لزوم جماعة المسلمين

عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
1/ الحج مدرسة تربوية 2/ حجة الوداع وتعليم النبي الكريم الناس فيها أعمال الحج وأصول الدين وآدابه 3/ خُطَب النبي الكريم في حجة الوداع وتأكيده فيها على لزوم جماعة المسلمين ومراعاة حرماتهم 4/ ضرورات مطلوبة لمن يلزم جماعة المسلمين ويراعي حرماتهم

اقتباس

وكان من أعظم ما قرر النبي -صلى الله عليه وسلم- في خُطَبِهِ في حجة الوداع الحذر من التعرض لدماء المسلمين أو أموالهم أو أعراضهم، وقد أكّد على ذلك -صلوات الله وسلامه عليه- غير مرة، وفي غير أسلوب، ومن ذلك أنه جاء في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما... قال: ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما زاغت الشّمس أتى بطن الوادي ثم خطب الناس، وقال في خطبته: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا".

 

 

 

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيّه وخليله، وأمينه على وحيه، ومبلغ الناس شرعه، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد: معاشر المؤمنينَ عبادَ اللهِ، أوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فإن من اتقى الله وقاه، وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه.

معاشرَ المؤمنين: لقد ودَّع المؤمنون في الأيام القريبة الماضية موسما فاضلا كريما، ووقتا مباركا عظيما، ألا وهو موسم حج بيت الله الحرام، ذلكم الموسم العظيم الذي يتوافد فيه المؤمنون من أنحاء الأرض وأرجاء المعمورة، ميممين بيت الله العتيق؛ يرجون رحمته، ويخافون عذابه، ويلبون نداءه، مرددين: لبيك اللهم لبيك!.

عباد الله: إن موسم الحج موسم فاضل كريم يتربى فيه المؤمنون على كل فضيلة وخير، ويتزودون فيه بخير زاد، والله -جل وعلا- قد قال لعباده في أثناء آية الحج: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة:197].

ولهذا -عباد الله-كان متأكَّداً على كل مؤمن أن يحرص على الاستفادة من مشاعر الحجّ وأعماله، سواء حج أو لم يحج؛ لأن الحجّ مدرسة إيمانية يتربى فيها المؤمنون على الأخلاق الفاضلة، والعبادات الكاملة، وحسن التقرب إلى الله -جل وعلا-، والبعد عن مساخطه ومناهيه.

فالواجب -عبادَ الله- أن يتربى المؤمنون في هذه المدرسة على كل فضيلة؛ ولهذا -أيضا- كان متأكدا على الدعاة إلى الله ومن يُعنون بالنصيحة لعباد الله أن ينتهزوا هذه الفرصة المباركة الثمينة لغرس الفضائل، ونشر الآداب، ودعوة النّاس إلى الكمال بالإخلاص للمعبود، والمتابعة لرسول صلوات الله وسلامه عليه.

عباد الله: وقد حجّ رسولنا وقدوتنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الحجة المشهورة بحجة الوداع، تلك الحجة العظيمة التي علَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمّة أعمال الحج ومناسكه، وفي الوقت نفسه قرّر فيها قواعد الدين العظيمة، وأصوله الكاملة، وآدابه الكريمة؛ وحذّر فيها من المحرمات والآثام، ودعا فيها إلى لزوم تقوى الله -جل وعلا-.

ولهذا -عباد الله- جاء في السنة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس يوم عرفة وخطب الناس يوم النحر، وخطب الناس في أوساط أيام التشريق؛ وفي خُطَبِه تلك كان يؤكّد -عليه الصلاة والسلام- على لزوم الدّين، والتمسك به، والتحلّي بآدابه الفاضلة، وأخلاقه الكريمة، وآدابه العظيمة، والتّمسك بعقائده وشرائعه؛ وقد جاء في هذا الباب أحاديث عظيمة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

عباد الله: وكان من أعظم ما قرر النبي -صلى الله عليه وسلم- في خُطَبِهِ في حجة الوداع الحذر من التعرض لدماء المسلمين أو أموالهم أو أعراضهم، وقد أكّد على ذلك -صلوات الله وسلامه عليه- غير مرة، وفي غير أسلوب، ومن ذلك أنه جاء في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عندما ذكر سياق حجّة النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما زاغت الشّمس أتى بطن الوادي ثم خطب الناس، وقال في خطبته: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا".

وفي اليوم الذي يلي يوم عرفة، وهو يوم النحر، خطب -صلوات الله وسلامه عليه- الناس خطبة عظيمة، وقد جاء ذكر هذه الخطبة في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من كتب السنة من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وغيره من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام-.

وقال في خطبته يوم النحر: "أيها الناس، أي يوم هذا؟" قالوا: يوم حرام، قال: "أيّ شهر هذا؟" قالوا: شهر حرام، قال: "أيّ بلد هذا؟"، قالوا: بلد حرام، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة بلدكم هذا، في يومكم هذا، في شهركم هذا".

ورفع رأسه أي إلى السماء وقال: "اللهم هل بلَّغْتُ؟ اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد" فكرر ذلك -صلوات الله وسلامه عليه-. فانظر -أيها المؤمن- هذا التأكيد العظيم بهذا الأمر العظيم في يوم عرفة وفي يوم النحر: "إنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهر كم هذا، في بلدكم هذا".

وجاء في الصحيح من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر: "استنصت الناس (أي: اطلب منهم أن ينصتوا وأن يصغوا)، ثم قال-عليه الصلاة والسلام-: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".

لقد أكد على هذه المسألة العظيمة وهي الحذر من دماء المسلمين والتعرّض لرقابهم والاعتداء عليهم: "لا ترجعوا بعدي كفارا"، وسمّى -صلوات الله وسلامه عليه- هذا العمل كفرا كما في قوله في الحديث الآخر: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"، وهو ليس بالكفر الناقل من الملة، إلا أنه عمل ليس من خصال الإيمان، وإنما هو من خصال الكفر وأعمال الكافرين؛ ولهذا سماه صلوات الله وسلامه عليه كفرا، فقال: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".

وأكّد على هذه القضية مرات وكرات، ومن تأكيده عليها ما جاء عنه في حجّة الوداع من حديث فضالة ابن عبيد في مسند الإمام أحمد وغيره قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب الناس في حجة الوداع فقال: "ألا أخبركم بالمؤمن؟ ألا أخبركم بالمؤمن؟ المؤمن مَن أمِنَهُ الناس على دمائهم وأموالهم، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهاه الله عنه، والمجاهد مَن جاهد نفسه في سبيل الله أو في طاعة الله".

وتأمّل تحقيق الإيمان وتكميل الإسلام بأي شيء يكون! وتأمل أيضا -في الوقت نفسه- في حال مَن بسط يده في دماء المسلمين قتلا وعدوانا وبغيا وبهتانا، أين هو من تحقيق الإيمان؟ وأين هو من تحقيق الإسلام الذي دعا إليه النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-؟.

ومن تأكيده على هذه القضية في الحج ما رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد أصحابه وهو سلمة بن قيس الأشجعيّ -رضي الله عنه- قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب الناس في الحج فقال: "ألا إنما هن أربع (أي: خلال عظيمة وخصال كبيرة يجب على أمة الإسلام أن يحذروا منها؛ وبدأ بهذا الأسلوب تنبيها للأمة وتأكيدا على خطر الأمر وعظم خطره)، ألا إنما هن أربع فاحذروها يا أمة الإسلام: لا تشركوا بالله شيئا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا، ولا تزنوا".

نصح أمته -صلوات الله وسلامه عليه-، وبين في هذا الحديث العظيم هذه الكبائر العظام، والآثام الجسيمة، فهي أخطر ما يكون: الشرك بالله، وقتل الأنفس المعصومة، والاعتداء على الأعراض المحترمة، والاعتداء على الأموال المحترمة؛ وحذر من ذلك صلوات الله وسلامه عليه أشد التحذير. وقد جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- في هذا الباب في حجة الوداع وصايا عظيمة للتأكيد على هذا الأمر، وبيان أهميته، ولزوم مراعاته.

ثم -معاشر المؤمنين- إن هذا الأمر العظيم والعناية به لا بد فيه أولا من صلاح القلب، بأن يكون القلب يبتغي وجه الله، وفي الوقت نفسه أن يكون ناصحا لولاة أمر المسلمين وعامتهم، وفي الوقت نفسه -كذلك- لازما لجماعتهم، فإذا كان المرء بهذه الصفة تحققت فيه الخصال الكريمة، والخلال العظيمة، والآداب القويمة، وكان بعيدا -كل البعد- عن الاعتداء على الأموال وعلى الأنفس وعلى الأعراض.

ولعظم هذا المقام فقد أكّده -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع؛ فقد ثبت في الحديث عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس في مسجد الخيف في منى، وقال في خطبته: "نضَّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأدَّاها كما سمعها، فربما حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"، "ثلاثٌ لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لولاة أمر المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم".

وتأمل -رعاك الله- هذه الخصال الثلاث العظيمة: الإخلاص لله، والنصيحة لولاة الأمر، ولزوم الجماعة؛ وقد أخبر -صلوات الله وسلامه عليه- أن قلب المسلم لا يغِل على هذه الخصال، أي: لا يحمل غِلا، وإنما يحمل صفاء ونقاء، فهو في أعماله كلِّها يبتغي وجه الله -سبحانه وتعالى-، يريد بأعماله وجه الله، لا يريد رياء ولا سمعة، ولا يريد بأعماله حطام الدنيا.

ثم هو ناصح لولاة أمر المسلمين، ولازم لجماعتهم، وحريص كلَّ الحرص على ذلك بقلب طيب، ونفس مؤمنة، ورجاء لعظيم موعود الله تبارك وتعالى.

ولما كان هذا المقام -أعني استتباب الأمن وبقاء الدماء والأموال بدون أن تنتهك وتنال بأذى- يتطلب جماعة ويتطلب وحدة وصفاء بين أمة الإسلام، لما كان الأمر يتطلب ذلك، ولا جماعة للمسلمين إلا بإمام، نبه النبي -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع على أهمية السمع والطاعة لولاة الأمر، وأخبر -صلوات الله وسلامه عليه- أن ذلك من موجبات دخول الجنة، فعن أبي إمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: رأيت النبي يخطب الناس في حجّة الوداع فقال -عليه الصلاة والسلام-: "اتقوا ربكم، وصلُّوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة مالكم، وأطيعوا ذا أمركم، تدخلوا جنة ربكم".

فذكر -عليه الصلاة والسلام- موجبات دخول الجنة، وذكر منها السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين، وذلك -عباد الله- أن أمر المسلمين ومصالحهم لا يمكن أن تنتظم إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمام، ولا إمام إلا بسمع وطاعة؛ ولهذا أكّد النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك فقال: "وأطيعوا ذا أمركم"؛ لأن في ذلك مصلحةَ الأمة، وتمامَ خيرها، وحصول رفعتها، وبقاءَ هيبتها، وتحققَ مصالحها؛ أما إذا تفرّق الناس شذر مذر، وافتاتوا على ولاة أمرهم، وخرجوا عن جماعة المسلمين، تمزَّقَ صفُّهم، وتخلخلت وحدتهم، وحلَّ فيهم الضّعف والوهن.

ونسأل الله الكريم أن يوفقنا -معاشرَ أمَة محمد صلى الله عليه وسلم- باتِّباعه، ولزوم نهجه، والعمل بوصاياه الكريمة، ونصائحه القويمة، وإرشاداته السديدة، فهو القدوة والأسوة، صلوات الله وسلامه عليه؛ اللهم وفقنا لإتباع نبيك -عليه الصلاة والسلام-، ولزوم نهجه القويم، وصراطه المستقيم، إنك سميع الدعاء، وأنت أهل الرجاء، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله عظيم الإحسان، والفضل والجود والامتنان، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد: عباد الله: فاتقوا الله تعالى، واعلموا -رعاكم الله- أن تقوى الله -جل وعلا- وصية عظيمة؛ بل هي خير الوصايا وأعظمها.

وقد تكرّرت الوصية بها في آيات الحج، فقال الله -عز وجل- في أول آية من آيات الحج في سورة البقرة، قال في تمامها: (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [البقرة:196]، وفي الآية الأخيرة من آيات الحج قال الله تعالى: (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [البقرة:203]، وفي أثناء تلك الآيات قال تبارك وتعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة:197]، وقال عقب ذلك: (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى) [البقرة:203].

فتقوى الله -جل وعلا- هي خير وصية، وهي خير زاد يبلِّغ إلى رضوان الله، وهي العمل بطاعة الله، على نور من الله، رجاء ثواب الله؛ وترك معصية الله، على نور من الله، خيفةُ عقاب الله.

فاتقوا الله -عباد الله-، ولازموا تقواه في الغيب والشهادة، والسر والعلانية، واعلموا أن العاقبة للمتقين.

واعلموا -رعاكم الله- أن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدى هدى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلاله، وكل ضلالة في النار، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

وصلوا وسلموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]، وقال -صلى الله عليه وسلم- :"من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشرا".

وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- الحث من الإكثار من الصلاة والسلام عليه في ليلة الجمعة ويومها؛ ولهذا يقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: إني أحبُّ الصلاة على رسول الله في كل وقت وحين، وهو في يوم الجمعة وليلتها إليّ أحب. أو كما قال -رحمه الله-.

فصلوا وسلموا رعاكم الله على محمد بن عبد الله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد...

 

 

 

 

المرفقات

جماعة المسلمين1

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات