محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

ناصر بن محمد الأحمد

2015-01-22 - 1436/04/02
عناصر الخطبة
1/بعض خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم- 2/حقوق النبي-صلى الله عليه وسلم- على أمته 3/محبة الصحابة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وبعض القصص في ذلك 4/علامات محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-

اقتباس

كيف لا وهوصلى الله عليه وسلم، سيد ولد آدم، وخاتم النبيين، وهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قد خصه الله -تعالى- بخصال رفيعة وكثيرة، انفرد بها عن بقية الأنبياء السابقين -عليهم السلام-، فهو أول من يعبر على الصراط يوم القيامة، وأول من يقرع باب الجنة ويدخلها، وله المقام المحمود ولواء الحمد، وهو أول شافع ومشفع، إلى...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله...

 

أما بعد:

 

حديثي معكم -أيها الإخوة- في هذه الجمعة يكون عن نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

 

ولا شك أن الحديث عن الرسول -عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم-، حديث تنشرح له صدور أهل الإيمان، وتتشوق له نفوس الصالحين، ويدفع العالمين إلى الاستقامة علىالصراط المستقيم.

 

كيف لا وهوصلى الله عليه وسلم، سيد ولد آدم، وخاتم النبيين، وهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قد خصه الله -تعالى- بخصال رفيعة وكثيرة، انفرد بها عن بقية الأنبياء السابقين -عليهم السلام-، فهو أول من يعبر على الصراط يوم القيامة، وأول من يقرع باب الجنة ويدخلها، وله المقام المحمود ولواء الحمد، وهو أول شافع ومشفع، إلى غير ذلك من الخصال والفضائل.

 

أيها المسلمون: إن علينا تجاه نبينا -صلى الله عليه وسلم- حقوقاً واجبة، لابد أن نؤديها، ولأهمية مثل هذا الموضوع، وغفلة كثير من المسلمين عن الحقوق الواجبة عليهم تجاه نبيهم؛ أحببنا أن تكون هذه الكلمات.

 

فأول هذه الحقوق: هي العبارة الجامعة المانعة التي سطرها الشيخ المجدد، محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله تعالى رحمة واسعة- قائلاً: "ومعنى شهادة: أن محمداً رسول الله، طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن يُعبد الله إلا بما شرع".

 

فتأملوا -رحمكم الله- في هذه العبارة، التي تستحق كما يقال أن تكتب بماء الذهب: "طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع".

 

ف"طاعته فيما أمر" تشمل جميع الأوامر التي أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نطيعه فيها، وهذه تشمل جميع الأوامر دون استثناء.

 

"وتصديقه فيما أخبر" كل ما أخبر به المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يجب علينا، وحق له علينا أن نصدقه بها، من الأمور الغيبية، وغيرها ما لم نشاهدها، وما لم تقع بعد.

 

فلابد من التصديق بخبر الدجال، وعلامات الساعة الصغرى والكبرى، وتفاصيل أمور الجنة والنار، وأحوال يوم القيامة، وأحوال القبر، وما قبله من سكرات الموت، وما بعده من البعث والنشور، وقضايا كثيرة أخبر بها المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، كبعض قصص وأخبار من قبلنا من الأمم، فإن كل هذه الأمور التي أخبر بهاعليه الصلاة والسلاممن الحقوق الواجبة علينا.

 

وداخل تحت عبارة الشيخ: "وتصديقه فيما أخبر".

 

أما قوله: "واجتناب ما نهى عنه وزجر" فتشملكل ما نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن اجتنابه، وهذا أيضاً باب واسع، يصعب حصره والتفصيل فيه في هذه العجالة.

 

لكن لابد أن تعلم بأن كل مخالفة ترتكبها، وكل منهي عنه تفعله، فلابد أن تعلم بأن حقاً من الحقوق الواجبة عليك تجاه نبيك قد أخللت به، وعملت بضده، وأنت محاسب بقدر هذا المنهي الذي ارتكبته.

 

أما قوله: "وأن لا يعبد الله إلا بما شرع" فإن الإخلال ومخالفة هذا الحق من أعظم المنكرات، فإن الله -عز وجل- لا يجوز أن يُعبد إلا بما شرعه سبحانه، أو شرعه رسوله، وأي بدعة يأتي بها الإنسان من عند نفسه، فهي طعن في شرع الله من جهة، ونقض لحق المصطفى -صلى الله عليه وسلم- من جهة أخرى.

 

فتأملوا -يا عباد الله- في مضمون هذه العبارة الجامعة، وما أوجبت على المسلمين من حقوق.

 

ثم تأملوا في واقع الناس في تطبيق هذا المضمون على أنفسهم، كم من أمر أمرنا به رسولنا -صلى الله عليه وسلم- فخالفناه؟ كثير من سنن المصطفى -عليه الصلاة والسلام-، تذبح في الليل والنهار، وكأنها ليست حقوقاً واجبة علينا؟ كم من أمر نهانا عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وتوعد مرتكبه، وزجر عنه، أصبحت من أساسيات حياة الناس اليوم، والتي لا غنى لهم عنها؟

 

إننا مقصرون -أيها الإخوة- كثيراً وكثيراً في حق نبينا، ولو قصر ولدك في حقك ما رضيت بهذا، فلو قصر ولدك في حقك أيها الوالد من الطاعة والاحترام، لأقمت الدنيا وأقعدتها، بل ربما طردت هذا الولد من بيتك، لقلة أدبه، وعدم احترامه، وتقديره لك، وتقصيره في حقك، ولو قصرت الزوجة ببعض حقوقك، ولو عن طريق الخطأ أو النسيان، لما قبل غالب الأزواج هذا العذر منها، بل ربما سبب ذلك إلى طلاقها أو ضربها، أو على أقل تقدير سبها وشتمها، كل هذا؛ لأنها قد قصرت في حقك أيها الزوج.

 

وقس على هذا سائر الحقوق بين الناس، لن يرضى ولن يقبل أحد بالتقصير في حقه، فهلا حاسبت نفسك -يا عبد الله- ووزنت نفسك بهذا الميزان الذي تزن به الآخرين، وأديت حقوق رسولك -صلى الله عليه وسلم- أفضل من عبد الله تحت أديم السماء؟

 

تشاجرت الأحياءُ في فضل خطةٍ *** جرت طيرهم بالنحس من بعد أسعد

تراقوا بها بالغض بعد مودة *** وأوقد ناراً بينهم شر مُوقد

فلما رأينا الأمر قد حان جده *** ولم يبق شيء غير سل المهند

ففاجأنا هذا الأمين محمدٌ *** فقلنا رضينا بالأمين محمدِ

بخير قريش كلها أمسو شيمة *** وفي اليوم مع ما يحدث الله في غد

فجاء بأمرٍ لم ير الناس مثله ***  أعم وأرضى في العواقب والبدى

وكل رضينا فعله وصنيعه ***  فأعظم به من رأي هادٍ ومُهتدِ

وتلك يدٌ منه علينا عظيمة *** يروح بها هذا الزمان ويغتدى

 

الحق الثاني من حقوق نبينا علينا: أن نحقق محبته اعتقاداً وقولاً وعملاً، ونقدمها على محبة النفس والولد والناس أجمعين، قال الله -تعالى-: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)[التوبة: 24].

 

يقول القاضي عياض -رحمه الله تعالى- عن هذه الآية: "فكفى بهذا حضاً وتنبيهاً ودلالة وحجةً على إلزام محبته، ووجوب فرضها وعِظم خطرها، واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم، إذ قرّع سبحانه من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله ورسوله وأوعدهم بقوله تعالى:  (فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ)ثم فسَّقهم بتمام الآية، وأعلمهم أنهم ممن ضل، ولم يهده الله.

 

وعن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"[رواه البخاري ومسلم].

 

ورويا أيضاً عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان" وذكر منها: "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما".

 

ولقد ضرب الصحابة -رضي الله عنهم- أروع الأمثلة في صدق وتمام المحبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول للعباس: "أن تُسلم أحب إليّ من أن يسلم الخطاب؛ لأن ذلك أحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

 

وسُئل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "كيف كان حبكم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: "كان والله أحب إلينا من أموالنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ".

 

وكان عمرو بن العاص -رضي الله عنه- يقول: "ما كان أحد أحبّ إليّ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا أجلّ في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت؛ لأني لم أكن أملأ عيني منه".

 

أيها المسلمون: ولو سألت أي أحدٍ من أبناء هذه الأمة عن حبه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لأجابك بنعم، وقد يغضب عليك لو قلت له بأنك لا تحب رسول الله.

 

لكن -كما يقال- لكل شيء علامات، فلا شك بأن محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم - كذلك لها علامات.

 

وسأعرض لكم بعض العلامات التي لو توفرت في أحد منا، لكان ذلك دليلاً على محبته للرسول -صلى الله عليه وسلم- اعتقاداً وقولاً وعملاً، لا قولاً فقط.

 

وكل فرد منا يقيس نفسه بعد ذلك بحسب قربه وبعده من هذه العلامات.

 

فمن هذه العلامات: كثرة ذكره له؛ فمن أحب شيئاً أكثر ذكره، فهل أنت تكثر من ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، في قيامك وقعودك، في دخولك وخروجك، في بيعك وشرائك، في سفرك وحال إقامتك، أم يمر عليك الساعات الطوال من يومك وليلتك وأنت لا تذكره ولا تتذكره؟.

 

فقط، تقول:صلى الله عليه وسلم، إذا سمعت حديثاً أو ذكر اسمه في مناسبة تذكرته، هذا لا يليق بك -يا عبد الله-، أن تذكر وتتذكر غيره أكثر منه، وأنت تزعم أنك تحبه أكثر من غيره؟

 

ومن علامات محبته أيضاً:كثرة شوقك إلى لقائه، فكل حبيب يحب لقاء حبيبه، فهل كلما تذكرته خفق قلبك شوقاً إلى لقائه، وزادت نبضات قلبك كما يخفق قلبك عند ملاقاة عزيز عليك، أم هي دعوى أكثر من أن تكون واقعاً؟

 

ومن علامات محبته أيضاً -أيها الإخوة المؤمنون- محبة المهاجرين والأنصار، وسائر الصحابة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يحبهم، فمن أحب أحداً أحب من يحبه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحسن والحسين: "اللهم إني أُحبهما فأحِبهما".

 

وكذلك بغض من أبغض الصحابة أو سبهم أو نال منهم، من الرافضة وغيرهم؛ فمن رأيناه يتعاون معهم، ويقيم علاقات معهم، فهذا لم يبغضهم، وكل هذا منافٍ لمحبة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

 

ومن علامات محبته أيضاً: الشفقة على أمته، والنصح لهم، والسعي في مصالحهم، ورفع المضار عنهم، كما كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمؤمنين رؤوف رحيم.

 

فاسأل نفسك -يا عبد الله- يا من تدعي محبة رسول الله، هل أنت تشفق على أمته، وتنصح لها وتسعى في مصالحها، ورفع الضر عنها، ويسوءك ما يسوء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أم أنت لا تدري ما يحصل للمسلمين حتى في البلد الذي تعيش فيه، ولا تشفق، ولا تسعى إلا في مصالح نفسك؟.

 

المُحب للنبي -صلى الله عليه وسلم- يشفق على أمته، المدعى حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- يسعى في تحقيق ما كان يسعى الرسول -صلى الله عليه وسلم- لتحقيقه، نحن لا نريد منك -يا أخي- أن تكون سفارة في كل بقعة من العالم فيها مسلمون، لكن نريد منك أن تبذل فقط ربع ما عندك من طاقة، وربع ما في استطاعتك في خدمة المسلمين فقط.

 

مع أن الله -عز وجل- سوف يحاسبك، وهذا أمر لابد أن تعلمه جيداً، بأنك سوف تحاسب على كل طاقة أُعطيتها، وكل نعمة وُهبتها، ولم تستعملها في طاعة الله، والبذل في سبيل دينه، ووالله الذي لا إله إلا هو لو بذل المسلمون أقل ما في وسع كل واحد منهم للإسلام، لتغيّر واقع الدنيا، لكن المصيبة أن المسلمين بخلوا حتى على أنفسهم، وبخلوا عن نفع دينهم ودنياهم.

 

فمتى يفيقوا من غفلتهم، ومتى تتحرك هممهم؟.

 

أيها الإخوة المؤمنون: إن هناك من البلاد والتي ليست بعيدة عن هذه البلاد، يحصل فيها من الظلم والاضطهاد، بل حتى التقتيل والإيذاء، في الأبدان والأعراض للمسلمين ما الله به عليم، لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، وهؤلاء الضعفاء من المسلمين يصرخون ليل نهار، ويطلبون النُصْرة والمساعدة منكم ومن غيركم.

 

فاسأل نفسك يا من تدعي محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ماذا قدمت لهؤلاء المنكوبين المعذبين؟ ماذا قدمت لهؤلاء الضعفة من النساء والولدان والشيوخ والعجائز؟

 

إن كونك مسلماً فقط، هذا يوجب عليك وجوباً أن تقدم النصرة والمساعدة لهم.

 

أيها المسلمون: إن الدنيا لا تبقى على حال، والأوضاع لا يمكن لها أن تستمر على وتيرة واحدة، ومن يعيش في أمن ورخاء واستقرار اليوم، ربما يعيش في خوف وفقر وجوع واضطراب في الغد، ومن أعطاه الله الملك اليوم ربما يُنزع منه ملكه في الغد.

 

(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[آل عمران: 26].

 

أخشى أن يتبدل حالنا من أمن ونعمة وملك، إلى خوف ونقمة وزوال، فنصير نحن نطلب العون والمساعدة، ونطلب النصرة من إخواننا المسلمين في كل مكان، فلا يمد لنا أحداً يده، والعاقل لا بد له أن يضع كل احتمال في باله.

 

أيها الإخوة المسلمون: قد يسأل بعضنا وكيف نساعدهم؟ وبماذا نساعدهم؟ وماذا أقدم لهم؟.

 

بإمكانك أن تقدم لهم الكثير: الدعاء.

 

وأيضا: لو أخذت على نفسك أن تقطع من مرتبك ودخلك الشهري، مبلغ خمسون ريال، نحن لا نقول ألف ريال، فقط خمسون ريال، مبلغ زهيد جداً بالنسبة للأحوال والنعمة التي نعيشها.

 

كم من نفس منفوسة، سوف تسد حاجتها وتسد رمقها، وتفرج كُربها؟

 

عود نفسك -يا أخي- على فعل الخير، وبذل الخير، ولو بشيء يسير لكنه متواصل، شارك المسلمين في همومهم ومصائبهم.

 

ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن امرأة بغية دخلت الجنة في كلب، كان عطشاناً فسقته"في كل كبد رطبة أجر".

 

وأخبرعليه الصلاة والسلامعن "امرأة دخلت النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض".

 

فتأمل وقف -أخي المسلم- مع هذين الحديثين، ثم تأمل وانظر في واقعك وتفاعلك مع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

 

امرأة تدخل النار في هرة، وأخرى باغية زانية تدخل الجنة في كلب.

 

وألوف مؤلفة من المسلمين يموتون جوعاً وعطشاً، ثم لا يتحرك قلبك كما تحرك قلب تلك المرأة على الكلب.

 

إن ادعاء محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- له مظاهر -كما قلت-، وهذا أحدها، فنسأل الله -عز وجل- أن يبصرنا بواقعنا، ويفتح قلوبنا لغيرنا، وأن يستعملنا -عز وجل- في طاعته.

 

كما نسأله سبحانه وتعالى أن لا يغير حالنا إلا إلى أفضل منه، وأن يبقى علينا نعمة الإيمان والأمان.

 

كما نسأله عز وجل، أن يفرج هموم المسلمين في كل مكان، وينفس عنهم، وأن يظهر دينه، ويعلي كلمته، إنه ولي ذلك، والقادر عليه.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله...

 

أما بعد:

 

ومن أهم وأكثر علامات محبته صلى الله عليه وسلم: متابعته والاقتداء به، يقول القاضي عياض -رحمه الله تعالى-: "اعلم أن من أحب شيئاً آثره وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقاً في حبه، وكان مُدّعياً، فالصادق في حب النبي -صلى الله عليه وسلم-، من تظهر علامة ذلك عليه، وأولها الاقتداء به، واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، والتأدب بآدابه في عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وشاهد هذا قوله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ)[آل عمران: 31].

 

تعصي الإله وأنت تزعم حبه *** هذا لعمري في القياس شنيع

لو كان حبك صادقاً لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع

 

فلا داعي أن تسأل أحداً هل أنت تحب رسول الله؟

 

فقط انظر في متابعته له والاقتداء به، وتطبيق السنة على نفسه، يتبين لك المُحب من نصف المحب منه ومع المحب من المُدعي فقط.

 

اللهم ارزقنا حب نبيك اعتقاداً وقولاً وعملاً.

 

اللهم اجعل حب نبينا أحب إلى قلوبنا من الماء البارد على الظمأ.

 

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها...

 

اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، أن تعز هذا الدين بعز عزيز، أو ذل ذليل، عزاً تعز به الإسلام وأهله، وذلاً تذل به الكفر وأهله.

 

اللهم أقم علم الجهاد، واقمع...

 

 

المرفقات

رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات