوجة، وفي الحقيقة أن هذه الدعوات تؤدي إلى تشريد الأسرة، وضياع الأطفال، والملاحَظ أن أصحاب هذه الدعوات يتذرعون بظلم الزوج لزوجته، فيكون العلاج لديهم هو هدم الأسرة، بدلًا من إصلاح الزوج، مع الإشارة -أيها المصلُّون- إلى أنه توجد لجانُ إصلاحٍ في مدينة القدس؛ لمعالَجة المشاكل التي تقع بين الأزواج؛ للحفاظ على الأسرة، ولحماية الأطفال من التشريد، وهذا هو البديل.
أيها المصلون، يا إخوة الإيمان في كل مكان: إن أخَا الصدق الذي يُخلِص لكَ النصحَ ولا يخدعك، وهو الذي يُوصِلُكَ إلى الخير، ولا يُوقِعُكَ في الشر، وهو الذي يساعدكَ بيمينه، ويرفع عنك الأذى بشماله، وهو الذي يشارككَ في أفراحكَ، ويواسيكَ في مصابكَ، فهذه هي الصداقة الحقيقية الصادقة، التي أحبها الله وأحبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث جاء في الحديث القدسي عن الله -عز وجل-: "قَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَحَابُّونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَصَافُّونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَزَاوَرُونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَبَاذَلُونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَنَاصَرُونَ مِنْ أَجْلِي"، نعم، نسأل الله -عز وجل- أن نكون منهم، وأن نكون ممَّن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، جاء في الحديث النبوي الشريف: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله" صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا النبي الأمي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم صلِّ وسلِّم على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما صليتَ على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارِكْ على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما باركتَ على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.
أيها المصلون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج: أتناول في هذه الخطبة ثلاث رسائل وبإيجاز: وهي : الرسالة الأولى: بشأن الأسرى الأبطال الذين يقبعون في السجون والمعتقَلات الاحتلاليَّة: إنه من واجب شعبنا الفلسطيني أن يقف إلى جانب أسرانا الأشاوس، الذين يعانون من أوضاع صعبة وقاسية، ويعاملون بوحشية، وغير إنسانية، وغير حضارية، فمن الأسرى مضربون عن الطعام، احتجاجًا على حبسهم حبسًا إداريًّا، ظالِمًا، ومن الأسرى مرضى بأمراض خطيرة، تفتك بهم، وأسيرة من الأسيرات، بُتِرت أصابعُ يدها، وتقاسي آلامًا مستمرةً.
أيها المصلون، يا أهل فلسطين العزيزة المقدَّسة الطاهرة: إزاء ذلك فإن الأسرى يُطالَبون بالحد الأدنى من العيش الكريم، وأن يُعامَلوا معاملةً إنسانيةً، وأن يشعروا بالأمن والأمان، كما أنهم يرفضون قانون الطوارئ، الذي هو امتداد للاستعمار البريطاني الغاشم، وأنهم يرفضون أساليب القمع والعنف بحقهم، وأنهم يأملون إتمام صفقة التبادل؛ ليتنسَّموا الحرية ليعودوا إلى أهلهم سالمين؛ فإن التبادل بين الأسرى أمر مشروع، أقرَّتْه الشريعةُ الإسلاميةُ، وطبَّقَه رسولُنا الكريم، محمد -صلى الله عليه وسلم- في معركة بدر الكبرى، ونسأل الله -عز وجل- أن يمن على الأسرى جميعهم بالحرية، وإطلاق سراحهم، قولوا: آمين.
أيها المصلون، يا أبناء بيت المقدس وأكناف بيت المقدس: الرسالة الثانية بشأن تصرُّفات المسئولين عن التواصل الاجتماعي في العالم، التواصل الاجتماعي في العالم يتحكم فيه أناس لا دينيون حاقدون، فإن هؤلاء المسئولين يلاحقون الإعلام المقدسي، ويضيقون على وكالات الأنباء المقدسية. لماذا؟ لأن الصحفيين المقدسيين يستعملون ألفاظا وكلمات تتعلق بالدين الإسلامي، مثل كلمة "رباط"، و"مرابط"، و"مرابطون"، هذه الألفاظ والكلمات دينية، وردت في القرآن الكريم، وفي السُّنَّة النبوية المطهَّرة، فلا يجوز أن نُمنَع من استخدامها، ومن حق الصحفيين أن يتداولوها، وكذلك كلمة "شهيد"، و"شهداء"، فقد وردت في القرآن، والسُّنَّة النبوية المطهرة أيضا، فهي ألفاظ دينية، وأن روح الشهيد ترتقي إلى السموات العلا، وتتلاقاها الملائكة في زفة العريس، فلا بد من الصلاة عليه؛ لذا ستقام صلاة الغائب عن أرواح الشهداء بعد صلاة الجمعة مباشرة، إن شاء الله.
أيها المصلون، يا أبناء بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس: الرسالة الثالثة والأخيرة كما عودَّناكم بشأن المسجد الأقصى المبارك، لماذا؟ لأن الأخطار لا تزال تحدق بالأقصى، وآخر هذه التجاوزات والاعتداءات، مطالبة الجماعات اليهودية المتطرفة بأن يكون الأقصى ضمن برنامج الزيارات المدرسية التعليمية الإسرائيلية؛ وذلك بهدف تكثيف وجودهم في الأقصى، ولاستباحة الأقصى، وللتضييق على المسلمين، وهكذا فإن أطماع اليهود في الأقصى لن تتوقف، فنعلن رفضَنا لها؛ لذا فإننا نُحمِّل الحكومةَ اليمنيةَ المسئوليةَ الكاملةَ عن أي إجراء يمسُّ بحرمة الأقصى، في الوقت نفسه نؤكد للمرة تلو الأخرى بأن المسجد الأقصى المبارك أسمى من أن يخضع لقرارات الكنيست، أو المحاكم الإسرائيلية الاحتلالية؛ فالأقصى للمسلمين وحدهم، بقضاء من الرحمن من فوق سبع سموات، ونُذكِّر المسلمينَ في أرض الإسراء والمعراج أن يستمروا في شد الرحال إلى الأقصى المبارك في جميع الأيام والأوقات، ولا يسعنا إلا أن نقول: "حماك الله يا أقصى"، قولوا: آمين.
أيها المصلون: الساعة ساعة استجابة، فأمِّنوا من بعدي: إليكَ يا ربَّنا نشكو ونضع، خاشعينَ في الدعاء طائعينَ، اللهم احمِ المسجدَ الأقصى من كل سوء، ومن كيد الطامعين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وفَرِّج الكربَ عنَّا، وعليكَ بمن ظلمنا وآذانا، اللهم ارحم شهداءنا، وشافِ جرحانا، وأطلِقْ سراحَ أسرانا، يا أرحم الراحمين ارحمنا واعف عنا، يا ناصر المظلومين انصرنا ومكِّنَّا، اللهم إنا نسألك توبةً نصوحًا، توبةً قبل الممات، وراحةً بعد الممات، اللهم هَيِّئْ مَنْ يُوحِّد المسلمينَ، ويحذو حذوَ صلاح الدين، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وانصر وأعلِ كلمتَي الحقِّ والدينِ، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم