عناصر الخطبة
1/بداية العام الهجري وحكم التهنئة به 2/صيام يوم عاشوراء وسبب صيامه 3/بعض البدع والمخالفات التي يقع فيها أهل الزيغ والانحراف في يوم عاشوراء 4/تحريم المشاركة في مسيرات الشيعة في يوم عاشوراء بأي وسيلةاقتباس
يا أيها الناس: لقد ضل قوم في بعض ما ابتدعوا من أعمال في شهر محرم، وفي يوم عاشوراء بالذات. وقد اختلفت نظرة بعض الفرق له، فهذا اليوم له أهمية عند الشيعة، ففي هذا اليوم حصل مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب وأهل بيته ظلما، بعد....
الخطبة الأولى:
أما بعد: فيا أيها الناس: لقد جعل الله في تصرم الأيام والليالي عبرة وآية لكل معتبر، وأودع في أيام العام ولياليه خيرا كثيرا لمن تلمسها، وخلق كل شيء فقدره تقديرا، جل في علاه من إله عليم خبير.
ونحن في مستهل عام جديد، وفي شهر محرم قدر الله أن يكون هذا الشهر هو أول التاريخ الهجري، عندما استشار عمر بن الخطاب الخليفة الراشد الصحابة في أي يوم وشهر يبتدئ العام الهجري لتتم المراسلة به، اتفقوا على أن يكون الأول من محرم لأسباب رأوها، فأصبح الأول من شهر محرم هو أول يوم في العام الهجري، فكانت من عمل عمر فلا يتعلق بها أحكاما شرعية كالتهنئة بأول العام، إذ لم يكن ذلك على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمن هنأ غيره بالعام الهجري فقد تشبه بالنصارى الذين يعظمون بداية السنة الميلادية، وكذلك لا يتعلق بها طوي الصحف وبداية صحف جديدة، ونحو ذلك مما أحدثه الناس.
ولكن لا حرج في أن يتذكر المؤمن بنهاية كل عام هجري نهاية عمره، وأن يجد ويجتهد في بداية كل عام، ويجدد توبته وعمله لله، ونحو ذلك.
عباد الله: إن مما يتعلق بشهر الله المحرم من أحكام: صيام يوم عاشوراء الذي صامه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمر بصيامه، وبين الأجر المترتب على صيامه، حاثا بذلك الناس على الصوم، أخرج مسلم في صحيحه من حديث عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئِل عن صوم يوم عاشوراء، فقال: "يكفِّر السنةَ الماضية".
بل كان يصوم ويكثر الصيام في شهر محرم، أخرج مسلم في صحيحه من حديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهرُ الله المحرَّم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاةُ الليل".
من السُّنَّة صيام التاسع والعاشر: اخرج مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "حين صام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظِّمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "فإذا كان العام المُقبِل -إن شاء الله- صمنا اليوم التاسع" قال: فلم يأتِ العام المُقبِل حتى توفِّي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فالسنة صيام التاسع والعاشر، ومن عجز أو تكاسل فليصم العاشر فقط بلا كراهة.
عباد الله: ربما يتساءل البعض: لم نصوم يوم عاشوراء؟
والجواب: ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عن ابن عباس قال: "قَدِم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينةَ، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: "ما هذا؟" قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجَّى الله بني إسرائيل من عدوِّهم؛ فصامَه موسى، قال: "فأنا أحقُّ بموسى منكم" فصامه وأمَرَ بصيامِه.
وفيه عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: "كان يوم عاشوراء تعدُّه اليهود عيدًا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فصوموه أنتم".
ومن شأن هذا اليوم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصومه قبل النبوة، بل كانت قريش كلها تصومه، بل كان صيامه واجبا أول ما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فلما فرض رمضان، صار صيامه سنة.
وهذا يدل على عظمة هذا اليوم، كيف لا؟ وقد فقرق الله به بين الحق والباطل، فنصر موسى وقومه من طاغية البلاد في ذلك الزمن، الذي كان يقول: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)[النازعات: 24]، وأغرقه ومن معه جميعا، بلا قتال من موسى ومن معه، فكان من شكر موسى أن صام ذلك اليوم لله -تعالى-.
اللهم وفقنا للخيرات، وجنبنا المنكرات يا رب العالمين...
أقول قولي هذا...
الخطبة الثانية:
أما بعد: فيا أيها الناس: لقد ضل قوم في بعض ما ابتدعوا من أعمال في شهر محرم، وفي يوم عاشوراء بالذات، فحذاري من البدع، فخير الهدي هدي نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها.
وهذا اليوم اختلفت نظرة بعض الفرق له، فهذا اليوم له أهمية عند الشيعة، ففي هذا اليوم حصل مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب وأهل بيته ظلما، بعد حِصَار دام ثلاثة أيام منِعَ هو وأهل بيته من الماء، في العاشر من محرم سنة 61 للهجرة من قبل جيش يزيد بن معاوية.
وللذكرى عند الشيعة عموما، والاثني عشرية خصوصا، شعائر مبتدعة يقومون بها طيلة الأيام العشرة الأوائل من محرم، ومن بدعهم التي يقوم بها الشيعة الاثني عشرية، في جميع أنحاء العالم وخاصة في كربلاء: زيارة ضريح الحسين، وإضاءة الشموع، وقراءة قصة الإمام الحسين، والبكاء عند سماعها، واللطم تعبيراً عن حزنهم على الواقعة، والاستماع إلى قصائد عن المأساة والمواعظ عن كيفية استشهاد الحسين وأهل بيته، وتوزيع الماء للتذكير بعطش الحسين في صحراء كربلاء، وإشعال النار للدلالة على حرارة الصحراء.
ويقوم البعض بتمثيل الواقعة وما جرى بها من أحداث أدت إلى مقتل الحسين بن علي فيتم حمل السيوف والدروع. كما يقومون بتمثيل حادثة مقتل الحسين جماهيريا فيما يعرف بموكب الحسين. ويقوم البعض بالتطبير، أي إسالة الدم مواساة للحسين، كما يقوم البعض بضرب أنفسهم بالسلاسل.
وعند بعض المغاربة يسمون يوم عاشوراء بيوم "زمزم"، وفي هذا اليوم يقومون برش الماء على بعضهم البعض، وعلى مقتنياتهم تبركا. ويحاول التجار بيع كل بضائعهم. ويعقب عاشوراء "ليلة الشعالة" حيث يجتمعون حول نار وهم يرددون أهازيج، بعضها يحكي قصة مقتل الحسين، دون أن يشير إليه بالاسم، بل يسميه في كل المقاطع باسم "عاشور"، وتتخللها نياحة واهازيج أخرى، وتقدم الأسر الزكاة أو عشر أموالها التي دار عليها الحول للفقراء.
وعند بعض الجهلة من عامة الناس يرون أن من السنة التوسع في الانفاق على الأهل في يوم عاشوراء، ويستدلون بأحاديث مكذوبة.
كما أن الرافضة يرون كراهة صوم يوم عاشوراء، كما يفتي به علماؤهم.
ويعتقد البعض أن يوم عاشوراء وقعت فيه عدة أحداث على مر السنين، فمن ذلك: أن الكعبة كانت تُكسى قبل الإسلام في يوم عاشوراء، ثم صارت تُكسى في يوم النحر، وهو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، وهو اليوم الذي نجى الله فيه نوحا وأنزله من السفينة، وفيه أنقذ الله نبيه إبراهيم من نمرود، وفيه رد الله يوسف إلى يعقوب، وهو اليوم الذي أغرق الله فيه فرعون وجنوده ونجى موسى وبني إسرائيل، وفيه غفر الله لنبيه داود، وفيه وهب سليمان ملكه، وفيه أخرج نبي الله يونس من بطن الحوت، وفيه رفع الله عن أيوب البلاء، وهذه الأحداث كلها أنكرها علماء أهل السنة، وبينوا أنه لا تصح أي من هذه الروايات سوى فضل الصوم في هذا اليوم، وأن إظهار الفرح في هذا اليوم هو مذهب أعداء آل البيت، وأما إظهار الحزن فيه فهو مذهب الراوفض، وكلاهما غلو في هذه اليوم.
أيها المسلمون! يا أهل السنة: إن البعض يذهب ويحضر مسيرات الشيعة، ويتفرج عليهم، أو ينظر لها عبر النت، وكل هذا منكر يجب إنكاره، ولا يحل حضوره، ولا النظر إليه، فاحمدوا الله على العافية وسلامة العقيدة.
اللهم إنا نعوذ بك من البدع والإحداث في الدين...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم