عناصر الخطبة
1/ شمولية الإسلام لمصالح الدنيا والآخرة 2/ التحذير من التشبه بالكفار 3/ الحكمة من النهي عن التشبه بهم 4/ نماذج من واقع المسلمين اليوم في التشبه بالكفاراقتباس
وأنت -أيها المسلم- في كل ركعة من صلاتك تدعو ربك أن يهديك الصراط المستقيم، وأن يجنبك طريق المغضوب عليهم والضالين حينما تقرأ سورة الفاتحة التي قراءتها ركن من أركان الصلاة في كل ركعة، فتأمل هذا الدعاء ومقاصده وثماره. إنه يعني أول ما يعني الاقتداء بالرسول –صلى الله عليه وسلم- والتمسك بشريعته في العبادات وفي المعاملات وفي الآداب والأخلاق العامة والخاصة. وإنه يعني مخالفة الكفار فيما هو من خصائصهم في العبادات المعاملات وفي الآداب والأخلاق ..
الحمد لله الذي أمرنا بالاقتداء بسيد الأبرار. ونهانا عن التشبه بالمشركين والكفار. أحمده على ما أولانا من النعم. وصرف عنا من النقم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عله وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله واعتزوا بدينكم. عباد الله إن الله سبحانه قد أغنى المسلمين، وأنعم عليهم بشريعة كاملة شاملة لكل مصالح الدين والدنيا. وعلق السعادة في الدنيا والآخرة على العمل بها والتمسك بهديها. قال تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) وقال تعالى: (فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
وهذه الشريعة هي الصراط المستقيم الذي هو طريق المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وما خالفها فهو طريق المغضوب عليهم والضالين من اليهود والنصارى والمشركين.
وأنت -أيها المسلم- في كل ركعة من صلاتك تدعو ربك أن يهديك الصراط المستقيم، وأن يجنبك طريق المغضوب عليهم والضالين حينما تقرأ سورة الفاتحة التي قراءتها ركن من أركان الصلاة في كل ركعة، فتأمل هذا الدعاء ومقاصده وثماره. إنه يعني أول ما يعني الاقتداء بالرسول –صلى الله عليه وسلم- والتمسك بشريعته في العبادات وفي المعاملات وفي الآداب والأخلاق العامة والخاصة. وإنه يعني مخالفة الكفار فيما هو من خصائصهم في العبادات المعاملات وفي الآداب والأخلاق، لأن التشبه بهم في الظاهر يورث محبتهم في الباطن. ولهذا تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة على الأمر بمخالفتهم، والنهي عن التشبه بهم إبعاداً للمسلم عما فيه مضرته، لأن أعمال الكفار باطلة، ومساعيهم ضالة، ونهايتهم إلى الهلاك. فجميع أعمال الكفار وأموره لا بد فيها من خلل يمنعها أن تتم له بها منفعة. قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) وقال تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ).
أيها المسلمون: ومع أن الله قد حذرنا سبيلهم فقضاؤه نافذ بما أخبر به رسوله مما سبق في عمله تعالى حث قال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى ولو دخلوا جحر ضب لدخلتموه". قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟" أي: من القوم إلا هؤلاء؟.
وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي –صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون شبراً بشبر وذراعاً بذراع" فقيل: يا رسول الله كفارس والروم؟ قال: "ومَن الناس إلا أولئك؟" فأخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى وهم أهل الكتاب، ومضاهاة لفارس والروم.
وقد كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ينهي عن التشبه بهؤلاء وهؤلاء، وليس إخباره عن وقوع المضاهاة في الأمة للكفار إخباراً عن جميع الأمة، بل قد تواتر عنه أنه قال: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة" وأخبر –صلى الله عليه وسلم- أن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة. وأن الله لا يزال يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم فيه بطاعته. فعلم بخبره الصادق أنه لا أن يكون في أمته قوم يتمسكون بهدية الذي هو دين الإسلام محضاً، وقوم ينحرفون إلى شعبة من شعب دين اليهود أو إلى شعبة من شعب دين النصارى. وهذا الانحراف يزينه الشيطان. فلذلك أمر العبد بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية إلى الاستقامة التي لا يهودية فيها ولا نصرانية أصلاً.
والحكمة -يا عباد الله- في النهي عن التشبه بهم والأمر بمخالفتهم ظاهرة. ذلك أن المشابهة لهم في الظاهر تورث تشبهاً بهم في الباطن يقود إلى موافقتهم في الأخلاق والأعمال. والمخالفة لهم في الظاهر توجب مخالفتهم في الباطن مما يوجب مفارقتهم مفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال. والانعطاف إلى الهدى والرضوان.
أيها المسلمون: قد كثر اليوم في المسلمين التشبه بالكفار في كلامهم ولباسهم وهيئتهم بين الرجال والنساء مما لست أحصيه في مقامي هذا.
من ذلكم: ما يفعله الرجال من حلق لحاهم وتغذية شواربهم وإطالة شعور رؤوسهم على شكل ما يفعل الكفار. وقد أمر النبي –صلى الله عليه وسلم- بجز الشارب وإعفاء اللحية وإكرامها وتوفيرها، ومخالفة المشركين الذين يحلقون لحاهم ويغذون شواربهم.
فقص الشارب وإعفاء اللحية، كما أنه من خصال الفطرة وهدي الأنبياء، وهو مخالفة لأعداء الله ورسوله، فهو كذلك عين المصلحة، فإن قص الشارب فيه النظافة والتحرز مما يخرج من الأنف، ولأنه إذا طال تدلى على الشفة فينغمس فيما يتناوله من مشروب ومأكول، وفي ذلك ما فيه من التقذر. كما أن طول الشارب فيه تشويه للمنظر وإن استحسنه من لا يعبأ به من الناس. وتوفير اللحية فيه الوقار للرجال والجمال، ولهذا يبقى جماله في حال كبره بوجود شعر اللحية. واعتبر ذلك بمن يعصي الرسول –صلى الله عليه وسلم- فيحلقها كيف يبقى وجهه مشوهاً قد ذهبت محاسنه؟ ولكن العوائد والتقليد الأعمى يوجبان استحسان القبيح الحسن.
والذي نقوله لهؤلاء هدانا الله وإياهم: الواجب عليكم التوبة والرجوع إلى الصواب، فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، وقد وضحت لكم سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأنتم مأمورون باتباعه والاقتداء به، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) فتمسكوا بسنته ولا تغتروا بكثرة المخالفين.
ومن الأمور التي يجري فيها تقليد الكفار: التكلم بلغتهم من غير حاجة حتى بين العرب الخلص وفي بلاد العرب. فإن الإنسان إذا أكثر من التكلم بغير العربية اعتاد ذلك وهجر اللسان العربي –وهو شعار الإسلام. فاللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون. ولهذا كان كثير من الفقهاء أو أكثرهم يكرهون في الأدعية التي في الصلاة والذكر أن يدعى الله أو يذكر بغير العربية. فإن الله قد اختار لسان العرب فأنزل به كتابه العزيز، وجعله لسان خاتم النبيين محمد –صلى الله عليه وسلم-.
واعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن لا ريب أنه مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم ولأنه يفضي إلى هجر العربية واستبدالها بغيرها.
واللغة العربية من الدين، وتعلمها فرض واجب لأن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهمان إلا بفهم العربية. وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وأما اللغة الأجنبية فيتعلمها المسلم وينطق بها عند الحاجة فقط، فإذا لم يكن هناك حاجة فيكره له أن ينطق بها. لكن –مع الأسف- ادخُلْ في المستشفيات العربية أو المطارات وستجد التخاطب والكتابة بغير العربية حتى كأنك في أوروبا.
ومن الأمور التي يجري تقليد الكفار فيها: تقليدهم في أمور العبادات، كتقليدهم في الأمور الشركية من البناء على القبور، وتشييد المشاهد عليها والغلو فيها. وقد قال –صلى الله عليه وسلم-: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". وأخبر أنهم إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه الصور، وأنهم شرار الخلق.
وقد وقع في هذه الأمة من الشرك الأكبر بسبب الغلو في القبور ما هو معلوم لدى الخاص والعام وسبب ذلك تقليد اليهود والنصارى. ومن ذلك تقليدهم في الأعياد الشركية والبدعية كأعياد الموالد –عند مولد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأعياد موالد الرؤساء والملوك. وقد تسمى هذه الأعياد البدعية أو الشركية بالأيام أو الأسابيع- كاليوم الوطني للبلاد. ويوم الأم وأسبوع النظافة- وغير ذلك من الأعياد اليومية والأسبوعية، وكلها وافدة على المسلمين من الكفار؛ وإلا فليس في الإسلام إلا عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى. وما عداهما فهو بدعة وتقليد للكفار، فيجب على المسلمين أن ينتبهوا لذلك ولا يغتروا بكثرة من يفعله ممن ينتسب إلى الإسلام وهو يجهل حقيقة الإسلام، فيقع في هذه الأمور عن جهل، أو لا يجهل جهل حقيقة الإسلام ولكنه يتعمد هذه الأمور، فالمصيبة حينئذ أشد.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم