عناصر الخطبة
1/ اعتياد كثير من الناس السفر في الإجازة 2/ الصبر على السفر وعدم الصبر على الطاعات 3/ التحذير من الإنفاق في المحرمات 4/ محرمات في الأسفار 5/ آثار قرار فتح فصول القرآن 6/ بغض العلمانيين لانتشار شعائر الدين.اقتباس
هذا الصبر على الانتظار في صالات المطارات، وفي الطائرات، وعلى تتابع الرحلات، هل يقابله بذل فيما يرضي الله؟!، هذا السخاء، هذه الآلاف هل يقابلها مئات من للنجاة من النار؟! هل تقابلها مئات يستظل بها العبد يوم القيامة؟! وقد ورد في الحديث أن العبد يكون في ظل صدقته يوم القيامة. هذا الصبر على مشقة السفر هل يقابله صبر على مشقة الطاعة؟ هل يقابله صبر على المحافظة على الصلاة، أما أنهم إذا سافروا ضيعوا الصلاة، ثم ينامون ولا يستيقظون إلا المغرب، صبر عجيب لأجل المتع واللذات، وتكاسل غريب عن السنن والواجبات...
الخطبة الأولى:
الحمد لله العليم الحكيم العلي العظيم خلق كل شيء فقدره تقديرًا، وأحكم شرائعه ببالغ حكمته بيان للحق وتبصيرًا؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، البشير النذير صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المآب والمصير وسلم تسليما.
أما بعد: عباد الله أيها المسلمون: اعتاد كثير من الناس السفر في الإجازة، بل أصبح السفر ضرورة من الضرورات، ومن لم يسافر لم يعرف للإجازة طعمًا عند البعض، بل أصبح السفر علامة من علامات التحضر والرقي في زمان اختلفت فيه المفاهيم، فأنت إذا لم تسافر تعيش في العصور المظلمة وتحرم نفسك المتعة.
لذا نرى الكثيرين يعدون العدة للسفر قبل الإجازة بوقت يرصدون الأموال ويحجزون المقاعد في الطائرات، والغرف في الفنادق، ويسألون السابقين لهم عن الدول التي يحسن الذهاب إليها وعن الأماكن الجميلة فيها وعن الأماكن التي يتقى الذهاب إليها.
وبغضّ النظر عن حكم هذا السفر، هذا الاستعداد، وهذا البذل، وهذا الصبر على الانتظار في صالات المطارات وفي الطائرات وعلى تتابع الرحلات هل يقابله بذل فيما يرضي الله؟!، هذا السخاء، هذه الآلاف هل يقابلها مئات من للنجاة من النار؟!
وقد قال عليه الصلاة والسلام: "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، هل تقابلها مئات يستظل بها العبد يوم القيامة؟! وقد ورد في الحديث أن العبد يكون في ظل صدقته يوم القيامة.
هذا الصبر على مشقة السفر هل يقابله صبر على مشقة الطاعة؟ هل يقابله صبر على المحافظة على الصلاة، وقد قال الله -جل وعلا-: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) [طه: 123].
أما أنهم إذا سافروا ضيعوا الصلاة، ثم ينامون ولا يستيقظون إلا المغرب، صبر عجيب لأجل المتع واللذات، وتكاسل غريب عن السنن والواجبات، بعضهم في رمضان كان يصلي على كرسي وبعد رمضان ما ترك منتزهًا ولا غابة ولا حديقة إلا دخلها لما سافر.
وهل تصبر المرأة على الحجاب في تلك البلاد، أم أنها تلقي الحجاب بحجة أن الحجاب يلفت الأنظار لها! ولماذا تسافرين لبلاد تصبحين فيها غريبة بحجابك؟ وما هي الرسالة التي يوجهها الوالدان لأولادهم بهذه التصرفات؟!
إنها رسالة التمرد على الله، رسالة تقول: لبلادنا رب، ولغيرها من البلاد ربّ آخر، النبي -صلى الله عليه وسلم- فيقول: "اتق الله حيثما كنت" حيثما كنت.
ولو لزمت المرأة الحجاب يكفي الأولاد ما يراه من منكرات وتفسخ وفساد وعري في تلك البلاد، حينها تألف نفوسهم المنكر، وتقل غَيْرتهم على حرمات الله، وهذا أمر مشاهد معلوم، وقديمًا قالوا: "كثرة المساس تبطل الإحساس".
كم من الشباب الذين كانوا يستعظمون دخول الكنائس، فلما سافروا دخلوا الكنائس، وقرءوا الإنجيل، ومنهم من دخل النصرانية، نقول هذا لأن الناس صاروا يسافرون بأولادهم إلى بلاد الكفر أو بلاد إسلامية لا تعرف من الإسلام إلا القليل.
فقد خطا بهم الشيطان خطوات، فالسفر كان إلى دول عربية، ثم إلى دول إسلامية حتى وصل الأمر بالسفر إلى بلاد الكفر، إلى بلاد يعاشر الرجل المرأة علانية أمام الناس، وإذا قلت بتحريم هذا السفر فأنت معقد ومتشدد.
وكان الرجل يسافر لوحده أو مع أصحابه، ثم صار يسافر بزوجته، ثم صار يسافر بشباب أغرار وبنات صغيرات أبكار ليلبسن البناطيل، وينثرن الشعر، ويلعبن على شواطئ بلاد الغرب، فلا رقيب إلا الله، وقد اتخذوه ورائهم ظهريًّا!!
وسافر بعضهم ملتزمًا بالآداب الشرعية في بداية الأمر، ثم طال عليه الأمد وقسا قلبه، وتخلى عن دينه في تلك البلاد، وسافر بعضهم للسياحة، ثم صار يسافر للحرام بعد أن رأى من المناظر ما لا صبر له عليه، وهذه خطوات الشيطان يسير بالإنسان من معصية إلى معصية، يقول للإنسان: سافِرْ لترى الحدائق الغنّاء والأبراج العالية والمياه التي تنبع من قمم الجبال، فإذا سافر ورأى النساء العاريات في الشوارع وعلى الشواطئ دعاه للفاحشة وقال له "إن الله غفور رحيم" تتوب ويتوب الله عليك، والمعصوم من عصمه الله يوم قال: (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) [البقرة: 168].
عباد الله يسافرون هربًا من الحر كما يقولون، يهربون من حر شمس الدنيا، فهل تذكروا حر نار وقودها الناس والحجارة، فشدة الحر من فيح جهنم كما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "ناركم هذه فُضلت عليها نار الدنيا بتسعة وستين جزءًا كلهن مثل حرها".
عباد الله: أشرف الأسفار أن يسافر القلب إلى الله الواحد القهار، أن يسير القلب إلى الملك الديان، وإن كان مقيمًا في البلدان.
إذا كان حب الهائمين من الورى *** بليلى وسلمى يسلب اللب والعقلا
فماذا عسى أن يفعل الهائم الذي *** سرت روحه شوقا إلى العالم الأعلى؟!
ولنتذكر أننا جميعًا على طريق سفر، فنحن مسافرون وسائرون إلى الله لا ندري متى نصل فلنتزود لسفر طويل بين ثنايا التراب لا يعلم مدتها، ولا يدري منتهاه إلا الله بزاد من التقى فهو خير الزاد.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) [البقرة: 208]، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بهدي سيد المرسلين أقول قولي هذا وأستغفر الله إنه كان غفورا رحيما.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
معاشر المسلمين: الهجوم الليبرالي الممنهج على قرار فتح فصول لتحفيظ القرآن الكريم في مدارس التعليم العام ليس مستغربًا، لكنه يبين ويؤكد أن العداء الذي نصبوه من سنوات ليس لأشخاص وإنما للدين، هم يكرهون ويرفضون كل ما يحافظ عل هوية المجتمع المتدين المحافظ، من قرأ ما كتبوه يجد أنهم بكل جرأة يرون أن هذا القرار يرجع بالتعليم إلى الوراء والسبب: لأنه يضعف الاهتمام بالمواد العلمية.
أما لو أن القرار قضى بفتح فصول الموسيقى لكان رقيًّا بالتعليم، لو أن القرار قضى بإقرار التربية البدنية للبنات أو إقرار مادة للثقافة الجنسية لصفقوا له بالليل والنهار.
أما فتح فصول لتحفيظ القرآن فيهوي بالتعليم ويدعم الإرهاب! هذه التهمة التي صاروا يرفعونها أمام كل عمل يقود الشباب إلى طريق الصلاح، وأمام كل قرار يحافظ على المجتمع من الانفلات.
مدارس التحفيظ، حلقات التحفيظ، الهيئة، الدروس والمحاضرات، أوجدت الإرهاب، أما التطاول على الدين وعلى الله وعلى رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وحتى إسرائيل لا دخل لها في وجود الإرهاب!! قاتلكم الله.
لقد ظهر ما في قلوبهم من كْره لكل ما له صلة بالدين، وظهر أن المعركة بينهم وبين المجتمع هي معركة الطهر والعفاف، ولكن نقول: موتوا بغيظكم، فالدين لله وهو ناصره والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير الورى امتثالاً لأمره جل وعلا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على عبدك ونبيك محمد وارض الله عن الصحابة والتابعين وتابع التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك المجاهدين، واجعل هذا البلد آمنا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم انصر من نصر الدين، اللهم انصر من نصر الدين، اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل الدين، اللهم هيئ لهذه الأمة أمرًا رشيدًا يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر يا قوي يا قادر.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادة الصالحين.
اللهم أصلح شباب المسلمين، اللهم أصلح نساء المسلمين، اللهم أصلح شيب المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين عامة، اللهم أبدل هذه الحال بحال خيرا منها، اللهم أرنا عز الإسلام قبل الممات.
اللهم أعنا ولا تعن علينا وانصرنا ولا تنصر علينا وامكر لنا، ولا تمكر علينا، واهدنا ويسر الهدى لنا، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا، وإذا أردت بعبادك فتنة فتوفنا غير مفتونين.
نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، اللهم ارحمهم كما ربيانا صغارا، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم صلّ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم