كن داعيا إلى الله -تعالى-

الشيخ خالد القرعاوي

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/الغاية من رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- الدعوة إلى الله 2/منزلة الدعوة إلى الله وبعض فضائلها 3/ضعف الدعوة إلى الله لدى بعض المتدينين 4/الإسلام منصور 5/سبل الدعوة وطرقها متعددة 6/صفات يجب أن يتحلى بها الدعاة إلى الله

اقتباس

أيُّها المُؤمِنُونَ: السَّعيُ إلى هِدَايَةِ الخَلقِ أنبَّلُ وَظِيفَةٍ، وَأَشْرَفُ عَمَلٍ، وَألَذُّ إنْجَازٍ وَأَهْنَئُهُ. فلا أَحدَ أَحسَنَ كَلامًا وَطَريقَةً وَحَالَةً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ، بِتَعلِيمِ الجَاهِلِينَ، وَوَعْظِ الغَافِلِينَ، وَمُجَادَلَةِ المُبطِلِينَ وَمَعَ دَعْوَتِهِ لِلْخَلْقِ بَادَرَ بِنَفْسِهِ بِامْتِثَالِ أَمْرِ رَبِّهِ، فَكَانَ مِنْ المُنْقَادِينَ لأَمْرِهِ، وَهَذِهِ المَرْتَبَةُ تَمَامُهَا لِلصِّدِّيقِينَ، كَمَا أَنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ، قَولاً مَنْ كَانَ مِنْ دُعَاةِ الضَّلالَةِ السَّالِكِينَ...

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ أَكرَمَنَا بِالإسلامِ، أَشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَعدَ الدُّعاةَ إليهِ ثَوَابَاً جَزِيلاً، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُه عَبْدَا وَنَبِيِّاً وَخَلِيلاً، دَعَا إلى اللهِ على بَصِيرةٍ، فَفَتَحَ اللهُ بِهِ القُلُوبَ، وَكَانَ بَشِيرَاً وَسِرَاجًا مُنِيرًا، فَصَلَوَات ربِّي وسلامُهُ عليه وآلِهِ وأَصحَابِهِ وأَتبَاعِهِ بِإحسَانٍ وإِيمَانٍ بُكرَةً وأَصِيلاً.

 

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقوا اللهَ -عِبادَ اللهِ- حَقَّ التَّقوى واجْعَلُوا التَّقْوَى شِعَارًا لَكُم ودِثَارًا.

 

يا مُسلِمُونَ: لَقَدْ أَرسَلَ اللهُ رَسولَهُ: (شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)[الأحزاب: 45-46]، فَرِسالتُه بَاقيَةٌ إلى يَومِ الدِّينِ، غَايتُها هِدَايَةُ الخَلقِ أَجمعينَ؛ كَمَا قَالَ رَبُّ العَالَمِينَ: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)[الأنبياء: 107]، فَبَلَّغَ صلى الله عليه وسلم رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَأَمَرَ المُسلِمينَ بِالسَّيرِ على نَهجِهِ، والدَّعوَةِ إلى دِينِهِ، فَقَالَ كَمَا في الصَّحِيحِ: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً".

 

وَمِنْ أَجَلِّ صِفَاتِ نَبِيِّنَا -صلى الله عليه وسلم-: أنَّهُ دَاعٍ إِلَى اللَّهِ -تَعَالَى- دَومَاً وَأبَدَاً، قَالَ جَلَّ وَعَلا: (قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ)[الرعد: 36].

 

وَقَدْ كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: "أَسْلِمْ"، فَنَظَرَ الغلامُ إِلَى أَبِيهِ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَهْوَ يَقُولُ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ".

 

أيُّها المُؤمِنُونَ: السَّعيُ إلى هِدَايَةِ الخَلقِ أنبَّلُ وَظِيفَةٍ وَأَشْرَفُ عَمَلٍ، وَألَذُّ إنْجَازٍ وَأَهْنَئُهُ، وقَدْ أَمَرَ اللهُ عمومَ المُسلِمينَ، فَقَالَ: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ)[آل عمران: 104]، فَكُلُّنا مَأمُورُونَ بالاقتدِاء بِالرسُولِ فِي الدَّعوةِ والعَمَلِ؛ كَمَا قَالَ رَبُّنا: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي)[يوسف: 108]، وَفِي زَمَنِنَا هَذا تَتَأَكَّدُ الدَّعوَةُ وَتَجِبُ عَلى كُلِّ فَرْدٍ مِنَّا كُلٌّ حَسْبَ قُدْرَتِهِ وَجَهْدِهِ.

 

أَيُّها المُؤمِنُونَ: إخراجُ أُنَّاسٍ مِنْ الكُفْرِ إلى الإسْلامِ، ومِنْ مَعَاصٍ وَعَمَى إلى استِقَامَةِ وهُدَى، خَيرُ الأَعمَالِ وَأثْقَلُها فِي المِيزَانِ كَمَا قَالَ الْمَلِكُ الدَّيَّانُ: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[فصلت: 33]، قَالَ الشَّيخُ السَّعدِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "فَلا أَحدَ أَحسَنَ كَلامًا وَطَريقَةً وَحَالَةً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ، بِتَعلِيمِ الجَاهِلِينَ، وَوَعْظِ الغَافِلِينَ، وَمُجَادَلَةِ المُبطِلِينَ وَمَعَ دَعْوَتِهِ لِلْخَلْقِ بَادَرَ بِنَفْسِهِ بِامْتِثَالِ أَمْرِ رَبِّهِ، فَكَانَ مِنْ المُنْقَادِينَ لأَمْرِهِ، وَهَذِهِ المَرْتَبَةُ تَمَامُهَا لِلصِّدِّيقِينَ، كَمَا أَنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ، قَولاً مَنْ كَانَ مِنْ دُعَاةِ الضَّلالَةِ السَّالِكِينَ سَبِيلَهُ: (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)[الأنعام: 132].

 

رَوى الإمَامُ الصَّنْعَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- بِسَنَدِهِ أنَّ الحَسَنَ البَصْرِيَّ -رَحِمَهُ اللهُ- إذا تَلا قَولَ اللهِ: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ) قَالَ: "هَذا حَبِيبُ اللهِ، هَذا وَلِيُّ اللهِ، هَذا صَفْوَةُ اللهِ، هَذا خِيرَةُ اللهِ، هَذا أَحَبُّ أَهْلِ الأَرْضِ إلى اللهِ، أَجَابَ اللهَ فِي دَعوَتِهِ، وَدَعَا النَّاس وَعَمِلَ صَالِحًا فِي إِجَابَتِهِ: (وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[فصلت: 33].

يا الله يَا لَها مِنْ مَنْزَلَةٍ عَظِيمَةٍ أنْ تُوَفَّقَ لإصْلاحِ البَشَرِ وَتَوجِيهِهمْ.

 

أيُّها الأخُ المُبَارَكُ: أَبْشِر فَكُلُّ عَمَلٍ دَعَوِيٍّ تَقُومُ بِهِ أو تُشَارِكُ فِيهِ بِنَفْسِكَ أو مَالِكَ، فَلَكَ مِنْه نَصِيبٌ وَافِرٌ؛ ففِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا".

 

فَيَا عبدَ اللهِ: إسلامُ رَجُلٍ واحِدٍ، واهتِدَاؤه بِسَبَبِ دَعوتِكَ وَنَصِيحَتِكَ خَيرٌ لَكَ مِنْ أَنْفَسِ الأَموَالِ وَأَغْلاها، يَقُولُ رَسُولُ الهُدى -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "فوَاللهِ، لأَنْ يَهدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيرٌ لَكَ مِن حُمْرِ النَّعَم" أتَدْرِي ما حُمْرِ النَّعَم؟

إنَّها الإبِلُ الحُمْرُ، إنَّهَا أَنْفَسُ أَمْوَالِ العَرَبِ.

 

أيُّها المُؤمِنونَ: مَعَ الأَسَفِ الشَّدِيدِ: العَطَاءُ لِلدِّينِ، والبَذْلُ لِنَشْرِهِ قَدْ خَفَّ فِي نُفُوسِ بَعْضِنَا، بَلْ حَتى فِي صُفُوفِ بَعْضِ الْمُتَدَيِّنِينَ؛ فَعَدَدُ الشَّبابِ ِالمُتَدَيِّنِ لا يَتَنَاسَبُ مَعَ مَا يُشاهَدُ مِنْ حَاجَةٍ وَتَقْصِيرٍ، وَصَدَقَ نَبِيُّنا -صلى الله عليه وسلم- حِينَ وَصَفَ حَالَنا، فَقَالَ: "إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ الْمِائَةُ لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً"(البخاريُّ)، فَالمَعَاذِيرُ كَثِيرَةٌ، والتَّلاوُمُ أكْثَرُ، وَتَحْمِيلُ الآخَرِينَ مَسْؤولِيَّةُ العَمَلِ بَابٌ يَطُولُ، وَيمْضِي عُمُرُكَ وَلَمْ نُقَدِّمْ للدِّينِ شَيئَاً.

 

جَعَلَنا اللهُ جَمِيعاً هُدَاةً مُهتَدِينَ غَيرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ، وَمِمَّن يَستَمِعُ القَولَ فَيَتَّبِعُ أحسَنَهُ.

 

أَقُولُ مَا سَمِعتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم ولِلمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍّ وَخَطِيئَةٍ، فَاستَغْفِرُوه وَتُوبُوا إِليه، إنَّه هُو الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحَمدُ لِلهِ البَرِّ الرَّحِيمِ، يَدْعُو إلى دَارِ السَّلامِ وَيهْدِي مَنْ يَشاءُ إلى صِراطٍ مُستَقِيمٍ، أَشهدُ أن إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ العَلِيُّ العَظِيمُ، وأَشهَدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدَاً عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ هَدَانَا لِدِينٍ قَويمٍ، وَخُلُقٍ كَرِيمٍ، اللهمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وَبَارِكْ عليهِ، وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحسَانٍ وإيمَانٍ على الدَّوامِ.

 

أمَّا بَعدُ: فاتَّقوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، وأَبْشِرُوا فَدِينُ اللهِ مَنصُورٌ وَقَادِمٌ، إيمَانَاً بِوعْدِ اللهِ القَائِلِ: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[الصف: 8-8].

 

أَمَا سَمِعْتُم بِشَارَةَ رَسُولِ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- لنَا إذْ يَقُولُ: "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ".

 

اللهُ أَكْبَرُ! هَنيئًا لِمَنْ وُفِّقَ لِخِدْمَةِ دِينِ اللهِ -تَعَالى-؟

 

أيُّها المُؤمِنُونَ: سُؤالٌ يُرَدِّدُهُ البَعْضُ، فَقَائِلٌ: أنَا لستَ مُتَخَصِّصَاً في الدَعوَةِ والإرشَادِ، وقَائِلٌ: أنَا لستُ خطِيبَاً فَيُسمَعُ لِي، وآخَرُ يَقُولُ: أَنَا لستُ مُؤلِّفًا فَيُقْرأُ لِي.

 

فَنَقُولُ لِهؤلاء الإخوَةِ وغَيرِهم مِمَّن عِندَّهُم حِرصٌ وَهَمُّ كَمَا قَالَ اللهُ -تَعَالى-: (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً)[الإسراء: 84]، فَمِن رَأفَةِ اللهِ بِنَا أنَّ سُبُلَ الدَّعوةِ وطُرُقَها متَنَوِّعَةٌ يَستَطِيعُها كُلٌّ مِنَّا، فَمُنَاصَحَةُ الأَفْرَادِ دَعْوَةٌ، وَتَوجِيهُ الأبْنَاءِ دَعْوةٌ، وَتوزيعُ كُتُبٍ، وَدَعْمُ سُبُلِ الخَيرِ والمَشَارِيعِ الدَّعَوِيَّةِ بِالمَالِ فَضِيلَةٌ وَقُرْبَةٌ وَدَعْوَةٌ، حَقَّاً؛ كَمَا قَالَ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: (لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[التوبة: 88].

 

أتَدْرِي -أخي الكَرِيمَ-: تَبَسُّمُكَ فِي وُجُوهِ الآخَرِينَ قُرْبَةٌ وَدَعْوَةٌ؛ فَإنْ كُنتَ لا تَستَطِيعُ ذَلِكَ: "فَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ"، فلا تَكُنْ مُنَفِّراً للآخَرِينُ عَنْ دِينِ اللهِ -تَعَالى- بِسُوءِ أخْلاقِكَ، أو بِظُلمِ عُمَّالِكَ.

 

أيُّها الحَرِيصُونَ على تَبْلِيغِ دِينِ اللهِ: عَلَيكُم بالصَّبْرِ الجَمِيلِ فَسُنَّةُ اللهِ قَضَت أنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ، فَلا تَضعُفْ عن النُّصْحِ وَلَو كَثُرَ الانْحِرَافُ، ولا تَيأَسْ وَلَو انْتَفَشَ البَاطِلُ، فَمَا عَليكَ إلاَّ البَلاغُ، وَأَكْثِروا الدُّعَاءَ لِلمَدْعُوِّينَ، ولازِمِوا الصَّبْرَ عَلى مَا تُلاقُونَ، فَالعَاقِبَةُ لِلصَّبْرِ والتَّقْوَى.

 

أيُّها الأَخْيَارُ: بَلَدُنا بِفَضْلِ اللهِ مُنطَلَقُ الدَّعوةِ والهُدَى؛ لِذا كَانَ لِزَامَاً عَلينا مُضاعَفَةُ الجُهُودِ والخُطى، وَطَريقُ الدَّعوةِ بِفَضْلِ اللهِ مُيَّسرٌ وَفَسِيحٌ لا قُيُودَ فِيهِ ولا أَغْلالٌ؛ مَتى مَا كَانَ وِفْقَ الضَّوابطِ الشَّرعِيَّةِ، والآدَابِ الْمَرعِيَّةِ، فَقُومُوا بِمَا أوجَبَ اللهُ عَليكُمْ بِقَولِهِ: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)[النحل: 125].

 

وَقَدْ هَيَّءَ اللهُ لَنَا المَكَاتِبَ الدَّعَوِيَّةَ المُتَنَوِّعَةَ، وَمِنْ أكثَرِهَا انْتِشَارَاً وَجُهْدَاً: المكَتَبُ التَّعَاوُنِيُّ للدَّعْوَةِ والإرْشَادِ وتَوعِيَةِ الجَالياتِ في عُنيزَة، والذي يَقُومُ عليهِ مُخْلِصُونَ، وسَتَرَونَ شَيئَاً مِنْ جُهُدِهِمْ بَعْدَ الصَّلاةِ -بإذنِ اللهِ- كَتَبَ اللهُ أجْرَهُمْ، وَبَارَكَ في جُهُودِهِمْ.

 

فاللهم اجعلنا هُدَاةً مُهتَدِينَ غَيرَ ضَالينَ ولا مُضلِّينَ، اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

 

اللهم أيِّد عبادك الصالحين والدُّعاة المُخلصين.

 

اللهم وآمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلهم هداة مهتدين.

 

واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك وأتبع رضاك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.

 

(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الأعراف: 23].

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].

 

(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].

 

المرفقات

كن داعيا إلى الله تعالى

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات