معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم-

محمد بن عبدالرحمن العريفي

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ وجوب الإيمان بالأنبياء والرسل ومعجزاتهم 2/ معجزة كل نبي تتناسب مع حال قومه 3/ عموم بعثة نبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- وشمولية معجزاته وكثرتها 4/ معجزات نبينا -صلى الله عليه وسلم- المتعلقة بالأخبار والأفعال 5/ اعتداء اليهود على أهل غزة وإخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بانتصار المسلمين على اليهود في آخر الزمان

اقتباس

لعلنا نقف اليوم على شيء من معجزات نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وهي تنقسم إلى قسمين: منها معجزات في الأخبار، ومنها معجزات في الأفعال. المعجزات في الأخبار؛ كأن يخبر صلى الله عليه وسلم ببعض المغيبات، فيخبر عليه الصلاة والسلام أنه في آخر الزمان تتقارب الأسواق، ثم...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله -تعالى- من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له -جل عن الشبيه والمثيل والكفء والنظير- وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، أرسله ربه رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين, فهدى الله به من الضلالة, وبصر به من الجهالة، وكثر به بعد القلة، وأغنى به بعد العيلة، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

 

أيها الإخوة الكرام: فإن من أصول الإيمان التي لا يستقر الإيمان في القلب إلا بها، ولا يقبل الإيمان يوم القيامة إلا إذا العبد حققها: الإيمان بالأنبياء والمرسلين, والإيمان بالأنبياء والمرسلين يتضمن الإيمان بأنهم مرسلون من عند ربنا -جل وعلا-، والإيمان بمعجزاتهم وبيناتهم التي أرسلهم الله -تعالى- بها, ولقد جعل الله -تعالى- هذه المعجزات, وتلكم البينات جعلها الله -تعالى- دلالة صدق على صدق هؤلاء الأنبياء في أنهم يدعون أن الله -تعالى- مرسلهم، فإن كل من قال: أنه نبي، لزمه أن يأتي بدلائل وبينات تثبت للناس أنه نبي مبعوث من عند ربنا -جل وعلا -؛ كما قال سبحانه وتعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ) [الحديد: 25]، يعني أرسلنا رسلنا بالآيات البينات, والدلائل الواضحات, والمعجزات الظاهرات؛ أنهم مرسلون من عند ربهم -جل وعلا-.

 

ولقد جعل الله -تعالى- لكل نبي نوعًا من المعجزات، وجعل هذا النوع موافقًا للمشهور من أحوال قومه، فلما كان موسى -عليه السلام- قد بُعث في عصر انتشر فيه السحر, وخوارق العادات، جعل الله -تعالى- لهم من المعجزات والآيات البينات ما هو في ظاهره يشبه ما يفعله قومه، فكان يلقي العصا: (فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى) [طه: 20]، ويخرج يده فإذا هي بيضاء للناظرين، فبهر بذلك كل ساحر، وأذل كل فاجر.

 

أما عيسى -عليه السلام- فإن الله -تعالى- قد بعثه في عصر انتشر فيه الطب، وأنواع العلاج، فجعل الله -تعالى- له من الآيات البينات، ما يتشابه مع ما يفعله قومه، فكان يبرئ الأكمه وهو من ولد أعمى: (وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ) [آل عمران: 49], بل ويداوي الناس من سائر الأدواء، ويحي الموتى -بإذن الله-، فبهر بذلك كل طبيب, وحير كل لبيب.

 

أما نبينا -عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام-، فإنه لم يبعث إلى قوم خاصة يهتمون بالطب، أو بخوارق العادات، أو بالفلك، أو ما شابه ذلك، إنما بعث للناس عامة: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) [الأحزاب:158].

 

"أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد من الأنبياء من قبلي"، وذكر منها -عليه الصلاة والسلام-: "وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة".

 

فلما كانت بعثته عليه الصلاة والسلام إلى الناس كافة، جعل الله -تعالى- له من المعجزات من يقيم الحجة على من يقوم بالطب، أو بخوارق العادات، أو بالفلك، أو بغير ذلك، كما بين الله -تعالى- ذلك في كتابه، قال شيخ الإسلام ابن تيميه -رحمه الله تعالى- في كتابه: "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"، في الرد على من يقول: رسالة نبينا -صلى الله عليه وسلم- هي خاصه بالعرب، قال: "ولقد زادت معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- على ألف معجزة في عدد متنوع من الطرق، وفي عدد كبير من الوسائل".

 

فكان عليه الصلاة والسلام يقيم الحجة على كل أحد، وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، وبين الله -جل وعلا- في كتابه: أنه يجب الإيمان بالرسل ما دام أنهم جاؤوا بهذه المعجزات والدلائل.

 

أيها المسلمون: ولعلنا نقف اليوم على شيء من معجزات نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وهي تنقسم إلى قسمين: منها معجزات في الأخبار، ومنها معجزات في الأفعال.

 

المعجزات في الأخبار؛ كأن يخبر صلى الله عليه وسلم ببعض المغيبات، فيخبر عليه الصلاة والسلام أنه في آخر الزمان تتقارب الأسواق، ثم ننظر اليوم في زماننا، فإذا الأسواق قد تقاربت, ويخبر أنه في آخر الزمان تنتشر شهادة الزور، أو أن الرجل يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق، يعني تصل إلى آفاق الدنيا في لحظة, وإذا نحن اليوم تنتشر شهادة الزور والكذب فيه، ونجد أنه من الوسائل الحديثة أن الإنسان إن شاء كذب كذبة، ثم ضغط على زر، فانتشرت في الأرض كلها: "يكذب الكذبة تبلغ الآفاق".

 

وأخبر عليه الصلاة والسلام: أنه يتباه الناس بتزيين المساجد, وأخبر أنهم يكثر فيهم السمن, وأخبر أنه ينتشر القلم، يعني تنتشر الكتابة، فيصبح كل الناس يكتبون، أو أكثرهم يكتبون، بعد ما كانت أكثر الأمة أمية لا تكتب ولا تحسب، ولا تقرأ.

 

فأخبر عليه الصلاة والسلام بعدد من المغيبات, وما كان يعلمها من تلقاء نفسه، إلا أن يكون وحي من السماء أوحاه الله -تعالى- إليه، فهذا طرف من إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات، فكلما رأى واحدًا منا وقوع شيء من هذه المغيبات، قال: أشهد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو رسول الله حقًا؛ كما قال عدي ابن حاتم -رضي الله تعالى عنه- لما كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال عليه الصلاة والسلام: "يا عدي، يوشك أن يطوف الرجل بملئ كفيه ذهبًا وفضة، لا يجد من يأخذها، ولتفتحن كنوز كسرى، ولتنفقن أمواله في سبيل الله، ولئن طالت بك حياة لترين الضعينة، يعني المرأة على البعير تخرج من الحيرة من العراق، حتى تأتي الكعبة، فتطوف بها، ما تخاف إلا الله".

 

وتوفي النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أن تقع هذه الوقائع الثلاث، قال عدي -رضي الله عنه-: فلم أزل أترقبها، إيمانًا منه بصدق نبينا -صلى الله عليه وسلم-، لم أزل أترقبها، حتى كنت فيمن فتح كنوز كسرى، قال: ووالله لئن طالت بكم حياة لترون ما أخبر به عليه الصلاة والسلام أن يخرج الرجل بملئ كفيه ذهبًا وفضة، لا يجد من يأخذها، يعني زكاة، والناس قد اغتنوا، والأمة كثر فيها الخير، قال: ولتخرجن الضعينة من الحيرة إلى الكعبة ما تخاف إلا الله، فكان عندهم يقين بصدقه عليه الصلاة والسلام في خبره, وفيما ينقله على لسانه؛ لأنه لا ينطق عن الهوى.

 

هذا -أيها المسلمون- هو النوع الأول من معجزاته عليه الصلاة والسلام، معجزات تتعلق بالأخبار، تتعلق بالكلام.

 

ومنها: أنه قد يكشف له الغيب، كما قال صلى الله عليه وسلم: أن المسلمين سيقتلون فلانًا من المشركين، فكان قتله على يد المسلمين صحيحا.

 

ولما وضع بين يديه عليه الصلاة والسلام شاة مشوية، وضعها له اليهود، وكانت مسمومة، فأمر أصحابه أن يكفوا عنها، ثم دعا اليهود وسألهم، قالوا: من أخيرك أنها مسمومة؟ قال: أخبرتني هذه الذراع، ورفع طرفا من الذراع في يده، فهذا أيضًا من معجزاته: أنه يخبر بالشيء الغائب عن الناس يخبر به صلى الله عليه وسلم أحيانًا، فإنه لا يكشف الغيب دائمًا له، وإلا لو كان الغيب يكشف دائمًا له عليه الصلاة والسلام، لما أكل أصلًا من هذه الشاة التي فيها السم، ولامتنع من البداية، فإن أحد أصحابه كان قد أكل أمامه، ومات بالسم رضي الله عنه، وهو عليه الصلاة والسلام، لم يزل يجد أثر السم أيضًا، لكنه لا يعلم الغيب إلا أن يخبره الله -تعالى- بهذا.

 

هذا هو النوع الأول -أيها المسلمون- مما يجب الإيمان به من معجزات الأنبياء، أنها معجزات في الأخبار، ومنها معجزات في الأفعال؛ كما وقع له صلى الله عليه وسلم، كما عند البخاري، وهو تفسير لقوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) [القمر: 1- 3].

 

قال ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- طلبت قريش من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يريهم آية، يعني أن يريهم معجزة تدل على صدق على صدقه عليه الصلاة والسلام، قال: فأشار لهم صلى الله عليه وسلم إلى القمر، قال: أرأيتم إن انشق القمر تصدقوني؟ قالوا: نعم، قال: فدعا الله -تعالى- فانشق القمر نصفين، قال: فرأيت أحدهما على جبل أبي قبيس، والنصف الثاني في الناحية الأخرى، قال: فنظرت قريش، قالت: قد بلغ سحره أن يصل القمر: (وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ) [القمر:3] ثم قالوا: اسألوا السُفار الذين يأتونكم مسافرين، هل رأيتم القمر في تلك الليلة انشق القمر، فإن القمر في كل الدنيا واحد, ولا يمكن أن يسحر الدنيا كلها بسحره, فلما كان السُفار يأتون من الشام ومن اليمن ومن غيرها يسألونه: هل رأيتم القمر انشق؟ فيقولون: نعم، في ليلة كذا وكذا، ومع ذلك اعرضوا وكفروا، وهي معجزة عظيمة لم تحدث لغير نبينا -صلى الله عليه وسلم- دلالة من ربنا -جل وعلا- على صدقه في ادعاء النبوة -عليه الصلاة والسلام-.

 

ومن ذلك أيضًا: شفاؤه للأمراض، كما عند مسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما خرج مع أصحابه إلى معركة خيبر، أطالوا الحصار، وكان حصنًا منيعًا، وكانوا الكفار قد تحصنوا فيه, وجعلوا فوق الحصن رماة يرمون بالسهام، كل من يقترب منه, فقال النبي -صلى لله عليه وسلم- في ليلة من الليالي: "لأعطين الراية غدًا رجلاً يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، الله ورسوله يحبان هذا الرجل، أيضًا يحب الله ورسوله، فبات الناس كلهم يرجوا أن يعطاها، كلهم يتمنى أن يعطى هذه الراية، لهذا الوصف العظيم، قال: فقال عليه الصلاة والسلام لما أصبحوا: "أين علي بن أبي طالب؟" قالوا: هو يشتكي عينيه يا رسول الله، قال: "ادعوه لي" فجيء به رضي الله تعالى عنه، وإذا عيناه قد امتلأت بالرمد، حتى ما يكاد أن يرى من كثرة الرمد في عينيه، فأقعده صلى الله عليه وسلم بين يديه، ثم تفل في عينه، ثم تفل في الأخرى، ثم فركهما علي -رضي الله عنه-، فقام ليس به بأس، ثم أمره صلى لله عليه وسلم أن يقود كتيبة لفتح ذلك الحصن، فكان الفتح على يديه -رضي الله عنه-.

 

فهذا -أيها المسلمون- لا يفعله إلا نبي، ولا تنال البركة إلا من نبي قد جعله الله -تعالى- عليها.

 

ومن معجزاته عليه الصلاة والسلام: ما رواه البخاري في صحيحه، ما رواه جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: كنا في الحديبية فطال مقام فيها، وكان الصحابة -رضي الله عنهم- جاؤوا 1400 صحابي، أقبلوا ليعتمروا، أقبلوا بإحرامهم ملبين: "لبيك اللهم لبيك"، وإذا قريش تمنعهم من الدخول إلى مكة، فلبثوا في الحديبية، يعني في مدخل مكة ينتظرون أن تحل المشكلة بينهم وبين قريش، فمع طول مقامهم، وكثرة عددهم، انتهى الماء الذي بين أيديهم، فوضع بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ركوة صغيرة فيها ماء ليتوضأ، أو يشرب منها، فجهش الناس إليه، قال: مالكم اجتمعتم علي؟ قالوا: يا رسول الله ليس في المعسكر وليس في الجيش ماء للوضوء ولا للشرب، إلا هذا الذي بين يديك؟ قال: فأدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- يده في الإناء، ودعا الله -تعالى-، قال جابر: والله لقد رأيت الماء ينبع بين أصابع النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: والله ما تركنا أناءً ولا سقاءً في العسكر إلا ملأناه من هذا الماء.

 

هذا أيها المسلمون- من معجزات سيدنا رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: أن الله -تعالى- يجري على يده مثل هذا.

 

ومعجزاته صلى الله عليه وسلم لا تكاد تحصر، فهي كما قال ابن تيمية: "أكثر من ألف معجزة، لكن هذا طرف منها.

 

أسأل الله -تعالى- أن يصل على نبيه -صلى الله عليه وسلم- ما تعاقب الليل والنهار, وأن يجمعنا به في جنته.

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه, صلى الله وسلم وبارك عليه, وعلى آله وإخوانه وخلانه، ومن سار على نهجه، واقتفى أثره، واستن بسنته إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: قضى الله -جل وعلا- وقدر أن يمتحن هذه الأمة بنزول البلاء عليها, وكلنا رأى ما وقع على إخواننا في غزة في اليومين السابقين، من اعتداء آثم من اليهود الأشرار، الذين اعتدوا على ربهم -جل وعلا- في السابق، فقالوا: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ) [المائدة: 64].

 

وقالوا: (إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ) [آل عمران: 181].

 

والله -جل وعلا- هو الغني، وهو سبحانه وتعالى غني عنهم.

 

مع اليهود الذين هم قتلة الأنبياء، فلم تعرف أمة على وجه الأرض أكثر إيذاءً للأنبياء، وقتلًا لهم، أكثر من هؤلاء اليهود, وهؤلاء هم الذين مسخ الله أجدادهم قردة وخنازير؛ كما بين الله -تعالى- ذلك فقال: (واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ) [الأعراف: 163].

 

ثم قال الله -تعالى-: (فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [الأعراف: 166]، فكانوا قردة خاسئين.

 

فاعتداؤهم على إخواننا في غزة، وطوف تلك الطائرات أكثر من 40 قذيفة، وأكثر من 40 غارة جوية، ليس قذيفة، بل أكثر من أربعين غارة جوية، وكل غارة جوية فيها عدد من القذائف، تغار على إخواننا خلال يوم واحد.

 

ونسأل الله -تعالى- أن ينصر إخواننا هناك.

 

وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن المسلمين يقاتلون اليهود، قال: "فيقتلونهم حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي: تعال فاقتله، قال: إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود" يعني يختبؤون وراءه.

 

وبين الله -جل وعلا-: أن هؤلاء اليهود من صفاتهم: أنهم: (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) [الحشر: 14] الخلاف بينهم شديد، والانقضاض على المال بينهم شديد، والبحث عن المصالح الشخصية بأسهم بينهم شديد، وكل واحد يكيد للآخر، قال الله -تعالى-: (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) [الحشر: 14] (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا) [الحشر: 14] إذا رأيتهم على طاولة واحدة، ظننت رأيهم واحدًا، وقولهم متحدًا، وغايتهم واحدة: (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) [الحشر: 14].

 

وبين الله -جل وعلا- أنهم لا يقاتلوننا: (إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ) [آل عمران: 112] يعني إلا أن يؤيدهم الله -تعالى- في قتالهم، ويأبى الله أن يؤيد أعداءه، قال: (وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ) يعني إلا أن يمدهم أحد من الناس بسلاح أو بطيران، أو بقرار، أو بغير ذلك, وإنا مهما وقع من اليهود، والله -أيها المسلمون- إننا واثقون، وأن الله -تعالى- ناصر دينه، وأن إخواننا في أرض الرباط، وأرض الجهاد أنهم منصورون، وإن طال عليهم العهد، ولكن الأمر؛ كما قال الله -تعالى-: (وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ) [محمد: 4 - 6].

 

وقال الله -تعالى-: (إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ) [النساء: 104].

 

فنسأل الله -تعالى- أن ينصر المجاهدين في كل أرض وتحت كل سماء، اسأل الله أن ينصر المجاهدين في سبيله في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في فلسطين، اللهم أرنا في اليهود عجائب قدرتك, اللهم انصر المجاهدين في سوريا، اللهم أرنا في بشار ومن معه عجائب قدرتك, اللهم اجمع كلمة المجاهدين في كل مكان، وصوب آراءهم، وتقبل شهداءهم، وارحم موتاهم، وداو جرحاهم، وانصرهم على من بغى عليهم، يا قوي يا عزيز.

 

اللهم ونسألك أن تجمع كلمة المسلمين في كل مكان يا حي يا قيوم يا رب العالمين.

 

اللهم من أرادنا أو أراد بلادنا أو أراد أمننا أو بلاد المسلمين بسوء فرد كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا عليه، يا قوي يا عزيز.

 

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

 

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات: 180 - 182].

 

 

 

المرفقات

النبي -صلى الله عليه وسلم-

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات