في بيان ما يشرع في ختام الشهر

صالح بن فوزان الفوزان

2022-10-10 - 1444/03/14
عناصر الخطبة
1/توديع رمضان 2/خطر تكاسل الناس عن العبادة بعد رمضان 3/حال المؤمن والمنافق عند انتهاء رمضان 4/مشروعية التكبير ليلة العيد وصفة ذلك 5/حكم صدقة الفطر وحِكمِها وأحكامها وآدابها 6/حكم صلاة العيدين وآدابها 7/فضل إتباع صيام رمضان بست من شوال

اقتباس

المؤمنُ، يفرح بانتهاءِ الشهر؛ لأنَّه استكمله في العبادة والطاعة، فهو يرجو أجرَه وفضائله. والمنافقُ، يفرح بانتهاء الشهر، لينطلقَ إلى المعاصي والشهوات التي كان مسجونًا عنها في رمضان. ولذلك، فإن المؤمن يتبعُ شهرَ رمضان بالاستغفار، والتكبير، والعبادة، والمنافقَ يتبعُه بالمعاصي واللهو، وحفلات الغناء والمعازف، والطبول، فـ...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ لله الذي تتمُّ بنعمته الصالحات، جَعَلَ لكلِّ موجودٍ في هذه الدنيا زوالاً، ولكل مقيمٍ انتقالاً، ليعتبرَ بذلك أهلُ الإِيمان، فيبادروا بالأعمالِ، ما داموا في زمن الإِمهال، ولا يغترُّوا بطولِ الآمال.

وأشهَدُ أَنْ لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهَدُ أنّ محمدًا عبده ورسوله القائل: "بادروا بالأعمالِ" صلى الله عليه وعلى آلهِ وأصحابه خيرِ صحب وآل، وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد:

 

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وتفكَّروا في سرعةِ مرور الليالي والأيام، واعلَمُوا أنها تنقُصُ بمرورها أعمارُكم، وتُطْوَى بها صحائفُ أعمالكم، فبادروا بالتوبة والأعمال الصالحة قبل انقضاء الفرصة السائحة.

 

عباد الله: كنتم بالأمسِ القريب تستقبلون شهرَ رمضان المبارك، واليومَ تودِّعونه مرتحلاً عنكم بما أودعتموه، شاهدًا عليكم بما عملتموه؛ فهنيئًا لِمَنْ كان شاهدًا له عند الله بالخير، شافعًا له بدخولِ الجنة، والعتق من النار، وويلٌ لمن كان شاهدًا عليه بسوء صنيعهِ، شاكيًا إلى ربه من تفرِيطه فيه وتضييعه، فودِّعوا شهرَ الصيام والقيامِ بخير ختام، فإنَّ الأعمالَ بالخواتيم؛ فمن كان محسنًا في شهره فعليه بالإِتمام، ومن كان سيئًا فعليه بالتوبةِ، والعمل الصالح فيما بَقِيَ له من الأيام، فربما لا يعودُ عليه رمضانُ بعدَ هذا العام، فاختموه بخيرٍ، واستمرُّوا على مواصلةِ الأعمالِ الصالحة التي كنتم تؤدُّونها فيه في بقيةِ الشهور، فإنَّ ربَّ الشهور واحد، وهو مطَّلعٌ عليكم وشاهد، وقد أمرَكم بفعل الطاعات في جميع الأوقات، ومَنْ كان يعبُدُ شهر رمضان، فإنَّ شهرَ رمضان قد انقضى وفاتَ، ومَنْ كان يعبدُ الله، فإنَّ الله حيٌّ لا يموتُ، فليستمرَّ على عبادته في جميعِ أيام الحياة.

 

فإنَّ بعضَ الناس يتعبدون في شهر رمضان خاصةً، فيحافظون فيه على الصلوات في المساجد، ويُكثرون من تلاوة القرآن، ويتصدَّقون من أموالهم، فإذا انتهى رمضانُ تكاسَلُوا عن الطاعة، وربما تركوا الجمعةَ والجماعة، فهَدَمُوا ما بنَوه، ونقضُوا ما أبرموه، وكأنَّهم يظنون أنَّ اجتهادهم في رمضان يكفِّرُ عنهم ما يجري منهم في السَّنَة من القبائح والموبقاتِ، وتركِ الواجبات، وفعلِ المحرمات، ولم يعلَمُوا أنَّ تكفيرَ رمضان وغيره للسيئات، مقيَّدٌ باجتنابِ الكبائر والموبقات، قال تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) [النساء:31].

 

وقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الصلواتُ الخمسُ، والجمعةُ إلى الجمعةِ، ورمضانُ إلى رمضانَ، كَفَّارةٌ لما بينَهُنَّ، إذا اجتُنبت الكبائرُ".

 

وأيُّ كبيرةٍ بعدَ الشرك أعظمُ من إضاعة الصلاة، وقد صارت إضاعتها عادةً مألوفة عند بعض الناس؟

 

إنَّ اجتهادَ هؤلاء في رمضان لا ينفَعُهم شيئًا عند الله، إذا هم أتبعوه بالمعاصي من تركِ الواجبات، وفعلِ المحرمات.

 

وقد سُئِلَ بعضُ السلف عن قومٍ يجتهدون في شهر رمضان، فإذا انقضى ضيَّعُوا وأساؤوا، فقال: "بئسَ القومُ لا يعرِفُونَ الله إلا في رمضان".

 

نعم؛ لأن مَنْ عَرَفَ الله خَافَه في كُلِّ الزمان.

 

وبعضُ الناس قد يصومُ رمضان، ويصلي فيه، ويُظْهِرُ الخيرَ، ويترك المعاصي، لا إيمانًا واحتسابًا، وإنما يفعَلُ ذلك من باب المجاملة والمجاراة للمجتمع؛ لأنَّه يعتبرُ هذا من التقاليد الاجتماعية، وهذا هو النفاقُ الأكبر، فإن المنافقين كانوا يراؤون الناس فيما يتظاهرون به من العبادة.

 

وهذا يعتبرُ شهرَ رمضان سجنًا زمنيًا ينتظر انقضاءَه لينقَضَّ على المعاصي والمحرمات، يفرح بانقضاءِ رمضان لأجلِ الإِفراج عنه من سجنه.

 

رَوَى ابنُ خزيمة في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أظَلَّكُمْ شهرُكُم هذا بمَحْلُوفِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما مَرَّ بالمسلمين شهرٌ خيرٌ لهم منه، ولا مَرَّ بالمنافقين شهرٌ شرٌّ لهم منه، بمَحْلُوفِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. إنَّ الله ليكتُبُ أجرَه ونوافلَه قبل أن يُدْخِلَهُ، ويكتُبُ وزرَهُ وشقاءَه قبل أن يُدْخِلَهُ، وذلك أنَّ المؤمن يُعِدُّ فيه القوتَ والنفقة للعبادة. ويُعِدُّ فيه المنافقُ اتباعَ غَفَلاتِ المؤمنين واتباعَ عوراتِهم؛ فغُنْمٌ يغنَمُه المؤمنُ" الحديث.

 

والمؤمنُ، يفرح بانتهاءِ الشهر؛ لأنَّه استكمله في العبادة والطاعة، فهو يرجو أجرَه وفضائله.

 

والمنافقُ، يفرح بانتهاء الشهر، لينطلقَ إلى المعاصي والشهوات التي كان مسجونًا عنها في رمضان.

 

ولذلك، فإن المؤمن يتبعُ شهرَ رمضان بالاستغفار، والتكبير، والعبادة، والمنافقَ يتبعُه بالمعاصي واللهو، وحفلات الغناء والمعازف، والطبول، فَرَحاً بفراقِهِ.

 

عبادَ الله: لقد شَرَعَ الله لكم في ختام هذا الشهر: التكبيرُ في ليلة العيد، قال تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185].

 

وشَرَعَ لكم: صدقةَ الفطر؛ فهي واجبةٌ على الكبير والصغير، والذكر والأُنثى، والحُرِّ والعبد، ويستحَبُّ إخراجُها عن الحمل في البطن، وهي من غالب قوت البلد -تمرًا أو بُرّاً أو شَعيرًا أو زَبيبًا أو أقطًا ومقدارُها صاعٌ عن كل شخص- أي: ما يعادلُ ثلاثة كيلوات تقريبًا، ويُجزئُ عن هذه الخمسة كلُّ حبٍّ يقتاتُ في البلد؛ كالأرز والذُّرة والدُّخْنِ، ولا يجوزُ فيها إخراجُ الدراهم ولا تجزئُ؛ لأنَّ ذلك خلافُ السنة، فالنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أمرَ بإخراج الطعام وقدَّرَه بالصاعِ، فلا بُدَّ من التقيُّدِ بأمره -صلى الله عليه وسلم-.

 

قال الإِمام أحمد: "لا يعطي القيمة، قيل له: قومٌ يقولون: عمرُ بن عبد العزيز كان يأخُذُ بالقيمة، قال: يَدَعُون قولَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، ويقولُونَ: قال فلانٌ، فما دامَ في المسألة قولٌ للرسول فلا قولَ لأحدٍ".

 

ويُخرجُ الإِنسان صدقةَ الفطر عن نفسِه، وعمَّن يقومُ بنفقته.

 

ومَحَلُّ إخراجها، هو البلد الذي وافاه تمامُ الشهر وهو فيه، ومَنْ كان في بلد وعائلتُه في بلدٍ آخر، فإنه يُخرجُ فطرتَهم مع فطرته في البلد الذي هو فيه، وإن عمَّدهم يخرجون عنه وعنهم في بلدهم جاز، وإن أخرجَ عن نفسِه في بلده وأخرجوا عن أنفسِهم في بلدهم جاز.

 

والذين يُعْطَوْنَ صدقةَ الفطر، هم فقراءُ البلد الذين تَحِلُّ لهم زكاةُ المال، سواءٌ كانوا من أهلِ البلد أو من الفقراء القادمين عليه من بلدٍ آخر.

 

ولا يجوزُ نقل صدقة الفطر إلى بلدٍ آخر، بأنْ يُرسلَها إلى فقراءِ بلدٍ غير بلده، إلا إذا لم يوجد في بلده فقراءُ من المسلمين، فإنه يُرسلُها إلى فقراءِ أقربِ بلد إليه؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرَ بإخراجها إلى فقراء البلد الذي يفطرُ فيه الصائم ليلة العيد.

 

وقد نَصَّ على ذلك فقهاءُ المذاهبِ الأربعة: فقد نَصُّوا -رحمهم الله- على أنَّ على المسلم توزيعَهَا في البلد الذي وَجَبَت عليه فيه؛ فعَلَى هذا لا يجوزُ إرسالُها إلى فقراء الجهات الأخرى خارج المملكة، ومَنْ أراد أن يُساعدَ فقراء البلدان الأخرى، فليساعدْهم بغيرِ صدقة الفطر؛ لأنَّ صدقةَ الفطر عبادةٌ مقيدة بمكان وزمان، لا يجوزُ إخراجها عنهما.

 

وقد ذُكر لنا أنَّ قومًا يطلبون من الناس تقديم دراهم ليرسلوها إلى بلد آخر ليُشتري بها طعامٌ من هناك، ويوزَّعُ على الفقراء فيه، وهذا لا يجزئُ عن صدقةِ الفطر؛ لأن وقتَ إخراجها ليلَةُ العيد، بعد ثبوت الهلال إلى الخروج لصلاة العيد في البلد الذي وافاه تمام الشهر وهو فيه، والعبادات توقيفية لا يجوز التصرُّفُ فيها حسبَ الأهواء والآراء.

 

ومن فاته إخراجُها قبل صلاة العيد، فإنه يُخرجُها في بقية يوم العيد.

 

ومن فاته إخراجُها في يوم العيد، فإنه يخرجُها بعده قضاءً، ويجوز إخراجُها قبل العيد بيوم أو يومين ولا بُدَّ أنّ تُدفعَ في وقتِ الإِخراج إلى المستِحِقِّ أو إلى وكيله، ولا يكفي أن يجعلَها أمانةً عند شخصٍ ليس وكيلاً للمستحق.

 

ويجوزُ للفقير أن يُخرجَ فطرته مما أُعطي من الصدقاتِ، ويجوزُ دفعُ صدقة الجماعة إلى فقير واحد، ويجوزُ دفعُ صدقة الشخص الواحد إلى جماعةٍ من الفقراء.

 

والحكمةُ في صدقة الفطر: أَنَّها طهرةٌ للصائم من اللغو والرَّفَثِ، وطعمةٌ للمساكين وشكرٌ لله -تعالى- على إكمالِ الصيام.

 

فأدُّوها -رحمَكم الله- على الوجهِ المشروع طيبةً بها نفوسُكم من أوسطِ ما تُطعمون أهليكم: (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة:267-268].

 

ومن الحكمةِ في مشروعية صدقة الفطر: إغناءُ الفقراء عن السؤالِ في يوم العيد ليفرحوا مع المسلمين، ويتوسَّعُوا بها، ولذلك حُدِّدت بما يكفي الفقيرَ في هذا اليوم وهو الصاع، ومن الحكمةِ في تحديدها بالصاع أيضاً تيسيرُها على المتصدقِ حتى لا تُثْقلَه؛ لأنه قد لا يكونُ عنده سَعةٌ من المال، وهي واجبةٌ على عمومِ المسلمين لا على الأغنياءِ فقط.

 

ولعلَّ الحكمة في جعلِها طعاماً لا نقودًا أن يكون هذا أيسرَ للمحتاج؛ لأنه قد لا يجدُ في يوم العيد من بيع الطعام، ولأنَّ في جعلها طعامًا إظهارًا لها بين الناس، لأنَّها من الشعائر الظاهرةِ، ولو جُعلت نقودًا لكانت صدقةً خفية إلى غير ذلك من الحكم.

 

فاتَّقُوا الله -عبادَ الله- واعتنوا بإخراجها.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) [الأعلى:14-15].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الذي مَنَّ علينا بإكمال شهر الصيام، ووَفَّقَ مَنْ شاء فيه لاغتنام ما فيه من الخيراتِ العظام.

وأشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وهو ذو الفضل والإِنعام، وأشهَدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله، أفضلُ مَنْ صلَّى وصام، وعَبَدَ ربَّه واستقام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، وسلَّمَ تسليماً كثيراً.

 

أما بعدُ:

 

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- في سائر الليالي والأيام، فإنه رقيبٌ لا يغيب، قيومٌ لا ينام.

 

عبادَ الله: ومما شَرَعَهُ الله لكم في ختام هذا الشهر المبارك: أداءُ صلاة العيد، شُكرًا لله -تعالى- على أداءِ فريضة الصيام.

 

كما شَرَعَ الله: صلاةَ عيد الأضحى، شُكراً له على أداءِ فريضة الحج، فهُما عيد أهلِ الإِسلام، فقد صَحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه لَمَّا قَدِمَ المدينة وكان لأهلِها يومان يلعَبون فيهما، قال صلى الله عليه وسلم: "قد أبدَلكم الله بهما خيرًا منهما: يوم النحر ويوم الفطر".

 

فلا تجوزُ الزيادة على هذين العيدين، بإحداثِ أعيادٍ أخرى، كأعيادِ المولد، والأعياد الوطنية والقومية؛ لأنها أعياد جاهلية، سواء سميت أعيادًا، أو ذكريات، أو أياماً أو أسابيعَ، أو أعواماً؛ كاليومِ الوطني، وعامِ الطفل، وما أشبهَ ذلك.

 

وسُمي العيدُ في الإِسلام عيدًا؛ لأنه يعودُ ويتكرر كلَّ عامٍ بالفرحِ والسرور بما يسرُّ الله قبله من عبادَةِ الصيام والحجِّ اللذين هما ركنانِ من أركان الإِسلام.

 

ولأنَّ الله سبحانه يعودُ فيهما على عبادِهِ بالإِحسان والعتق من النيرانِ.

 

وقد أمرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالخروجِ العامِّ لصلاةِ العيد، حتى النساء، فيُسَنُّ للنساءِ حضورُهنَّ غيرَ متطيباتٍ ولا لابساتٍ لثياب زينة وشهرة، ولا يختلطْنَ بالرجالِ، والحائضُ تخرجُ لحضورِ دعوة المسلمين وتعتزلُ المُصَلَّى، قالت أمُّ عطيةَ -رضي الله عنها-: "كُنَّا نؤمر أن نَخْرج يوم العيد حتى تخرُجَ البِكْرُ من خِدْرِها، وحتى تخرُجَ الحُيَّضُ، فيكُنَّ خلفَ النساء، فيُكبرن بتكبيرِهم، ويدعون بدعائِهم، يرجون ذلك اليوم وطُهرتَه".

 

والخروجُ لصلاةِ العيد؛ إظهارٌ لشعائر الإسلام، وَعَلَمٌ من أعلامِهِ الظاهرة.

 

فاحرِصوا على حضورها -رحمكم الله- فإنَّها من مُكملاتِ أحكام هذا الشهر المبارك، واحرِصوا على الخشوعِ، وغَضِّ البصر، وعدمِ إسبال الثياب، وعلى حفظِ اللسان من اللغو والرفث، وقول الزور، وحفظِ السمع من استماعِ القيلِ والقال، والأغاني والمعازف والمزامير.

 

ولا تحضروا حفلاتِ السَّمَرِ واللهو واللعب التي يُقيمُها بعض الجُهَّال، فإنَّ الطاعة تُتَّبَعُ بالطاعةِ لا بضدِّها، ولهذا شَرَعَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لأُمَّتِه إتباعَ صوم شهر رمضان بصومِ ستةِ أيامٍ من شوال، فقد رَوَىَ الإِمام مسلمٌ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ صامَ رمضانَ، وأتبعَه بستٍّ من شوال، فكأنَّما صامَ الدهر".

 

يعني: في الأجر والثواب والمضاعفة؛ لأنَّ الحسنةَ بعشر أمثالها، فرمضانُ عن عشرة أشهُرٍ، وستة الأيام من شوَّال عن شهرين، وهذه أشهُرُ السنة كأنَّما صامَها المسلمُ كُلَّها إذا صامَ رمضان، وأتبعَه ستّاً من شوَّال.

 

فاحرِصوا -رحمكم الله- على صيامِ هذه الأيام الستة، لتحظَوْا بهذا الثوابِ العظيم.

 

واعلموا أنَّ خيرَ الحديث كتاب الله ... الخ.

 

 

المرفقات

بيان ما يشرع في ختام الشهر

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات